الحكم على حديث: (حد الساحر ضربة ..)

السؤال: نعود في بداية هذه الحلقة إلى رسالة المستمع: (ع. ع. غ) من حضرموت، أخونا عرضنا بعض أسئلته في حلقة مضت، وبقي له في هذه الحلقة سؤال واحد يقول: بلغني عن رسول الله ﷺ أنه قال: حد الساحر ضربه بالسيف، هل هذا حديث صحيح، أفيدوني مشكورين مأجورين إن شاء الله؟

الجواب: بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله، وصلى الله وسلم على رسول الله، وعلى آله وأصحابه، ومن اهتدى بهداه.
أما بعد: فهذا الحديث مروي عن النبي عليه الصلاة والسلام، ولكنه عند أهل العلم ضعيف الإسناد، والصحيح: أنه موقوف على جندب بن عبدالله البجلي ، وقيل: إن راويه هو: جندب الخير الأزدي ، هو الذي قال: حد الساحر ضربه بالسيف، ولكن مثل هذا له حكم الرفع؛ لأنه لا يقال من جهة الرأي، فلولا أن الصحابي عند علم لما جزم بهذه الجملة العظيمة.
فدل ذلك: على أن الساحر يجب قتله ولا يستتاب؛ لأن فساده عظيم، ولأنه يختفي في الغالب بسحره فيدعي التوبة ولكن لا يصدق فيها؛ لأن سحره يخفى على الكثير من الناس؛ ولأن مضرته عظيمة فوجب قتله حماية للمجتمع من فساده وضرره، وإن كان صادقًا في التوبة فأمره إلى الله يقبل الله توبته.
وقد ثبت عن عمر أمير المؤمنين أنه كتب إلى الجيش بالشام أن يقتلوا كل ساحر وساحرة، ولم يأمرهم بالاستتابة لم يأمر الأمراء بالاستتابة. فدل ذلك: على أن الساحر يقتل بدون استتابة كما قضى به الخليفة الراشد عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه، وهذا يؤيد ما رواه جندب مرفوعًا وموقوفا، وهكذا ثبت عن حفصة أم المؤمنين بنت عمر رضي الله تعالى عنهما أنها قتلت جارية لها سحرتها ولم تستبها.
قال الإمام أحمد -رحمه الله-: ثبت قتل الساحر بغير استتابة عن ثلاثة من أصحاب النبي ﷺ يعني: عمر بن الخطاب، وابنته حفصة، وجندب الخير الأزدي .
والخلاصة: أن هذا هو الصواب أن الساحر إذا ثبت سحره وهكذا الساحرة كل منهما يقتل من دون استتابة، حسمًا لمادة خطره وضرره، وعملًا بما قضى به الصحابة المذكورون .
والساحر أخطاره عظيمة فقد يتعاطى ما يحصل به موت الإنسان، قد يتعاطى ما يفرق بينه وبين زوجته، وقد يتعاطى أشياء تضر الإنسان ضررًا بينًا فأضراره كثيرة وشروره عظيمة، وهو كافر كما قال الله جل وعلا عن الملكين: وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولا إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلا تَكْفُرْ [البقرة:102]، فدل ذلك على أن الساحر يكفر متى تعلم السحر أو عمل به كفر.
والله جل وعلا ولي التوفيق. نعم.
المقدم: جزاكم الله خيرًا.
فتاوى ذات صلة