75 من حديث: ( ما من مصيبة تصيب المسلم إلا كفر الله بها عنه حتى الشوكة يشاكها)

75 - كِتَابُ المَرْضَى

بَاب مَا جَاءَ فِي كَفَّارَةِ المَرَضِ

وَقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: مَنْ يَعْمَلْ سُوءًا يُجْزَ بِهِ [النساء:123].

5640 - حَدَّثَنَا أَبُو اليَمَانِ الحَكَمُ بْنُ نَافِعٍ، أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، قَالَ: أَخْبَرَنِي عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ، أَنَّ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، زَوْجَ النَّبِيِّ ﷺ، قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: مَا مِنْ مُصِيبَةٍ تُصِيبُ المُسْلِمَ إِلَّا كَفَّرَ اللَّهُ بِهَا عَنْهُ، حَتَّى الشَّوْكَةِ يُشَاكُهَا.

5641 - حَدَّثَنِي عَبْدُاللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُالمَلِكِ بْنُ عَمْرٍو، حَدَّثَنَا زُهَيْرُ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَلْحَلَةَ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ، وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ: عَنِ النَّبِيِّ ﷺ قَالَ: مَا يُصِيبُ المُسْلِمَ، مِنْ نَصَبٍ وَلاَ وَصَبٍ، وَلاَ هَمٍّ وَلاَ حُزْنٍ وَلاَ أَذًى وَلاَ غَمٍّ، حَتَّى الشَّوْكَةِ يُشَاكُهَا، إِلَّا كَفَّرَ اللَّهُ بِهَا مِنْ خَطَايَاهُ.

الشيخ: هذا من نعم الله وفضله ، فالعبد في هذه الدنيا عرضة للآفات والمكدرات والمؤذيات فما أصابه مما يحزنه ومما يهمه ومما يؤذيه حتى الشوكة يكفر الله بها من خطاياه، فهذا من نعم الله ومن إحسانه سبحانه وتعالى ومما يجزى به العبد: مَنْ يَعْمَلْ سُوءًا يُجْزَ بِهِ [النساء:123] هذا من الجزاء نعم.

ثم ظاهر الحديث مطلقًا أن هذه كفارات، حتى ولو قدر أنه لم يحصل منه احتساب وصبر فهذه كفارات لكن متى جاء الاحتساب وجاء الصبر وجاء الرضا ....... حسناته وزاد على التكفير حسنات وثواب على صبره واحتسابه ورضاه.

س: هل لا بدّ من النية؟

الشيخ: الظاهر لا، الكفارات ليس من شرطها النية، المصائب ولو من غير نية، لكن إذا كان عن نية واحتساب وصبر، يعني قارن ذلك؛ يحصل له مزيد ثواب.

5643 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا يَحْيَى، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ سَعْدٍ، عَنْ عَبْدِاللَّهِ بْنِ كَعْبٍ، عَنْ أَبِيهِ: عَنِ النَّبِيِّ ﷺ قَالَ: مَثَلُ المُؤْمِنِ كَالخَامَةِ مِنَ الزَّرْعِ، تُفَيِّئُهَا الرِّيحُ مَرَّةً، وَتَعْدِلُهَا مَرَّةً، وَمَثَلُ المُنَافِقِ كَالأَرْزَةِ، لاَ تَزَالُ حَتَّى يَكُونَ انْجِعَافُهَا مَرَّةً وَاحِدَةً.

الشيخ: الأرزة ما ضبطها؟ ........ المعروفة لا تنجعف إلا مرة واحدة، الغالب أن الكافر يمتع ثم ........ مرة واحدة، نسأل الله العافية، وفي هذا أعظم في الإثم وأشد في العقوبة، نسأل الله العافية، أما المسلم كالخامة من الزرع تفيئه الرياح هكذا وهكذا، تصيبه المصائب فيفضي إلى الآخرة، وقد خفف الله ذنوبه أو كثير ذنوبه.

الطالب: (كَالْأَرْزَةِ) بِفَتْحِ الْهَمْزَة وَقِيلَ: بِكَسْرِهَا وَسُكُون الرَّاء بَعْدهَا زَاي، كَذَا لِلْأَكْثَرِ، وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَة: هُوَ بِوَزْنِ فَاعِلَة وَهِيَ الثَّابِتَة فِي الْأَرْض، وَرَدَّهُ أَبُو عُبَيْد بِأَنَّ الرُّوَاة اِتَّفَقُوا عَلَى عَدَم الْمَدّ، وَإِنَّمَا اِخْتَلَفُوا فِي سُكُون الرَّاء وَتَحْرِيكهَا وَالْأَكْثَر عَلَى السُّكُون. وَقَالَ أَبُو حَنِيفَة الدِّينَوَرِيّ: الرَّاء سَاكِنَة، وَلَيْسَ هُوَ مِنْ نَبَات أَرْض الْعَرَب، وَلَا يَنْبُت فِي السِّبَاخ بَلْ يُطَوِّل طُولًا شَدِيدًا وَيَغْلُظ، قَالَ: وَأَخْبَرَنِي الْخَبِير أَنَّهُ ذَكَرَ الصَّنَوْبَر، وَأَنَّهُ لَا يَحْمِل شَيْئًا وَإِنَّمَا يُسْتَخْرَج مِنْ أَعْجَازه وَعُرُوقه الزِّفْت. وَقَالَ اِبْن سِيدَهْ: الْأَرْز الْعَرْعَر، وَقِيلَ: شَجَر بِالشَّامِ يُقَال لِثَمَرِهِ الصَّنَوْبَر. وَقَالَ الْخَطَّابِيُّ: الْأَرَزَة مَفْتُوحَة الرَّاء وَاحِدَة الْأَرْز وَهُوَ شَجَر الصَّنَوْبَر فِيمَا يُقَال. وَقَالَ الْقَزَّاز: قَالَهُ قَوْم بِالتَّحْرِيكِ، وَقَالُوا: هُوَ شَجَر مُعْتَدِل صَلْب لَا يُحَرِّكهُ هُبُوب الرِّيح، وَيُقَال لَهُ الْأَرْزَن.

س: ..............

الشيخ: مثل ما قال الرواة على هذا أرز وواحدة أرزة، وقيل: أرزة بالفتح، ولكن الأكثر على التسكين، وهو شجر عظيم قوي في لبنان وغير لبنان، شجر عظيم صلب قوي ينجعف مرة واحدة.

وَقَالَ زَكَرِيَّاءُ: حَدَّثَنِي سَعْدٌ، حَدَّثَنَا ابْنُ كَعْبٍ، عَنْ أَبِيهِ كَعْبٍ، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ.

