أحكام الحج

المتصل: السلام عليكم.

الشيخ: وعليكم السلام ورحمة الله.

المتصل: كيف حالكم يا شيخ؟

الشيخ: حيَّاكم الله.

المتصل: عساك طيب. نقول: نُقدم يا شيخ؟

الشيخ: نعم.

المتصل: بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله ربِّ العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمدٍ، وعلى آله وصحبه أجمعين.

ففي هذه الليلة المباركة نتصل بسماحة الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله بن باز ليُحاضر لنا عن أحكام الحجِّ، فليتفضل مشكورًا مأجورًا.

الشيخ: بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله ربِّ العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله محمدٍ، وعلى آله وأصحابه أجمعين.

أما بعد: فإني أشكر الله جلَّ وعلا على ما مَنَّ به من هذا اللِّقاء بإخوةٍ في الله في جبه؛ للتَّناصح والتَّعاون على البرِّ والتَّقوى، والتواصي بالحقِّ والصبر عليه.

فأسأل الله أن يجعله لقاءً مُباركًا، وأن يُصلح قلوبنا وأعمالنا جميعًا، وأن يمنحنا الفقه في دينه، والثَّبات عليه، وأن يُعيذنا وجميع المسلمين من مُضلات الفتن، ومن نزغات الشَّيطان، إنه وليُّ ذلك والقادر عليه.

أيُّها الإخوة في الله، إني أُوصيكم ونفسي بتقوى الله ، والاستقامة على دينه، كما قال جلَّ وعلا: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا ۝ يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ [الأحزاب:70- 71]، وَلَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَإِيَّاكُمْ أَنِ اتَّقُوا اللَّهَ [النساء:131]، وقال تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ [آل عمران:102].

وحقيقة التَّقوى توحيد الله وطاعته، هذه هي التقوى: توحيد الله وطاعته، وذلك باتِّباع أوامره، وترك نواهيه، والوقوف عند حدوده، هذه هي التقوى: أن يُوحِّد العبدُ ربَّه، فيخصّه بالعبادة: من دعاء، وخوف، ورجاء، وصوم، وصلاة، وصدقات، وغير ذلك، يريد وجهه الكريم، وأن يُشهده أنه هو المعبود بالحقِّ، ومَن سواه باطل، كما قال تعالى: ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ هُوَ الْبَاطِلُ [الحج:62]، هذا أصل الدين، وأساس الملة: توحيد الله، والإخلاص له، والإيمان برسوله محمدٍ ﷺ، وأنه رسول الله إلى الناس عامَّة، وأنه خاتم الأنبياء، لا نبيَّ بعده.

فالواجب على الجميع الإيمان بهذين الأصلين: شهادة أن لا إله إلا الله، وأنَّ محمدًا رسول الله. هذان الأصلان هما أساس الدِّين، هما أساس الملَّة، هما أعظم الأركان: أن تُوحِّد ربَّك، وأن تشهد أنه لا معبودَ بحقٍّ سواه، وأن تُؤمن برسوله محمدٍ ﷺ، وتشهد أنه رسول الله، وأنه خاتم الأنبياء، وأنَّ الله أرسله إلى الناس كافَّة.

ثم بعد ذلك العناية بالصَّلاة، فهي عمود الدِّين، وميزان الأعمال، مَن حفظها حفظ دينَه، ومَن ضيَّعها فهو لما سواها أضيع، ويقول النبيُّ ﷺ: بين الرجل وبين الكفر والشِّرك ترك الصلاة، ويقول عليه الصَّلاة والسلام: العهد الذي بيننا وبينهم الصَّلاة، فمَن تركها فقد كفر، ويقول عليه الصلاة والسلام: رأس الأمر الإسلام، وعموده الصلاة.

فالوصية أيُّها الإخوة العناية بالصلاة، كل واحدٍ يعتني بها مع أهل بيته، مع أولاده، مع خدامه، يعتنوا بها، ويجتهدوا في أن يُقيموها كما أمر الله في المساجد، كما أمر الله مع الجماعة.

