12 باب الصبر

 
باب الصبر
قال الله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابِطُوا [آل عمران:200]، وقال تعالى: وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الأَمْوَالِ وَالأَنفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ [البقرة:155]، وقال تعالى: إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ [الزمر:10]، وقال تعالى: وَلَمَنْ صَبَرَ وَغَفَرَ إِنَّ ذَلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الأُمُورِ [الشورى:43]، وقال تعالى: اسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلاةِ إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ [البقرة:153]، وقال تعالى: وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ حَتَّى نَعْلَمَ الْمُجَاهِدِينَ مِنْكُمْ وَالصَّابِرِينَ [محمد:31]،والآيات في الأمر بالصبر وبيان فضله كثيرة معروفة.
1/25- وعن أبي مَالِكٍ الْحَارِثِ بْنِ عَاصِم الأشْعريِّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: الطُّهُورُ شَطْرُ الإِيمَان، وَالْحَمْدُ للَّه تَمْلأَ الْميزانَ وسُبْحَانَ الله والحَمْدُ للَّه تَمْلآنِ أَوْ تَمْلأ مَا بَيْنَ السَّموَات وَالأَرْضِ وَالصَّلاَةِ نورٌ، والصَّدَقَةُ بُرْهَانٌ، وَالصَّبْرُ ضِيَاءٌ، والْقُرْآنُ حُجَّةُ لَكَ أَوْ عَلَيْكَ. كُلُّ النَّاس يَغْدُو، فَبِائِعٌ نَفْسَهُ فمُعْتِقُها، أَوْ مُوبِقُهَا رواه مسلم.
 2/26- وَعَنْ أبي سَعيدٍ بْن مَالِك بْن سِنَانٍ الخُدْرِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَنَّ نَاساً مِنَ الأنصَارِ سَأَلُوا رَسُولَ الله ﷺ فأَعْطاهُم، ثُمَّ سَأَلُوهُ فَأَعْطَاهُمْ، حَتَّى نَفِد مَا عِنْدَهُ، فَقَالَ لَهُمْ حِينَ أَنَفَقَ كُلَّ شَيْءٍ بِيَدِهِ: مَا يَكُنْ مِنْ خَيْرٍ فَلَنْ أدَّخِرَهُ عَنْكُمْ، وَمَنْ يسْتعْفِفْ يُعِفَّهُ اللهُ وَمَنْ يَسْتَغْنِ يُغْنِهِ اللَّهُ، وَمَنْ يَتَصَبَّرْ يُصَبِّرْهُ اللَّهُ. وَمَا أُعْطِىَ أَحَدٌ عَطَاءً خَيْراً وَأَوْسَعَ مِنَ الصَّبْرِ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.

الشيخ:
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله، وصلى الله وسلم على رسول الله، وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه.
أما بعد:
فهذه الآيات الكريمات والحديثان الشريفان كلها تتعلق بالصبر، فالصبر أمره عظيم وفائدته كبيرة، وهو واجب على المسلم، وهو ثلاثة أنواع:
صبر على ما أوجب الله.
وصبر عن ما حرم الله.
وصبر على المصائب المؤلمة من مرض وغيره.
والواجب على المؤمن القيام بها كلها، عليه أن يصبر حتى يؤدي ما أوجب الله عليه من صلاة وغيرها، وعليه أن يصبر حتى يكف عن محارم الله، وعليه أن يصبر عند المصائب فلا يجزع ولا يقل ما لا ينبغي ولا يفعل ما لا ينبغي قال تعالى: وَاصْبِرُوا إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ [الأنفال:46] وقال سبحانه: وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الأَمْوَالِ وَالأَنفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ [البقرة:155]، وقال تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابِطُوا [آل عمران:200]، وقال تعالى: اسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلاةِ [البقرة:153]، وقال سبحانه: إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ [الزمر:10]، وقال جل وعلا: وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ حَتَّى نَعْلَمَ الْمُجَاهِدِينَ مِنْكُمْ وَالصَّابِرِينَ وَنَبْلُوَ أَخْبَارَكُمْ [محمد:31]، والآيات في الصبر كثيرة جداً، وهي دالة على وجوبه وفضله، وأن أهله يجاوزن الجزاء الأوفى إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ [الزمر:10] فالواجب على كل مؤمن ومؤمنة الصبر في كل شيء: الصبر في أداء الواجب، أداء الصلاة، أداء الزكاة، أداء الصوم، حج البيت مع الاستطاعة، الصبر على بر الوالدين، على صلة الرحم، الصبر على الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، الصبر على غير هذا مما شرعه الله.
وهكذا يجب الصبر عن محارم الله، يجب أن يكف عما حرم الله من سائر المعاصي، كما يجب أن يكف عن الشرك الذي هو أعظم الذنوب، وهكذا بقية المعاصي، يجب أن يصبر عنها، عن الزنا والسرقة والغيبة والنميمة والربا والعقوق وغيرها. يجب أن يكون صابرًا بعيدًا عن محارم الله!.
وهكذا عند المصائب وهو النوع الثالث الصبر عند المصائب، فلا يجزع بل يطمئن قلبه فلا يشق ثوبًا ولا ينتف شعرًا ولا يتكلم بما لا ينبغي، ولهذا يقول ﷺ: أنا بريء من الصالقة والحالقة والشاقة الصالقة التي  ترفع صوتها عند المصيبة، والحالقة التي تحلق شعرها عند المصيبة، والشاقة التي تشق ثوبها عند المصيبة. ويقول عليه الصلاة والسلام: ليس منا من شق الجيوب أو دعا بدعوى الجاهلية فالواجب على المؤمن أن يكون ثابت الجأش ثابت القلب طيب اللسان طيب الجوارح عند المصائب، هكذا المؤمن في جميع أحواله صبور عند طاعة الله صبور عن محارم الله صبور عند المصائب ليس منا من لطم الخدود أو شق الجيوب أو دعا بدعوى الجاهلية.