5644 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ المُنْذِرِ، قَالَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ فُلَيْحٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ هِلاَلِ بْنِ عَلِيٍّ، مِنْ بَنِي عَامِرِ بْنِ لُؤَيٍّ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: مَثَلُ المُؤْمِنِ كَمَثَلِ الخَامَةِ مِنَ الزَّرْعِ، مِنْ حَيْثُ أَتَتْهَا الرِّيحُ كَفَأَتْهَا، فَإِذَا اعْتَدَلَتْ تَكَفَّأُ بِالْبَلاَءِ، وَالفَاجِرُ كَالأَرْزَةِ، صَمَّاءَ مُعْتَدِلَةً، حَتَّى يَقْصِمَهَا اللَّهُ إِذَا شَاءَ.

5645 - حَدَّثَنَا عَبْدُاللَّهِ بْنُ يُوسُفَ، أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِاللَّهِ بْنِ عَبْدِالرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي صَعْصَعَةَ، أَنَّهُ قَالَ: سَمِعْتُ سَعِيدَ بْنَ يَسَارٍ أَبَا الحُبَابِ، يَقُولُ: سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ، يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: مَنْ يُرِدِ اللَّهُ بِهِ خَيْرًا يُصِبْ مِنْهُ.

الشيخ: يعني من المصائب من مرض وغيره علامة الخير: من يرد الله به خيرًا يصب منه، مثل ما قال في الحديث الصحيح: من يرد الله به خيرًا يفقهه في الدين فهذا علامة أن الصحة الدائمة والسلامة الدائمة ما هي بعلامة خير، هذه من صفة الكفرة الذين عجلت لهم طيباتهم في حياتهم الدنيا: وَأُمْلِي لَهُمْ إِنَّ كَيْدِي مَتِينٌ [الأعراف:183]، نسأل الله السلامة.

س:. ..............

الشيخ: مثل ما بيَّن النبي،  تفيؤه الرياح هكذا وهكذا، المؤمن يصيبه تارة كذا، تارة موت ولد، تارة زوجة، تارة أمراض عارضة، يعني يصاب بأشياء متنوعة.

بَاب شِدَّةِ المَرَضِ

5646 - حَدَّثَنَا قَبِيصَةُ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنِ الأَعْمَشِ، ح حَدَّثَنِي بِشْرُ بْنُ مُحَمَّدٍ، أَخْبَرَنَا عَبْدُاللَّهِ، أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ، عَنْ مَسْرُوقٍ، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، قَالَتْ: «مَا رَأَيْتُ أَحَدًا أَشَدَّ عَلَيْهِ الوَجَعُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ».

5647 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ التَّيْمِيِّ، عَنِ الحَارِثِ بْنِ سُوَيْدٍ، عَنْ عَبْدِاللَّهِ : أَتَيْتُ النَّبِيَّ ﷺ فِي مَرَضِهِ، وَهُوَ يُوعَكُ وَعْكًا شَدِيدًا، وَقُلْتُ: إِنَّكَ لَتُوعَكُ وَعْكًا شَدِيدًا، قُلْتُ: إِنَّ ذَاكَ بِأَنَّ لَكَ أَجْرَيْنِ؟ قَالَ: أَجَلْ، مَا مِنْ مُسْلِمٍ يُصِيبُهُ أَذًى إِلَّا حَاتَّ اللَّهُ عَنْهُ خَطَايَاهُ، كَمَا تَحَاتُّ وَرَقُ الشَّجَرِ.

بَاب أَشَدُّ النَّاسِ بَلاَءً الأَنْبِيَاءُ، ثُمَّ الأَمْثَلُ فَالأَمْثَلُ

5648 - حَدَّثَنَا عَبْدَانُ، عَنْ أَبِي حَمْزَةَ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ التَّيْمِيِّ، عَنِ الحَارِثِ بْنِ سُوَيْدٍ، عَنْ عَبْدِاللَّهِ، قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ وَهُوَ يُوعَكُ، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّكَ لَتُوعَكُ وَعْكًا شَدِيدًا؟ قَالَ: أَجَلْ، إِنِّي أُوعَكُ كَمَا يُوعَكُ رَجُلاَنِ مِنْكُمْ قُلْتُ: ذَلِكَ أَنَّ لَكَ أَجْرَيْنِ؟ قَالَ: أَجَلْ، ذَلِكَ كَذَلِكَ، مَا مِنْ مُسْلِمٍ يُصِيبُهُ أَذًى، شَوْكَةٌ فَمَا فَوْقَهَا، إِلَّا كَفَّرَ اللَّهُ بِهَا سَيِّئَاتِهِ، كَمَا تَحُطُّ الشَّجَرَةُ وَرَقَهَا.

الشيخ: أيش قال عليه؟

الطالب: قَوْله: (بَاب أَشَدّ النَّاس بَلَاء الْأَنْبِيَاء، ثُمَّ الْأَمْثَل فَالْأَمْثَل) كَذَا لِلْأَكْثَرِ، وَلِلنَّسَفِيّ: "الْأَوَّل فَالْأَوَّل" وَجَمَعَهُمَا الْمُسْتَمْلِي، وَالْمُرَاد بِالْأَوَّلِ الْأَوَّلِيَّة فِي الْفَضْل، وَالْأَمْثَل أَفْعَل مِنْ الْمَثَالَة وَالْجَمْع أَمَاثِل وَهُمْ الْفُضَلَاء. وَصَدْر هَذِهِ التَّرْجَمَة لَفْظ حَدِيث أَخْرَجَهُ الدَّارِمِيُّ وَالنَّسَائِيُّ فِي الْكُبْرَى وَابْن مَاجَهْ وَصَحَّحَهُ التِّرْمِذِيّ وَابْن حِبَّان وَالْحَاكِم كُلّهمْ مِنْ طَرِيق عَاصِم بْن بَهْدَلَة عَنْ مُصْعَب بْن سَعْد بْن أَبِي وَقَّاص عَنْ أَبِيهِ قَالَ: قُلْت يَا رَسُول اللَّه أَيّ النَّاس أَشَدّ بَلَاء؟ قَالَ: الْأَنْبِيَاء، ثُمَّ الْأَمْثَل فَالْأَمْثَل، يُبْتَلَى الرَّجُل عَلَى حَسَب دِينه الْحَدِيث وَفِيهِ: حَتَّى يَمْشِي عَلَى الْأَرْض وَمَا عَلَيْهِ خَطِيئَة، أَخْرَجَهُ الْحَاكِم مِنْ رِوَايَة الْعَلَاء بَيْن الْمُسَيِّب عَنْ مُصْعَب أَيْضًا. وَأَخْرَجَ لَهُ شَاهِدًا مِنْ حَدِيث أَبِي سَعِيد وَلَفْظه: "قَالَ: الْأَنْبِيَاء، قَالَ: ثُمَّ مَنْ؟ قَالَ الْعُلَمَاء قَالَ: ثُمَّ مَنْ؟ قَالَ: الصَّالِحُونَ" الْحَدِيث، وَلَيْسَ فِيهِ مَا فِي آخِر حَدِيث سَعْد. وَلَعَلَّ الْإِشَارَة بِلَفْظِ: "الْأَوَّل فَالْأَوَّل" إِلَى مَا أَخْرَجَهُ النَّسَائِيُّ وَصَحَّحَهُ الْحَاكِم مِنْ حَدِيث فَاطِمَة بِنْت الْيَمَان أُخْت حُذَيْفَة قَالَتْ: "أَتَيْت النَّبِيّ ﷺ فِي نِسَاء نَعُودهُ، فَإِذَا بِسِقَاءٍ يَقْطُر عَلَيْهِ مِنْ شِدَّة الْحُمَّى، فَقَالَ: إِنَّ مِنْ أَشَدّ النَّاس بَلَاء الْأَنْبِيَاء، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ".

