وجوب التعاون على إزالة الفساد

أما ما أفاض فيه الشيخ محمد بن حسن الدريعي من المعاصي الموجودة، وما حصل من الخلل في المدارس بسبب ضعف المناهج بسبب كثرة المدرسين الذين عندهم شيء من الانحراف، وبأسباب مدرسين آخرين تعلموا في الخارج، وهم من أبناء جلدتنا درسوا في الخارج وتغيرت أحوالهم، وتغير مزاجهم، وانحرفت عقيدتهم، فهذا كله واقع، وكله بلاء عظيم، وشر مستطير، وكله خطره عظيم.

وهكذا ما وقع في الإذاعة وفي التلفاز وفي الصحافة في الداخل والخارج من الشرور العظيمة كل هذا خطره عظيم، كله يحتاج إلى علاج جذري، وإلى علاج صادق من المسؤولين في الدولة وفقهم الله، ومن العلماء قاطبة، ليس عالمًا دون عالم، بل على الجميع، كل أهل العلم عليهم أن يتقوا الله، وأن ينشطوا في إنكار الباطل، وفي الدعوة إلى الحق، وفي تعليم الجاهل، وإرشاد الضال.

وعلى الدولة -وفقها الله- المسؤولية العظمى في اختيار الأخيار في الإذاعة والصحافة والتلفاز وإزالة الأشرار، فإن تولي الأشرار وضعفاء الإيمان لا يأتي إلا بالشر، فلا بد من تولية الأخيار في الصحافة والإذاعة والتلفاز، ولا بد من المراقبة قبل البث والنشر، لا بد من أن تراقب جميع البرامج التي تذاع أو تبث في التلفاز أو تنشر في الصحف، لا بد أن تراقب قبل ذلك من اللجان المأمونة، من اللجان المعروفة بالعلم والفضل والإيمان والأمانة حتى يمحصوها، فيقال: هذا منكر، وهذا يبث، وهذا يذاع، وهذا يمنع، فيكون الموظفون على بينة، حتى لا يترك الحبل على الغارب لأولئك الذين فسدت عقائدهم، وماتت ضمائرهم، وذهبت منهم الغيرة، أو صاروا والعياذة مرتدين ملحدين يتربصون بهذه الدولة الدوائر وبالمسلمين الدوائر حتى ينقضوا عليها لإزالة ما بقي من التوحيد والإيمان، فلا بد من العناية، لا بد من التكاتف، ولا بد من تعاون لإصلاح الأوضاع، وإزالة ما يخشى منه من الشر، وإبقاء الخير والحق، هذا هو الواجب على المسؤولين في الدولة والعلماء والموظفين وأعيان الأمة يقول الله : وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ [المائدة:2]، ويقول سبحانه: وَالْعَصْرِ ۝ إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ ۝ إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ [العصر:1-3]، ليس هناك ربح ولا سعادة ولا نجاة إلا بالإيمان الصادق بالله ورسوله، ثم العمل الصالح، ثم التواصي بالحق والتواصي بالصبر.

ولا ريب أن الأمر عظيم وخطير فيما يتعلق بالمدارس والمعاهد والكليات للبنين والبنات، كل ذلك محتاج إلى العناية العظيمة من المسؤولين عنها، ومن الدولة -وفقها الله-، ومن العلماء، سواء كانوا مدرسين فيها أو غير مدرسين، لا بد من تكاتف وتعاون من جهة إصلاح المناهج، وإزالة ما يخشى منه الشر، والمقررات التي تدرس، ولا بد من العناية بالمدرسين، فإن التوسع في المدارس والمعاهد وغيرها أفضى واضطر المسؤولين بأن يأتوا بمن لا يصلح للعمل، فنتج عن ذلك فساد وشر، فلا بد من العناية باختيار المدرس واختيار الموظف، ولا بد من رقابة صادقة على تصرفات المدرس المتهم والموظف المتهم حتى يزال من لا خير فيه، وحتى يقر من فيه الخير ويشكر، وحتى تكون الرقابة ساهرة متبصرة حريصة لا تفتر ولا تتساهل في شيء من الأمور، وعلى ولاة الأمور التشجيع والتنفيذ والعناية التامة بهذا الأمر الذي هو أخطر شيء، فإن التعليم هو الذي يؤسس الأجيال و....... الأجيال، ويتولون الأمور بعد ذلك، يتولون كل شيء، فإذا كانوا صالحين أصلح الله بهم العباد والبلاد، وإذا كانوا فاسدين أفسدوا الناس وأهلكوا الناس بسبب أنهم يكونون متولين للأمور، والناس بالله ثم بولاة أمورهم، يقول بعض السلف وجاء فيه حديث ضعيف: "صنفان إذا صلحا صلح الناس، وإذا فسدا فسد الناس: الأمراء، والعلماء"، فإذا أصلح الله الأمراء والموظفين والمديرين والرؤساء والعلماء المشاركين وغير المشاركين إذا أصلحهم الله وتعاونوا تمت السعادة، وجاء الفلاح، وجاء الإصلاح التام، وإذا تخاذلوا ولم يتعاونوا هلك الناس، ولا حول ولا قوة إلا بالله، وهذه الكلمة التي أشار إليها الشيخ محمد بن حسن الدريعي لا شك أنها مهمة وعظيمة.

فنسأل الله أن ينفع المسلمين بما سمعوا، وبما يعلمون، ونسأل الله أن يوفقنا جميعًا للإصلاح والقيام بالحق والتعاون على البر والتقوى.