حكم الانتحار بسبب ضيق المعيشة

السؤال: السؤال الثالث في رسالة الأخ (ب. ل. د) من العراق محافظة التأميم، يقول فيه: إذا انتحر شخص لظروف حياتيه، وما يلاقيه من ضيق في المعيشة والإنفاق على أسرته، هل هذا يعني أنه سوف يخلد في جهنم، أفيدونا أفادكم الله؟

الجواب: الانتحار منكر عظيم، وكبيرة من كبائر الذنوب، لا يجوز للمسلم أن ينتحر، يقول الله : وَلا تَقْتُلُوا أَنفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا [النساء:29] ويقول النبي ﷺ في الحديث الصحيح: من قتل نفسه بشيء عذب به يوم القيامة فالواجب على المؤمن التصبر والتحمل إذا حصل عليه نكبة ومشقة في دنياه أن لا يعجل في قتل نفسه، بل يحذر ذلك، ويتقي الله، ويتصبر ويأخذ بالأسباب وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا [الطلاق:2] وإذا قتل نفسه فقد تعرض لغضب الله وعقابه، وهو تحت مشيئة الله؛ لأن قتل النفس دون الشرك، والله يقول سبحانه: إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ [النساء:48] فما دون الشرك فهو تحت مشيئة الله، وقتل النفس دون الشرك، وهكذا الزنا، وهكذا السرقة، وهكذا شرب المسكر، كلها معاصي دون الشرك، فصاحبها تحت مشيئة الله، إذا مات على معصيته إن شاء الله سبحانه غفر له لأعمال صالحة ولإسلامه الذي معه، وإن شاء عذبه في النار على قدر معصيته، ثم بعد ما يطهر ويمحص يخرج من النار، ولا يخلد عند أهل السنة والجماعة ، العاصي لا يخلد في النار، لا القاتل ولا غيره، لا يخلد في النار، ولكنه يعذب إذا شاء الله تعذيبه، يعذب ما شاء الله في النار على قدر معاصيه، ثم يخرجه الله من النار إلى نهر يقال له: نهر الحياة، فينبتون فيه كما تنبت الحبة في حميل السيل، فإذا تم خلقهم أدخلهم الله الجنة بإسلامهم وإيمانهم الذي ماتوا عليه، ولا يخلد في النار إلا الكفرة، لا يخلد في النار إلا الكفرة، المشركون، الذين كفروا بالله ورسوله، أو كذبوا رسله، أو أنكروا ما جاءت به رسله، أو ما أشبهها من أنواع المكفرات، وأما العاصي فلا يخلد عند أهل السنة والجماعة ، خلافاً للخوارج والمعتزلة، فإن طائفة الخوارج وطائفة المعتزلة -وهما طائفتان ضالتان- تقولان: إن العاصي يخلد في النار إذا دخلها، وهذا غلط كبير، أما أهل السنة والجماعة وهم أصحاب النبي ﷺ وأتباعهم بإحسان؛ فإنهم يقولون: لا يخلد العاصي في النار إذا لم يستحل المعصية، إذا مات وهو يعلم أنها معصية، لكن حمله الشيطان عليها، فهذا لا يخلد ولكنه تحت مشيئة الله، إن شاء الله عفا عنه وأدخله الجنة بإسلامه وإيمانه، وإن شاء عذبه في النار على قدر معاصيه، ثم بعد التطهير والتمحيص يخرجه الله من النار إلى الجنة، وقد تواترت الأحاديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بذلك؛ أن بعض الناس يدخل النار بمعاصيه، ثم يخرجه الله من النار بشفاعة الشفعاء، أو برحمته سبحانه من دون شفاعة أحد جل وعلا، كل هذا ثبت عن رسول الله عليه الصلاة والسلام. نعم.
المقدم: أحسن الله إليكم. 
فتاوى ذات صلة