59 من حديث: (كان الحبش يلعبون بحرابهم، فسترنِي رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم وأنا أنظر..)

س:.......
الشيخ: قوله: كنت لك كأبي زرع لأم زرع هذا لا شك أنه يخبرها أنه اعتنى بها وأكرمها عليه الصلاة والسلام وهذا شيء معروف، حبه لها وإكرامه لها؛ فهي أحب النساء إليه عليه الصلاة والسلام، ومع هذا كان ﷺ يقسم فيعدل كما قالت عائشة رضي الله عنها، كان يقسم فيعدل فيقول: اللهم هذا قسمي فيما أملك فلا تلمني فيما تملك ولا أملك.
س: بالنسبة نقل أحد عنكم العرضة الشعبية هذه التي تقام في المملكة، أحد له كتاب وذكر فيه أنكم وافقتموه على هذه؟
الشيخ: إذا كان ما فيها منكر، اللعب بالسلاح مثل لعب الحبشة.
س: لكن فيها دفوف وطبل؟
الشيخ: الدفوف لا، بالسلاح بس، بالسيف والبندق، أما بالدفوف لا، ولا بالطبل؛ لكن مثل لعب الحبشة سواء.
س: ولو مع الرقص؟
الشيخ: الرقص ما له محل، هذا تقلب اللاعب ما يُسمى "رقص".
س: ويجلسون الساعات الطوال، يعني يجلسون من بعد صلاة المغرب إلى ساعة متأخرة من الليل وهم يلعبون؟
الشيخ: امنعهم إن كان لك قدرة، امنعهم حتى يصلوا، أما أنت تبغي تمنع ما فعله النبي ﷺ وأقره لا، ما أقره النبي ﷺ على العين والرأس، هو المشرِّع عليه الصلاة والسلام، أما ما زاد على ذلك يُمنع يقال: صلُّوا، يمنعون من ترك الصلاة، يمنعون من اختلاط النساء بالرجال، يمنعون مما حرم الله، أما إذا لعبوا باللعب الذي يعين على الجهاد ويكون عدة للجهاد؛ فلا بأس، بالسيف بالرمح بالحراب، مثل ما فعل الحبشة سواء.
 
