21 من حديث: (يا كعب؟ قال: لبيك يا رسول الله، قال: ضع من دينك هذا)

بَاب تَحْرِيمِ تِجَارَةِ الخَمْرِ فِي المَسْجِدِ
459 - حَدَّثَنَا عَبْدَانُ، عَنْ أَبِي حَمْزَةَ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ مُسْلِمٍ، عَنْ مَسْرُوقٍ، عَنْ عَائِشَةَ رضي الله تعالى عنها، قَالَتْ: «لَمَّا أُنْزِلَتِ الآيَاتُ مِنْ سُورَةِ البَقَرَةِ فِي الرِّبَا خَرَجَ النَّبِيُّ ﷺ إِلَى المَسْجِدِ فَقَرَأَهُنَّ عَلَى النَّاسِ، ثُمَّ حَرَّمَ تِجَارَةَ الخَمْرِ».

الشيخ: يعني بيان تحريم التجارة في الخمر، يعني بيان تحريمها، بين لهم تحريم الربا وتحريم الخمر؛ لأن الخمر تأخر تحريمها حتى نزلت سورة المائدة.
 
بَاب الخَدَمِ لِلْمَسْجِدِ
وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ رضي الله تعالى عنهما: "نَذَرْتُ لَكَ مَا فِي بَطْنِي مُحَرَّرًا: لِلْمَسْجِدِ يَخْدُمُه".
460 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ واقِدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ، عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ أَبِي رَافِعٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله تعالى عنه: أَنَّ امْرَأَةً، أو رَجُلًا - كَانَتْ تَقُمُّ المَسْجِدَ، ولاَ أُرَاهُ إِلَّا امْرَأَةً - فَذَكَرَ حَدِيثَ النَّبِيِّ ﷺ أَنَّهُ صَلَّى عَلَى قَبْرِه.

الشيخ: كما تقدم، نعم.
 
بَاب الأَسِيرِ أو الغَرِيمِ يُرْبَطُ فِي المَسْجِدِ
461 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا رَوْحٌ، ومُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ زِيَادٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله تعالى عنه، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ قَالَ: إِنَّ عِفْرِيتًا مِنَ الجِنِّ تَفَلَّتَ عَلَيَّ البَارِحَةَ - أو كَلِمَةً نَحْوَهَا - لِيَقْطَعَ عَلَيَّ الصَّلاَةَ، فَأَمْكَنَنِي اللَّهُ مِنْهُ، فَأَرَدْتُ أَنْ أَرْبِطَهُ إِلَى سَارِيَةٍ مِنْ سَوَارِي المَسْجِدِ حَتَّى تُصْبِحُوا، وتَنْظُرُوا إِلَيْهِ كُلُّكُمْ، فَذَكَرْتُ قَوْلَ أَخِي سُلَيْمَانَ: رَبِّ اغْفِرْ لِي وَهَبْ لِي مُلْكًا لَا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ مِنْ بَعْدِي  [ص: 35]. قَالَ رَوْحٌ: "فَرَدَّهُ خَاسِئًا".

الشيخ: وهذا يفيد فوائد، منها: أن الجن والشياطين قد يتمثلون، وقد يبرزون لإيذاء المسلم، قد برز هذا الجني للنبي ﷺ لإيذائه، وفي اللفظ الآخر أنه أتى بشعلة من النار إلى وجه النبي ﷺ ليحرقه، قال الرسول ﷺ: فأعانني الله عليه فأخذته.. حتى سال لعابه على يدي، ولولا دعوة أخي سليمان لربطته بسارية من سواري المسجد حتى تنظروا إليه ثم أطلقه، ورده الله خاسئًا، وذكر دعوة أخيه سليمان رَبِّ اغْفِرْ لِي وَهَبْ لِي مُلْكًا لَا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ مِنْ بَعْدِي [ص: 35]؛ لأن الله سخر لسليمان الجن: وَحُشِرَ لِسُلَيْمَانَ جُنُودُهُ مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ وَالطَّيْرِ فَهُمْ يُوزَعُونَ [النمل: 17].
س: أحسن الله إليك، بعض الناس يحتج بهذا الحديث على جواز استئثاره بدعوة كأن يقول: رب هب لي حفظًا لا ينبغي لأحد من بعدي، أو رب هب لي علمًا لا يكون لأحد من بعدي؟
الشيخ: الظاهر أن هذا لا ينبغي، هذا خاص بسليمان، لا ينبغي أن يكون حسودًا بل يسأله ربه، ولا عليه من الناس.
وفيه: جواز ربط الأسير في المسجد كما ربط النبي ﷺ ثمامة.
س: هل يُشرع الدعاء بالأثر المروي عن عمر رضي الله عنه... وهو اللهم إن كتبتني شقيًّا....... واكتبني سعيدًا؟
الشيخ: هذا يروى عن ابن عمر.
الطالب: وإن كنت كتبتني سعيدًا.
الشيخ: هذا يروى عن ابن عمر، والأظهر أنه لا يشرع هذا الدعاء؛ لأن السعادة، والشقاوة قد كُتبت وفُرغ منها، لكن يقول: اللهم اهدني، اللهم أصلح قلبي، اللهم وفقني، وما أشبه ذلك.
س: أليس هو عن عمر؟
الشيخ: الذي أعرف أنه عن ابن عمر، لكن إذا كان رواه عن عمر يمكن... قوله تعالى: يَمْحُو اللَّهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ [الرعد: 39].
 