هذه وصيتي للجميع، فإنَّ الصلاة عمود الإسلام، وكثير من الناس يتخلَّف عنها في الجماعة، ولا سيما الفجر والعشاء، فالواجب الحذر من صفات أهل النِّفاق، الواجب الحذر، قال تعالى: إِنَّ الْمُنَافِقِينَ يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ وَإِذَا قَامُوا إِلَى الصَّلَاةِ قَامُوا كُسَالَى [النساء:142].

فالواجب الحذر من صفاتهم، والتواصي بأدائها في جماعةٍ مع أبنائك، ومع إخوتك، ومع عُمَّالك، إلى غير ذلك، وهكذا أهل البيت من النِّساء، على كل إنسانٍ أن يحرص عليهن، حتى يُؤدُّوها في البيت، حتى يُؤدوها بالخشوع والطُّمأنينة، واستكمال فرائضها، هذا هو الواجب على الجميع، يقول الله سبحانه: حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَى [البقرة:238]، وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَارْكَعُوا مَعَ الرَّاكِعِينَ [البقرة:43]، ويقول النبي ﷺ: أثقل الصَّلاة على المنافقين: صلاة العشاء والفجر.

فالواجب عليك يا عبدالله الحذر من مُشابهة أهل النِّفاق، وأن تُحافظ على الصَّلاة كلها في أوقاتها في المساجد، مع إخوانك المسلمين، أما المرأة فتُصلي في البيت، مع المحافظة عليها في الوقت، والطُّمأنينة، والخشوع، كما بيَّن الله حال المؤمنين في ذلك، قال سبحانه: قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ ۝ الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ [المؤمنون:1- 2].

ثم الزكاة أحد أركان الإسلام، الزكاة هي الركن الثالث من أركان الإسلام، فالواجب على كل إنسانٍ أن يُزكي ما عنده، إذا كان عنده مالٌ يبلغ النِّصاب فالواجب الزكاة، فهي ركنٌ من أركان الإسلام الخمسة، وهي الركن الثالث، كما قال جلَّ وعلا: وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ وَيُقِيمُوا الصَّلَاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ [البينة:5]، وقال تعالى: وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ [النور:56].

حتى في الحُلي الصواب فيه الزكاة: من الذهب والفضَّة، حُلي المرأة إذا بلغ النِّصاب وحال عليه الحول، هذا هو الأرجح من أقوال العلماء.

وهكذا صوم رمضان، يجب على المرأة والرجل العناية بصوم رمضان، فهو أحد أركان الإسلام الخمسة، فالواجب على كل مؤمنٍ ومؤمنةٍ مُكلَّفٍ أن يصوم، هذا هو الواجب على جميع المكلَّفين من الرجال والنساء: أن يصوم رمضان بنيةٍ صالحةٍ، بإخلاصٍ لله جلَّ وعلا، وأن يحفظ صيامَه ويصونه عن كلِّ ما حرَّم الله.

ثم الحج، وهو الركن الخامس من أركان الإسلام، فالواجب على كل مؤمنٍ ومؤمنةٍ استطاع ذلك أن يحجَّ مرةً في العمر، كما قال تعالى: وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا [آل عمران:97]، وقال النبي ﷺ: بُنِيَ الإسلامُ على خمسٍ: شهادة أن لا إله إلا الله، وأنَّ محمدًا رسول الله، وإقام الصَّلاة، وإيتاء الزكاة، وصوم رمضان، وحجّ البيت.

فالواجب على كل مؤمنٍ وعلى كل مؤمنةٍ الحجّ إذا كان مُكلَّفًا، على كل مؤمنٍ مُكلَّفٍ، وكل مُؤمنةٍ مُكلَّفةٍ الحجّ مرةً في العمر، هذا هو الواجب على الجميع.

والحجّ معناه: القصد للعظيم، والحجاج قصدوا ربَّهم جلَّ وعلا، وهو العظيم الكامل جلَّ وعلا، لا أعظم منه، فعلى المؤمن والمؤمنة العناية بهذا الأمر، والحرص على أداء الفريضة مع الاستطاعة.

