إمرار نصوص الوعيد على ظاهرها

بقي أيضًا كلمة وهي أيضًا أن نصوص الوعيد عند أهل العلم تمر على ظاهرها، مثل ما يروى عنه ﷺ أنه قال: أربعة لا يدخلون الجنة، ولا يذوقون طعمها: المرابي، ومدمن الخمر، وآكل مال اليتيم، والعاق لوالديه وما أشبه ذلك، هذه أحاديث الوعيد عند أهل العلم تمر على ظاهرها، ويحذر المسلمون مما دلت عليه، ولكن ليس معناها أن أهلها يدخلون النار جزمًا، بل هذا جزاؤهم إن جازاهم الله، هذا جزاؤهم إن جازاهم الله، هذه حال أهل الوعيد مثل ما قال أبو هريرة في قوله سبحانه: وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا [النساء:93] قال: هذا جزاؤه إن جازاه، وقد يعفا عن صاحب المعصية بأسباب من أعمال صالحة أكثرها واجتهد فيها فصارت سببا لعفو الله عنه، قد يعفا عنه بأسباب أخرى من شفاعة الشفعاء، أو من الشهادة في سبيل الله، أو غير ذلك من الأسباب الصالحة التي تكون سببا لعفو الله عنه، ثم إذا دخل النار لا يخلد إذا دخل النار بالعقوق أو بالخمر أو بالسرقة أو بالزنا لا يخلد إذا كان ما استحلها، إذا كان فعلها وهو يعلم أنه عاص ويعلم أنه مخطئ ولكن غلبه هواه شرب الخمر أو عق والديه أو أكل الربا فهو على خطر عظيم، ولكن لا يخلد في النار إذا مات على الإسلام، بل هو تحت مشيئة الله كما قال سبحانه في غير الشرك: وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ [النساء:48]، المعاصي كلها تحت مشيئة الله جل وعلا، فمن مات على التوحيد والإيمان فإن المعاصي تحت مشيئة الله، وجاءت النصوص عن رسول الله عليه الصلاة والسلام دالة على أن الكثير من أهل المعاصي يدخلون النار بمعاصيهم ويعذبون فيها على قدر معاصيهم، ويخرجون منها قد امتحشوا قد احترقوا كالفحم -نسأل الله العافية- هذا جاءت به النصوص، يشفع فيهم الشفعاء، يشفع فيهم النبي صلى الله عليه وسلم، يشفع فيهم المؤمنون والملائكة والأفراط.

 فالمعاصي خطرها عظيم، وشرها وبيل، ومن أسباب غضب الله، ومن أسباب دخول النار، ولكن أولًا أن الشخص الواحد من هؤلاء قد يعفا عنه لأسباب، وإن دخلها الكثير من الناس، لكن قد يعفا عن بعضهم لأسباب من أعمال صالحات من شفاعة شفعاء من شهادة في سبيل الله إلى غير ذلك، ثم إذا دخلوها فإنهم لا يخلدون إذا كانوا موحدين مسلمين يعبدون الله وحده، ويصدقون أخباره، ويؤمنون به سبحانه وتعالى، ولا يستحلون ما حرم، ولا يستحلون إسقاط ما أوجب، بل هم على الإسلام، وإنما فعلوا بعض المعاصي عن هوى وعن شهوة لا عن استحلال، أما إذا استحل المعصية استحل الربا رآه حلالًا أو استحل الزنا صار كافرًا بذلك نعوذ بالله، من استحل ما حرمه الله مما هو معلوم من الدين بالضرورة يكون كافرًا نعوذ بالله من ذلك نسأل الله العافية، والربا وإن كان حرامًا وإن كان داخلًا في المحرمات لكن ليس هو أشد المحرمات ليس هو أشد المحرمات، أعظم منه الشرك، أعظم من الزنا من الربا أعظم منه الكفر والشرك، فالشرك والكفر هو أعظم المحرمات، وهو أكبر المحرمات، وهو الذي لا يغفر من مات عليه لا يغفر له وليس له إلا النار نعوذ بالله وَلَوْ أَشْرَكُوا لَحَبِطَ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ [الأنعام:88] وفي الصحيحين عن النبي ﷺ أنه سئل أي الذنب أعظم؟ قال: أن تجعل لله ندًا وهو خلقك قلت: ثم أي؟ قال: أن تقتل ولدك خشية أن يطعم معك، قلت: ثم أي؟ قال: أن تزاني حليلة جارك، نسأل الله العافية، فالمقصود أن الذنوب والمعاصي متفاوتة، وأعظم الذنوب وأشدها وأعظمها جريمة جريمة الشرك بالله والكفر بالله ، ثم المعاصي بعد ذلك على مراتب كالقتل والربا وغير ذلك. نسأل الله للجميع العافية.