الشيخ: أيش قال العيني؟

الطالب: (باب أشد الناس بلاء الأنبياء ثم الأول فالأول) أي: هذا باب في بيان ما جاء من قوله ﷺ: أشد الناس بلاء الأنبياء.

الشيخ: هذه الترجمة تدل على صحته عند المؤلف، ولهذا ترجم به، ولكن لم يخرجه؛ لأنه لم يكن على شرطه، ولهذا ترجم له هذه الترجمة كعادته في الأحاديث التي تثبت عنده ويشير لها بالتعليق أو بالترجمة.

الطالب: ولفظ الحديث ما رواه الترمذي: حدثنا قتيبة حدثنا شريك عن عاصم عن مصعب بن سعد عن أبيه قال: قلت: يا رسول الله؟ أي الناس أشد بلاء؟ قال: الأنبياء ثم الأمثل فالأمثل.. الحديث. وأخرجه ابن ماجه أيضًا، وابن بطال ذكر الترجمة بلفظ الحديث، وهو أولى قوله: ثم الأول فالأول هكذا وقع في رواية النسفي، وفي رواية الأكثرين: ثم الأمثل فالأمثل، مثل ما في الحديث، والمستملي جمعهما في روايته، ويمكن أن قوله: ثم الأول فالأول إشارة إلى ما أخرجه النسائي والحاكم وصححه من حديث فاطمة بنت اليمان أخت حذيفة قالت: أتيت النبي ﷺ في نساء نعوده، فإذا سقاء يقطر عليه من شدة الحمى، فقال: إن من أشد الناس بلاء الأنبياء، ثم الذين يلونهم، وإنما قال أولًا: ثم الأمثل بلفظ: ثم، وقال ثانيًا: فالأمثل، بالفاء للإعلام بالبعد والتراخي في المرتبة بين الأنبياء وغيرهم، وعدم ذلك بين غير الأنبياء؛ إذ لا شك أن البُعد بين النبي والولي أكثر من البُعد بين ولي وولي، إذ مراتب الأولياء بعضها قريبة من البعض، ولفظ الأول تفسير للأمثل. إذ معنى الأول المقدَّم في الفضل؛ ولذا لم يعطف عليه بثم، والأمثل الأفضل.

بَاب وُجُوبِ عِيَادَةِ المَرِيضِ

5649 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ، عَنْ أَبِي مُوسَى الأَشْعَرِيِّ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: أَطْعِمُوا الجَائِعَ، وَعُودُوا المَرِيضَ، وَفُكُّوا العَانِيَ.

الشيخ: وهذا واضح من المؤلف؛ لأنه أمر، والأمر أصله الوجوب، ولهذا قال: باب وجوب عيادة المريض، يعني في الجملة، وجوبها في الجملة، ويحصل أداء الواجب بالمرة، وكلما كرر كان أفضل: عودوا المريض وأطعموا الجائع وفكوا العاني كما أن إطعام الجائع واجب، والعاني هو الأسير، وأطعموا الجائع وهو المحتاج الفقير، واجب على المسلم أن يطعمه، وهكذا العاني يجب فكه، وهو الأسير عند الكفرة، فهكذا عيادة المريض، قد يقال: أن العاني أعم من أن يكون عند الكفرة وغيرهم، وأن المسلمين يتعاونون في فك عانيهم، أسيرهم عند الكفرة، وأسيرهم بالدَّين والحاجات الأخرى التي في إمكانهم حلها، والشاهد قوله: عودوا المريض بالأمر، وفي الحديث الآخر: حق المسلم على المسلم ست، وفي اللفظ الآخر: خمس ذكر منها أنه يعوده إذا مرض، المقصود أن عيادة المرضى فيها مصالح كثيرة، وهي تدل على تأثر المسلم بأخيه، والمريض يفرح بذلك، ويتأثر بعيادة إخوانه، ثم قد تكون له حاجة أيضًا، قد تكون له حاجة فيسعفوه، قد تكون له حاجة في طبيب، في دواء، في قرض، في صدقة لعائلته، المقصود أن العيادة فيها مصالح، ولو لم يكن منها إلا تأثره بتأثر إخوانه بمرضه وذكرهم له؛ فلهذا عادوه، فيه مصالح تعينه على مدافعة المرض، وتحمل المرض، والله المستعان.

5650 - حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ عُمَرَ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، قَالَ: أَخْبَرَنِي أَشْعَثُ بْنُ سُلَيْمٍ، قَالَ: سَمِعْتُ مُعَاوِيَةَ بْنَ سُوَيْدِ بْنِ مُقَرِّنٍ، عَنِ البَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَالَ: "أَمَرَنَا رَسُولُ اللَّهِ ﷺ بِسَبْعٍ، وَنَهَانَا عَنْ سَبْعٍ: نَهَانَا عَنْ خَاتَمِ الذَّهَبِ، وَلُبْسِ الحَرِيرِ، وَالدِّيبَاجِ، وَالإِسْتَبْرَقِ، وَعَنِ القَسِّيِّ، وَالمِيثَرَةِ، وَأَمَرَنَا أَنْ نَتْبَعَ الجَنَائِزَ، وَنَعُودَ المَرِيضَ، وَنُفْشِيَ السَّلاَمَ".