بَاب مَوْعِظَةِ الرَّجُلِ ابْنَتَهُ لِحَالِ زَوْجِهَا
5191 - حَدَّثَنَا أَبُو اليَمَانِ، أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، قَالَ: أَخْبَرَنِي عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِاللَّهِ بْنِ أَبِي ثَوْرٍ، عَنْ عَبْدِاللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَالَ: لَمْ أَزَلْ حَرِيصًا عَلَى أَنْ أَسْأَلَ عُمَرَ بْنَ الخَطَّابِ، عَنِ المَرْأَتَيْنِ مِنْ أَزْوَاجِ النَّبِيِّ ﷺ، اللَّتَيْنِ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: إِنْ تَتُوبَا إِلَى اللَّهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا [التحريم:4] حَتَّى حَجَّ وَحَجَجْتُ مَعَهُ، وَعَدَلَ وَعَدَلْتُ مَعَهُ بِإِدَاوَةٍ فَتَبَرَّزَ، ثُمَّ جَاءَ فَسَكَبْتُ عَلَى يَدَيْهِ مِنْهَا فَتَوَضَّأَ، فَقُلْتُ لَهُ: يَا أَمِيرَ المُؤْمِنِينَ مَنِ المَرْأَتَانِ مِنْ أَزْوَاجِ النَّبِيِّ ﷺ، اللَّتَانِ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: إِنْ تَتُوبَا إِلَى اللَّهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا [التحريم:4]؟ قَالَ: وَاعَجَبًا لَكَ يَا ابْنَ عَبَّاسٍ، هُمَا عَائِشَةُ وَحَفْصَةُ، ثُمَّ اسْتَقْبَلَ عُمَرُ الحَدِيثَ يَسُوقُهُ قَالَ: كُنْتُ أَنَا وَجَارٌ لِي مِنَ الأَنْصَارِ فِي بَنِي أُمَيَّةَ بْنِ زَيْدٍ، وَهُمْ مِنْ عَوَالِي المَدِينَةِ، وَكُنَّا نَتَنَاوَبُ النُّزُولَ عَلَى النَّبِيِّ ﷺ، فَيَنْزِلُ يَوْمًا وَأَنْزِلُ يَوْمًا، فَإِذَا نَزَلْتُ جِئْتُهُ بِمَا حَدَثَ مِنْ خَبَرِ ذَلِكَ اليَوْمِ مِنَ الوَحْيِ أَوْ غَيْرِهِ، وَإِذَا نَزَلَ فَعَلَ مِثْلَ ذَلِكَ، وَكُنَّا مَعْشَرَ قُرَيْشٍ نَغْلِبُ النِّسَاءَ، فَلَمَّا قَدِمْنَا عَلَى الأَنْصَارِ إِذَا قَوْمٌ تَغْلِبُهُمْ نِسَاؤُهُمْ، فَطَفِقَ نِسَاؤُنَا يَأْخُذْنَ مِنْ أَدَبِ نِسَاءِ الأَنْصَارِ، فَصَخِبْتُ عَلَى امْرَأَتِي فَرَاجَعَتْنِي، فَأَنْكَرْتُ أَنْ تُرَاجِعَنِي، قَالَتْ: وَلِمَ تُنْكِرُ أَنْ أُرَاجِعَكَ؟ فَوَاللَّهِ إِنَّ أَزْوَاجَ النَّبِيِّ ﷺ لَيُرَاجِعْنَهُ، وَإِنَّ إِحْدَاهُنَّ لَتَهْجُرُهُ اليَوْمَ حَتَّى اللَّيْلِ، فَأَفْزَعَنِي ذَلِكَ وَقُلْتُ لَهَا: قَدْ خَابَ مَنْ فَعَلَ ذَلِكِ مِنْهُنَّ، ثُمَّ جَمَعْتُ عَلَيَّ ثِيَابِي، فَنَزَلْتُ فَدَخَلْتُ عَلَى حَفْصَةَ فَقُلْتُ لَهَا: أَيْ حَفْصَةُ، أَتُغَاضِبُ إِحْدَاكُنَّ النَّبِيَّ ﷺ اليَوْمَ حَتَّى اللَّيْلِ؟ قَالَتْ: نَعَمْ، فَقُلْتُ: قَدْ خِبْتِ وَخَسِرْتِ، أَفَتَأْمَنِينَ أَنْ يَغْضَبَ اللَّهُ لِغَضَبِ رَسُولِهِ ﷺ فَتَهْلِكِي؟ لاَ تَسْتَكْثِرِي النَّبِيَّ ﷺ وَلاَ تُرَاجِعِيهِ فِي شَيْءٍ وَلاَ تَهْجُرِيهِ، وَسَلِينِي مَا بَدَا لَكِ، وَلاَ يَغُرَّنَّكِ أَنْ كَانَتْ جَارَتُكِ أَوْضَأَ مِنْكِ وَأَحَبَّ إِلَى النَّبِيِّ ﷺ - يُرِيدُ عَائِشَةَ - قَالَ عُمَرُ: وَكُنَّا قَدْ تَحَدَّثْنَا أَنَّ غَسَّانَ تُنْعِلُ الخَيْلَ لِتغزونا، فَنَزَلَ صَاحِبِي الأَنْصَارِيُّ يَوْمَ نَوْبَتِهِ، فَرَجَعَ إِلَيْنَا عِشَاءً فَضَرَبَ بَابِي ضَرْبًا شَدِيدًا، وَقَالَ: أَثَمَّ هُوَ؟ فَفَزِعْتُ فَخَرَجْتُ إِلَيْهِ، فَقَالَ: قَدْ حَدَثَ اليَوْمَ أَمْرٌ عَظِيمٌ، قُلْتُ: مَا هُوَ، أَجَاءَ غَسَّانُ؟ قَالَ: لاَ، بَلْ أَعْظَمُ مِنْ ذَلِكَ وَأَهْوَلُ، طَلَّقَ النَّبِيُّ ﷺ نِسَاءَهُ، - وَقَالَ عُبَيْدُ بْنُ حُنَيْنٍ: سَمِعَ ابْنَ عَبَّاسٍ عَنْ عُمَرَ - فَقَالَ: اعْتَزَلَ النَّبِيُّ ﷺ أَزْوَاجَهُ فَقُلْتُ: خَابَتْ حَفْصَةُ وَخَسِرَتْ، قَدْ كُنْتُ أَظُنُّ هَذَا يُوشِكُ أَنْ يَكُونَ، فَجَمَعْتُ عَلَيَّ ثِيَابِي، فَصَلَّيْتُ صَلاَةَ الفَجْرِ مَعَ النَّبِيِّ ﷺ، فَدَخَلَ النَّبِيُّ ﷺ مَشْرُبَةً لَهُ فَاعْتَزَلَ فِيهَا، وَدَخَلْتُ عَلَى حَفْصَةَ فَإِذَا هِيَ تَبْكِي، فَقُلْتُ: مَا يُبْكِيكِ أَلَمْ أَكُنْ حَذَّرْتُكِ هَذَا، أَطَلَّقَكُنَّ النَّبِيُّ ﷺ؟ قَالَتْ: لاَ أَدْرِي، هَا هُوَ ذَا مُعْتَزِلٌ فِي المَشْرُبَةِ، فَخَرَجْتُ فَجِئْتُ إِلَى المِنْبَرِ، فَإِذَا حَوْلَهُ رَهْطٌ يَبْكِي بَعْضُهُمْ، فَجَلَسْتُ مَعَهُمْ قَلِيلًا، ثُمَّ غَلَبَنِي مَا أَجِدُ، فَجِئْتُ المَشْرُبَةَ الَّتِي فِيهَا النَّبِيُّ ﷺ، فَقُلْتُ لِغُلاَمٍ لَهُ أَسْوَدَ: اسْتَأْذِنْ لِعُمَرَ، فَدَخَلَ الغُلاَمُ فَكَلَّمَ النَّبِيَّ ﷺ ثُمَّ رَجَعَ، فَقَالَ: كَلَّمْتُ النَّبِيَّ ﷺ وَذَكَرْتُكَ لَهُ فَصَمَتَ، فَانْصَرَفْتُ حَتَّى جَلَسْتُ مَعَ الرَّهْطِ الَّذِينَ عِنْدَ المِنْبَرِ، ثُمَّ غَلَبَنِي مَا أَجِدُ فَجِئْتُ فَقُلْتُ لِلْغُلاَمِ: اسْتَأْذِنْ لِعُمَرَ، فَدَخَلَ ثُمَّ رَجَعَ، فَقَالَ: قَدْ ذَكَرْتُكَ لَهُ فَصَمَتَ، فَرَجَعْتُ فَجَلَسْتُ مَعَ الرَّهْطِ الَّذِينَ عِنْدَ المِنْبَرِ، ثُمَّ غَلَبَنِي مَا أَجِدُ، فَجِئْتُ الغُلاَمَ فَقُلْتُ: اسْتَأْذِنْ لِعُمَرَ، فَدَخَلَ ثُمَّ رَجَعَ إِلَيَّ فَقَالَ: قَدْ ذَكَرْتُكَ لَهُ فَصَمَتَ، فَلَمَّا وَلَّيْتُ مُنْصَرِفًا، قَالَ: إِذَا الغُلاَمُ يَدْعُونِي، فَقَالَ: قَدْ أَذِنَ لَكَ النَّبِيُّ ﷺ، فَدَخَلْتُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ فَإِذَا هُوَ مُضْطَجِعٌ عَلَى رِمَالِ حَصِيرٍ، لَيْسَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ فِرَاشٌ، قَدْ أَثَّرَ الرِّمَالُ بِجَنْبِهِ، مُتَّكِئًا عَلَى وِسَادَةٍ مِنْ أَدَمٍ حَشْوُهَا لِيفٌ، فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ، ثُمَّ قُلْتُ وَأَنَا قَائِمٌ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَطَلَّقْتَ نِسَاءَكَ؟ فَرَفَعَ إِلَيَّ بَصَرَهُ فَقَالَ: لاَ فَقُلْتُ: اللَّهُ أَكْبَرُ، ثُمَّ قُلْتُ وَأَنَا قَائِمٌ أَسْتَأْنِسُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، لَوْ رَأَيْتَنِي وَكُنَّا مَعْشَرَ قُرَيْشٍ نَغْلِبُ النِّسَاءَ، فَلَمَّا قَدِمْنَا المَدِينَةَ إِذَا قَوْمٌ تَغْلِبُهُمْ نِسَاؤُهُمْ، فَتَبَسَّمَ النَّبِيُّ ﷺ، ثُمَّ قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ لَوْ رَأَيْتَنِي وَدَخَلْتُ عَلَى حَفْصَةَ فَقُلْتُ لَهَا: لاَ يَغُرَّنَّكِ أَنْ كَانَتْ جَارَتُكِ أَوْضَأَ مِنْكِ، وَأَحَبَّ إِلَى النَّبِيِّ ﷺ - يُرِيدُ عَائِشَةَ - فَتَبَسَّمَ النَّبِيُّ ﷺ تَبَسُّمَةً أُخْرَى، فَجَلَسْتُ حِينَ رَأَيْتُهُ تَبَسَّمَ، فَرَفَعْتُ بَصَرِي فِي بَيْتِهِ، فَوَاللَّهِ مَا رَأَيْتُ فِي بَيْتِهِ شَيْئًا يَرُدُّ البَصَرَ، غَيْرَ أَهَبَةٍ ثَلاَثَةٍ، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ ادْعُ اللَّهَ فَلْيُوَسِّعْ عَلَى أُمَّتِكَ، فَإِنَّ فَارِسَ وَالرُّومَ قَدْ وُسِّعَ عَلَيْهِمْ وَأُعْطُوا الدُّنْيَا، وَهُمْ لاَ يَعْبُدُونَ اللَّهَ، فَجَلَسَ النَّبِيُّ ﷺ وَكَانَ مُتَّكِئًا، فَقَالَ: أَوَ فِي هَذَا أَنْتَ يَا ابْنَ الخَطَّابِ؟ إِنَّ أُولَئِكَ قَوْمٌ عُجِّلُوا طَيِّبَاتِهِمْ فِي الحَيَاةِ الدُّنْيَا فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ اسْتَغْفِرْ لِي، فَاعْتَزَلَ النَّبِيُّ ﷺ نِسَاءَهُ مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ الحَدِيثِ حِينَ أَفْشَتْهُ حَفْصَةُ إِلَى عَائِشَةَ تِسْعًا وَعِشْرِينَ لَيْلَةً، وَكَانَ قَالَ: مَا أَنَا بِدَاخِلٍ عَلَيْهِنَّ شَهْرًا مِنْ شِدَّةِ مَوْجِدَتِهِ عَلَيْهِنَّ حِينَ عَاتَبَهُ اللَّهُ، فَلَمَّا مَضَتْ تِسْعٌ وَعِشْرُونَ لَيْلَةً دَخَلَ عَلَى عَائِشَةَ فَبَدَأَ بِهَا، فَقَالَتْ لَهُ عَائِشَةُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّكَ كُنْتَ قَدْ أَقْسَمْتَ أَنْ لاَ تَدْخُلَ عَلَيْنَا شَهْرًا، وَإِنَّمَا أَصْبَحْتَ مِنْ تِسْعٍ وَعِشْرِينَ لَيْلَةً أَعُدُّهَا عَدًّا، فَقَالَ: الشَّهْرُ تِسْعٌ وَعِشْرُونَ لَيْلَةً فَكَانَ ذَلِكَ الشَّهْرُ تِسْعًا وَعِشْرِينَ لَيْلَةً، قَالَتْ عَائِشَةُ: ثُمَّ أَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى آيَةَ التَّخَيُّرِ، فَبَدَأَ بِي أَوَّلَ امْرَأَةٍ مِنْ نِسَائِهِ فَاخْتَرْتُهُ، ثُمَّ خَيَّرَ نِسَاءَهُ كُلَّهُنَّ فَقُلْنَ مِثْلَ مَا قَالَتْ عَائِشَةُ.


