ما الرد على شبهة وجود قبر النبي داخل المسجد؟

السؤال:
هذه رسالةٌ وردتنا من السائل قدري عبدالمنعم، مصري يعمل بالمملكة، يقول: سمعنا في الحديث: لعن الله قومًا اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد، ويحدث في كثيرٍ من الأقطار الإسلامية اتخاذ الأضرحة والمقامات لأولياء الله، وعندما ننهى عن ذلك يحتجون بأن قبر النبي ﷺ موجودٌ بمسجده في المدينة المنورة، مما يُحدث عندنا بعض الإشكال.
أفيدونا أفادكم الله.

الجواب:
لا ريب أن الرسول ﷺ قال: لعن الله اليهود والنصارى؛ اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد، قالت عائشة رضي الله عنها: يُحذِّر ما صنعوا. رواه الشيخان: البخاري ومسلم في "الصحيحين".
وقال عليه الصلاة والسلام: ألا وإن مَن كان قبلكم كانوا يتخذون قبور أنبيائهم وصالحيهم مساجد، ألا فلا تتخذوا القبور مساجد، فإني أنهاكم عن ذلك أخرجه مسلمٌ في "صحيحه".
وهذه الأحاديث وما جاء في معناها كلها واضحةٌ في تحريم اتِّخاذ المساجد على القبور، أو الصلاة عندها، أو القراءة عندها، أو نحو ذلك، ولكن بعض الناس قد تشتبه عليه الأمور، ولا يعرف الحقيقة التي جاء بها المصطفى عليه الصلاة والسلام، فيعمل ما يعمل من البناء على القبور، واتخاذ المساجد عليها؛ جهلًا منه، وقلة بصيرةٍ.
وأما ما يتعلق بقبر النبي ﷺ فلم يُدفن في ... بالمسجد ﷺ، الرسول ﷺ دُفن في بيت عائشة، ثم وُسِّع المسجد في عهد الوليد بن عبدالملك في آخر القرن الأول، فأُدخلت الحجرة في المسجد، وهذا غلطٌ من الوليد لما أدخلها، وقد أنكر عليه بعض مَن حضره من هناك في المدينة، ولكن لم يُقدر أنه يرعوي لمَن أنكر عليه.
فالحاصل أن قبر النبي ﷺ كان في البيت -في بيت عائشة رضي الله عنها-، ثم أُدخلت الحجرة -البيت- في المسجد بسبب التوسعة، فلا حُجةَ في ذلك.
ثم إنه من فعل الأمير -أمير المؤمنين الوليد بن عبدالملك- وقد أخطأ في ذلك لما أدخله في المسجد.
فلا ينبغي لأحدٍ أن يحتج بهذا العمل، فالذي فعله الناس اليوم من البناء على القبور واتخاذ المساجد عليها كله منكرٌ، مخالفٌ لهدي النبي صلى الله عليه وسلم.
فالواجب على ولاة الأمور من المسلمين إزالته، أي بلدٍ فيها ولي أمرٍ من أمراء المسلمين الواجب عليه أن يُزيل هذه المساجد التي على القبور، وأن يسير على السنة، وأن تكون القبور في الصحراء بارزةً، ليس عليها بناءٌ: لا قباب، ولا مساجد، ولا غير ذلك، كما كانت القبور في عهد النبي ﷺ -في البقيع وغيره- بارزةً، ليس عليها شيءٌ، وهكذا قبور الشهداء -شهداء أحد- لم يكن عليها شيءٌ.
فالحاصل أن هذا هو المشروع: أن تكون القبور بارزةً، ضاحيةً، ليس عليها بناءٌ، كما كان في عهد النبي ﷺ وعهد السلف الصالح.
أما ما أحدثه الناس من البناء فهو بدعةٌ ومنكرٌ، لا يجوز إقراره، ولا التأسي به؛ ولهذا وقع الشرك لما وجد العامَّةُ والجهَّالُ القبور مُشيَّدًا عليها المساجد والقباب، ومُعظَّمة، ومفروشة، ومُطيَّبة؛ ظنوا أنها تقضي حوائجهم، وتشفي مرضاهم، وتنفعهم؛ فدعوها، واستغاثوا بها، ونذروا لها؛ فوقع الشرك -نعوذ بالله- بأسباب ذلك.
فالغلو في القبور كله شرٌّ؛ ولهذا قال عليه الصلاة والسلام: إياكم والغلو في الدين، فإنما أهلك مَن كان قبلكم الغلو في الدين، نسأل الله السلامة والعافية. نعم.
المقدم: جزاكم الله خيرًا.
فتاوى ذات صلة