22 من حديث: (أصيب سعد يوم الخندق في الأكحل، فضرب النبي صلى الله عليه وسلم خيمة في المسجد)

 
بَاب الخَيْمَةِ فِي المَسْجِدِ لِلْمَرْضَى وغَيْرِهِمْ
463 - حَدَّثَنَا زَكَرِيَّاءُ بْنُ يَحْيَى، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُاللَّهِ بْنُ نُمَيْرٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا هِشَامٌ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ رضي الله تعالى عنها، قَالَتْ: «أُصِيبَ سَعْدٌ يَوْمَ الخَنْدَقِ فِي الأَكْحَلِ، فَضَرَبَ النَّبِيُّ ﷺ خَيْمَةً فِي المَسْجِدِ، لِيَعُودَهُ مِنْ قَرِيبٍ، فَلَمْ يَرُعْهُمْ، وفِي المَسْجِدِ خَيْمَةٌ مِنْ بَنِي غِفَارٍ، إِلَّا الدَّمُ يَسِيلُ إِلَيْهِمْ، فَقَالُوا: يَا أَهْلَ الخَيْمَةِ، مَا هَذَا الَّذِي يَأْتِينَا مِنْ قِبَلِكُمْ؟ فَإِذَا سَعْدٌ يَغْذُو جُرْحُهُ دَمًا، فَمَاتَ فِيهَا».

الشيخ: وهذا فيه دلالة على جواز اتخاذ الخيمة في المسجد للاعتكاف أو لمريض أو لفقير، لا حرج في ذلك إن كان في المسجد سعة، مثل ما فعل النبي ﷺ واتخذ خيمة لسعد لما طعن في يوم الأحزاب رضي الله عنه.
س: هذا يدل على أن الدم ليس بنجس؟
الشيخ: الدم نجس عند جميع أهل العلم، هذا ما هو باختياره، سال بغير اختياره.
 
بَاب إِدْخَالِ البَعِيرِ فِي المَسْجِدِ لِلْعِلَّةِ
وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ رضي الله تعالى عنهما: «طَافَ النَّبِيُّ ﷺ عَلَى بَعِيرٍ».
464 - حَدَّثَنَا عَبْدُاللَّهِ بْنُ يُوسُفَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِالرَّحْمَنِ بْنِ نَوْفَلٍ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ زَيْنَبَ بِنْتِ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ رضي الله تعالى عنها، قَالَتْ: شَكَوْتُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ أَنِّي أَشْتَكِي قَالَ: طُوفِي مِنْ، ورَاءِ النَّاسِ، وأَنْتِ رَاكِبَةٌ فَطُفْتُ، ورَسُولُ اللَّهِ ﷺ يُصَلِّي إِلَى جَنْبِ البَيْتِ يَقْرَأُ بِالطُّورِ، وكِتَابٍ مَسْطُورٍ.

الشيخ: وهذا يدل على جواز دخول البعير المسجد للحاجة، وأم سلمة طافت من وراء الناس طواف الوداع وهي راكبة لأجل أنها مريضة؛ فدل ذلك على أن من عجز أو شقّ عليه الطواف يطوف راكبًا، والمرأة كذلك، والنبي ﷺ صلى بهم صلاة الفجر يوم الرابع عشر طاف للوداع في آخر الليل، ثم صلى بهم صلاة الفجر، وقرأ فيها بالطور: وَالطُّورِ * وَكِتَابٍ مَسْطُورٍ [الطور: 1 - 2] ثم بعد الصلاة ارتحل إلى المدينة في اليوم الرابع عشر عليه الصلاة والسلام.
وهكذا لو قُدّر أن إنسانًا خاف على بعيره، وجاء ليصلي مع الناس، وجعله في السرحة؛ لا حرج في ذلك؛ لأن البعير طاهر، وروثه طاهر، وبوله طاهر؛ فلا يضر؛ فما يؤكل لحمه بوله طاهر وروثه طاهر: البعير، والبقرة، والفرس، والغنم، كله طاهر.
 
