المال الذي ينفع صاحبه

وسمعتم أن مال الإنسان هو ما قدم للآخرة هذا ماله، وأما ما أخره خلفه فهذا مال الورثة ليس ماله، فينبغي للمؤمن أن يعقل هذا الأمر، وألا تكون همته أن يخزن الأموال ويجمعها حتى يشق عليه أداء الزكاة، وحتى يشق عليه الإنفاق في سبيل الله، هذا من البلاء، هذا تعب عظيم، وعاقبته من النار تعب عظيم، يخزنه لغيره ويعذب عليه، والعياذ بالله، بل ينبغي له أن يأخذه من طريق الحلال، ثم ينفق هكذا وهكذا وهكذا، يحسن يؤدي الحقوق يؤدي الزكوات، ينفقه في وجوه البر والإحسان، يفرح بإعطاء الفقير والمسكين الصدقة وإقامة المشاريع الخيرية يقول صلى الله عليه وسلم: «ما يسرني أن يكون لي مثل أحد ذهبًا تمر علي ثلاثة أيام وعندي منه دينار إلا دينار أرصده لدين»، ولكن أقول هكذا وهكذا وهكذا، جعل يحثو عن يمينه وشماله وأمامه وخلفه، هكذا المؤمن يكسب الحلال وينفق، ولهذا قال سبحانه: آمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَأَنْفِقُوا مِمَّا جَعَلَكُمْ مُسْتَخْلَفِينَ فِيهِ فَالَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَأَنْفَقُوا لَهُمْ أَجْرٌ كَبِيرٌ [الحديد:7]، وقال : مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا فَيُضَاعِفَهُ لَهُ أَضْعَافًا كَثِيرَةً [البقرة:245]، وقال: يا ابن آدم تقول مالي مالي من طبيعة ابن آدم مالي مالي يعني يخاف عليه مالي مالي وهل لك من مالك إلا ما أكلت فأفنيت، أو لبست فأبليت، أو تصدقت فأمضيت وما سوى ذلك فهو ماض وتاركه للناس، وفي الصحيح أيضًا يقول عليه الصلاة والسلام لأصحابه ذات يوم: أيكم ماله أحب إليه من مال وارثه؟، قالوا: كلنا يا رسول الله ماله أحب إليه من مال وارثه، قال: إن مال أحدكم ما قدم، وإن مال وارثه ما أخر.

مال الإنسان ما قدم في وجوه البر يجده يوم القيامة الحسنة بعشر أمثالها إلى سبعمائة ضعف إلى أضعاف كثيرة، هذا مال الإنسان، أما ما أخره للورثة فهو للورثة إن أحسنوا فيه فلهم، وإن أساؤوا فعليهم، لكن لا مانع أن يترك لهم شيئًا ينتفعون به مثل ما قال النبي ﷺ لسعد: إنك إن تذر ورثتك أغنياء خير من أن تذرهم عالة يتكففون الناس، إذا ترك لهم شيئًا ينفعهم ويحسن به إليهم هذا طيب ومشكور على ذلك، لكن لا ينبغي أن يحرص على هذا الأمر ويضيع ما ينفعه في الآخرة، يدع لهم شيئًا وينفق أشياء يرجو بها ما عند الله في أقاربه في ضيوفه في جيرانه المحاويج في أنواع الفقراء والمساكين في تعمير المساجد في تعمير المدارس في إيجاد المشاريع الخيرية التي تنفع المسلمين، ويحصل على ثوابها في الآخرة، بل في الدنيا والآخرة.

وفقنا الله وإياكم للعلم النافع والعمل الصالح.