173 من حديث: (لم يأكل النبي صلى الله عليه وسلم على خوان حتى مات، وما أكل خبزا مرققا حتى مات..)

 
4/494- وعن أَنسٍ قَالَ: "لَمْ يأْكُل النَّبِيُّ ﷺ عَلَى خوَانٍ حَتَّى مَات، وَمَا أَكَلَ خُبزًا مُرَقَّقًا حَتَّى مَاتَ" رواه البُخاري.
وفي روايةٍ لَهُ: "وَلا رَأَى شَاةً سَمِيطًا بِعَيْنِهِ قطُّ".
5/495- وعن النُّعمانِ بن بشيرٍ رضي اللَّه عنهما قَالَ: "لَقَدْ رَأَيْتُ نَبِيَّكُمْ ﷺ وَمَا يَجِدُ مِن الدَّقَلِ مَا يَمْلأُ بِهِ بَطْنَهُ" رواه مسلم.
6/496- وعن سهل بن سعدٍ قال: "ما رَأى رُسولُ الله ﷺ النَّقِيَّ منْ حِين ابْتعَثَهُ اللَّه تَعَالَى حتَّى قَبَضَهُ اللَّه تَعَالَى"، فقِيلَ لَهُ: هَلْ كَانَ لَكُمْ في عَهْد رسول اللَّه ﷺ مَنَاخِلُ؟ قَالَ: "مَا رَأى رسولُ اللَّه ﷺ مُنْخُلًا مِنْ حِين ابْتَعثَهُ اللَّه تَعَالَى حَتَّى قَبَضه اللَّه تَعَالَى"، فَقِيلَ لهُ: كَيْفَ كُنْتُمْ تَأْكُلُونَ الشَّعِيرَ غيرَ مَنْخُولٍ؟! قَالَ: "كُنَّا نَطْحَنُهُ ونَنْفُخُهُ، فَيَطِيرُ مَا طارَ، وَمَا بَقِيَ ثَرَّيْناهُ" رواه البخاري.

الشيخ:
اللهم صلِّ وسلِّم على رسول الله، وعلى آله وأصحابه.
أما بعد:
فهذه الأحاديث كالتي قبلها في الحثِّ على التَّقلل وعدم الانبساط في الدنيا؛ لأنَّها دار زوال، ودار نُقلة، ودار امتحان، ودار عمل، وليست دار متعةٍ، وليست دار نعيم، وكان ﷺ يتقلل منها، وما كان ينبسط فيها في الطعام، ولا في لذيذ العيش، ولا في الشيء السّميط المصلي، وما أشبه ذلك، كل ذلك كان يتخفف منه عليه الصلاة والسلام.
وتقدم أنه ﷺ كان ربما بات الأيام الطويلة لا يجد ما يملأ به بطنَه، وربما مضت عليه ثلاثُ ليالٍ ما شبع من خبز الشعير.
فالمقصود من هذا كله الحثّ على عدم الانبساط في الدنيا والتوسع فيها؛ لأنها قد تشغله عن الآخرة، وتقدم أن المقصود من هذا هو عدم الشغل بها، وعدم العناية بما يُسبب الصدّ عن الآخرة، أما كون الإنسان يكسب الرزق الحلال ويأكل من الطيبات فهو مأمورٌ بهذا، قال الله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ وَاشْكُرُوا لِلَّهِ إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ [البقرة:172]، فالمؤمن مأمورٌ بأن يأكل من الطيبات، وقال في حقِّ الرسل: يَا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا [المؤمنون:51]، فلا حرج في ذلك، وإذا تقلل الإنسانُ منها بقصد الإعداد للآخرة وعدم الشغل بها فلا بأس؛ لأنه ﷺ كان لا يهتم بها، وإنما يهتم بالصَّدقات والإنفاق والإحسان، ويجود عليه الصلاة والسلام ويُعطي عطاء مَن لا يخشى الفقر عليه الصلاة والسلام.
والرسول عليه الصلاة والسلام قال: احرص على ما ينفعك، واستعن بالله، وقال ﷺ لما سُئِلَ: أيُّ الكسب أطيب؟ قال: عمل الرجل بيده، وكل بيع مبرور، وقال ﷺ: لأن يأخذ أحدُكم حبلَه فيأتي بحزمةٍ من الحطب على ظهره، فيبيعها، فيكفَّ بها وجهه؛ خيرٌ له من سؤال الناس، أعطوه، أو منعوه.
فالمقصود من هذا هو عدم الشغل بها، وعدم الاشتغال بملذَّاتها، وأن تكون عنايته بما يُقربه من الله، ويُباعده من النار، وما تيسَّر منها كفى.
وفَّق الله الجميع.

