02 من كتاب موطأ مالك، باب الزكاة في المعادن

باب الزكاة في المعادن

8- حَدَّثَنِي يَحْيَى، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ رَبِيعَةَ ابْنِ أَبِي عَبْدِالرَّحْمَنِ، عَنْ غَيْرِ وَاحِدٍ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَطَعَ لِبِلَالِ بْنِ الْحَارِثِ الْمُزَنِيِّ مَعَادِنَ الْقَبَلِيَّةِ، وَهِيَ مِنْ نَاحِيَةِ الْفُرُعِ، فَتِلْكَ الْمَعَادِنُ لَا يُؤْخَذُ مِنْهَا إِلَى الْيَوْمِ إِلَّا الزَّكَاةُ.

قَالَ مَالِكٌ: أَرَى وَاللَّهُ أَعْلَمُ أَنَّهُ لَا يُؤْخَذُ مِنَ الْمَعَادِنِ مِمَّا يَخْرُجُ مِنْهَا شَيْءٌ حَتَّى يَبْلُغَ مَا يَخْرُجُ مِنْهَا قَدْرَ عِشْرِينَ دِينَارًا عَيْنًا، أَوْ مِئَتَيْ دِرْهَمٍ، فَإِذَا بَلَغَ ذَلِكَ فَفِيهِ الزَّكَاةُ مَكَانَهُ، وَمَا زَادَ عَلَى ذَلِكَ أُخِذَ بِحِسَابِ ذَلِكَ مَا دَامَ فِي الْمَعْدِنِ نَيْلٌ، فَإِذَا انْقَطَعَ عِرْقُهُ، ثُمَّ جَاءَ بَعْدَ ذَلِكَ نَيْلٌ، فَهُوَ مِثْلُ الْأَوَّلِ؛ يُبْتَدَأُ فِيهِ الزَّكَاةُ كَمَا ابْتُدِئَتْ فِي الْأَوَّلِ.

الشيخ: وهذا هو الصواب: يُؤخذ منها الزكاة فقط، معدن الذهب فيه الزكاة، معدن الفضة فيه الزكاة إذا حال الحول وبلغ النِّصاب، كلما حصَّل شيئًا وحال عليه الحولُ يُزكيه.

قَالَ مَالِكٌ: وَالْمَعْدِنُ بِمَنْزِلَةِ الزَّرْعِ، يُؤْخَذُ مِنْهُ مِثْلُ مَا يُؤْخَذُ مِنَ الزَّرْعِ، يُؤْخَذُ مِنْهُ إِذَا خَرَجَ مِنَ الْمَعْدِنِ مِنْ يَوْمِهِ ذَلِكَ، وَلَا يُنْتَظَرُ بِهِ الْحَوْلُ، كَمَا يُؤْخَذُ مِنَ الزَّرْعِ إِذَا حُصِدَ الْعُشْرُ، وَلَا يُنْتَظَرُ أَنْ يَحُولَ عَلَيْهِ الْحَوْلُ.

الشيخ: ليس بجيدٍ، الصواب حتى يحول عليه الحول، الزرع حوله نجاحه، الزرع يُنتظر فيه حتى ينجح، أما هذا فيتعب فيه ويستخرج ويتعب، فإذا حال عليه الحولُ زكَّاه مثل سائر الأموال.

 

بَابُ زَكَاةِ الرِّكَازِ

9- حَدَّثَنِي يَحْيَى، عَنْ مَالِكٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، وَعَنْ أَبِي سَلَمَةَ ابْنِ عَبْدِالرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَالَ: فِي الرِّكَازِ الْخُمُسُ.

قَالَ مَالِكٌ: الْأَمْرُ الَّذِي لَا اخْتِلَافَ فِيهِ عِنْدَنَا، وَالَّذِي سَمِعْتُ أَهْلَ الْعِلْمِ يَقُولُونَهُ: أنَّ الرِّكَازَ إِنَّمَا هُوَ دفْنٌ يُوجَدُ مِنْ دفْنِ الْجَاهِلِيَّةِ، مَا لَمْ يُطْلَبْ بِمَالٍ، وَلَمْ يُتَكَلَّفْ فِيهِ نَفَقَةٌ، وَلَا كَبِيرُ عَمَلٍ وَلَا مَؤُونَة، فَأَمَّا مَا طُلِبَ بِمَالٍ، وَتُكُلِّفَ فِيهِ كَبِيرُ عَمَلٍ، فَأُصِيبَ مَرَّةً، وَأُخْطِئَ مَرَّةً، فَلَيْسَ بِرِكَازٍ.

