الإعراض عن آيات الله وسماع ما يضر ولا ينفع

فالواجب علينا -أيها الإخوة- والواجب على المسلمين في كل مكان هو التعاون على البر والتقوى، والتواصي بالحق والصبر عليه حتى نلقى ربنا، فليست العظة والذكرى مقصورة على قوم دون قوم، ولا من قوم دون قوم، ولا من عالم دون عالم، ولكنها مطلوبة من جميع العلماء، ومن جميع طلبة العلم، والإصغاء لها والتأثر لها مطلوب من جميع الجن والإنس، والقرآن الكريم ذكر وبين كل شيء، فذكر الآيات المتلوة، وذكر الآيات الكونية، وذكر ما فيها من العجائب والغرائب، وأن الآيات المتلوة من كتاب ربنا فيها العظة والذكرى، إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ [الإسراء:9]، قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آمَنُوا هُدًى وَشِفَاءٌ [فصلت:44]، يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَتْكُمْ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَشِفَاءٌ لِمَا فِي الصُّدُورِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ [يونس:57]، وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِكُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ [النحل:89]، ولكن أكثر الخلق عنها معرضون عن هذه الآيات، وبعضهم يعتاض عنها بسماع ما يضره ولا ينفعه، قال جل وعلا: وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَيَتَّخِذَهَا هُزُوًا أُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ مُهِينٌ ۝ وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِ آيَاتُنَا وَلَّى مُسْتَكْبِرًا كَأَنْ لَمْ يَسْمَعْهَا كَأَنَّ فِي أُذُنَيْهِ وَقْرًا فَبَشِّرْهُ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ [لقمان:6- 7]، هكذا بعض الناس يشتري لهو الحديث يشتري الأغاني والملاهي يشتريها بالمال ويعتاضها بغير المال يشتري يعتاضها بالمال وغير المال، ولهو الحديث قال أكثر أهل العلم: معناه الغناء والمزامير، وكل صوت يصد عن الحق فهو من لهو الحديث، وما أكثر هذا اليوم، انتشر هذا في كل مكان، انتشر هذا البلاء في كل مكان، انتشر في الإذاعة وفي التلفاز وانتشر في الفيديو الخبيث الذي وقع في الناس الآن وسجلوه فيما بينهم، سجله الناس وسجلوا ما يضرهم بالمسجلات وأخذوا هذا الفيديو بالأثمان البالغة العظيمة وسجلوا فيه الأفلام الخبيثة، الأفلام التي تربي الكفر في القلوب، وتربي الفسق في القلوب، والصد عن سبيل الله في القلوب، وتري النساء العاريات والرجال العراة، وتسمع كل سوء، وتسمع كل بلاء، كل هذه معاول هدم كلها معاول لهدم الأخلاق وهدم العقائد وهدم الأديان، وكلها من إرساليات الأعداء، وتزيين الأعداء وعلى رأسهم الشيطان، ثم نوابه من الكفرة، كلهم زينوا هذا للناس باسم الرفاهية باسم الترفيه باسم قضاء بعض الوقت حتى امتلأت القلوب قسوة، وحتى أعرض الناس عن سماع القرآن، إذا جاءت الآيات أغلق المذياع وصد عن ذلك الشيء، وإذا جاء ما تهواه الناس من الأغاني والملاهي والأخبار الضارة انفتحت له قلوب الكثير من الناس، وشغلوا بها وصدوا بها عن الحق، وصارت قلوبهم بأسبابها في مرض شديد، وفي قسوة عظيمة، قال النبي ﷺ في الحديث الصحيح: ليكونن من أمتي أقوام يعني في آخر الزمان يستحلون الحر والحرير والخمر والمعازف، يستحلون الحر يعني الزنا، الفرج الحرام، والحرير لبس الحرير للرجال، والخمر كذلك، والخمر والمعازف فالخمر انتشرت في كل مكان، واستحلها الكثير من الناس، ولم يبالوا بما جاء فيها، ولم يبالوا بلعن الله لمن فعلها، واستحلوا المعازف في كل مكان من آلات اللهو المتنوعة من الموسيقى والعود والكمان وغير هذا من أنواع الملاهي مع الغناء المحرم ومع صورة العاهرات .......، وصدوا بها عن الحق، وضلوا بها عن السبيل إلا من عصم ربك إلا من هدى الله.