بَاب عِيَادَةِ المُغْمَى عَلَيْهِ

5651 - حَدَّثَنَا عَبْدُاللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنِ ابْنِ المُنْكَدِرِ، سَمِعَ جَابِرَ بْنَ عَبْدِاللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، يَقُولُ: «مَرِضْتُ مَرَضًا، فَأَتَانِي النَّبِيُّ ﷺ يَعُودُنِي، وَأَبُو بَكْرٍ، وَهُمَا مَاشِيَانِ، فَوَجَدَانِي أُغْمِيَ عَلَيَّ، فَتَوَضَّأَ النَّبِيُّ ﷺ ثُمَّ صَبَّ وَضُوءَهُ عَلَيَّ، فَأَفَقْتُ فَإِذَا النَّبِيُّ ﷺ، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، كَيْفَ أَصْنَعُ فِي مَالِي؟ كَيْفَ أَقْضِي فِي مَالِي؟ فَلَمْ يُجِبْنِي بِشَيْءٍ، حَتَّى نَزَلَتْ آيَةُ المِيرَاثِ».

الشيخ: وهذا يدل على تواضعه ﷺ، وعنايته بأصحابه، وأنه كان يعود مريضهم، ويساعد محتاجهم عليه الصلاة والسلام، وعادهم ماشيًا هو والصديق ذهبا إلى جابر ماشيين، وهذا كله يدل على أن من السُّنة عيادة المرضى، واحتساب الأجر في ذلك، ماشيًا أو راكبًا، نعم.

الطالب: ..........

الشيخ: نعم.

الطالب: قال الحافظ ابن حجر: قَالَ عِيَاض: هَذِهِ الْقِصَّة رَوَاهَا الثِّقَات مِنْ الْعَدَد الْكَثِير عَنْ الْجَمّ الْغَفِير عَنْ الْكَافَّة مُتَّصِلَة بِالصَّحَابَةِ وَكَانَ ذَلِكَ فِي مَوَاطِن اِجْتِمَاع الْكَثِير مِنْهُمْ فِي الْمَحَافِل وَمَجْمَع الْعَسَاكِر، وَلَمْ يَرِد عَنْ أَحَد مِنْهُمْ إِنْكَار عَلَى رَاوِي ذَلِكَ، فَهَذَا النَّوْع مُلْحَق بِالْقَطْعِيِّ مِنْ مُعْجِزَاته. وَقَالَ الْقُرْطُبِيّ: قَضِيَّة نَبْع الْمَاء مِنْ بَيْن أَصَابِعه ﷺ تَكَرَّرَتْ مِنْهُ فِي عِدَّة مَوَاطِن فِي مَشَاهِد عَظِيمَة، وَوَرَدَتْ مِنْ طُرُق كَثِيرَة يُفِيد مَجْمُوعهَا الْعِلْم الْقَطْعِيّ الْمُسْتَفَاد مِنْ التَّوَاتُر الْمَعْنَوِيّ. قُلْت: أَخَذَ كَلَام عِيَاض وَتَصَرَّفَ فِيهِ، قَالَ: وَلَمْ يُسْمَع بِمِثْلِ هَذِهِ الْمُعْجِزَة عَنْ غَيْر نَبِيّنَا ﷺ. وَحَدِيث نَبْع الْمَاء جَاءَ مِنْ رِوَايَة أَنَس عِنْد الشَّيْخَيْنِ وَأَحْمَد وَغَيْرهمْ مِنْ خَمْسَة طُرُق، وَعَنْ جَابِر بْن عَبْداللَّه مِنْ أَرْبَعَة طُرُق، وَعَنْ اِبْن مَسْعُود عِنْد الْبُخَارِيّ وَالتِّرْمِذِيّ، وَعَنْ اِبْن عَبَّاس عِنْد أَحْمَد وَالطَّبَرَانِيِّ مِنْ طَرِيقَيْنِ، وَعَنْ اِبْن أَبِي لَيْلَى وَالِد عَبْدالرَّحْمَن عِنْد الطَّبَرَانِيِّ، فَعَدَد هَؤُلَاءِ الصَّحَابَة لَيْسَ كَمَا يُفْهَم مِنْ إِطْلَاقهمَا، وَأَمَّا تَكْثِير الْمَاء يَلْمِسهُ بِيَدٍ أَوْ يَتْفُل فِيهِ أَوْ يَأْمُر بِوَضْعِ شَيْء فِيهِ كَسَهْمٍ مِنْ كِنَانَته فَجَاءَ فِي حَدِيث عِمْرَان بْن حُصَيْنٍ فِي الصَّحِيحَيْنِ، وَعَنْ الْبَرَاء بْن عَازِب عِنْد الْبُخَارِيّ وَأَحْمَد مِنْ طَرِيقَيْنِ، وَعَنْ أَبِي قَتَادَةَ عِنْد مُسْلِم، وَعَنْ أَنَس عِنْد الْبَيْهَقِيِّ فِي الدَّلَائِل، وَعَنْ زِيَاد بْن الْحَارِث الصُّدَائِيّ عِنْده، وَعَنْ حِبَّانَ بْن بُحّ بِضَمِّ الْمُوَحَّدَة وَتَشْدِيد الْمُهْمَلَة الصُّدَائِيّ أَيْضًا، فَإِذَا ضُمَّ هَذَا إِلَى هَذَا بَلَغَ الْكَثْرَة الْمَذْكُورَة أَوْ قَارَبَهَا. وَأَمَّا مَنْ رَوَاهَا مِنْ أَهْل الْقَرْن الثَّانِي فَهُمْ أَكْثَر عَدَدًا، وَإِنْ كَانَ شَطْر طُرُقه أَفْرَادًا. وَفِي الْجُمْلَة يُسْتَفَاد مِنْهَا الرَّدّ عَلَى اِبْن بَطَّال حَيْثُ قَالَ: هَذَا الْحَدِيث شَهِدَهُ جَمَاعَة كَثِيرَة مِنْ الصَّحَابَة إِلَّا أَنَّهُ لَمْ يُرْوَ إِلَّا مِنْ طَرِيق أَنَس، وَذَلِكَ لِطُولِ عُمْره وَتَطَلُّب النَّاس الْعُلُوّ فِي السَّنَد. اِنْتَهَى. وَهُوَ يُنَادِي عَلَيْهِ بِقِلَّةِ الِاطِّلَاع وَالِاسْتِحْضَار لِأَحَادِيث الْكِتَاب الَّذِي شَرَحَهُ وَبِاَللَّهِ التَّوْفِيق. قَالَ الْقُرْطُبِيّ: وَلَمْ يُسْمَع بِمِثْلِ هَذِهِ الْمُعْجِزَة عَنْ غَيْر نَبِيّنَا ﷺ حَيْثُ نَبَعَ الْمَاء مِنْ بَيْن عَظْمه وَعَصَبه وَلَحْمه وَدَمه، وَقَدْ نَقَلَ اِبْن عَبْدالْبَرّ عَنْ الْمُزَنِيِّ أَنَّهُ قَالَ: "نَبَعَ الْمَاء مِنْ بَيْن أَصَابِعه ﷺ أَبْلَغ فِي الْمُعْجِزَة مِنْ نَبْع الْمَاء مِنْ الْحَجَر حَيْثُ ضَرَبَهُ مُوسَى بِالْعَصَا فَتَفَجَّرَتْ مِنْهُ الْمِيَاه؛ لِأَنَّ خُرُوج الْمَاء مِنْ الْحِجَارَة مَعْهُود، بِخِلَافِ خُرُوج الْمَاء مِنْ بَيْن اللَّحْم وَالدَّم" اِنْتَهَى. وَظَاهِر كَلَامه أَنَّ الْمَاء نَبَعَ مِنْ نَفْس اللَّحْم الْكَائِن فِي الْأَصَابِع، وَيُؤَيِّدهُ قَوْله فِي حَدِيث جَابِر الْآتِي: "فَرَأَيْت الْمَاء يَخْرُج مِنْ بَيْن أَصَابِعه" وَأَوْضَح مِنْهُ مَا وَقَعَ فِي حَدِيث اِبْن عَبَّاس عِنْد الطَّبَرَانِيِّ: فَجَاءُوا بِشَنٍّ فَوَضَعَ رَسُول اللَّه ﷺ يَده عَلَيْهِ ثُمَّ فَرَّقَ أَصَابِعه فَنَبَعَ الْمَاء مِنْ أَصَابِع رَسُول اللَّه ﷺ مِثْل عَصَا مُوسَى، فَإِنَّ الْمَاء تَفَجَّرَ مِنْ نَفْس الْعَصَا فَتَمَسُّكه بِهِ يَقْتَضِي أَنَّ الْمَاء تَفَجَّرَ مِنْ بَيْن أَصَابِعه، وَيَحْتَمِل أَنْ يَكُون الْمُرَاد أَنَّ الْمَاء كَانَ يَنْبُع مِنْ بَيْن أَصَابِعه.