بَاب
465 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ المُثَنَّى، قَالَ: حَدَّثَنَا مُعَاذُ بْنُ هِشَامٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ قَتَادَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَنَسُ رضي الله تعالى عنه: «أَنَّ رَجُلَيْنِ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ ﷺ خَرَجَا مِنْ عِنْدِ النَّبِيِّ ﷺ فِي لَيْلَةٍ مُظْلِمَةٍ، ومَعَهُمَا مِثْلُ المِصْبَاحَيْنِ يُضِيئَانِ بَيْنَ أَيْدِيهِمَا، فَلَمَّا افْتَرَقَا صَارَ مَعَ كُلِّ واحِدٍ مِنْهُمَا واحِدٌ حَتَّى أَتَى أَهْلَهُ».

الشيخ: وهذه من كرامات الأولياء، من الكرامات التي جعلها الله لبعض أوليائه، وعباده الصالحين، هذا أسيد بن حضير وعبّاد بن بشر، أتيا النبي ﷺ في الظُّلمة في الليل، فلما انصرفا، والليل مظلم؛ أضاء لهما أسواطُهما كالسِّرَاجين، كل واحد يضيء له سوطه حتى وصل إلى أهله، هذه من الكرامات التي يهبها الله لبعض أوليائه المؤمنين كما قال تعالى: أَلَا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ ۝  الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ ۝ لَهُمُ الْبُشْرَى [يونس: 62 - 64] الآية.
 
بَاب الخَوْخَةِ، والمَمَرِّ فِي المَسْجِدِ
466 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سِنَانٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا فُلَيْحٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو النَّضْرِ، عَنْ عُبَيْدِ بْنِ حُنَيْنٍ، عَنْ بُسْرِ بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ رضي الله تعالى عنه، قَالَ: خَطَبَ النَّبِيُّ ﷺ فَقَالَ: إِنَّ اللَّهَ خَيَّرَ عَبْدًا بَيْنَ الدُّنْيَا، وبَيْنَ مَا عِنْدَهُ فَاخْتَارَ مَا عِنْدَ اللَّهِ، فَبَكَى أَبُو بَكْرٍ رضي الله عنه، فَقُلْتُ فِي نَفْسِي: مَا يُبْكِي هَذَا الشَّيْخَ إِنْ يَكُنِ اللَّهُ خَيَّرَ عَبْدًا بَيْنَ الدُّنْيَا، وبَيْنَ مَا عِنْدَهُ؛ فَاخْتَارَ مَا عِنْدَ اللَّهِ؟ فَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ هُوَ العَبْدَ، وكَانَ أَبُو بَكْرٍ أَعْلَمَنَا، قَالَ: يَا أَبَا بَكْرٍ لاَ تَبْكِ، إِنَّ أَمَنَّ النَّاسِ عَلَيَّ فِي صُحْبَتِهِ ومَالِهِ أَبُو بَكْرٍ، ولَوْ كُنْتُ مُتَّخِذًا خَلِيلًا مِنْ أُمَّتِي لاَتَّخَذْتُ أَبَا بَكْرٍ، ولَكِنْ أُخُوَّةُ الإِسْلاَمِ ومَوَدَّتُهُ، لاَ يَبْقَيَنَّ فِي المَسْجِدِ بَابٌ إِلَّا سُدَّ، إِلَّا بَابُ أَبِي بَكْرٍ.

الشيخ: وهذا فيه فهم الصديق رضي الله عنه، وقوة فهمه، وأنه فهم من هذا أن الرسول ﷺ هو المخير، وأن الرسول اختار الرفيق الأعلى، اختار الآخرة؛ فبكى الصدِّيق رضي الله عنه.
س: حديث أنس الماضي في قصة المصباحين ما مناسبته لكتاب الصلاة؟
الشيخ: لعلهما حضرا مع النبي ﷺ الصلاة في الليل، العشاء يعني.
 