وصفة الحجِّ أن يأتي الميقات ناويًا الحجَّ، ثم يُلبي بالحجِّ من الميقات، يغتسل أفضل إذا تيسر ويتوضأ ويُصلي ركعتين، ثم يُلبي بالحجِّ أو بالعمرة، فيقول: "اللهم لبيك عمرة" إن كانت عمرةً، أو "اللهم لبيك حجًّا" إن كان حجًّا، من الميقات، من ميقات بلده، ثم يُلبي التَّلبية الشَّرعية: "لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريكَ لك لبيك، إنَّ الحمد والنِّعمة لك والملك، لا شريكَ لك"، يُكرر هذه التَّلبية حتى يصل الحرم، ويُكررها في طريقه، كما فعله النبيُّ ﷺ، وحتى المرأة الحائض والنُّفساء تُحرمان من الميقات بالحجِّ، أو بالحجِّ والعُمرة، أو بهما جميعًا، والأفضل العمرة، الأفضل لمن جاء الميقات أن يُلبي بعمرةٍ، فإذا فرغ منها لبَّى بالحجِّ في اليوم الثامن من ذي الحجة، وهذا هو التَّمتع الذي هو أفضل الأنساك.

فالمؤمن والمؤمنة الأفضل لهما الإحرام بالعُمرة في أشهر الحجِّ بعد رمضان، يعني: كل واحدٍ الأفضل له أن يُحرم بالعمرة، ويطوف، ويسعى، ويُقصر، ويحلّ، ويجعلها عمرةً، ثم في اليوم الثامن يُلبي بالحجِّ، كما أمر النبيُّ ﷺ الصحابة رضي الله عنهم وأرضاهم بذلك، إلا مَن ساق الهدي، مَن ساق معه هديًا من إبلٍ، أو بقرٍ، أو غنمٍ تُذبح في مكة إذا ساقها معه، هذا لا يحلّ، يُحرم، ولكن لا يحلّ، بل يبقى على إحرامه، والأفضل أن يُحرم بالحجِّ والعُمرة جميعًا، ويكون قارنًا، ولا يحلّ حتى يذبح هديه يوم العيد، كما أمر به النبيُّ ﷺ الصحابة رضي الله عنهم وأرضاهم.

أما الذي ليس معه هدي فهذا الأفضل له أن يُلبي بالعمرة من الميقات، سواء في شوال، أو في ذي القعدة، أو في أول ذي الحجّة، يُلبي بالعمرة، ويطوف، ويسعى، ويقصر، ويحلّ، ثم في اليوم الثامن يُلبي بالحجِّ، ويخرج مع الناس إلى عرفات، هذا هو المشروع لكل مؤمنٍ في الحجِّ، ويقف مع الناس في عرفات إلى غروب الشمس، هذا هو الواجب، وبعد غروب الشمس ينصرف الناس إلى مُزدلفة بوقارٍ وسكينةٍ وطمأنينةٍ.

وفي عرفات يُكثر من ذكر الله والدُّعاء وهو واقفٌ بعرفة، سواء في .....، في خيمته، في سيارته، يُكثر من ذكر الله وهو واقف، أو جالس في عرفات، ويرفع يديه ويدعو ربَّه كثيرًا، كما فعل النبيُّ ﷺ، فإذا غابت الشَّمسُ انصرف إلى مُزدلفة بالسَّكينة والوقار، فإذا أتى مُزدلفة بات بها تلك الليلة، وصلَّى بها الفجر، ثم بعد صلاة الفجر يذكر الله، ويجتهد في الدُّعاء إلى أن يُسفر، فإذا أسفر انصرف إلى منى، ذهبوا إلى منى، هذا هو المشروع.