الحديث الأول
 ويقول ﷺ في حديث الحارث الأشعري: الطهور شطر الإيمان الطهور يعني التطهر من الجنابة التطهر بالوضوء شطر الإيمان، والحمد لله تملأ الميزان، وسبحان الله والحمد لله تملآن ما بين السماء والأرض، والصلاة نور، والصدقة برهان، والصبر ضياء فالمؤمن يتحرى الصبر فهو نور له، والصوم جنة، والصبر ضياء.
 فينبغي لك يا عبد الله أن تجتهد في الصبر، وهو ضياء لك ونور في قلبك ونور لك يوم القيامة، والقرآن حجة لك أو عليك، حجة لك إن عملت به وأطعت الله واستقمت على معانيه وحجة عليك إن ضيعته.
كل الناس يغدو يعني في هذه الدار يعني يغدو ويروح فبائع نفسه إما على الله وإما على الشيطان، إما على الله فيعتقها وإما على الشيطان فيهلكها ويوبقها نسأل الله العافية.
فعليك يا عبد الله، أن تجتهد في الصبر على طاعة ربك والصبر عن محارمه والصبر على المصائب.

الحديث الثاني
وفي حديث أبي سعيد رضي الله عنه أن الأنصار يعني بعض الأنصار جاءوا إلى النبي ﷺ فسألوه فأعطاهم، ثم سألوه فأعاطهم عليه الصلاة والسلام، ثم قال لهم: ما يكن عندي من خير فلن أدخره دونكم، ومن يتصبر يصبره الله، ومن يستعفف يعفه الله، ومن يستغن يغنه الله، وما أعطي أحد عطاء خيرًا وأوسع من الصبر فيه فضل الصبر ما أعطي أحد عطاء خيرًا وأوسع من الصبر يقول ﷺ في الحديث الصحيح: عجبًا لأمر المؤمن إن أمره  كله له خير! إن أصابته ضراء صبر فكان خيرًا له، وإن أصابته سراء شكر فكان خيرًا له، وليس ذلك لأحد إلا للمؤمن!، فالمؤمن يجاهد نفسه دائمًا فيكون صبورا عند البلاء شكورا عند الرخاء، حافظًا لسانه وجوارحه عند المصائب، نسأل الله للجميع التوفيق والهداية.

الأسئلة:

س: أنواع الصبر؟
ج: الصبر على الطاعة، ثم الصبر على المعصية، ثم الصبر على المصائب، كلها واجبة.
س: بعض الناس يقول: يا صبر أيوب؟
ج: يقول يا الله وفقني ما هو يا صبر، الصبر ما يدعى. يقول: اللهم ارزقني الصبر الجميل هذا طيب. أو يقول: اللهم ألهمني الصبر على طاعتك، والصبر عن محارمك، ولا يسأل البلاء يقول: اللهم ارزقني الصبر على ما قضيت لي، والصبر على ما أمرتني، والصبر عما حرمت عليّ، يسأل ربه أنواع الصبر كلها؛ لأنه في حاجة إليها كلها.