60 من: (باب في الأمر بالمحافظة على السنة وآدابها)

16- باب في الأمر بالمحافظة عَلَى السُّنَّة وآدابِها
قَالَ الله تَعَالَى: وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا [الحشر:7]،وَقالَ تَعَالَى: وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى ۝ إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى [النجم:3-4]،وَقالَ تَعَالَى: قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ [آل عمران:31]، وَقالَ تَعَالَى: لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ [الأحزاب:21]، وَقالَ تَعَالَى: فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجاً مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيماً [النساء:65]، وقال الله تَعَالَى: فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ [النساء:59] قَالَ العلماء: معناه إِلَى الكتاب والسُنّة. وَقالَ تَعَالَى: مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ [النساء:80]، وَقالَ تَعَالَى: وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ [الشورى:52]، وَقالَ تَعَالَى: فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ [النور:63]، وَقالَ تَعَالَى: وَاذْكُرْنَ مَا يُتْلَى فِي بُيُوتِكُنَّ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ وَالْحِكْمَةِ [الأحزاب:34] والآيات في الباب كثيرة.

وَأَما الأحاديث:
1/156- فالأَوَّلُ: عنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عن النبيِّ ﷺ قَالَ: دَعُونِي مَا تَرَكتُكُمْ: إِنَّما أَهْلَكَ مَنْ كَانَ قبْلكُم كَثْرةُ سُؤَالِهمْ، وَاخْتِلافُهُمْ عَلَى أَنْبيائِهمْ، فَإِذا نَهَيْتُكُمْ عنْ شَيْءٍ فاجْتَنِبُوهُ، وَإِذا أَمَرْتُكُمْ بأَمْرٍ فَأْتُوا مِنْهُ مَا اسْتَطَعْتُمْ متفقٌ عَلَيهِ.
2/157- [الثَّاني:] وعَنْ أَبِي نَجِيحٍ الْعِرْباضِ بْنِ سَارِيَة قَالَ: وَعَظَنَا رسولُ اللَّه ﷺ مَوْعِظَةً بَليغَةً وَجِلَتْ مِنْهَا الْقُلُوبُ وَذَرَفَتْ مِنْهَا الْعُيُون، فقُلْنَا: يَا رَسولَ اللَّه كَأَنَهَا موْعِظَةُ مُوَدِّعٍ فَأَوْصِنَا. قَالَ: أُوصِيكُمْ بِتَقْوى اللَّه، وَالسَّمْعِ وَالطَّاعَةِ وإِنْ تَأَمَّر عَلَيْكُمْ عَبْدٌ حبشيٌ، وَأَنَّهُ مَنْ يَعِشْ مِنْكُمْ فَسَيرى اخْتِلافاً كثِيرا. فَعَلَيْكُمْ بسُنَّتي وَسُنَّةِ الْخُلُفَاءِ الرَّاشِدِينَ الْمَهْدِيِّينَ، عضُّوا عَلَيْهَا بالنَّواجِذِ، وإِيَّاكُمْ ومُحْدثَاتِ الأُمُورِ فَإِنَّ كُلَّ بِدْعَةٍ ضلالَةٌ " رواه أَبُو داود، والترمذِي وَقالَ حديث حسن صحيح.
3/158- [الثَّالِثُ:] وعَنْ أَبِي هريرةَ أَن رَسُولَ اللَّه ﷺ قالَ: كُلُّ أُمَّتِي يدْخُلُونَ الْجنَّةَ إِلاَّ مَنْ أَبِي قِيلَ وَمَنْ يَأَبى يَا رَسُول اللَّه؟ قالَ: منْ أَطَاعَنِي دَخَلَ الجنَّةَ، ومنْ عصَانِي فَقَدْ أَبِي رواه البخاري.