الشيخ: وهذا الخبر الطويل يدل على أن الرسل يُمتحنون وهم أفضل الخلق، وأن النساء يحصل منهن ما يحصل من التكدير على الأزواج ولو كان الزوج رسولًا أو نبيًّا؛ لما يقع بين الزوج وأهله من المشاكل، ولهذا هجرهن شهرًا عليه الصلاة والسلام تأديبًا لهن عن مشاكلهن، ودل ذلك على جواز هجر النساء إذا دعت الحاجة إلى ذلك، كما قال تعالى: وَاللَّاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ [النساء:34]، فهذه السُّنة دلَّت على جواز هجرهن حتى في غير المضاجع إذا دعت الحاجة إلى ذلك، وفي هذا أنه ﷺ كان ذا حلم كثير وصبر عليه الصلاة والسلام، صبر عليهن وعلى مشاكلهن، كل ذلك مما يدل على أن الواجب على الأمة التأسي به ﷺ، والصبر وعدم العجلة في الأمور وعدم العجلة في الطلاق وهو ﷺ صبر عليهن وتحمل ما قد يقع وهجرهن شهرًا، كل هذا يدل على أن الزوج قد يبتلى بمشاكل كثيرة من زوجته أو زوجتيه أو زوجاته؛ فليصبر ولا يَعْجل في الطلاق، وكثير من الناس اليوم عند أقل شيء يعجل بالطلاق ثم يندم وتندم، لا ينبغي هذا، ينبغي التصبر والتحمُّل وحل المشاكل بالأسلوب الحسن، بالهجر، بالموعظة، بغير هذا من أساليب حل المشاكل غير الطلاق.
وفي هذا أيضًا من الفوائد: ما حصل له ﷺ من الشدة وقلة المال وصبره على المشاق، في هذه المشربة على حصير أثّر في جنبه، وقال في رواية أخرى: «أفي شك يا ابن الخطاب»، لما ذكر له فارس والروم، «أولئك قوم عجلت لهم طيباتهم في حياتهم الدنيا»، فلا ينبغي لعاقل أن يغتر بالمشركين وما عندهم من النعم والخيرات، العبد المسلم يُبتلى وتكون له العاقبة الحميدة، لا بدّ من الصبر ولا بدّ من الحذر مما حرَّم الله على العبد.
وفيه من الفوائد: أن الإنسان إذا دخل على صاحبه أو على من هو خاص من أخصائه لا بأس أن يدخل عليه وإن كان مضطجعًا، ولا بأس أن يبقى على اضطجاعه ولا يقوم له؛ فإن الرسول ﷺ دخل عليه عمر وهو مضطجع ورد عليه السلام وهو مضطجع، ثم لما ذكر فارس والروم جلس وقال: «أولئك قوم عجلت لهم طيباتهم في حياتهم الدنيا».
وفي هذا الصبر على الحاجة وقلة المال، كما صبر عليه الصلاة والسلام، والسُّنة فوائدها كثيرة، وفيه أيضًا حُسن خُلقه ﷺ وصبره وتحمله المشاق حتى صبر عليهن وهجرهن ثم صالحهن عليه الصلاة والسلام.
س: الهجر لمدة شهر خاص بالنبي أو لأمته عامة؟
الشيخ: لا، ما هو من خصائصه، إذا رأى ذلك الزوج فلا بأس، إذا رأى أن يهجرهن، وله أن يزيد لكن لا يزيد على أربعة أشهر لِلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ تَرَبُّصُ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ [البقرة: 226] إذا طلبت يوقف: إما أن يصلح وإما أن يطلق، أما ما يعتريه من هجرها شهرًا أو شهرين أو أكثر إلى أربعة؛ فلا بأس.
س: .........
الشيخ: هجرهن مرة واحدة شهرًا كاملًا .
س: هجر الكلام والجماع؟
الشيخ: كل شيء هجرهن في مشربة.
س: هجر النبي ﷺ هو الإيلاء المعروف؟
الشيخ: غير الإيلاء.
س: ما الفرق بينه وبين الإيلاء؟
الشيخ: الإيلاء يحلف أنه ما يطؤها يقول: والله ما يطؤها؛ هذا الإيلاء.
س: وكان هذا الهجر بسبب النفقة؟
الشيخ: المشهور أنه كان بسبب النفقة، نعم.
س:.........
الشيخ: هذا من الاستئذان، قال: من استأذن فليستأذن ثلاثًا، فإن أذن وإلا فلينصرف، عمر انصرف في الثالثة وانصرف في الأولى والثانية؛ لكن من شدة ما في نفسه يحب أن يسأل النبي ﷺ عما وقع.