ولا بأس بتعجيل الضَّعفة، لا بأس أن يتعجل الضَّعفة من النِّساء والمرضى بعد نصف الليل إلى منى من مُزدلفة، فمَن تعجَّل لضعفه وخوف الزِّحام فلا بأس، أما مَن كان ليس به عِلَّة، فالأفضل البقاء حتى يُصلي الفجر، وحتى يقف بعد صلاة الفجر ويذكر الله كثيرًا، ثم ينصرف قبل طلوع الشمس، إذا أسفر ينصرف إلى منى مُلَبِّيًا حتى يصل إلى منى، فإذا وصلها رمى الجمرة، وأما الضُّعفاء فينصرفون بعد نصف الليل، بعد غروب القمر إذا تيسر، هذا هو، ليس لهم الانصراف قبل ذلك إلا بعد نصف الليل، ينصرفون ويقصدون منى.

ومَن شاء رمى قبل طلوع الشمس، ومَن شاء أخَّر الرمي إلى بعد ارتفاع الشَّمس، وهو أفضل، تأخير الرَّمي حتى بعد ارتفاع الشَّمس هذا يكون أفضل، وإن رمى في آخر الليل أو بعد الفجر فلا بأس في حقِّ الضُّعفاء، أما الأقوياء فالأفضل لهم والأحوط لهم ألا يرموا إلا بعد ارتفاع الشمس، كما رمى النبيُّ ﷺ، هذا هو الأفضل لمن عنده القوة، وأما الضُّعفاء فلهم الرمي قبل ذلك، ولهم أن يذهبوا إلى مكة للطَّواف، لا بأس.

وإذا رمى الجمرة يوم العيد وطاف، أو رماها وحلق أو قصَّر حلَّ التَّحلل الأول، إذا رمى يوم العيد ثم حلق أو قصَّر حلَّ التَّحلل الأول، فإذا طاف وسعى -إن كان عليه سعيٌ- تم الحلُّ كله يوم العيد، وينحر هديه يوم العيد إن تيسر، أو في الأيام الأخرى، فإنَّ يوم العيد والأيام الثلاثة كلها أيام ذبحٍ: الحادي عشر، والثاني عشر، والثالث عشر، كلها أيام ذبحٍ، لكن الأفضل أنه يرمي، ثم ينحر، ثم يحلق أو يُقصر، ثم يتحلل، هذا هو الأفضل، ثم إذا طاف وسعى -إن كان عليه سعي- حلَّ الحلَّ كله.

والمفرد والقارن ليس عليه إلا سعي واحد: إذا سعى قبل عرفة وبقي على إحرامه أجزأه السَّعي، ويكون عليه الطَّواف يوم العيد، فقط الطواف. أما الذي تمتع بأن طاف وسعى وقصَّر وحلَّ، فهذا يوم العيد يطوف ويسعى سعيًا ثانيًا، يطوف ويسعى لحجِّه بعدما يرمي الجمرة ويحلق أو يُقصر وينحر -إن كان عنده نحر- هذا هو الأفضل، ويُقيم في منى، يُقيم الحجاج في منى يوم العيد، ويوم الحادي عشر، والثاني عشر، والثالث عشر، ومَن تعجل في يومين في الثاني عشر فلا بأس.

والواجب أن يرمي يوم العيد جمرةَ العقبة، وإن رماها في آخر الليل أجزأ كما تقدم، ويوم العيد كله رمي، ومَن فاته الرَّمي يوم العيد رمى في الليل ليلة إحدى عشرة عن يوم العيد، وأما الأيام الأخيرة كلها بعد الزَّوال، يرمون بعد الزوال الثلاث جمرات: الأولى والثانية والثالثة، كلها بعد الزوال، وإذا ما تيسر بعد الزوال ففي الليل، تُرمى الجمرة في الليل عن اليوم الماضي؛ حذرًا من الزِّحام.

