11 من حديث ( أن امرأة من جهينة أتت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهي حبلى من الزنا..)

 
10/22- وَعَنْ أبي نُجَيْد-بِضَم النُّونِ وَفَتْح الْجيِمِ- عِمْرانَ بْنِ الحُصيْنِ الخُزاعيِّ رَضِي اللَّهُ عَنْهُمَا أَنَّ امْرأَةً مِنْ جُهينةَ أَتَت رَسُولَ الله ﷺ وَهِيَ حُبْلَى مِنَ الزِّنَا، فقَالَتْ: يَا رسول الله أَصَبْتُ حَدّاً فأَقِمْهُ عَلَيَّ، فَدَعَا نَبِيُّ الله ﷺ وَليَّهَا فَقَالَ: أَحْسِنْ إِليْهَا، فَإِذَا وَضَعَتْ فَأْتِنِي فَفَعَلَ فَأَمَرَ بِهَا نَبِيُّ اللَّهِ ﷺ، فَشُدَّتْ عَلَيْهَا ثِيَابُها، ثُمَّ أَمَرَ بِهَا فرُجِمتْ، ثُمَّ صلَّى عَلَيْهَا. فَقَالَ لَهُ عُمَرُ: تُصَلِّي عَلَيْهَا يَا رَسُولَ اللَّهِ وَقَدْ زَنَتْ، قَالَ: لَقَدْ تَابَتْ تَوْبةً لَوْ قُسِمَتْ بَيْن سبْعِينَ مِنْ أَهْلِ المدِينَةِ لوسعتهُمْ وَهَلْ وَجَدْتَ أَفْضَلَ مِنْ أَنْ جَادَتْ بِنفْسهَا للَّهِ ؟  رواه مسلم
11/23- وَعَنِ ابْنِ عَبَّاس وأنس بن مالك أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَالَ: لَوْ أَنَّ لابْنِ آدَمَ وَادِياً مِنْ ذَهَبِ أَحَبَّ أَنْ يَكُونَ لَهُ وادِيانِ، وَلَنْ يَمْلأَ فَاهُ إِلاَّ التُّرَابُ، وَيَتُوب اللَّهُ عَلَى مَنْ تَابَ مُتَّفَقٌ عَليْهِ.
12/24- وَعَنْ أبي هريرة أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَالَ: يَضْحكُ اللَّهُ إِلَى رَجُلَيْنِ يقْتُلُ أحدُهُمَا الآخَرَ يدْخُلاَنِ الجَنَّة، يُقَاتِلُ هَذَا في سبيلِ اللَّهِ فيُقْتل، ثُمَّ يَتُوبُ اللَّهُ عَلَى الْقَاتِلِ فَيسْلِمُ فيستشهدُ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.

الشيخ:
الحمد لله، وصلى الله وسلم على رسول الله، وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه.
أما بعد:
فهذه الأحاديث الثلاثة كلها تتعلق بالتوبة كالأحاديث السابقة والتوبة من أهم الواجبات، ومن أفضل نعم الله على العباد أن الله جعل لهم فرجًا من الذنوب بالتوبة، لو كان الإنسان إذا أذنب ما في حيلة لكان الحرج عظيمًا! ولكن من رحمة الله أن فتح باب التوبة وجعل للمذنبين فرجًا وللكافرين فرجًا؛ فمن تاب تاب الله عليه كما قال جل وعلا: أَفَلا يَتُوبُونَ إِلَى اللَّهِ وَيَسْتَغْفِرُونَهُ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ [المائدة:74] وقال تعالى: وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ [النور:31]، وقال تعالى:  يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَصُوحًا [التحريم:8]، وقال تعالى: قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ [الزمر:53] يعني للتائبين فلا يجوز القنوط واليأس، بل يجب التوبة والبدار بها والله يتوب على من تاب كما قال رسول الله ﷺ: ويتوب الله على من تاب من تاب إليه توبة صادقة تاب الله عليه ومحا سيئاته. وفي حديث عمران بن حصين عن أبيه أن امرأة من جهينة وبعض الروايات من غامد أتت النبي ﷺ وقالت: يا رسول الله، إني أصبت حدًا فأقمه عليّ، وفي رواية: إني زنيت فأقم عليّ الحد، وكانت حبلى، وقال النبي ﷺ لوليها: أحسن إليها فإذا وضعت فائتني بها فلما وضعت وفطمت جنينها أمر ﷺ بإقامة الحد عليها برجمها؛ لأنها كانت محصنة فرجمت كما رجم النبي ﷺ ماعزًا لما جاءه تائبًا رجمه عليه الصلاة والسلام، فدل ذلك على أن من تاب من الذنب وجاء يطلب إقامة الحد يقام عليه الحد، ومن تاب بينه وبين الله وستره الله فلا حاجة يكفيه التوبة والحمد لله، ولهذا في حديث عبادة بن الصامت قال رسول الله ﷺ: من أدركه الله في الدنيا كان كفارة لها، ومن ستره الله في الدنيا فأمره إلى الله، إن شاء الله غفر له، وإن شاء عذبه فالمقصود أن العبد في الدنيا إذا تاب تاب الله عليه، وإن مات على ذنبه فأمره إلى الله تحت مشيئة الله جل وعلا، كما قال سبحانه: إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ [النساء:48] تحت مشيئة الله إن شاء غفر له، وإن شاء عذبه، لكن من تاب تاب الله عليه كما قال النبي ﷺ: ويتوب الله على من تاب وتقدمت الآيات في التوبة.