وفيه أيضًا من الفوائد: محادثة الإنسان الذي قد أصابه ما يغضبه بما يفرحه؛ لأنه قال: كنا نغلب نساءنا فقدمنا على قوم تغلبهم نساؤهم، فتبسم النبي ﷺ، يعني: كل إنسان يحادث من هو غضبان أو من هو محزون أو من هو مكروب بما يشرح صدره ويعينه على سعة البال؛ هذا طيب.
س: حديث أنس في البخاري: آلى النبي ﷺ من نسائه شهرًا؟
الشيخ: يمين، حلف أنه لا يدخل عليهن شهرًا. حلف ألا يأتيهن شهرًا أو لا يطؤها، يسمى إيلاء.
س: قول ابن حجر: فيه أن من غاب عن أزواجه .. يبدأ بمن شاء منهن ولا يلزمه أن يبدأ ......؟
الشيخ: هذا بدؤه بالسلام، وأمرها واسع، البداءة بالسلام أمرها واسع، أما القَسْمُ على الترتيب.
س: التأديب بالطلاق هل له وجه؟
الشيخ: لا، بالكلام والنصيحة أو الضرب الخفيف، أما التأديب بالطلاق فقد يفضي إلى البينونة بالكلية، يطلق اليوم ثم يطلق بعد ثم تأتي الثالثة وتبِين منه، ينبغي أنه يؤدبها بالكلام الطيب والنصيحة والتوجيه أو بالأدب الخفيف، كما قال تعالى: وَاضْرِبُوهُنَّ [النساء:34] هذا هو التأديب: الهجر يوم أو يومين ثلاث وهجرها أكثر من ذلك إذا دعت الحاجة إلى هذا.
س:.......
الشيخ: مشهور ولكن ما تتبعت أسانيده، مشهور أنه طلقها لكن ما تتبعت أسانيده.
س:.......
الشيخ: نعم، الظاهر -والله أعلم- أن اليمين وقعت في آخر الشهر السابق، فلهذا عدَّه تسعًا وعشرين.
س: المقصود بالغلب أن نساء الأنصار يرفعن أصواتهن، يعني رفع الصوت؟
الشيخ: نعم في المحاجاة وفي الأشياء التي يطلبنها من أزواجهن.
س: حديث لا يكرمهن إلا كريم..؟
الشيخ: لا أعرف حاله.

بَاب صَوْمِ المَرْأَةِ بِإِذْنِ زَوْجِهَا تَطَوُّعًا
5192 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُقَاتِلٍ، أَخْبَرَنَا عَبْدُاللَّهِ، أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنْ هَمَّامِ بْنِ مُنَبِّهٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ: لاَ تَصُومُ المَرْأَةُ وَبَعْلُهَا شَاهِدٌ إِلَّا بِإِذْنِهِ.

الشيخ: وهذا يبين أن الواجب على المرأة مراعاة حال زوجها؛ لأنه يحتاج إليها لقضاء وطره، وليس لها أن تصوم إلا بإذنه، يعني صوم التطوع، أما صوم رمضان فهذا ما يحتاج إذن؛ ولهذا في رواية أبي داود إلا رمضان فليس لها أن تطوع إلا بإذنه، أما الواجب فلها أن تصوم بغير إذنه كرمضان وهكذا الكفارات والنذور؛ لأنها واجبة، كفارة الوطء في رمضان، كفارة القتل واجبة على الفور، وهكذا النذر إذا كان معينًا، وأما المطلق فهو محل نظر: هل يقدم حقه أو يقدم النذر؟ والأقرب -والله أعلم- أنه يقدَّم النذر؛ لعموم قوله ﷺ: من نذر أن يطيع الله فليطعه ولما ورد في الكفارات؛ لأنها فريضة وتجب على الفور كفارة الوطء في رمضان كفارة القتل.
س: إذا نذرت مطلقًا ما نذرت يومًا معينًا؟
الشيخ: يجب على الفور، من نذرت لله عليها أن تتصدق بكذا أو أن تصوم كذا: الأصل فيه الفورية، الواجبات الأصل فيها الفورية.
س: للزوج أن يؤخر القضاء؟
الشيخ: مثل ما تقدم: إذا كان فوريًّا لا، حق الله مقدَّم، دَيْن الله أحق بالقضاء، أما القضاء لا بأس، قضاء رمضان تؤخر إلى شعبان كما في حديث عائشة، أما الكفارات الواجبة الفورية والنذر الواجب، لا، لكن قضاء رمضان لا بأس، تقول عائشة رضي الله عنها: (كان يكون عليّ الصوم من رمضان فما أستطيع أقضي إلا في شعبان لمكان رسول الله ﷺ)؛ لأن هذا فيه سعة، والحمد لله.
 