الأسئلة:
س: حديث: "اعمل لدنياك كأنَّك .."؟
ج: هذا يُرْوَى عن عليٍّ .
س: إذا كان الرجلُ يسأل لأمه الفقيرة أو لأبيه أو لأقاربه، فهل يكون من مسألة الناس المذمومة أم لا؟
ج: ما ينبغي له أن يسأل، ينبغي أن يكتسب ويقوم عليهم إلا للضَّرورة، يقول النبيُّ ﷺ: إنَّ المسألة لا تحلّ إلا لأحد ثلاثةٍ: رجل تحمَّل حمالةً –يعني: للإصلاح– فحلَّت له المسألة حتى يُصيبها ثم يُمْسِك، ورجل أصابته فاقَةٌ، فحلَّت له المسألة حتى يُصيب سدادًا من عيشٍ، ورجل أصابته فاقَةٌ فشهد ثلاثةٌ من ذوي الحِجَى من قومه: لقد أصابت فلانًا فاقةٌ، فحلَّت له المسألة حتى يُصيب سدادًا من عيشٍ، وما سواهنَّ من المسألة سُحْتٌ، يأكله صاحبه سحتًا.
س: أثر الخمر في الثياب؟
ج: ينبغي غسله احتياطًا؛ لأنَّ الجمهور يرون أنَّه نجس، فيُغْسَل من باب الاحتياط.
س: شخص ليس لدى أمه بيتٌ مِلْكٌ، فيُريد أن يكتب خطابات حتى تتملك بيتًا، فهل هذا من المسألة المذمومة أم لا؟
ج: عدم السؤال أحسن ما دام عندهم ما يسدّ حاجتهم من: الأكل والشرب والأجرة.
س: وماذا عن الشفاعة للناس، كالشَّفاعة للفقير، بأن يقول: هذا فقير، وهذا جاره، أو أخوه، أو قريبه؟
ج: لا بأس بها، فإذا علم فقره وحاجته فعليه أن يشفع له فيما يسدّ حاجته.
س: إذا غلب المأمومَ النومُ في أثناء السّجود؟
ج: هذا يُسَمَّى نُعاسًا، وهو يعرض للناس، ولا يضرّ.
س: رجل كان يُصلي في جماعةٍ مع الإمام، فلما سجد جاءه وسواسٌ شديدٌ؛ فاستعان بالله، واستعان بالله، واستعان بالله حتى ركع الإمامُ، والمقصود أنَّه ما سبَّح التَّسبيح المُعتاد؟
ج: ما دام أنه ناسٍ أو جاهل فلا شيءَ عليه.
س: هل الركعة صحيحة؟
ج: نعم، بسبب الجهل والنسيان.
س: يقول بعضُ الناس: "ما خاب مَن استشار، ولا ندم مَن استخار"، فهل هذا حديث أو حكمة أو كلام عامّ؟
ج: معناه صحيح، فالنبي ﷺ أمر بالاستخارة، وأمر بالمشاورة، والله يقول: وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ [الشورى:38]، وهو يُروى عن النبي ﷺ، ولكن ما أعرف سنده، لكن معناه صحيح.
س: ما الصواب في دم الحيض؟ هل هو نجسٌ أم طاهرٌ؟
ج: هو دم نجس؛ فالنبي عليه الصلاة والسلام أمر بغسله.