فالواجب على المؤمن أن يعتني بالتوبة وأن يحرص عليها وأن يبادر إليها كلما وقع في الذنب، ومن طبيعة ابن آدم حب الدنيا، يقول ﷺ: لو أعطي ابن آدم واديين من مال لابتغى لهما ثالثًا، ولا يملأ جوف ابن آدم إلا التراب ويتوب الله على من تاب فالمؤمن يحرص ويحذر شر الذنوب ويبادر إلى التوبة منها ومن تاب تاب الله عليه سبحانه وتعالى.

كذلك حديث: قوله ﷺ: يضحك الله إلى رجلين يقتل أحدهما الآخر كلاهما يدخل الجنة هذا فيه وصف الله بالضحك، وهو يضحك لا كضحكنا، سبحانه وتعالى يضحك ويرضى ويغضب على الوجه اللائق به سبحانه لا يشابه الخلق في شيء من صفاته جل وعلا كما قال سبحانه: لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ [الشورى:11] يضحك الله إلى رجلين يقتل أحدهما الآخر يعني في سبيل الله، ثم يسلم الكافر ويموت على الإيمان كلاهما يدخل الجنة القاتل والمقتول، فالمقتول في سبيل الله شهيد يدخل الجنة، ثم الكافر يسلم فيموت مسلمًا أو يقاتل ويستشهد فيدخل الجنة كما دخلها مقتوله السابق، كلاهما يجتمعان في الجنة القاتل والمقتول، فالأول قتل في سبيل الله، والثاني أسلم ومات وقتل في سبيل الله بعد العداوات الشديدة، تاب الثاني وهداه الله ثم قتل شهيدًا أو مات على فراشه فدخل الجنة، فهذا يدل على أن من تاب توبة صادقة من ذنوبه حتى من الشرك أدخله الله الجنة، فنسأل الله أن يوفقنا وإياكم للمسارعة إلى طاعة الله والحذر من معاصيه، المؤمن يحذر الذنوب؛ لأنه قد يبتلى بالذنوب ولا يوفق للتوبة ولا حول ولا قوة إلا بالله.
فالواجب الحذر فإذا بلي بالذنوب فليبادر بالتوبة، ولا يؤجل، بل يسارع إليها، ويبادر بها قبل أن يحال بينه وبين ذلك، فنوصي الجميع بتقوى الله والتوبة إليه ورحمة الفقراء والمحاويج؛ فإن التوبة والرحمة للفقراء من أسباب غيث الله ورحمته، فنوصي الجميع بالتوبة إلى الله والمبادرة بالتوبة من الذنوب والندم والإقلاع على أن لا يعود، وكذلك بكثرة الاستغفار والدعاء والرحمة للفقراء، نسأل الله أن يتوب على الجميع، وأن يغيث المسلمين غيثًا مباركًا، وأن يصلح القلوب والأعمال، وأن يكفينا شر الذنوب إنه سميع قريب، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وأصحابه.

الأسئلة:

س: شخص سرق مالاً من أحد أقاربه ثم قام بالتصدق عنهم بنية التصدق عنهم؟
ج: لا، يعطيهم إياه ما يكفي، يرد عليهم أموالهم ولو من طريق آخر ولو ما بين نفسه.
س: حتى ولو كانت قليلة؟
ج: ولو، يردها عليه ولو من طريق آخر، ما هو بلازم يقول: هذا مني قل: هذا مال لكم عند إنسان أعطانيه أوصله لكم.