بَاب إِذَا بَاتَتِ المَرْأَةُ مُهَاجِرَةً فِرَاشَ زَوْجِهَا
5193 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي عَدِيٍّ، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ سُلَيْمَانَ، عَنْ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ قَالَ: إِذَا دَعَا الرَّجُلُ امْرَأَتَهُ إِلَى فِرَاشِهِ، فَأَبَتْ أَنْ تَجِيءَ، لَعَنَتْهَا المَلاَئِكَةُ حَتَّى تُصْبِحَ.
5194 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَرْعَرَةَ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ زُرَارَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ ﷺ: إِذَا بَاتَتِ المَرْأَةُ مُهَاجِرَةً فِرَاشَ زَوْجِهَا، لَعَنَتْهَا المَلاَئِكَةُ حَتَّى تَرْجِعَ.

الشيخ: وهذا وعيد شديد، ويدل على أنه من الكبائر، ينبغي لطالب العلم وكل مؤمن أن ينبّه النساء على هذا؛ لأن هذا يقع من النساء كثير؛ فينبغي لطالب العلم ولكل مؤمن أن يبيّن للمرأة أنه يجب عليها السمع والطاعة لزوجها وألا تهجر فراشه لأجل مسائل لا قيمة لها، في هذا الحديث إذا باتت هاجرة لفراش زوجها لعنتها الملائكة حتى تصبح، وفي اللفظ الآخر: كان الذي في السماء ساخطًا عليها حتى يرضى عنها وهذا يدل على أنه من الكبائر فالواجب على النساء السمع والطاعة لأزواجهن في المعروف، والحذر من العصيان الذي يسبب غضب الله عليها ولعن الملائكة لها، ولا حول ولا قوة إلا بالله!.
والظاهر -والله أعلم- أن هذا إذا كان بغير حق، أما إذا كان بحق فالظاهر أنه مستثنى؛ لأن النصوص يقيّد بعضها بعضًا، فإذا هجرت فراش زوجها وتركت طاعته؛ لأنه لم ينفق عليها ولم يقم بحقها بل ضيعها؛ فلها أن تترك بيته بالكلية إذا ضيّعها ولم يؤد حقها، أما إذا كان قد أدى الواجب وقام بحقه؛ فالواجب عليها السمع والطاعة في المعروف، يقول النبي ﷺ: ولهن عليكم رزقهن وكسوتهن بالمعروف فإذا قصّر في ذلك ولم يقم بهذا؛ فلها الحق أن تمتنع حتى يؤدي حقها.
س: إذا كان عليه معاصٍ مثل شرب الخمر أو تفريط في بعض الصلوات: هل لها أن تهجره لتؤدبه؟
الشيخ: الظاهر -والله أعلم- أن لها أن تطلب الطلاق؛ لأن معاشرة من أعلن المعاصي شر عظيم، ولاسيما الخمر، قد يضرها وقد يقتلها بغير شعور؛ أما هجر الفراش لا تهجر الفراش إلا إذا خافت على نفسها، لكن لها أن تطلب الطلاق، وأما ترك الصلاة فكُفْر؛ يجب عليها، إذا ترك الصلاة كفر، يجب عليها أن تبتعد وأن تذهب إلى أهلها على الصحيح؛ لأن تركها كفر، والله يقول: لَا هُنَّ حِلٌّ لَهُمْ وَلَا هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ [الممتحنة:10] فإذا ترك الصلاة فهذا كفر أكبر على الصحيح فيجب عليها حينئذ أن لا تمكّنه منها، وأن تبتعد عنه إلى أهلها، حتى يتوب إلى الله.
س: بارك الله فيك يا شيخ، هل هذا مقيّد بالليل أو يعم الليل والنهار؟
الشيخ: الظاهر أنه عام لكن وصف أغلبي؛ لأن الغالب أن هذا يكون في البيتوتة في الغالب، وإلا قد يكون في القائلة وقد يكون في الصباح.
س: إذا كانت تكرهه لخُلُق؟!
الشيخ: هذا فيه تفصيل؛ إذا كان سيئ الخلق يعني أنه قليل التبسُّم؛ هذا سهل، أما إذا كان سوء خلقه يترتب عليه ضربها وإيذاؤه وظلمها؛ فلها طلب الفراق.
س: هجرها له اليوم إلى الليل مثل حديث النبي ﷺ مع أزواجه؟!
الشيخ: ليس لها ذلك ليس لها أن تهجره إلا بحق، بل الواجب عليها السمع والطاعة في المعروف، إلا إذا لم يؤد حقها.

س: إذا كان لغضب ؟!

ج: ولو، الواجب عليها السمع والطاعة.

بَاب لاَ تَأْذَنِ المَرْأَةُ فِي بَيْتِ زَوْجِهَا لِأَحَدٍ إِلَّا بِإِذْنِهِ
5195 - حَدَّثَنَا أَبُو اليَمَانِ، أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ، حَدَّثَنَا أَبُو الزِّنَادِ، عَنِ الأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ : أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَالَ: لاَ يَحِلُّ لِلْمَرْأَةِ أَنْ تَصُومَ وَزَوْجُهَا شَاهِدٌ إِلَّا بِإِذْنِهِ، وَلاَ تَأْذَنَ فِي بَيْتِهِ إِلَّا بِإِذْنِهِ، وَمَا أَنْفَقَتْ مِنْ نَفَقَةٍ عَنْ غَيْرِ أَمْرِهِ فَإِنَّهُ يُؤَدَّى إِلَيْهِ شَطْرُهُ وَرَوَاهُ أَبُو الزِّنَادِ، أَيْضًا عَنْ مُوسَى، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، فِي الصَّوْمِ.