ويرمي كل جمرةٍ بسبع حصيات، يُكبر مع كل حصاةٍ، ويدعو عند الأولى والثانية في اليوم الأول والثاني والثالث أيضًا إن لم يتعجَّل، إذا رمى الجمرة الأولى تأخَّر عنها وجعلها عن يساره، ثم وقف واستقبل القبلة ودعا ربَّه، وأكثر من الدعاء، ثم يذهب إلى الثانية ويرميها، ثم بعد رميه إياها يجعلها عن يمينه ويتأخَّر عن الناس، ثم يرفع يديه ويدعو، كما فعله النبيُّ ﷺ، ثم يرمي الجمرة الثالثة، ولا يقف عندها، يرميها ولا يقف عندها، كما فعله النبيُّ ﷺ.

وهكذا في اليوم الثاني عشر يرمي الجمرة الأولى، ثم يتأخَّر عنها عن زحمة الناس، ثم يجعلها عن يساره، ويقف مستقبلًا القبلة ويدعو.

ثم يرمي الوسطى بسبع حصيات، يُكبر مع كل حصاةٍ، ثم يتأخَّر عنها وعن الناس، ويجعلها عن يمينه، ويرفع يديه ويدعو.

ثم يرمي الجمرة الثالثة ولا يقف عندها في اليوم الحادي عشر والثاني عشر، ثم يتعجل إن شاء يذهب إلى مكة ويطوف طواف الإفاضة إن كان ما طاف، أو يطوف للوداع، إن كان قد طاف طواف الإفاضة يطوف للوداع إذا أحبَّ الخروج، وإن أحبَّ أن يتأخَّر في مكة أيَّامًا فلا بأس، إذا عزم على الخروج طاف للوداع سبعة أشواط، ليس معها سعي، طواف بلا سعي، يُسمَّى: طواف الوداع؛ لقول النبي ﷺ: لا ينفرنَّ أحدٌ منكم حتى يكون آخر عهده بالبيت.

ومَن أحبَّ ألا يتعجل بأن يبقى الثالث عشر، بقي الثالث عشر، ورمى بعد الزوال، كما رمى في اليوم الحادي عشر والثاني عشر: يرمي الأولى، ويقف عندها، ويجعلها عن يساره ويدعو، ويرمي الثانية، ثم يقف عندها، ويجعلها عن يمينه ويدعو، ثم يرمي الثالثة ولا يقف عندها.

وينتهي الرمي والذَّبح بغروب الشمس يوم الثالث عشر، وقد عرفت أنَّ مَن رمى وحلق أو قصَّر حلَّ التَّحلل الأول يوم العيد، إذا رمى الجمرة رجل أو امرأة، إذا رمى الجمرة بسبع حصيات ثم حلق أو قصَّر حلَّ التَّحلل الأول: يلبس ثيابه، ويتطيب إذا شاء، فإذا طاف طوف الإفاضة وسعى تم حلّه، حلَّ له النساء وكل شيءٍ حرم عليه بالإحرام.

وعلى الحاج أن يبيت ليلة الحادي عشر والثاني عشر في منى، على الناس أن يبيتوا في منى غالب الليل؛ لأنَّ المبيت في منى من واجبات الحجِّ، إلا السُّقاة والرُّعاة الذين يشقّ عليهم ذلك، فلا بأس، ليس عليهم مبيت ليلة إحدى عشر، وليلة اثنا عشر، وهكذا المريض الذي استعجل أن يُنقل إلى المستشفى يسقط عنه لمرضه.

وعلى الحجاج جميعًا إذا فرغوا من حجِّهم أن يُودِّعوا البيت، يطوفوا للوداع عند الخروج، إذا فرغ من كل شيءٍ عند الخروج يطوف للوداع سبعة أشواط، ويُصلي ركعتين، هذا هو طواف الوداع، إلا المرأة الحائض والنُّفساء فلا وداعَ عليهما.

فنسأل الله أن يُوفِّق الجميعَ للعلم النَّافع والعمل الصالح، ونسأل الله أن يُعيذنا وإيَّاكم من مُضلات الفتن، ونسأل الله أن يمنحنا وإياكم التوفيق وصلاح النية والعمل، إنه سميعٌ قريبٌ، وصلى الله وسلم على عبده ورسوله نبينا محمدٍ، وعلى آله وأصحابه وأتباعه بإحسانٍ.