الشيخ:
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله، وصلى الله وسلم على رسول الله، وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه.
أما بعد:
فهذه الآيات الكريمات والأحاديث الصحيحة عن النبي ﷺ كلها تدل على وجوب العناية بالسنة، ووجوب تعظيمها واتباعها واللجوء إليها مع الكتاب العظيم والحذر من مخالفتهما هذا هو الواجب على جميع الأمة من الرجال والنساء من جن وإنس من عرب وعجم، الواجب على الجميع العناية بالقرآن والسنة، والرجوع إليهما في كل شيء، فإنهما الأصلان اللذان بهما الهدى والسداد وبهما العاقبة الحميدة فلا يجوز لأحد أن يخرج عن كتاب الله وسنة رسوله ﷺ لا في قول ولا في عمل، بل يجب اتباع الكتاب والسنة في كل ما يأتي العبد ويذر  في العبادات وغيرها كما قال الله جل وعلا: وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا [الحشر:7] وقال جل  وعلا: قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ [آل عمران:31] وقال جل وعلا: وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَى ۝ مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَى ۝ وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى ۝ إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى [النجم:1-4] وقال جل وعلا: فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ [النور:63] وقال تعالى: أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ [النساء:59] وقال تعالى: مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ [النساء:80] في آيات كثيرات كلها تدل على وجوب طاعة الله ورسوله، ووجوب تحكيم الكتاب والسنة، ووجوب الحذر مما يخالفهما لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ [الأحزاب:21] ويقول ﷺ: كل أمتي يدخلون الجنة إلا من أبى قالوا: يا رسول ومن يأبى؟ قال: من أطاعني دخل الجنة ومن عصاني فقد أبى ويقول ﷺ : ذروني ما تركتكم فإنما أهلك من كان قبلكم كثرة مسائلهم واختلافهم على أنبيائهم، فما نهيتكم عنه فاجتنوه، وما أمرتكم به فأتوا به ما استطعتم هذا الواجب ما نهى عنه الله عنه ورسوله يجب اجتنابه وما أمر الله به ورسوله يجب أن يؤدوا حسب الطاقة فاتقوا الله ما استطعتم هذا هو الواجب على الجميع أن يتقوا الله وأن يؤدوا ما أوجب الله حسب ما شرعه الله جل وعلا.
ويقول ﷺ: كل أمتي يدخلون الجنة إلا من أبى قالوا: يا رسول الله من يأبى؟ قال: من أطاعني دخل الجنة ومن عصاني فقد أبى.
ووعظ الصحابة ذات يوم موعظة بليغة، فقالوا: يا رسول الله، كأنها موعظة مودع! يعني كأن هذه الموعظة موعظة مودع؛ لأن المودع يجتهد في الموعظة والوصية فأوصنا قال: أوصيكم بتقوى الله وهي توحيده وطاعته تقوى الله هي توحيده وطاعته والاستقامة على دينه، والسمع والطاعة يعني لولاة الأمور يعني بالمعروف وإن تأمر عليكم عبد حبشي فالواجب السمع والطاعة لولي الأمر ولأمرائه في المعروف إنما الطاعة بالمعروف.
قال: وعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي، تمسكوا بها وعضوا عليها بالنواجذ، وإياكم ومحدثات الأمور؛ فإن كل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة فأمرهم ﷺ بالتقوى أن يلزموا التقوى وأن يستقيموا على التقوى والسمع والطاعة لولاة الأمور بالمعروف، وأن يلزموا سنة الخلفاء الراشدين من بعده، يتمسكون بسنته وسنة الخلفاء الراشدين؛ وهم الصديق وعمر وعثمان وعلي ، ومن سلك سبيلهم كعمر بن عبدالعزيز وغيره من أئمة الهدى، وأخبر أن من يعش من الناس من الصحابة سوف يرى اختلافًا كثيرًا وقد وقع، وقع في زمن مقتل عثمان، ثم ما جرى في مقتلة يزيد بن معاوية وغير ذلك مما جرى من المحن. فأرشدهم عند الاختلاف أن يلزموا السنة عند اختلاف الناس وعند وجود الفتن أوصى بالسنة هكذا عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي.
وهكذا أوصى الله جل وعلا قال: فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ [النساء:59] وقال جل وعلا: وَمَا اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ مِنْ شَيْءٍ فَحُكْمُهُ إِلَى اللَّهِ [الشورى:10] وقال سبحانه: فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا [النساء:65] وقال سبحانه: تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ ۝ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ نَارًا خَالِدًا فِيهَا وَلَهُ عَذَابٌ مُهِينٌ [النساء:13-14] وعلى أهل العلم أن يبينوا للناس وأن يوضحوا للناس، وأن يرشدوهم حتى يعلموا حكم فيما يقع من الاختلافات والشرور حتى يلزموا الحق ويستقيموا عليه ويحذروا طاعة الهوى والشيطان.
وفق الله الجميع.