الشيخ: تفجر من نفس العصا، هذا غلط، إنما نبع من الحجر، قصة موسى ضرب الحجر، ونبع الماء من الحجر، ما هو من العصا، العصا صارت حية. وهكذا الروايات الأخرى فيها نبع الماء من نفس الماء.

الطالب: وَيَحْتَمِل أَنْ يَكُون الْمُرَاد أَنَّ الْمَاء كَانَ يَنْبُع مِنْ بَيْن أَصَابِعه بِالنِّسْبَةِ إِلَى رُؤْيَة الرَّائِي، وَهُوَ فِي نَفْس الْأَمْر لِلْبَرَكَةِ الْحَاصِلَة فِيهِ يَفُور وَيَكْثُر وَكَفّه ﷺ فِي الْمَاء، فَرَآهُ الرَّائِي نَابِعًا مِنْ بَيْن أَصَابِعه، وَالْأَوَّل أَبْلَغ فِي الْمُعْجِزَة، وَلَيْسَ فِي الْأَخْبَار مَا يَرُدّهُ وَهُوَ أَوْلَى.

الشيخ: الله أعلم، محتمل، لكن تطلبه الماء ليضع يده فيه قد يؤذن بالثاني الذي هو قول الآخرين من أن الماء نفسه بارك الله فيه وهو بين أصابعه ﷺ يحتمل هذا وهذا.

س:............

الشيخ: يعني يظهر في المعنى أن الماء بورك فيه، والطعام بورك فيه، واليد من أسباب البركة، وجودها في الماء من أسباب البركة، كما أن دعاءه على الطعام من أسباب البركة، أما كونه نبع من بين أصابعه فهو مستحيل كما هو ظاهر بعض الروايات، هذا يقول الله للشيء كن فيكون.

...[مناقشة غير واضحة التسجيل]..

بَاب فَضْلِ مَنْ يُصْرَعُ مِنَ الرِّيحِ

5652 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا يَحْيَى، عَنْ عِمْرَانَ أَبِي بَكْرٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي عَطَاءُ بْنُ أَبِي رَبَاحٍ، قَالَ: قَالَ لِي ابْنُ عَبَّاسٍ: أَلاَ أُرِيكَ امْرَأَةً مِنْ أَهْلِ الجَنَّةِ؟ قُلْتُ: بَلَى، قَالَ: هَذِهِ المَرْأَةُ السَّوْدَاءُ، أَتَتِ النَّبِيَّ ﷺ فَقَالَتْ: إِنِّي أُصْرَعُ، وَإِنِّي أَتَكَشَّفُ، فَادْعُ اللَّهَ لِي، قَالَ: إِنْ شِئْتِ صَبَرْتِ وَلَكِ الجَنَّةُ، وَإِنْ شِئْتِ دَعَوْتُ اللَّهَ أَنْ يُعَافِيَكِ فَقَالَتْ: أَصْبِرُ، فَقَالَتْ: إِنِّي أَتَكَشَّفُ، فَادْعُ اللَّهَ لِي أَنْ لاَ أَتَكَشَّفَ، فَدَعَا لَهَا، حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ، أَخْبَرَنَا مَخْلَدٌ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، أَخْبَرَنِي عَطَاءٌ: أَنَّهُ رَأَى أُمَّ زُفَرَ تِلْكَ امْرَأَةً طَوِيلَةً سَوْدَاءَ، عَلَى سِتْرِ الكَعْبَةِ.