الأسئلة:

س: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، هل صدر من هيئة كبار العلماء أو من فضيلتكم فتوى في مشروعية تقيد الحجاج في كل خمس سنوات للمواطنين، وأنه يأثم مَن خالف ذلك؟

ج: نعم، صدر من مجلس هيئة العلماء أنه ينبغي للمسلم إذا كان قد حجَّ فريضةً أن يُوسع لإخوانه، وأقرَّته، وأمرت الدولةُ بهذا الشيء للتَّوسعة على الحجيج، خمس سنين بعد حجِّ الفريضة؛ حتى يُوسع على الناس، هذا صدر من هيئة كبار العُلماء.

س: هل يجوز له التَّحيل على ذلك؟

ج: لا، ما يجوز التَّحيل، ليس له التَّحيل على ذلك.

س: امرأتان تُريدانِ أن تحجَّانِ عن والدهما الميت في عامٍ واحدٍ، هل يجوز ذلك؟

ج: لا بأس أن يحجّ عن الميت جماعة، لا بأس، الحمد لله.

س: إنسان غير قادرٍ على الحجِّ؛ لعدم وجود النَّفقة، ولم تسقط فريضته، هل يجوز أن يحجَّ عن غيره المتكفّل له بالنَّفقة؟

ج: مَن لم يحجَّ عن نفسه لا يحجَّ عن غيره حتى يحجَّ عن نفسه.

س: مَن حجَّ ثم ترك الصَّلاة، فهل يلزمه إعادة الحجِّ بعد توبته ورجوعه إلى الصَّلاة؟

ج: لا، إذا تاب لا يلزمه، مَن تاب فهو على ما قدَّم من عمل خيرٍ، لا يلزمه إعادة الحجِّ ولا غيره.

س: هل يلزم نائب الحجِّ أن يُحرم من مكان المنيب، أم يُجزئ من أي مكانٍ كان؟

ج: من أي ميقاتٍ، يُحرم من أي ميقاتٍ، كفى والحمد لله.

س: مَن جاء في اليوم التَّاسع ما هو الأفضل في حقّه؟ هل القران أو التَّمتع؟

ج: الأفضل الحجّ في حقِّه، الحج ..... عرفات مُحرمًا بالحجِّ، وإن أحرم بهما فلا بأس.

س: يكون مُفردًا الأفضل؟

ج: مفرد، نعم، وإن أحرم بهما قارنًا فلا بأس.

س: أفضل من التَّمتع؟

ج: التَّمتع إذا أمكنه أفضل، إذا أمكنه أن يدخل مكةَ ويطوف ويسعى ويُقصر، ثم يُلبي بالحجِّ في الحال، هذا أفضل إذا أمكنه وتيسر له.

س: مَن رمى في اليوم الثاني عشر قبل الغروب، وأراد التَّعجل، وذهب إلى العزيزية أو مكة ونام بها، هل يجب عليه رمي اليوم الثالث عشر؟

ج: إذا خرج من منى بعد رمي الجمرات يوم الثاني عشر بنية التَّعجل لا يلزمه شيء، لا يلزمه العود إلى منى إذا خرج قبل الغروب بنية التَّعجل.

س: ما حكم مَن ترك سنة الطواف في الحجِّ أو العُمرة؟

ج: طوافه صحيح، والركعتان سنة، ما عليه شيء.

س: ما القول الصَّحيح في حكم مَن ترك أحد أركان الإسلام الخمسة؟ هل يكفر أم لا؟

ج: حكمه أنه فاسق، عاصٍ لله جلَّ وعلا، على خطرٍ عظيمٍ من دخول النار، إلا الصلاة؛ فإنَّ تركها كفرٌ أكبر، خاصة الصلاة؛ لقول النبي ﷺ: بين الكفر والشِّرك ترك الصَّلاة.