الشيخ: نعم، الركاز: دفن الجاهلية، فيه الخمس لولي الأمر، أما المعادن لا، المعادن مثل غيرها فيها الزكاة المعروفة: ربع العشر من ذهبٍ وفضةٍ، أما الركاز الذي يُوجد من دفن الجاهلية في بعض الخربات وفي غيرها فيخرج الخمس، فإذا وجد ألفًا أخرج مئتين، وإذا وجد خمسين ألفًا أخرج عشرةً، وهكذا.

س: .............؟

ج: هذا معدن، وهذا ركاز، الركاز ولو حُفر عليه، ما دام ركازًا فيه الخمس، هذا الصواب.

س: والمعادن؟

ج: المعادن فيها الزكاة العادية: ربع العشر، الذهب والفضة.

س: البترول؟

ج: البترول هذا على حسب ما يُراد به: إن أُريد للبيع فهو عروض، وإن أُريد للاستعمال ما فيه شيء.

س: المعادن السائلة كالزيت؟

ج: هذه حسبما يستعملها: إن استعملها في حاجاته فلا شيء فيها، وإن استعملها في البيع فزكاة العروض.

 

بَابُ مَا لَا زَكَاةَ فِيهِ مِنَ التِّبْر والْحُلِيِّ وَالْعَنْبَرِ

10- حَدَّثَنِي يَحْيَى، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ عَبْدِالرَّحْمَنِ بْنِ الْقَاسِمِ، عَنْ أَبِيهِ: أَنَّ عَائِشَةَ زَوْجَ النَّبِيِّ ﷺ كَانَتْ تَلِي بَنَاتَ أَخِيهَا يَتَامَى فِي حَجْرِهَا لَهُنَّ الْحُلِيُّ، فَلَا تُخْرِجُ مِنْ حُلِيِّهِنَّ الزَّكَاةَ.

11- وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ نَافِعٍ: أَنَّ عَبْدَاللَّهِ بْنَ عُمَرَ كَانَ يُحَلِّي بَنَاتَهُ وَجَوَارِيَهُ الذَّهَبَ، ثُمَّ لَا يُخْرِجُ مِنْ حُلِيِّهِنَّ الزَّكَاةَ.

قَالَ مَالِكٌ: مَنْ كَانَ عِنْدَهُ تِبْرٌ أَوْ حلي مِنْ ذَهَبٍ أَوْ فِضَّةٍ لَا يُنْتَفَعُ بِهِ لِلُبْسٍ، فَإِنَّ عَلَيْهِ فِيهِ الزَّكَاةَ فِي كُلِّ عَامٍ، يُوزَنُ فَيُؤْخَذُ رُبُعُ عُشْرِهِ، إِلَّا أَنْ يَنْقُصَ مِنْ وَزْنِ عِشْرِينَ دِينَارًا عَيْنًا، أَوْ مِئَتَيْ دِرْهَمٍ، فَإِنْ نَقَصَ مِنْ ذَلِكَ فَلَيْسَ فِيهِ زَكَاةٌ، وَإِنَّمَا تَكُونُ فِيهِ الزَّكَاةُ إِذَا كَانَ إِنَّمَا يُمْسِكُهُ لِغَيْرِ اللُّبْسِ.

فَأَمَّا التِّبْرُ وَالْحُلِيُّ الْمَكْسُورُ الَّذِي يُرِيدُ أَهْلُهُ إِصْلَاحَهُ وَلُبْسَهُ، فَإِنَّمَا هُوَ بِمَنْزِلَةِ الْمَتَاعِ الَّذِي يَكُونُ عِنْدَ أَهْلِهِ، فَلَيْسَ عَلَى أَهْلِهِ فِيهِ زَكَاةٌ.

قَالَ مَالِكٌ: لَيْسَ فِي اللُّؤْلُؤِ وَلَا فِي الْمِسْكِ وَلَا الْعَنْبَرِ زَكَاةٌ.

الشيخ: نعم، إذا كان من لبسٍ للاستعمال، أما إذا كان للتِّجارة ففيه الزكاة، أما الحُلي فاختلف العلماءُ فيها: جمهورهم على أنَّ الحُلي لا زكاةَ فيها، والأرجح أنَّ فيها الزكاة: الذهب والفضة إذا بلغت النِّصابَ، وحال عليها الحولُ؛ لحديث صاحبة المسكتين -حديث عبدالله بن عمرو- وحديث أم سلمة؛ ولعموم الأدلة.

س: هناك فرقٌ بين الحَلْي والحُلِي، أو هما بمعنى واحدٍ؟

ج: الظاهر أنها تُفتح وتُضم، يقال: حُلي، وحَلي.

س: اللؤلؤ بارك الله فيك القول فيه؟

ج: اللؤلؤ وغيره ما فيه شيء، إلا إذا كان للتِّجارة، أما إذا لبس قلائد وغيرها ما فيه زكاة، إلا إذا كان للتِّجارة، أما الذهب والفضة ففيها الزكاة.