346 من حديث: (كان أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم لا يرون شيئا من الأعمال تَركه كفر غير الصلاة)

 
7/1080- وعن عبدِاللَّهِ بنِ شقِيق التابعيِّ المُتَّفَقِ عَلَى جَلالتهِ رَحِمهُ اللَّه قَالَ: كانَ أَصْحابُ مُحَمَّدٍ ﷺ لا يرونَ شَيْئًا مِنَ الأَعْمالِ تَرْكُهُ كُفْرٌ غَيْرَ الصَّلاةِ. رَوَاهُ التِّرمِذِيُّ في كِتابِ الإِيمان بإِسنادٍ صحيحٍ.
8/1081- وعن أَبي هُريْرةَ قالَ: قالَ رسولُ اللَّهِ ﷺ: إِنَّ أَوَّل مَا يُحاسبُ بِهِ العبْدُ يَوْم القِيامةِ منْ عَملِهِ صلاتُهُ، فَإِنْ صَلُحت، فَقَدْ أَفَلحَ وَأَنجح، وَإنْ فَسدتْ، فَقَدْ خَابَ وخَسِر، فَإِنِ انْتقَص مِنْ فِريضتِهِ شَيْئًا، قَالَ الرَّبُّ، عَزَّ وجلَّ: انظُروا هَلْ لِعَبْدِي منْ تَطَوُّع، فَيُكَمَّلُ مِنْهَا مَا انْتَقَص مِنَ الفَرِيضَةِ؟ ثُمَّ يكونُ سَائِرُ أَعمالِهِ عَلى هَذَا رواه التِّرمِذِيُّ، وَقَالَ حديث حسن.

الشيخ:
الحمد لله، وصلى الله وسلم على رسول الله، وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه.
أما بعد:
فهذان الحديثان بل الأثر والحديث كلاهما يتعلقان بعظم شأن الصلاة، وأن الواجب على كل مسلم أن يحافظ عليها في جماعة، وأن يحذر التهاون بها، وأن تركها كفر وخروج من الإسلام، نعوذ بالله من ذلك كما تقدم في قوله ﷺ في حديث جابر: بين الرجل وبين الكفر والشرك ترك الصلاة وهكذا المرأة المعنى واحد، ويقول ﷺ: العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر، ويقول ﷺ: رأس الأمر الإسلام، وعموده الصلاة، ويقول عبدالله بن شقيق العقيلي التابعي الجليل رحمه الله: (لم يكن أصحاب النبي ﷺ يرون شيئا تركه كفر إلا الصلاة) وأصحاب النبي ﷺ ما كانوا يرون شيئًا تركه كفر إلا الصلاة، فعند تركها كفر مخرج من الملة بخلاف الزكاة والصوم والحج فإنه معصية وكبيرة من الكبائر، إذا ترك الزكاة ما أداها كبيرة من الكبائر يستحق عليها العقاب يوم القيامة في النار، وذكر الرب جل وعلا في كتابه أن من بخل بالزكاة يعذب بها يوم القيامة، وهكذا جاءت السنة أن صاحب الزكاة يعذب بزكاته يوم القيامة إذا لم يخرجها كان إبل أو بقر أو غنم بطح لها بقاع قرقر تمر عليه تطؤه بأخفافها الإبل، وتطؤه بأظلافها البقر، والغنم تنطحه بقرونها البقر والغنم، وتعضه بأفواهها الإبل، كلما مرت عليه أخرى عادت إليه أولاها في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة، ثم يرى سبيله إما إلى الجنة وإما إلى النار، نسأل الله العافية، وإن كان ذهبًا أو فضة حمي عليها في نار جهنم فيكوى بها جنبه وجبينه وظهره كلما بردت أعيد عليه في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة، ثم يرى سبيله إما إلى الجنة وإما إلى النار، فهذا وعيد عظيم نسأل الله العافية، وهكذا صوم رمضان من ترك شيئًا منه فيه الوعيد الشديد والتحذير الأكيد ومن كبائر الذنوب، وهكذا الحج إذا أخره مع الاستطاعة فيه الوعيد، هكذا عقوق الوالدين وقطيعة الرحم شرب المسكر الغيبة النميمة أكل الربا كلها من الكبائر العظيمة فيها وعيد لكنها ليست صاحبها كافرًا -إذا لم يستحلها هو عاص فاسق- إلا إذا استحلها، إذا رأى أن العقوق حلال، أو أن الزنا حلال، أو الخمر حلال صار كافرًا، نعوذ بالله، فينبغي للمؤمن الحذر من جميع ما حرم الله، وينبغي له العناية والحرص على كل ما أوجب الله، وأن يؤدي على أكمل وجه وعلى خير وجه يرجو ثواب ويخشى عقاب الله، ومن الأحاديث التي تدل على عظم شأن الصلاة قوله ﷺ: أول ما يحاسب عليه العبد من عمله الصلاة، فإن صلحت فقد أفلح وأنجح، وإن فسدت فقد خاب وخسر هذا وعيد عظيم أول شيء يتحاسب عليه يوم القيامة هذه الصلاة هل أكملتها هل أتممتها أو انتقصت منها شيئًا؟ عليك أن تجتهد في إكمالها وإتمامها والمحافظة عليها حتى تربح يوم القيامة وتفوز بالسعادة، وإن انتقص منها شيء يقول الله جل وعلا: انظروا هل لعبدي من تطوع؟ فيكمل به ما انتقص من فرضه، وهكذا في بقية الأعمال، زكاته وصومه وحجه وغير ذلك إذا انتقص من أجره كمل النقص بما أتى به من النوافل مع تعرضه للوعيد الشديد، نسأل الله السلامة.
وهذه الدار هي دار العمل وهي دار المحاسبة والمجاهدة كما قال سبحانه: وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ [العنكبوت:69]، وقال : وَمَنْ جَاهَدَ فَإِنَّمَا يُجَاهِدُ لِنَفْسِهِ [العنكبوت:6]، وقال : وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ حَتَّى نَعْلَمَ الْمُجَاهِدِينَ مِنْكُمْ وَالصَّابِرِينَ وَنَبْلُوَ أَخْبَارَكُمْ [محمد:31] فالمؤمن يحتسب ويجاهد نفسه ويصبر على أداء ما فرض الله عليه عن إخلاص وعن رغبة بما عند الله وعن شوق إليه وعن تلذذ بطاعته، ويحذر ما حرم الله عليه ويكره ذلك ويحذره ويتباعد عنه حذرًا من غضب الله وحذرًا من عذابه سبحانه كما قال جل وعلا: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا خُذُوا حِذْرَكُمْ [النساء:71].
وفق الله الجميع.

الأسئلة:
س: بالنسبة لأثر شقيق؟
الشيخ: لا بأس به جيد.
س: هل هذا يدل على إجماع الصحابة؟
الشيخ: هذا ظاهر نقل عبدالله وهو من كبار التابعين، وعلى كل حال العمدة على الأحاديث هذا مؤيد للأحاديث.