أثر القدوة الحسنة على الآخرين

وقد سبق أن قلت لكم أن هناك بحمد الله أشياء تبشر بالخير في خارج هذه البلاد في دول كثيرة في أفريقيا وآسيا وغيرها، شباب صالح وغيرهم يدعون إلى الله، ينشرون الحق، يلتمسون السنة والأخذ بها، ويسألون عنها في هذه البلاد وغيرها، وقد أعلنت حكومة السودان تحكيمها للشريعة وتطبيق الشريعة الإسلامية وفرح المسلمون بذلك في السودان وحصل لهم في هذا بحمد الله نشاط كبير، والدولة متوجهة إلى خير كبير، وهكذا في موريتانيا عندهم نشاط في تطبيق الشريعة الإسلامية وحرص على ذلك، وقد طبقوا كثيرًا، نسأل الله للجميع التوفيق والهداية والعون على كل خير، وهكذا في باكستان هناك نشاط وهناك همة عالية لقصد تطبيق الشريعة والحكم بها في كل شيء، نسأل الله لهم التوفيق، وأن يهدوا إلى الرشاد، وأن يعانوا على تنفيذ ما أرادوا من الخير، وهناك نشاط للمسلمين في أماكن كثيرة، فيجب أن نكون في هذه البلاد في السعودية يجب أن نكون من خير أولئك، ومن أنشط هؤلاء الذين يسعون إلى الخير؛ لأن هذه الدولة كما تقدم يقتدى بها، المسلمون في هذه البلاد يقتدى بهم في مكة والمدينة وفي غيرهما يقتدى بهم في أقوالهم وأفعالهم وفي إذاعتهم وفي نشراتهم وفي صحائفهم في وسائل إعلامهم يقتدى بهم، فيجب أن يكونوا على غاية من العناية بأمر الله ورسوله، وعلى غاية من الجهاد في سبيل الله، وعلى غاية من التعاون على البر والتقوى والتواصي بالحق، وعلى غاية من القدوة الصالحة، يكون كل واحد من المسلمين هنا أسوة صالحة قدوة صالحة في أخلاقه وأعماله، في مبادرته إلى الخيرات، في أمره بالمعروف، في نهيه عن المنكر، في محافظته على الصلوات الخمس، في بره لوالديه، في صيامه رمضان، في حفظه لجوارحه عن محارم الله وبعده عن مواقف السوء، في كل خير، وفي البعد عن كل شر، سواء كان في مكة أو في المدينة أو في غيرهما، وهذه البلاد هي ملتقى المسلمين، وهي قدوة المسلمين، منها طلعت شمس الرسالة، هي مهبط الوحي، هي مطلع شمس الرسالة، هي منطلق الدعاة والمجاهدين والمصلحين، فالواجب علينا الذين كنا خلفا لهم وبعدهم وفي هذا الموطن العظيم وفي هذه البلاد التي هي مهد الإسلام يجب أن نحذر أن نضل الناس، وأن نكون سببًا لضلال الناس في تساهلنا وتقصيرنا، يجب أن نحرص كل الحرص على طاعة الله ورسوله، وعلى القيام بأمر الله ورسوله، وعلى تبليغ رسالات الله إلى عباد الله، وأن نكون قدوة صالحة في أقوالنا وأعمالنا وسائر تصرفاتنا أينما كنا رجالًا ونساء علماء وغير علماء وأمراء وغير أمراء يجب أن يكون الجميع قدوة صالحة، وأن يتعاونوا على البر والتقوى، وأن يحذروا كل ما حرم الله ورسوله، وأن يبذلوا الوسع في هذا الخير العظيم، وبذلك تحصل لهم العاقبة الحميدة والنصر على الأعداء والحماية من كل سوء، إِنَّ اللَّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوْا وَالَّذِينَ هُمْ مُحْسِنُونَ [النحل:128]، فمن اتقى الله وجاهد في سبيله وقصد الخير وأراده وعمل ما استطاع في ذلك فالله ينصره ويعينه ويكون معه كما قال سبحانه: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ [محمد:7]، وقال سبحانه: وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ ۝ الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ [الحج:40-41].

وقد سمعتم في الندوة حديثًا عظيمًا يجب أن يكون على البال، قد وضح فيه النبي ﷺ المثال العظيم، أروع مثال وأعظم مثال لصلاح الأمة وفسادها ولموقف الآمرين بالمعروف والناهين عن المنكر، ولموقف ضدهم، مثال عظيم إذا تأمله المؤمن عرف عظم شأن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وعظم الخطر في ترك ذلك، وهو أنه قال ﷺ: مثل القائم على حدود الله والواقع فيها كمثل قوم استهموا على سفينة القائم على حدود الله، يعني: الآمر بالمعروف والناهي عن المنكر، والواقع فيها: في المحارم كمثل قوم استهموا على سفينة، فأصاب بعضهم أعلاها وبعضهم أسفلها، صاروا طائفتين: إحداهما في الطابق الأعلى، والثانية في الطابق الأسفل، فكان الذين في الأسفل إذا أرادوا أن يستقوا مروا على من فوقهم ليجذبوا الماء من فوق لحاجتهم، فقالوا: فيما بينهم لو أننا خرقنا في نصيبنا ولم نؤذ من فوقنا، قال النبي ﷺ: فإن هم تركوهم وما أرادوا هلكوا جميعًا، وإن أخذوا على أيديهم نجوا ونجوا جميعًا، هذا مثل المصلحين والمفسدين هذا مثلهم العظيم، مثل أصحاب السفينة الآمرون بالمعروف والناهون عن المنكر هم القائمون على حدود الله، هم الذين إذا أخذوا على أيدي السفهاء نجت السفينة بإذن الله، وسلم الناس بإذن الله، وإذا تركوا الناس وأهملوهم وأعرضوا عنهم هلكوا كما تهلك السفينة بدخول الماء في الطابق الأسفل، ثم تثقل وتغرق بأهلها، فالمصلحون هم أسباب النجاة، والمفسدون هم أسباب الهلاك، فعليك -يا عبد الله- أن تحرص أن تكون من المصلحين ومن الذين يسعون في الصلاح والنجاة، وعليك أن تحذر أن تكون من أسباب الهلاك والدمار.

وفق الله الجميع.