الأسئلة:

س:القول : إنما أهلك من كان قبلكم كثرة سؤالهم، يعني؟
ج: يتعنتون يسألون أنبيائهم تعنتًا ويختلفون عليهم، الإنسان لا يسأل إلا عند حاجته، حاجته للعلم أما التعنت والتكلف لا ولهذا قال جل وعلا: لَا تَسْأَلُوا عَنْ أَشْيَاءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ [المائدة:101].
س: ما رأي سماحتكم أن رجلا لدية معاملة في دائرات حكومية وعطل هذا الشخص هذه المعاملة مدة طويلة فهل يجوز أن يدفع لموظف الذي أخر المعاملة لتخليص المعاملة علما بأنها ليست لها ضرر بالأخرين، وهل تعتبر هذه رشوة؟
ج: لا يجوز إعطاء الموظف شيئا، لأن إعطاء الموظف شيئا معناه التسبب في تعطيل معاملة الأخرين وتعجيل معاملة صاحب الرشوة، لا يعطون ولكن يلاحظون حتى يعملوا ما يلزم، لكن البقششة لبعض الموظفين ما تصلح.
س: هل يبلغ عنهم؟
ج: إن بلغ عنهم جزاه الله خيرا، لكن يخاف إن بلغ عنهم يزدادون شرا.
س: بعض الجماعات الإسلامية تدعي بأنها ملتزمة بالكتاب والسنة، وكلهم متفرقون؟
ج: ينصحون على من يعرف حالهم من أهل العلم نصحهم حتى يجتمعوا على الحق أما يكونوا أحزاب وفرق ما يصلح.
س: ما هو ضابط الاجتماع؟
ج: على الكتاب والسنة إذا كانت دعوتهم كلهم على الكتاب والسنة لا يختلفون هذا الضابط.
س: ما المقصود في الحكمة في قوله: وَاذْكُرْنَ مَا يُتْلَى فِي بُيُوتِكُنَّ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ وَالْحِكْمَةِ [الأحزاب:34] ؟
ج: الحكمة السنة.
س:  معنى قوله في الحديث: واختلافهم على أنبيائهم؟
ج:يعني مخالفتهم، الأنبياء يقولون شيء، وهم يقولون شيء آخر يخالفونهم، هذا الذي أهلكهم مخالفة الأنبياء.
س: بالنسبة لترك الرأس كله، يعني ما يحلقه هل هو سنة؟
ج: هو مباح، لو إنسان فعله اتباعا للنبي ﷺ وهو صادق ، لا بأس، ولكن لا يقصد به شيئا آخر كالتشبه بالنساء.
س: كل محدثة بدعة، صحيح؟
ج: الحديث في صحيح مسلم أيضاً فإن كل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة يعني الدين هذا هو المراد. ما هو بأمور الأكل والشرب والعادات، لا البدعة في الدين الحدث في الدين.
س: وهذا ثابت عن النبي ﷺ؟
ج: نعم في صحيح مسلم.
........