س: هل ورد في الصَّلاة لفظة: "وبركاته" عند السلام، أم يكتفي بقول: السلام عليكم ورحمة الله؟

ج: المحفوظ: السلام عليكم ورحمة الله، أما زيادة "وبركاته" ففيها اختلاف، لكن المحفوظ: السلام عليكم ورحمة الله، من الصلاة، فزيادة "وبركاته" فيها اختلاف، والأفضل ترك ذلك.

س: رجلٌ باع أرضًا على آخر يُسددها أقساطًا شهرية، واشترط عليه إن لم يتم السَّداد فإنَّ الأرض تبقى لمالكها الأول، ويذهب عليه المال الذي دفعه، فما حكم هذا الشَّرط؟

ج: هذا لا يصلح، يُسدد وإلا يطلب إلغاء العقد، يرد عليه .....

س: يرد عليه ماله؟

ج: هذه مسألة خصومة عند المحاكم، هذا إن اصطلحوا، وإلا يرجعون إلى الحاكم الشرعي، وإن اصطلحوا فالحمد لله.

س: ما كيفية إخراج زكاة الأقساط الشَّهرية لشركة تبيع بالتَّقسيط؟ فهل الزكاة على الأقساط فقط، أم على رأس المال كله؟

ج: كل إنسانٍ يُزَكِّي ما عنده من المال، سواء حاضر، وإلا عند ..... إذا حال عليه الحول، كل شيءٍ بوقته، كلما حال حول المال زكَّاه، وإن أحبَّ أن يُخرج عن الجميع مع زكاة الأول فلا بأس، وإلا فكل مالٍ فيه الزكاة وحده إذا حال عليه الحول، وإن جمعها كلها وزكَّاها باعتبار المال الأول، يجعلها تبعًا له، فلا بأس؛ لأنَّ تعجيل الزكاة جائز.

س: مَن أخَّر طواف الإفاضة إلى آخر يومٍ، فطاف بنية الإفاضة والوداع، فهل يُعتبر عمله صحيحًا؟

ج: نعم، يُعتبر صحيحًا، إذا طاف عند خروجه طواف الإفاضة بعد رمي الجمار أجزأه عن طواف الوداع.

س: هل يُقدم السَّعي أو الطَّواف؟

ج: لا، يُقدم الطَّواف، ثم السَّعي.

س: بعض المؤسسات تقوم بكفالة الأيتام، ويُخصصون مبلغًا ماليًّا لكفالة اليتيم، فهل إذا دفع لهذه المؤسسة هذا المبلغ يُعتبر كافلًا لليتيم أم لا بدَّ أن يكون اليتيمُ عندك؟

ج: الظاهر إذا ساعد في ذلك وأعطاهم نفقته كفى، يحصل له الأجر إن شاء الله.

س: مَن كان مُتمتعًا أو قارنًا فطاف وسعى للعُمرة، فهل عليه سعي يوم العيد، أم يكفي سعيه للعُمرة؟

ج: إذا كان مُتمتعًا لا بدَّ من سعيٍ ثانٍ للحجِّ، أما القارن والمفرد فسعي واحد، إذا قدَّمه قبل الحجِّ أجزأه إذا بقي على إحرامه، الحاج المفرد والحاج القارن إن قدَّمه أجزأ، وإن أخَّره مع طواف الإفاضة أجزأ، ليس عليه إلا سعي واحد، أما المتمتع فعليه سعيانِ.

س: بعض الحجاج يحتاج إلى لبس ربطةٍ يضعها على أفخاذه؛ حتى لا يحصل له احتكاك، فما حكم لبس هذه الربطة؟

ج: مثل السِّروال، أو يلبسها لفافة؟

س: هل على كل فخذه: يلبسها في الفخذ الأيمن، وفي الفخذ الأيسر؟

ج: لماذا؟

س: عن الاحتكاك، حتى لا يحصل فيه حساسية؟

ج: إن كان رباطًا ما يضرّ.

س: ..... على الفخذ الأيمن والفخذ الأيسر؟

ج: إذا كان رباطًا لا بأس به، لا حرج إن شاء الله، لعله يكفي، بارك الله فيك.

وفَّق الله الجميع، وثبَّت الجميع على الهدى.