بَاب الِاغْتِسَالِ إِذَا أَسْلَمَ، ورَبْطِ الأَسِيرِ أَيْضًا فِي المَسْجِدِ
وَكَانَ شُرَيْحٌ يَأْمُرُ الغَرِيمَ أَنْ يُحْبَسَ إِلَى سَارِيَةِ المَسْجِدِ.
462 - حَدَّثَنَا عَبْدُاللَّهِ بْنُ يُوسُفَ، قَالَ: حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، قَالَ: حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي سَعِيدٍ، سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ رضي الله تعالى عنه، قَالَ: بَعَثَ النَّبِيُّ ﷺ خَيْلًا قِبَلَ نَجْدٍ، فَجَاءَتْ بِرَجُلٍ مِنْ بَنِي حَنِيفَةَ يُقَالُ لَهُ: ثُمَامَةُ بْنُ أُثَالٍ، فَرَبَطُوهُ بِسَارِيَةٍ مِنْ سَوَارِي المَسْجِدِ، فَخَرَجَ إِلَيْهِ النَّبِيُّ ﷺ فَقَالَ: أَطْلِقُوا ثُمَامَةَ، فَانْطَلَقَ إِلَى نَخْلٍ قَرِيبٍ مِنَ المَسْجِدِ، فَاغْتَسَلَ، ثُمَّ دَخَلَ المَسْجِدَ، فَقَالَ: أَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ.

الشيخ: هذه رواية مختصرة، والحديث حجة على ربط الأسير في المسجد؛ حتى يرى الناس، ويسمع الفائدة، ويسمع العلم، ويسمع القرآن، ويرى المصلين؛ يستفيد.
وهكذا أنزل النبي ﷺ وفد ثقيف في المسجد حتى يروا الناس يستفيدوا، ويسمعوا المواعظ، ويروا المصلين، ويكون سببًا لإسلامهم.
وثمامة قصته مثل ما تقدم: جاءت به الخيل فربطه في المسجد، وكان يمر عليه، ويقول: ما عندك يا ثمامة؟ فيقول: إن تقتل تقتل ذا دم، يعني: رجل عظيم في قومه،  وإن تُنعم تنعم على شاكر،  وإن تُرِد المال فسل تعطه، مر عليه ثلاثة أيام وهو يقول هذا الكلام، ثم أمر النبي به فأطلق فذهب إلى بستان حول المسجد واغتسل ثم جاء فأسلم، رضي الله عنه.
س: تقتل ذا دم أليس........؟
الشيخ: يعني ذا دم عظيم، رجل كبير في قومه.
س: أليس هو ممن قتل عددًا من الصحابة، بمعنى يستحق القتل؟
الشيخ: لا، ما بلغني، مقصوده: إن تقتل ذا دم، يعني: ذا دم رفيع في قومه.
س: كونه اغتسل من نفسه قبل أن يُسْلِم يدل على عدم وجوب الغسل؟
الشيخ: نعم، هذا من أدلة عدم الوجوب؛ لأن الرسول ما أمره، هو الذي راح، وفعل، ولم يأمره بعدما أسلم قال اغتسل.