467 - حَدَّثَنَا عَبْدُاللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الجُعْفِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا وهْبُ بْنُ جَرِيرٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبِي، قَالَ: سَمِعْتُ يَعْلَى بْنَ حَكِيمٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله تعالى عنهما، قَالَ: خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ فِي مَرَضِهِ الَّذِي مَاتَ فِيهِ، عَاصِبٌ رَأْسَهُ بِخِرْقَةٍ، فَقَعَدَ عَلَى المِنْبَرِ، فَحَمِدَ اللَّهَ، وأَثْنَى عَلَيْهِ، ثُمَّ قَالَ: إِنَّهُ لَيْسَ مِنَ النَّاسِ أَحَدٌ أَمَنَّ عَلَيَّ فِي نَفْسِهِ، ومَالِهِ مِنْ أَبِي بكْرِ بْنِ أَبِي قُحَافَةَ، ولَوْ كُنْتُ مُتَّخِذًا مِنَ النَّاسِ خَلِيلًا لاَتَّخَذْتُ أَبَا بَكْرٍ خَلِيلًا، ولَكِنْ خُلَّةُ الإِسْلاَمِ أَفْضَلُ، سُدُّوا كُلَّ خَوْخَةٍ فِي هَذَا المَسْجِدِ غَيْرَ خَوْخَةِ أَبِي بَكْرٍ.

الشيخ: وهذا من الأحاديث التي احتج بها الصحابة على أنه أولاهم بالخلافة، ولهذا بايعوه رضي الله عنه على أنه الخليفة بعد رسول الله ﷺ، واحتجوا أيضاً بأن الرسول ﷺ جعله يصلي بهم مدة مرضه عليه الصلاة والسلام.
س: لو أن الإمام فتح بابًا من بيته على المسجد يُمنع من ذلك؟
الشيخ: لا حرج ، إذا كان بيته مجاورًا للمسجد.
س:...........................
الشيخ: التي على المسجد، التي شارعة من بيوت المجاورين، الأبواب التي على المسجد من بيوت المجاورين.
س: المسحور إذا طلق امرأته؟
الشيخ: إذا كان عقله معه؛ ينفذ الطلاق.
س: في كلام لشيخ الإسلام في الاقتضاء عن حديث: من سكن البادية جفا شيخ الإسلام ذكر في الاقتضاء، وقال رحمه الله: ولهذا روى أبو داود، وغيره من حديث الثوري حدثني أبو موسى عن وهب بن منبه، عن ابن عباس رضي الله عنهما، عن النبي ﷺ - قال سفيان مرة: ولا أعلمه إلا عن النبي ﷺ قال: من سكن البادية جفا، ومن اتبع الصيد غفل، ومن أتى السلطان افتتن.
ورواه أبو داود أيضا من حديث الحسن بن الحكم النخعي عن عدي بن ثابت عن شيخ من الأنصار، عن أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي ﷺ - بمعناه -، وقال ومن لزم السلطان افتتن، وزاد: وما ازداد عبد من السلطان دنوًّا إلا ازداد من الله عزوجل بُعدًا، ولهذا: كانوا يقولون لمن يستغلظونه: إنك لأعرابي جاف، إنك لجِلف جاف، يشيرون إلى غلظ عقله، وخلقه.
الشيخ: الطريقان كلاهما ضعيف، الثانية فيها شيخ مجهول، والأولى فيها أبو موسى، مجهول.
س: وطريق أحمد الأخير؟
الشيخ: كلاهما ضعيف.
س: السند هذا يا شيخ: حدثنا محمد قال: حدثنا إسماعيل بن زكريا عن الحسن بن الحكم النخعي عن عدي بن ثابت عن أبي حازم عن أبي هريرة.
الشيخ: يُنظر في الحسن بن الحكم أيش قال عليه؟
الطالب: الحسن بن الحكم هو النخعي أبو الحكم الكوفي صدوق يخطئ من السادسة.
الشيخ: هذا من التقريب؟
الطالب: نعم، وعدي بن ثابت ثقة رُمي بالتشيع من الرابعة.
الشيخ: ظاهر هذا أنه قد يشهد له البقية، ويشهد له الواقع؛ لأن السكنى في البادية لا شك أنها من أسباب الجفا، واتباع الصيد والشغل بالصيد غفلة، ولزوم السلاطين لا شك أنه من أسباب الفتنة يشهد بعضها لبعض.