الشيخ: وهذا واضح في أنها لا تأذن إلا بإذنه، والإذن يكون تارة بالنطق وتارة بالعرف، فإذا كانت تعرف مِنْ خُلُقه ومن عُرْفه ومن عادته الإذن؛ كفى، لجيرانها ولأقاربها ولغيرهم، وإذا شكّت فلا بدّ من إذن صريح، تستأذن أن يدخل عليها فلانة أو فلان حتى تطمئن إلى سماحه بذلك، وإذا أنفقت من ماله فالأجر مشترك مثل فضل الطعام وأشباه ذلك مما جرى العرف في إنفاقه، مما جرى العرف أنه يأذن فيه يسمح فيه، أما ما لا عرف فيه فلا بدّ من إذنه، لا تتصرف في ماله إلا بإذنه، كما في الحديث: ليس يجوز لامرأة عطيَّةٌ إلَّا بإذن زوجها ولكن ما جرى به العرف من فضل الطعام وأشباهه، وفضل الفاكهة، الشيء الذي تعرف من خلقه السماح فلها النصف وله النصف إذا أنفقت، وإن كان معه خازن وساعدهم فله مثل ذلك أيضًا، كما في الحديث الصحيح في الصحيحين: إذا أنفقت المرأة من طعام بيتها غير مفسدة كان لها أجرها بما أنفقت، وله أجره بما اكتسب، وللخازن مثل ذلك، لا ينقص بعضهم من أجر بعض شيئًا هذا فيه مسائل الإذن العُرفي.
س: حتى ولو لم يأذن لوالديها؟
الشيخ: نعم، حتى ولو والديها، بعض الوالدين شرٌّ عليها وعلى زوجها، لا حول ولا قوة إلا بالله.
 
5196 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ، أَخْبَرَنَا التَّيْمِيُّ، عَنْ أَبِي عُثْمَانَ، عَنْ أُسَامَةَ، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ قَالَ: قُمْتُ عَلَى بَابُ الجَنَّةِ، فَكَانَ عَامَّةَ مَنْ دَخَلَهَا المَسَاكِينُ، وَأَصْحَابُ الجَدِّ مَحْبُوسُونَ، غَيْرَ أَنَّ أَصْحَابَ النَّارِ قَدْ أُمِرَ بِهِمْ إِلَى النَّارِ، وَقُمْتُ عَلَى بَابُ النَّارِ فَإِذَا عَامَّةُ مَنْ دَخَلَهَا النِّسَاءُ.

الشيخ: وهذا فيه تسلية وتعزية للفقراء، وأنهم وإن فقدوا ما حصل للأغنياء في الدنيا من بعض الملاذ والنعم والشهوات فلهم فضل عظيم أن يسبقوهم إلى الجنة وهم أكثر أهل الجنة الفقراء، وأصحاب الجد يعني: أصحاب الثراء أو الثروة محبوسون؛ لأن عليهم ملاحظات ومحاسبات فيتقدمهم الفقراء؛ لأنهم ليس هناك حساب عليهم يوجب حبسهم، بخلاف أهل الجد: أهل الغنى والثروة؛ فإنهم يتأخرون لما عليهم من حقوق وملاحظات وأشياء تحبسهم، والجد هو الحظ والغنى، كما قال في الحديث الصحيح: ولا ينفع ذا الجد منك الجد يعني الغنى والحظ والسعة، فهذا فيه تعزية للفقراء وتسلية وتبشير لهم بأن ما أصابهم في الدنيا سوف يعوضون عنه في الآخرة الخير العظيم، والله هو الحكيم العليم جل وعلا.
وفيه: تحذير النساء من أسباب النار؛ لأنه رأى عامة أهل النار النساء فهذا يدل على كثرة الشرور منهن والتقصير، وهذا يوجب الحذر، فعلى المؤمن أن يحذر أهله: زوجته، أمه، أخته، بناته، قراباته، يحذرهن من أسباب النار، يحذرهن من المعاصي، من عصيان الزوج، من العقوق، والقطيعة، من التبرج، من الخلوة بالأجانب، من الزنا، إلى غير هذا؛ لأن أسباب دخول النار هذه المعاصي؛ فيجب على المؤمن أن يحذّر أهل بيته، وأن كون أهل النار عامتهم النساء إنما هو بأعمالهن السيئة، بخلاف خواص النساء فهن من أهل الجنة، فليحذر الأعمال التي توجب النار، ولتحذر هي الأعمال التي توجب النار؛ فالواجب التواصي والتناصح حتى إن كل واحد من الصنفين يحذر أسباب النار، فالنار لها أسباب والجنة لها أسباب.
س: هل للإنسان أن يدعو: اللهم أحيني مسكينًا وأمتني مسكينًا واحشرني في زمرة المساكين؟
الشيخ: جاء في حديث وفيه ضعف، الحديث هذا فيه ضعف، ولا يظهر لي مثل هذا؛ لأن الحديث فيه ضعف، ولكن يسأل ربه أن الله يغنيه عن الناس، وأن الله يعينه على أداء الحق؛ لأن الغنى فيه خير عظيم، إذا أعان الله صاحبه فيه خير عظيم: يتصدق، ويحسن، وينفق في سبيل الله، ويواسي الفقراء، ويعمر المساجد، وينفق في الجهاد؛ فالغنى فيه خير، الغني الشاكر أفضل من الفقير الصابر على الصحيح، ولما ذكر النبي ﷺ أعمال الأغنياء وقال الفقراء: يا رسول الله ذهب أهل الدثور بالأجور يصلون كما نصلي.. الحديث؛ علمهم أن يسبّحوا ويكبّروا ويحمدوا ثلاثًا وثلاثين بعد كل صلاة، فجاءوا إليه وقالوا: يا رسول الله سمعنا إخواننا أهل الأموال ففعلوا مثلنا؟ فقال: ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء والله ذو الفضل العظيم، إذا فعلوا مثل الفقراء وزادوا عليهم في الصدقات والأعمال الطيبة والعتق ونحو ذلك هذا فضل الله، الغني الشاكر له أعمال عظيمة ينفع الله بها الأمة.
س: أصحاب الجد؟
الشيخ: الجد يعني الغنى.
س: من أهل الجنة؟
الشيخ: الأغنياء الذين هم من أهل الجنة يعني، نعم.

