13 من حديث ( عجباً لأمر المؤمن إن أمره كله له خير..)

 
3/27- وَعَنْ أبي يَحْيَى صُهَيْبِ بْنِ سِنَانٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله ﷺ: عَجَباً لأمْرِ الْمُؤْمِنِ إِنَّ أَمْرَهُ كُلَّهُ لَهُ خَيْرٌ، وَلَيْسَ ذَلِكَ لأِحَدٍ إِلاَّ للْمُؤْمِن: إِنْ أَصَابَتْهُ سَرَّاءُ شَكَرَ فَكَانَ خَيْراً لَهُ، وَإِنْ أَصَابَتْهُ ضَرَّاءُ صَبَرَ فَكَانَ خيْراً لَهُ. رواه مسلم.
4/28- وعنْ أَنسٍ قَالَ: لمَّا ثقُلَ النَّبِيُّ ﷺ جَعَلَ يتغشَّاهُ الكرْبُ فقَالتْ فاطِمَةُ رَضِيَ الله عنْهَا: واكَرْبَ أبَتَاهُ، فَقَالَ: ليْسَ عَلَى أَبيكِ كرْبٌ بعْدَ اليَوْمِ فلمَّا مَاتَ قالَتْ: يَا أبتَاهُ أَجَابَ رَبّاً دعَاهُ، يَا أبتَاهُ جنَّةُ الفِرْدَوْسِ مأوَاهُ، يَا أَبَتَاهُ إِلَى جبْريلَ نْنعَاهُ، فلَمَّا دُفنَ قالتْ فاطِمَةُ رَضِيَ الله عَنهَا: أطَابتْ أنفسُكُمْ أَنْ تَحْثُوا عَلَى رسُول الله ﷺ التُّرابَ؟ روَاهُ البُخاريُّ.
5/29- وعنْ أبي زيْد أُسامَة بن زيد حَارثَةَ موْلَى رسُول الله ﷺ وحبَّهِ وابْنِ حبِّهِ رضيَ اللهُ عنهُمَا، قالَ: أَرْسلَتْ بنْتُ النَّبِيِّ ﷺ: إنَّ ابْنِي قَدِ احتُضِرَ فاشْهدْنَا، فأَرسَلَ يقْرِئُ السَّلامَ ويَقُول: إنَّ للَّه مَا أَخَذَ، ولهُ مَا أعْطَى، وكُلُّ شَيْءٍ عِنْدَهُ بأجَلٍ مُسمَّى، فلتصْبِر ولتحْتسبْ فأرسَلَتْ إِليْهِ تُقْسمُ عَلَيْهِ ليأْتينَّها. فَقَامَ وَمَعَهُ سَعْدُ بْنُ عُبادَةَ، وَمُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ، وَأُبَيُّ بْنَ كَعْبٍ، وَزَيْدُ بْنِ ثاَبِتٍ، وَرِجَالٌ ، فَرُفِعَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ الصبيُّ، فأقعَدَهُ في حِجْرِهِ ونَفْسُهُ تَقعْقعُ، فَفَاضتْ عَيْناهُ، فقالَ سعْدٌ: يَا رسُولَ الله مَا هَذَا؟ فقالَ: هَذِهِ رَحْمةٌ جعلَهَا اللَّهُ تعَالَى في قُلُوبِ عِبَادِهِ وفي روِايةٍ: فِي قُلُوبِ منْ شَاءَ مِنْ عِبَادِهِ وَإِنَّمَا يَرْحَمُ اللَّهُ منْ عِبَادِهِ الرُّحَمَاءَ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.

