آداب زيارة القبور ومشروعية زيارتها وبيان الزيارة المحرمة

السؤال:

يسأل أخونا عن الآداب التي يجب الإحاطة بها عند زيارة المقابر، وهل حث الإسلام على زيارة القبور، وزارها النبي ﷺ والصحابة، وأجاز للنساء زيارة القبور؟ وهل جاء في القرآن الكريم شيء عن زيارة قبور الصالحين، كما قال تعالى: وَلا تُصَلِّ عَلَى أَحَدٍ مِنْهُمْ مَاتَ أَبَدًا وَلا تَقُمْ عَلَى قَبْرِهِ [التوبة:84]؟ وجهونا جزاكم الله خيرًا. 

الجواب:

زيارة القبور سنة مؤكدة من فعل النبي وقوله -عليه الصلاة والسلام- لما فيها من التذكير بالموت، والتذكير بالآخرة، والسنة أن يزورها المؤمن بخشوع ورغبة في الآخرة، وقصد للاعتبار والذكر، ورحمة الأموات والدعاء لهم؛ لقوله ﷺ: زوروا القبور؛ فإنها تذكركم الآخرة خرجه مسلم في صحيحه: زوروا القبور، فإنها تذكركم الآخرة.

وكان النبي -عليه الصلاة والسلام- يزورها بين وقت وآخر في الليل، والنهار يزورها، ويسلم عليهم -عليه الصلاة والسلام- ويدعو لهم، ويقول: السلام عليكم دار قوم مؤمنين، وإنا -إن شاء الله- بكم لاحقون، يرحم الله المستقدمين منا والمستأخرين، نسأل الله لنا ولكم العافية، يغفر الله لنا ولكم كان هذا من فعله -عليه الصلاة والسلام-فالمؤمن يسن له أن يزورها؛ لفعل النبي ﷺ ولقوله، قوله: زوروا القبور، فإنها تذكركم الآخرة.

والمقصود من الزيارة الدعاء لهم الدعاء للميتين بالمغفرة والرحمة، وذكر الآخرة، وذكر الموت، والتأهب لذلك، هذا المقصود.

ومن آدابها: أنه لا يصلي عند القبور، ولا يجلس عندها للدعاء والقراءة، إنما يسلم بخشوع ورغبة في الآخرة، وخوف من عذاب الله، وقصد علاج قلبه حتى لا يموت؛ لأنه إذا تذكر الموت والقبور؛ صار هذا أدعى لاستعداده للآخرة، وألين للقلب، يذكر الموت، ويذكر الآخرة، ويذكر جمع الناس يوم القيامة، فيلين قلبه، فزيارة القبور تلين القلوب، وتذكرها بالآخرة وبالموت، فيكون ذلك من أسباب الاستعداد، والحذر من الركون إلى الدنيا، لكن لا يصلي عندها، ولا يطوف بها، ولا يسأل أهلها شيئًا، الصلاة عندها بدعة، من وسائل الشرك، والقراءة عندها بدعة، والجلوس عندها للدعاء بدعة، أما الطواف بها فشرك بالله، إذا طاف يتقرب إلى أصحاب القبور فهذا شرك أكبر، كالدعاء، كدعائها والاستغاثة بأهلها، والنذر لهم، والذبح لهم هذا شرك أكبر، كما يفعل عند بعض القبور.

يقول: يا سيدي انصرني، أو اشف مريضي، أو أنا في حسبك، أو اشفع لي، أو ما أشبه ذلك، كل هذا من الشرك الأكبر، لا عند قبر النبي ﷺ ولا عند قبر الصحابة، ولا عند غيرهم، إنما يسلم عليهم، ويدعو لهم، يقول: السلام عليكم أهل القبور .. السلام عليكم دار قوم مؤمنين وإنا -إن شاء الله- بكم لاحقون، نسأل الله لنا ولكم العافية هكذا.

وليس للمؤمن أن يسألهم، أو يستغيث بهم، أو ينذر لهم، أو يذبح لهم، كل هذا من الشرك الأكبر، ولا يطوف تقربًا إليهم، فهذا شركاً أكبر، أما لو طاف يحسب أنه مشروع، يقصد التقرب إلى الله بالطواف، هذا بدعة منكر؛ لأنه من وسائل الشرك الطواف خاص بالكعبة.

أما إذا طاف يتقرب إليهم، ويريد شفاعتهم، أو من أجل ينفعوه؛ فهذا شرك أكبر، كدعائهم من دون الله، والاستغاثة بهم، والنذر لهم، كله شرك أكبر، كما يفعل عند البدوي، وعند الشيخ عبدالقادر في العراق، أو عند قبر أبي حنيفة، أو عند قبر الحسن والحسين، عند قبر الحسين في مصر، كل هذا شرك أكبر، دعاؤهم والاستغاثة بهم والنذر لهم،.

وهكذا ما يفعله بعض الجهال عند قبر النبي ﷺ من دعائه، والاستغاثة به، وطلبه النصر، طلبه شفاء المرضى كل ذلك من الشرك الأكبر، نسأل الله العافية، أما النساء فلا، أما النساء فليس لهم زيارة القبور، النساء لا يزرن القبور؛ لأن الرسول ﷺ نهاهن عن هذا، ولعن زائرات القبور؛ ولأنهن فتنة وصبرهن قليل.

وأما قوله: وَلا تَقُمْ عَلَى قَبْرِهِ [التوبة:84] فهذا نهي للرسول ﷺ عن الوقوف على قبور المنافقين، والصلاة عليهم، أما المسلم يوقف على قبره، ويدعى له بعد الدفن، إذا دفن يوقف عليه، ويسأل له التثبيت والمغفرة، لقول النبي ﷺ.. لأنه كان إذا فرغ من دفن الميت -عليه الصلاة والسلام- قال: استغفروا لأخيكم، واسألوا له التثبيت كان هذا يفعله ﷺ فإذا فرغ من دفن الميت، وقف عليه، وقال: استغفروا لأخيكم، واسألوا له التثبيت، فإنه الآن يسأل.

فالمؤمن يوقف عند قبره، ويسأل له المغفرة والثبات، أما المنافق فلا، لا يصلى عليه، ولا يوقف عند قبره، نسأل الله العافية والسلامة، نعم.

المقدم: اللهم آمين جزاكم الله خيرًا، وأحسن إليكم. 

فتاوى ذات صلة