الشيخ: أيش قال الشارح؟

الطالب: قَوْله: (بَاب فَضْل مَنْ يُصْرَع مِنْ الرِّيح) اِنْحِبَاس الرِّيح قَدْ يَكُون سَبَبًا لِلصَّرْعِ، وَهِيَ عِلَّة تَمْنَع الْأَعْضَاء الرَّئِيسَة عَنْ اِنْفِعَالهَا مَنْعًا غَيْر تَامّ، وَسَبَبه رِيح غَلِيظَة تَنْحَبِس فِي مَنَافِذ الدِّمَاغ، أَوْ بُخَار رَدِيء يَرْتَفِع إِلَيْهِ مِنْ بَعْض الْأَعْضَاء، وَقَدْ يَتْبَعهُ تَشَنُّج فِي الْأَعْضَاء فَلَا يَبْقَى الشَّخْص مَعَهُ مُنْتَصِبًا بَلْ يَسْقُط وَيَقْذِف بِالزَّبَدِ لِغِلَظِ الرُّطُوبَة، وَقَدْ يَكُون الصَّرْع مِنْ الْجِنّ، وَلَا يَقَع إِلَّا مِنْ النُّفُوس الْخَبِيثَة مِنْهُمْ، إِمَّا لِاسْتِحْسَانِ بَعْض الصُّوَر الْإِنْسِيَّة وَإِمَّا لِإِيقَاعِ الْأَذِيَّة بِهِ، وَالْأَوَّل هُوَ الَّذِي يُثْبِتهُ جَمِيع الْأَطِبَّاء وَيَذْكُرُونَ عِلَاجه.

الشيخ: الأول ما يتعلق بالريح........... الريح وما يحصل بسببه من تغير الأعضاء بسببه التي يحصل منها ما يحصل من سقوط الإنسان وتشنجه، والثاني ما يتعلق بسبب الجن وهو الذي ينكره بعض الأطباء.

الطالب: وَقَدْ يَكُون الصَّرْع مِنْ الْجِنّ، وَلَا يَقَع إِلَّا مِنْ النُّفُوس الْخَبِيثَة مِنْهُمْ، إِمَّا لِاسْتِحْسَانِ بَعْض الصُّوَر الْإِنْسِيَّة.

الشيخ: وهو الذي يسمونه العشق.

الطالب: وَإِمَّا لِإِيقَاعِ الْأَذِيَّة بِهِ، وَالْأَوَّل هُوَ الَّذِي يُثْبِتهُ جَمِيع الْأَطِبَّاء وَيَذْكُرُونَ عِلَاجه، وَالثَّانِي يَجْحَدهُ كَثِير مِنْهُمْ، وَبَعْضهمْ يُثْبِتهُ وَلَا يَعْرِف لَهُ عِلَاجًا إِلَّا بِمُقَاوَمَةِ الْأَرْوَاح الْخَيِّرَة الْعُلْوِيَّة لِتَنْدَفِع آثَار الْأَرْوَاح الشِّرِّيرَة السُّفْلِيَّة وَتَبْطُل أَفْعَالهَا. وَمِمَّنْ نَصَّ عَلَى ذَلِكَ أَبُقْرَاط فَقَالَ لَمَّا ذَكَرَ عِلَاج الْمَصْرُوع: هَذَا إِنَّمَا يَنْفَع فِي الَّذِي سَبَبه أَخْلَاط، وَأَمَّا الَّذِي يَكُون مِنْ الْأَرْوَاح فَلَا.

قَوْله: (يَحْيَى) هُوَ اِبْن سَعِيد الْقَطَّان. قَوْله: (عَنْ عِمْرَان أَبِي بَكْر) هُوَ الْمَعْرُوف بِالْقَصِيرِ، وَاسْم أَبِيهِ مُسْلِم، وَهُوَ بَصْرِيّ تَابِعِيّ صَغِير. قَوْله: (أَلَا أُرِيك) أَلَا بِتَخْفِيفِ اللَّام قَبْلهَا هَمْزَة مَفْتُوحَة. قَوْله: (هَذِهِ الْمَرْأَة السَّوْدَاء) فِي رِوَايَة جَعْفَر المُسْتَغْفِرِيّ فِي كِتَاب الصَّحَابَة، وَأَخْرَجَهُ أَبُو مُوسَى فِي الذَّيْل مِنْ طَرِيقه ثُمَّ مِنْ رِوَايَة عَطَاء الْخُرَاسَانِيّ عَنْ عَطَاء بْن أَبِي رَبَاح فِي هَذَا الْحَدِيث: "فَأَرَانِي حَبَشِيَّة صَفْرَاء عَظِيمَة فَقَالَ: هَذِهِ سُعَيْرَة الْأَسَدِيَّة".

قَوْله: (فَقَالَتْ إِنَّ بِي هَذِهِ الْمُؤْتَة) وَهُوَ بِضَمِّ الْمِيم بَعْدهَا هَمْزَة سَاكِنَة: الْجُنُون، وَأَخْرَجَهُ اِبْن مَرْدَوَيْهِ فِي التَّفْسِير مِنْ هَذَا الْوَجْه فَقَالَ فِي رِوَايَته: "إِنَّ بِي هَذِهِ الْمُؤْتَة يَعْنِي الْجُنُون" وَزَادَ فِي رِوَايَته وَكَذَا اِبْن مَنْدَهْ أَنَّهَا كَانَتْ تَجْمَع الصُّوف وَالشَّعْر وَاللِّيف، فَإِذَا اِجْتَمَعَتْ لَهَا كُبَّة عَظِيمَة نَقَضَتْهَا فَنَزَلَ فِيهَا: "وَلَا تَكُونُوا كَاَلَّتِي نَقَضَتْ غَزْلَهَا" الْآيَة وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي تَفْسِير النَّحْل أَنَّهَا اِمْرَأَة أُخْرَى.

قَوْله: (وَإِنِّي أَتَكَشَّفُ) بِمُثَنَّاةٍ وَتَشْدِيد الْمُعْجَمَة مِنْ التَّكَشُّف، وَبِالنُّونِ السَّاكِنَة مُخَفَّفًا مِنْ الِانْكِشَاف، وَالْمُرَاد أَنَّهَا خَشِيَتْ أَنْ تَظْهَر عَوْرَتهَا وَهِيَ لَا تَشْعُر.