الشيخ:
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله، وصلى الله وسلم على رسول الله، وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه، أما بعد:
فهذه الأحاديث الثلاثة كالتي قبلها فيها الحث على الصبر والاحتساب عند المصائب، وأن الواجب على كل مؤمن ومؤمنة عند المصيبة الصبر وعدم الجزع، فهذه أمور كتبها الله وقدرها لا حيلة فيها، فالواجب عند المصيبة الصبر وعند النعمة الشكر، وهذه دار الابتلاء والامتحان ولهذا يقول جل وعلا: إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ [الزمر:10] ويقول سبحانه: وَاصْبِرُوا إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ [الأنفال:46] ويقول لنبيه عليه الصلاة والسلام: وَاصْبِرْ وَمَا صَبْرُكَ إِلَّا بِاللَّهِ [النحل:127] فالمؤمن لا بدّ أن يبتلى تارة في نفسه وتارة في أولاده وتارة في أقاربه تارة في أحبائه وتارة في المسلمين، لا بدّ من الصبر ولهذا يقول ﷺ: عجبًا لأمر المؤمن إن أمره كله له خير، وليس ذلك لأحد إلا للمؤمن، إن أصابته ضراء صبر فكان خيرًا له، وإن أصابته سراء شكر فكان خيرًا له هكذا المؤمن صبور عند البلاء شكور عند الرخاء، والصبر عند البلاء وهو أن يكف لسانه عما لا ينبغي ويكف جوارحه عما لا ينبغي ويكون قلبه مطمئنًا شرحًا لا جزعًا هذا الصبر، أما الجزع فلا يرد عن صاحبه شيئًا يأثم بلا فائدة شق الثوب، لطم الخد الصياح النياحة، كل هذه منكر ولا ينفع يأثم ولا ينفعه؛ ولهذا يقول ﷺ: ليس منا من ضرب الخدود أو شق الجيوب أو دعا بدعوى الجاهلية ويقول ﷺ: أنا بريء من الصالقة والحالقة والشاقة الصالقة التي ترفع صوتها عند المصيبة، والحالقة التي تحلق شعرها عند المصيبة، والشاقة التي تشق ثوبها عند المصيبة، وأخذ على النساء عند البيعة ألا ينحن على أمواتهن، ولما اشتد به الكرب عند موته عليه الصلاة والسلام أصابه شدة عند موته عليه الصلاة والسلام وكان يضع يده في الماء ثم يرفعها ويقول: إن للموت لسكرات عليه الصلاة والسلام فلما رأت ذلك فاطمة قال: واكرب أبتاه! يعني وشدة كربته، فقال ﷺ: ليس على أبيك كرب بعد اليوم! يعني نهاية الكرب الدنيا، ما يقع عند الموت من الشدة وبعدها المؤمن في راحة في قبره، وبعد ذلك في الجنة، فما يلقى من الشدة عند الموت تكفر بها الخطايا وترفع بها الدرجات، وليس على المؤمن كرب بعد ذلك. وقالت: يا أبتاه أجاب ربًا دعاه! المقصود  أنه من باب التوجع، وأبتاه يعني تتوجع مما أصابه عليه الصلاة والسلام، ثم قال: جنة الفردوس مأواه، والمقصود أن هذا مما يسلي المؤمن ويعزيه ويكون المؤمن ليس عليه كرب بعد اليوم نهاية كرب المؤمن عند الموت، ثم له الراحة في قبره  وفي دار كرامته في الجنة فهذه نهاية المؤمن.

وفي الحديث الثالث أن إحدى بناته ﷺ دعته للحضور عندها لأجل مرض ابنها؛ فدعت أباها ليحضر حتى يطمئنهم ويسليهم ويعزيهم فقال لمبعوثها لرسولها: قل لها تصبر وتحتسب؛ فإن لله ما أخذ وله ما أعطى وكل شيء عنده بأجل مسمى، فلتصبر ولتحتسب، فردت عليه مندوبها تقسم عليه وتقول أنه يحضر عليه الصلاة والسلام لما عندها من الشدة بسبب مرض الولد، فقام ﷺ إليها وأجابها، هذا من تواضعه ﷺ وعنايته بأهله ورحمته لهم عليه الصلاة والسلام؛ لما أقسمت أجابها قام إليها عليه الصلاة والسلام، وقام معه جماعة من الصحابة سعد بن عبادة، ومعاذ بن جبل، وأبي بن كعب.. جماعة فحضروا عندها، وقدموا له الصبي فإذا نفسه تقعقع عند الخروج قد احتضر نفسه قد قاربت الخروج يعني الموت، فلما رأى ما به من الشدة وقرب خروج روحه بكى عليه الصلاة والسلام دمعت عيناه، فقال له سعد بن عبادة: يا رسول الله، ما هذا؟ يعني ما هذا البكاء، فقال: إنما هي رحمة وإنما يرحم الله من عباده الرحماء وكون الإنسان يبكي عند الموت بدمع العين لا بأس لا حرج، هذا من الرحمة والله يرحم الرحماء ؛ ولهذا لما مات ابنه إبراهيم عليه الصلاة والسلام قال: العين تدمع، والقلب يحزن، ولا نقول إلا ما يرضي الرب، وإنا بفراقك يا إبراهيم لمحزونون دمع العين وحزن القلب لا يضر، إنما المنهي عنه رفع الصوت، الصراخ والصياح وشق الثوب ولطم الخد هذا المنهي عنه، أما كون العين تدمع عند المصيبة فلا حرج في ذلك. وفق الله الجميع.

الأسئلة:

س: إذا أحس الإنسان بألم وأخبر من حوله هل يعتبر من الجزع؟
ج: لا ما هو من الجزع لا بأس، النبي ﷺ قال: واكرباه هذا نوع من الإخبار، وأم الطفل أخبرت أن ولدها في الاحتضار.
س: ومن قال يجب على الشخص أن يتحدى المرض؟
ج: يعني يصبر عبارته ما هي بزينة ويحتسب وإن تعالج فلا بأس، إن تعالج أو قرأ على نفسه أو قرأ عليه غيره فلا بأس. النبي عليه الصلاة والسلام رقي ورقى وعالج والصحابة عالجوا لا بأس الحمد لله.
س: وما ينبغي أن يقول هذه العبارة؟
ج: لا هي عبارة سقيمة عبارة عامية، الصبر والاحتساب طيب لا بأس، وإن داوى وعالج فلا بأس، العلاج سنة مستحب.