الاستمرار في الدعوة وترك اليأس

قد سمعتم في الندوة بحمد الله ما فيه الخير الكثير، فينبغي الجد في العمل، والصدق في العمل، والمثابرة والمتابعة كما أخبر سبحانه عن الرسل، يقول الله : إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَيَدْعُونَنَا رَغَبًا وَرَهَبًا وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِينَ [الأنبياء:90]، فالرسل وأتباعهم شأنهم الصدق والمسارعة إلى الخيرات والصبر عليها، ولا ينبغي لعاقل أن يقول: عجزت عن كذا -بل ينبغي له الصبر والجد- لا مع ولده حتى يهديه الله، ولا مع زوجته، ولا مع جاره، ولا مع  غيرهم، يوالي ويتابع ويصبر حتى تؤتي جهوده ثمراتها، وليستعن بما يرى في ذلك من إخوانه وأصحابه.

مثلًا جاره يراه لا يصلي في الجماعة تزوره أنت وجماعة ما هو وحدك أفضل يكون معك اثنان ثلاثة تزورونه تكلمونه تنصحونه بالكلام الطيب والأسلوب الحسن وتخوفونه من الله وتحذرونه من مشابهة أهل النفاق؛ لعله يهتدي بأسبابكم، يقول سبحانه: فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ [آل عمران:159]، ويقول جل وعلا: ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ [النحل:125]، يعني بالعلم وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ [النحل:125]. هكذا علمت منه شيئًا آخر يعامل بالربا يقطع أرحامه عاقًا لوالديه تصله تنصحه أنت أو معك بعض إخوانك بعض الناس الطيبين الذين يقدرهم هو ويرى لهم الفضل في مجيئهم إليه يكون هذا من باب التعاون على البر والتقوى من باب النصيحة، والله سبحانه يقول: وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى [المائدة:2]، ويمدح الرابحين فيقول: وَالْعَصْرِ ۝ إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ ۝ إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ [العصر:1-3]، هؤلاء هم الرابحون، وهكذا بالمكاتبة بالتلكس بالبرقية بالهاتف، بكل طريق يعمل الإنسان ما يستطيع من الدعوة إلى الله مع إخوانه وأصدقائه وقراباته ومن يعرفهم، ويحسن ظنه بربه، ويرجو أن تثمر جهوده، وأن ينفع الله بمساعيه، لا ييأس.

ثم الأمر الآخر هو العلم، لا يتكلم إلا عن علم، كما تقدم، يتبصر ويتعلم ويحضر حلقات العلم ويذاكر مع إخوانه في ذلك حتى تكون دعوته وتوجيهاته وأمره ونهيه .......، ويحاسب نفسه على الإخلاص، يحاسب هذه النفس حتى تكون هذه الجهود لله، لا بالرياء والسمعة، ولا لقصد آخر، بل لله وحده ، ثم يعود نفسه الصبر، ويجاهدها على الصبر، ويذكرها بأحوال الصابرين من الرسل وأتباعهم بإحسان في هذا الوقت الشديد الظلمة الشديد الخطر العظيم الجهل هذا الوقت الخطير في آخر الزمان في القرن الخامس عشر، ثم ينبغي أن نعلم أن المجاهد اليوم الداعي إلى الله الصابر يرجى له أن يعطى مثل أجر خمسين من الصحابة كما في الحديث: للعامل فيها أجر خمسين، قيل: منا أو منهم؟ قال: بل منكم، العامل في وقت الغربة والصابر في وقت الغربة له خير عظيم.

نسأل الله أن يوفقنا وإياكم للعلم النافع والعمل الصالح، وأن يمنحنا وإياكم الفقه في الدين والثبات عليه، وأن ينصر دينه ويعلي كلمته، وأن يصلح ولاة أمر المسلمين جميعًا في كل مكان، وأن يهديهم صراطه المستقيم، وأن يوفقهم لتحكيمه شريعته والعمل بها في كل شيء، وأن يوفق ولاة أمرنا في هذه البلاد لكل خير.