س: قول النبي صلى الله عليه وسلم: «اللهم إني أعوذ بك من الكفر والفقر اللهم إني أعوذ بك من عذاب القبر» ما حال سنده؟!

الشيخ: لا بأس به، حديث جيد من الكفر والفقر استعاذ منهما النبي ﷺ.
بَاب كُفْرَانِ العَشِيرِ، وَهُوَ الزَّوْجُ، وَهُوَ الخَلِيطُ، مِنَ المُعَاشَرَةِ
فِيهِ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ
5197 - حَدَّثَنَا عَبْدُاللَّهِ بْنُ يُوسُفَ، أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ، عَنْ عَبْدِاللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّهُ قَالَ: خَسَفَتِ الشَّمْسُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ، فَصَلَّى رَسُولُ اللَّهِ ﷺ وَالنَّاسُ مَعَهُ، فَقَامَ قِيَامًا طَوِيلًا نَحْوًا مِنْ سُورَةِ البَقَرَةِ، ثُمَّ رَكَعَ رُكُوعًا طَوِيلًا، ثُمَّ رَفَعَ، فَقَامَ قِيَامًا طَوِيلًا، وَهُوَ دُونَ القِيَامِ الأَوَّلِ، ثُمَّ رَكَعَ رُكُوعًا طَوِيلًا، وَهُوَ دُونَ الرُّكُوعِ الأَوَّلِ، ثُمَّ سَجَدَ، ثُمَّ قَامَ، فَقَامَ قِيَامًا طَوِيلًا، وَهُوَ دُونَ القِيَامِ الأَوَّلِ، ثُمَّ رَكَعَ رُكُوعًا طَوِيلًا، وَهُوَ دُونَ الرُّكُوعِ الأَوَّلِ، ثُمَّ رَفَعَ، فَقَامَ قِيَامًا طَوِيلًا، وَهُوَ دُونَ القِيَامِ الأَوَّلِ، ثُمَّ رَكَعَ رُكُوعًا طَوِيلًا، وَهُوَ دُونَ الرُّكُوعِ الأَوَّلِ، ثُمَّ رَفَعَ، ثُمَّ سَجَدَ، ثُمَّ انْصَرَفَ، وَقَدْ تَجَلَّتِ الشَّمْسُ، فَقَالَ: «إِنَّ الشَّمْسَ وَالقَمَرَ آيَتَانِ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ، لاَ يَخْسِفَانِ لِمَوْتِ أَحَدٍ وَلاَ لِحَيَاتِهِ، فَإِذَا رَأَيْتُمْ ذَلِكَ فَاذْكُرُوا اللَّهَ»
قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، رَأَيْنَاكَ تَنَاوَلْتَ شَيْئًا فِي مَقَامِكَ هَذَا، ثُمَّ رَأَيْنَاكَ تَكَعْكَعْتَ؟ فَقَالَ: إِنِّي رَأَيْتُ الجَنَّةَ، أَوْ أُرِيتُ الجَنَّةَ، فَتَنَاوَلْتُ مِنْهَا عُنْقُودًا، وَلَوْ أَخَذْتُهُ لَأَكَلْتُمْ مِنْهُ مَا بَقِيَتِ الدُّنْيَا، وَرَأَيْتُ النَّارَ، فَلَمْ أَرَ كَاليَوْمِ مَنْظَرًا قَطُّ، وَرَأَيْتُ أَكْثَرَ أَهْلِهَا النِّسَاءَ قَالُوا: لِمَ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: بِكُفْرِهِنَّ قِيلَ: يَكْفُرْنَ بِاللَّهِ؟ قَالَ: يَكْفُرْنَ العَشِيرَ، وَيَكْفُرْنَ الإِحْسَانَ، لَوْ أَحْسَنْتَ إِلَى إِحْدَاهُنَّ الدَّهْرَ، ثُمَّ رَأَتْ مِنْكَ شَيْئًا، قَالَتْ: مَا رَأَيْتُ مِنْكَ خَيْرًا قَطُّ.


الشيخ: وهذا فيه تحذير النساء من كفر العشير، وأن هذا من أسباب دخولهن النار، وفي هذا بيان صلاة الكسوف؛ وتقدم بيانها في كتاب الصلاة، وأن السُّنة أن يصلي ركعتين عند الكسوف يقرأ في كل ركعة قراءتين ويركع فيها ركوعين ويكون كل قراءة دون التي قبلها، وكل ركوع دون الذي قبله، ثم يقرأ التحيات ويسلم، ويعظ الناس ويذكّر الناس.