قَوْله فِي الطَّرِيق الْأُخْرَى: (حَدَّثَنَا مُحَمَّد) هُوَ اِبْن سَلَام وَصَرَّحَ بِهِ فِي الْأَدَب الْمُفْرَد، وَمَخْلَد هُوَ اِبْن يَزِيد. قَوْله: (أَنَّهُ رَأَى أُمّ زُفَر) بِضَمِّ الزَّاي وَفَتْح الْفَاء. قَوْله: (تِلْكَ الْمَرْأَة) فِي رِوَايَة الْكُشْمِيهَنِيّ: "تِلْكَ اِمْرَأَة". قَوْله: (عَلَى سِتْر الْكَعْبَة) بِكَسْرِ الْمُهْمَلَة أَيْ جَالِسَة عَلَيْهَا مُعْتَمِدَة، وَيَجُوز أَنْ يَتَعَلَّق بِقَوْلِهِ: "رَأَى". ثُمَّ وَجَدْت الْحَدِيث فِي الْأَدَب الْمُفْرَد لِلْبُخَارِيِّ وَقَدْ أَخْرَجَهُ بِهَذَا السَّنَد الْمَذْكُور هُنَا بِعَيْنِهِ وَقَالَ: "عَلَى سُلَّم الْكَعْبَة" فَاَللَّه أَعْلَم. وَعِنْد الْبَزَّار مِنْ وَجْه آخَر عَنْ اِبْن عَبَّاس فِي نَحْو هَذِهِ الْقِصَّة أَنَّهَا قَالَتْ: "إِنِّي أَخَاف الْخَبِيث أَنْ يُجَرِّدنِي، فَدَعَا لَهَا فَكَانَتْ إِذَا خَشِيَتْ أَنْ يَأْتِيهَا تَأْتِي أَسْتَار الْكَعْبَة فَتَتَعَلَّق بِهَا" وَقَدْ أَخْرَجَ عَبْدالرَّزَّاق عَنْ اِبْن جُرَيْجٍ هَذَا الْحَدِيث مُطَوَّلًا، وَأَخْرَجَهُ اِبْن عَبْدالْبَرّ فِي الِاسْتِيعَاب مِنْ طَرِيق حَجَّاج بْن مُحَمَّد عَنْ اِبْن جُرَيْجٍ عَنْ الْحَسَن بْن مُسْلِم أَنَّهُ سَمِعَ طَاوُسًا يَقُول: "كَانَ النَّبِيّ ﷺ يُؤْتَى بِالْمَجَانِينِ فَيَضْرِب صَدْر أَحَدهمْ فَيَبْرَأ، فَأُتِيَ بِمَجْنُونَةٍ يُقَال لَهَا أُمّ زُفَر، فَضَرَبَ صَدْرهَا فَلَمْ تَبْرَأ"، قَالَ اِبْن جُرَيْجٍ وَأَخْبَرَنِي عَطَاء" فَذَكَرَ كَاَلَّذِي هُنَا، وَأَخْرَجَهُ اِبْن مَنْدَهْ فِي الْمَعْرِفَة مِنْ طَرِيق حَنْظَلَة بْن أَبِي سُفْيَان عَنْ طَاوُسٍ فَزَادَ: "وَكَانَ يُثْنِي عَلَيْهَا خَيْرًا" وَزَادَ فِي آخَر: "فَقَالَ: إِنْ يَتْبَعهَا فِي الدُّنْيَا فَلَهَا فِي الْآخِرَة خَيْر" وَعُرِفَ مِمَّا أَوْرَدْته أَنَّ اِسْمهَا سُعَيْرَة وَهِيَ بِمُهْمَلَتَيْنِ مُصَغَّر، وَوَقَعَ فِي رِوَايَة اِبْن مَنْدَهْ بِقَافٍ بَدَل الْعَيْن، وَفِي أُخْرَى لِلْمُسْتَغْفِرِيّ بِالْكَافِ، وَذَكَرَ اِبْن سَعْد وَعَبْدالْغَنِيّ فِي الْمُبْهَمَات مِنْ طَرِيق الزُّبَيْر أَنَّ هَذِهِ الْمَرْأَة هِيَ مَاشِطَة خَدِيجَة الَّتِي كَانَتْ تَتَعَاهَد النَّبِيّ ﷺ بِالزِّيَارَةِ كَمَا سَيَأْتِي ذِكْرهَا فِي كِتَاب الْأَدَب إِنْ شَاءَ اللَّه تَعَالَى، وَقَدْ يُؤْخَذ مِنْ الطُّرُق الَّتِي أَوْرَدَتْهَا أَنَّ الَّذِي كَانَ بِأُمِّ زُفَر كَانَ مِنْ صَرْع الْجِنّ لَا مِنْ صَرْع الْخَلْط. وَقَدْ أَخْرَجَ الْبَزَّار وَابْن حِبَّان مِنْ حَدِيث أَبِي هُرَيْرَة شَبِيهًا بِقِصَّتِهَا وَلَفْظه: جَاءَتْ اِمْرَأَة بِهَا لَمَم إِلَى رَسُول اللَّه ﷺ فَقَالَتْ: اُدْعُ اللَّه. فَقَالَ: إِنْ شِئْت دَعَوْت اللَّه فَشَفَاك وَإِنْ شِئْت صَبَرْت وَلَا حِسَاب عَلَيْك. قَالَتْ: بَلْ أَصْبِر وَلَا حِسَاب عَلَيَّ، وَفِي الْحَدِيث فَضْل مَنْ يُصْرَع، وَأَنَّ الصَّبْر عَلَى بَلَايَا الدُّنْيَا يُورِث الْجَنَّة، وَأَنَّ الْأَخْذ بِالشِّدَّةِ أَفْضَل مِنْ الْأَخْذ بِالرُّخْصَةِ لِمَنْ عَلِمَ مِنْ نَفْسه الطَّاقَة وَلَمْ يَضْعُف عَنْ اِلْتِزَام الشِّدَّة، وَفِيهِ دَلِيل عَلَى جَوَاز تَرْك التَّدَاوِي، وَفِيهِ أَنَّ عِلَاج الْأَمْرَاض كُلّهَا بِالدُّعَاءِ وَالِالْتِجَاء إِلَى اللَّه أَنْجَع وَأَنْفَع مِنْ الْعِلَاج بِالْعَقَاقِيرِ، وَأَنَّ تَأْثِير ذَلِكَ وَانْفِعَال الْبَدَن عَنْهُ أَعْظَم مِنْ تَأْثِير الْأَدْوِيَة الْبَدَنِيَّة، وَلَكِنْ إِنَّمَا يَنْجَع...

الشيخ: ينجع يعني: ينجح.

الطالب: إِنَّمَا يَنْجَع بِأَمْرَيْنِ: أَحَدهمَا مِنْ جِهَة الْعَلِيل وَهُوَ صِدْق الْقَصْد، وَالْآخَر مِنْ جِهَة الْمُدَاوِي وَهُوَ قُوَّة تَوَجُّهه وَقُوَّة قَلْبه بِالتَّقْوَى وَالتَّوَكُّل، وَاَللَّه أَعْلَم.

