حكم قراءة القرآن على من مات وهو تارك للصلاة

السؤال: هنا رسالة وصلت إلى البرنامج من العراق باعثها أخونا صبري يوسف أحمد ، أخونا رسالته مطولة في الواقع يقول فيها: كان لي أخ قد وافاه الأجل وكان مستقيمًا في سلوكه، أي: لا يؤذي أحدًا ولا يكذب ولا يرتكب المحرمات، وكل الناس يثنون على أدبه وخلقه، وكان محبوبًا من قبل الجميع ولكنه لم يكن يصلي ولا يصوم، علمًا بأنه كان مطربًا أي يغني ولديه أغاني، ويستمر في سرد مثل هذا الوصف ويقول في نهاية رسالته: إنه يقرأ عليه سورة (يس) عملًا بقول الرسول ﷺ: يس قلب القرآن، فاقرءوها على موتاكم، ولكنني سمعت من برنامجكم الكريم بأن الشخص الميت لا يصل إليه ثواب قراءة القرآن، أرجو التوجيه جزاكم الله خيرًا؟

الجواب: الذي لا يصلي حالته سيئة جدًا، وقد اختلف العلماء في كفره، إذا كان يقر بأن الصلاة واجبة ويعرف أنها واجبة فرض ولكنه يتساهل فلا يصلي، فذهب جمع من أهل العلم إلى أنه عاصي ومعصيته كبيرة أعظم من الزنا وأعظم من السرقة ولكنه لا يكون كافرًا بل تحت مشيئة الله، إن شاء غفر الله له وإن شاء عذبه إذا كان موحدًا مسلمًا يعبد الله وحده، ويعلم أن الصلاة فريضة ولكنه يتساهل.
والقول الثاني: أنه يكفر كفرًا أكبر ولو أقر بوجوبها؛ لقول النبي ﷺ في الحديث الصحيح: العهد الذين بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر، خرجه الإمام أحمد وأهل السنن بإسناد صحيح.

ولقوله ﷺ في الحديث الآخر: بين الرجل وبين الكفر والشرك ترك الصلاة، خرجه الإمام مسلم في صحيحه عن جابر بن عبدالله رضي الله تعالى عنهما، ولأحاديث أخرى جاءت في الباب، قال عبدالله بن شقيق العقيلي التابعي الجليل رحمه الله: لم يكن أصحاب النبي ﷺ يرون شيئًا تركه كفر غير الصلاة، يعني: أن الصحابة -أصحاب النبي ﷺ- يرون أن الصلاة من الأعمال التي يكفر تاركها ولو لم يجحد وجوبها، وهذا القول هو أصح وأظهر دليلًا.

فنوصيك أيها السائل! أن لا تدعو لأخيك هذا ولا تتصدق عنه؛ لأنه في ظاهر حاله ليس بمسلم، ولا تدعو عليه أيضًا ولا تسبه وأمره إلى الله.
وأما قراءة القرآن هل يلحق بالميت وينفعه؟ فهذا أيضًا فيه خلاف بين أهل العلم، من أهل العلم من قال: إن القراءة تنفع الميت إذا قرأ عليه، يعني: إذا قرأ له ثوب له، قرأ بعض القرآن وجعل ثوابها له، وقال آخرون من أهل العلم: ليس عليه دليل ولا يلحق؛ لأن القرب والعبادات توقيفية فلا يصار إلى شيء منها إلا بدليل، ولم يرد عن النبي ﷺ ولا عن الصحابة ما يدل على القراءة للأموات.
وحديث معقل بن يسار في سورة (يس) ضعيف، فلو صح لكان المراد به المحتضر، اقرءوا على موتاكم (يس)، يعني: المحتضر الذي قد دنا أجله حتى يستفيد وحتى يتذكر لعل الله يحسن له الخاتمة، فالمعنى: اقرءوا على المحتضر على من دنا أجله، من دنا موته سورة (يس) لكنه حديث ضعيف، وهكذا قوله ﷺ: لقنوا موتاكم لا إله إلا الله رواه مسلم في الصحيح، معناه: لقنوهم عند حضور الأجل حتى يختم لهم بها، وحتى تكون هذه الكلمة آخر كلامهم، وهي: لا إله إلا الله، لقوله ﷺ: من كان آخر كلامه لا إله إلا الله دخل الجنة.
وهذا يدل على أن معنى الموتى المحتضر، لقنوا موتاكم يعني: المحتضرين، وبذلك يعلم أن القراءة للموتى ليس عليها دليل، والأظهر عدم وصولها إليهم ولكنهم ينتفعون بالصدقة عنهم، بالدعاء لهم، بالحج عنهم، بالعمرة عنهم، بقضاء الدين الذي عليهم، كل هذا ينتفعون به بإجماع المسلمين.
أما الصلاة عنهم والقراءة لهم فهذا لا يصل إليهم على الصحيح. نعم.
المقدم: ينتفعون بتلكم الأعمال التي تفضلتم بذكرها إذا لم يكونوا تاركين للصلاة؟
الشيخ: إذا كانوا مسلمين.
المقدم: إذا كانوا مسلمين، ومن ترك الصلاة؟
الشيخ: ومن كان غير مسلم لا ينتفع. نسأل الله العافية.
المقدم: ومن ترك الصلاة حينئذ؟
الشيخ: حكمه حكم الكفرة على الصحيح، نسأل الله العافية.
المقدم: نسأل الله السلامة.

فتاوى ذات صلة