وفي هذا أنه ﷺ أُري الجنة والنار، والله على كل شيء قدير، أريه في مقامه وهو يصلي بالناس، أُري الجنة فتقدَّم، وأري النار فتكعكع، وهذه من آيات الله العظيمة، وقال: لو أخذ منها عنقودًا لأكلتموه ما بقيت الدنيا؛ لما في ثمارها من البركة والخير العظيم، ورأى النار وما فيها من الشر ورأى أكثر أهلها النساء، وسُئل عن سبب ذلك فقال: لأنهن يكفرن قالوا: يكفرن بالله؟ قال: يكفرن العشير، الزوج يعني لو أحسن إلى إحداهن الدهر ثم رأت منه شيئًا قالت: ما رأيت منك خيرًا قط وهذا واقع ومُشاهد من النساء، واقع منهن إلى اليوم، وأكثر ما يقع الطلاق من أسباب هذا، تنسى كل شيء وتغضب عليه وتؤذيه حتى يطلق، أنت ما فيك خير، أنت مليت منك، أنت فعلت، وأنت وأنت، طلقني طلقني، وأيش منك، ما رأيت منك خيرًا، وهي في نعم عظيمة، سنوات كثيرة في نِعَم تتقلب في بيته، ومع هذا حصل بعض الشيء مِن الزلّات أو أغضبها في بعض الأشياء فنسيت كل شيء ولم يبق عندها إلا: طلق طلق، طلقني طلقني، أنت اللي ما فيك وأنت وأنت؛ فالرسول ﷺ أخبر عن الواقع، عن واقعهن الذي جُبلن عليهن؛ فالواجب على كل امرأة أن تجاهد نفسها عن هذا الخلق، عليها أن تجاهد، وعلى زوجها وعلى أخيها وعلى أبيها وعلى عمها وعلى أمها وعلى غيرهم النصيحة، وعلى طالب العلم عند المناسبات النصيحة، وأن تتقي الله، وألا تنسى بر زوجها وإحسانه وأخلاقه العظيمة عند زلة تقع منه وغضبة تقع منه، يجب أن تقدِّر ظروفه وأحواله، وألا تنسى أحواله السابقة ونعمه الكثيرة، هذا النسيان يسبب المشاكل الكثيرة ويسبِّب الفراق والطلاق كما هو الواقع، قد رأينا من هذا الشيء الكثير من أحوال النساء، ولا حول ولا قوة إلا بالله.
س:هل من السنة أن يعظ بعد كل كسوف؟!
الشيخ: هذا السُّنة مثل ما فعل النبي ﷺ لما كسفت الشمس وعظ.
س:..........
الشيخ: لا ما تُعاد، النبي ﷺ ما أعاد، ولكن تجلت الشمس قبل أن ينصرف.
س: يطوِّل نحوًا من تطويل النبي ﷺ؟
الشيخ: على حسب الحال، يرفُق بالناس؛ لأن أحوال الناس اليوم ما تتحمل غير أحوال الصحابة، يخفف بعض الشيء.
س: هل يصلى حتى تتجلّى الشمس أو القمر؟
الشيخ: لا، يصلي ما تيسر، يصلي السُّنة ولو ما تجلّت.
س: ولو أكمل الصلاة قبل أن تتجلّى؟
الشيخ: إذا أكملها يشتغل بالذكر والتكبير والصدقات والتسبيح والتهليل وغيرها من أمور الخير بعد الصلاة؛ لأن المشروع عند الخسوف الصلاة، ومعها غيرها، معها التكبير، معها الصدقات، معها الذكر، معها العتق، عتق الرقاب، معها أعمال كثيرة؛ لهذا في الحديث الآخر في حديث أبي موسى: فإذا رأيتم ذلك فافزعوا إلى ذكره وإلى دعائه واستغفاره وفي اللفظ الآخر: فكبّروا وتصدّقوا وأعتقوا .
س: إعادة قراءة الفاتحة بعد الركوع الثاني هل عليه دليل؟!
الشيخ: لأنها ركعة، الركعة الثانية بمثابة ركعة مستقلة يقرأ فيها الفاتحة؛ لأنه إذا قرأ وركع ثم رفع صارت بمنزلة ركعة ثانية فيقرأ الفاتحة ويقرأ بعدها، وهذا الذي عليه عمل أهل العلم.
س: بداية صلاة الكسوف؟
الشيخ: من حين يرى الكسوف يبدأ بالصلاة؛ لأن الرسول ﷺ قال: إذا رأيتم ذلك فصلوا.
س: قوله: فصلى ركعتين بركوعين ما يدل على أنه ركع الركوع الثاني تتمة للركوع الأول؟!
الشيخ: ركوعان في كل ركعة، كل ركعة فيها ركوعان وسجدتان وقراءتان، كل قراءة مع الفاتحة.
س: هل ورد شيء أن الخسوف من المعاصي؟
الشيخ: نعم جاء في الحديث الصحيح يقول في خطبته ﷺ:  ما أحد أغير من الله أن يزني عبده أو تزني أمته... فالزنا من أسباب غضب الله ، ومن أسباب العقوبات إذا ظهر الزنا والفواحش، نسأل الله العافية، ويقول ﷺ: ما أحد أغير من الله ولهذا حرم الفواحش ما ظهر منها وما بطن.
س: كيفية صلاة الكسوف؟!

ج: أما سمعت الحديث؟! [.........] صلاة الكسوف وضحها العلماء كما جاءت في الأحاديث مثلما سمعت الآن تصلي ركعتين يقرأ في كل ركعة قراءتين طويلتين والثانية أقصر من الأولى، ويركع ركوعين الثاني أقصر من الركوع الأول وهكذا في الثانية يقرأ قراءتين وركوعين يأتي بركوعين القراءة الأولى أطول من الثانية وكلاهما أقصر من التي قبلها وهكذا الركوع أقصر من الركوع الذي قبله والركوع الرابع أقصر من الذي قبله وفي كل ركعة سجدتان طويلتان في الشمس والقمر.

س: للإمام أن يقرأ من المصحف يا شيخ؟!
الشيخ: له أن يقرأ من المصحف، إن كان عنده حفظ وإلا يقرأ من المصحف.
س: الركوع الثاني واجب أو سنة؟!
الشيخ: الرسول ﷺ فعل هكذا فالواجب أن يفعل كما فعل النبي ﷺ وقال: صلوا كما رأيتموني أصلي.
س: إذا كان قوم في البادية ولا يعرفون من القرآن إلا الفاتحة فهل يشتغلون بالذكر فقط؟
الشيخ: يصلون، ويقرؤون الفاتحة، والحمد لله.
س: إذا فاته الركوع الثاني هل يقضي الركعة؟
الشيخ: نعم، إذا فاته الركوع الأول يقضي الركعة، إذا فات الركوع الأول فاتت الركعة.
س: بعض الأئمة يعتمد في صلاته على وسائل الإعلام المقروءة ... يسمع الخبر دونما يراه؟!
الشيخ: لا بدّ من الرؤية، وأخبار الحسّابين ما عليها عمل، إنما العمل على الرؤية، الرسول ﷺ قال: إذا رأيتم ذلك ما قال: إذا سمعتم، أو قال: إذا علمتم، قال: إذا رأيتم  إذا رأيتم الخسوف، أما بالحساب لا.

5198 - حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ الهَيْثَمِ، حَدَّثَنَا عَوْفٌ، عَنْ أَبِي رَجَاءٍ، عَنْ عِمْرَانَ، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ قَالَ: اطَّلَعْتُ فِي الجَنَّةِ فَرَأَيْتُ أَكْثَرَ أَهْلِهَا الفُقَرَاءَ، وَاطَّلَعْتُ فِي النَّارِ فَرَأَيْتُ أَكْثَرَ أَهْلِهَا النِّسَاءَ تَابَعَهُ أَيُّوبُ، وَسَلْمُ بْنُ زَرِيرٍ.