الشيخ: يعني أن ............ الدعاء.. أشد من... الأدوية من بعض الوجوه في علاج المرضى، وأن تأجير ذلك وقوة الانتفاع به يتفاوت بحسب تفاوت المريض والراقي، فالمريض من جهة صدق توكله على الله وإيمانه بالله وثقته بالله وأنه سبحانه مصرف الأمور مدبر الأمور بيده الشفاء، والثاني من جهة قوة إيمان الراقي وصدق توجهه إلى الله وإقباله عليه وتوكله عليه وإيمانه بأنه سبحانه بيده كل شيء، وتصريف الأمور، ومنها شفاء المريض.

وإن شئت صبرت ولك الجنة فيه مثل ما قال المؤلف جواز الصبر على البلاوي وترك التداوي، وفيه أنه إن شاء صبر وإن شاء لم يصبر ويعالج، ولهذا السلف منهم من يصبر ويبقى في المرض ما شاء الله من الزمان، ومنهم من يبادر بالعلاج ويأخذ بالإذن الشرعي في ذلك، واختلف الناس أيهما أفضل التداوي أو عدمه؟ على أقوال، منهم من سوّى بينهما وجعل الأمر مستوي الطرفين، يعني مجرد إباحة، ومنهم من فضل الترك، ومنهم من فضل العلاج، وذكره النووي رحمه الله وجماعة وهو قول الجمهور أن الأفضل العلاج، وهو ظاهر السنة قولًا وعملًا أن الأفضل العلاج؛ لأن ما كل أحد يصبر على المرض ولا كل أحد يقوى على أداء الواجب عند الشدة، فالعلاج أفضل والعبد من طبعه الضعف: وَخُلِقَ الْإِنْسَانُ ضَعِيفًا [النساء:28] فالعلاج أفضل؛ لما فيه من المصالح الكثيرة، ومنها السلامة من تعرض الإنسان للتسخط، ومنها السلامة من إيذائه الناس وإتعابه الناس، ومنها إعانته على أداء الواجبات.. والأصل في هذا الأدلة الكثيرة: عباد الله تداووا، ولا تداووا بحرام ورقى ﷺ ورقي، إلى غير هذا مما وقع منه ﷺ، فالتداوي والعلاج أفضل، ومن صبر على ذلك ورأى من نفسه قوة على الصبر والثقة بالله والتلذذ بالمرض لما فيه من تكفير السيئات؛ فلا حرج.

...................[مناقشة غير واضحة]

بَاب فَضْلِ مَنْ ذَهَبَ بَصَرُهُ

5653 - حَدَّثَنَا عَبْدُاللَّهِ بْنُ يُوسُفَ، حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، قَالَ: حَدَّثَنِي ابْنُ الهَادِ، عَنْ عَمْرٍو، مَوْلَى المُطَّلِبِ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ ، قَالَ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ ﷺ يَقُولُ: إِنَّ اللَّهَ قَالَ: إِذَا ابْتَلَيْتُ عَبْدِي بِحَبِيبَتَيْهِ فَصَبَرَ، عَوَّضْتُهُ مِنْهُمَا الجَنَّةَ يُرِيدُ: عَيْنَيْهِ، تَابَعَهُ أَشْعَثُ بْنُ جَابِرٍ، وَأَبُو ظلاَلٍ هِلاَلٌ، عَنْ أَنَسٍ، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ.

الشيخ: أيش قال عن قوله (تابعه)؟

الطالب: قَوْله: (تَابَعَهُ أَشْعَث بْن جَابِر وَأَبُو ظِلَال بْن هِلَال عَنْ أَنَس) أَمَّا مُتَابَعَة أَشْعَث بْن جَابِر وَهُوَ اِبْن عَبْداللَّه بْن جَابِر نُسِبَ إِلَى جَدّه وَهُوَ أَبُو عَبْداللَّه الْأَعْمَى الْبَصْرِيّ الْحُدَّانِيّ بِضَمِّ الْحَاء وَتَشْدِيد الدَّال الْمُهْمَلَتَيْنِ، وَحُدَّان بَطْن مِنْ الْأَزْد، وَلِهَذَا يُقَال لَهُ الْأَزْدِيّ، وَهُوَ الْحُمْلِيّ بِضَمِّ الْمُهْمَلَة وَسُكُون الْمِيم وَهُوَ مُخْتَلَف فِيهِ، وَقَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ: يُعْتَدّ بِهِ وَلَيْسَ لَهُ فِي الْبُخَارِيّ إِلَّا هَذَا الْمَوْضِع فَأَخْرَجَهَا أَحْمَد بِلَفْظِ: قَالَ رَبّكُمْ مَنْ أَذْهَبْت كَرِيمَتَيْهِ ثُمَّ صَبَرَ وَاحْتَسَبَ كَانَ ثَوَابه الْجَنَّة. وَأَمَّا مُتَابَعَة أَبِي ظِلَال فَأَخْرَجَهَا عَبْد بْن حُمَيْدٍ عَنْ يَزِيد بْن هَارُون عَنْهُ قَالَ: "دَخَلْت عَلَى أَنَس فَقَالَ لِي: أُدْنُهْ، مَتَى ذَهَبَ بَصَرك؟ قُلْت:وَأَنَا صَغِير. قَالَ: أَلَّا أُبَشِّرك؟ قُلْت:بَلَى" فَذَكَرَ - الْحَدِيث بِلَفْظِ: مَا لِمَنْ أَخَذْت كَرِيمَتَيْهِ عِنْدِي جَزَاء إِلَّا الْجَنَّة وَأَخْرَجَ التِّرْمِذِيّ مِنْ وَجْه آخَر عَنْ أَبِي ظِلَال بِلَفْظِ: إِذَا أَخَذْت كَرِيمَتَيْ عَبْدِي فِي الدُّنْيَا لَمْ يَكُنْ لَهُ جَزَاء عِنْدِي إِلَّا الْجَنَّة.

(تَنْبِيه): أَبُو ظِلَال بِكَسْرِ الظَّاء الْمُشَالَة الْمُعْجَمَة وَالتَّخْفِيف اِسْمه هِلَال، وَاَلَّذِي وَقَعَ فِي الْأَصْل أَبُو ظِلَال بْن هِلَال صَوَابه إِمَّا أَبُو ظِلَال هِلَال بِحَذْفِ "اِبْن" وَإِمَّا أَبُو ظِلَال بْن أَبِي هِلَال بِزِيَادَةِ: "أَبِي" وَاخْتُلِفَ فِي اِسْم أَبِيهِ فَقِيلَ مَيْمُون وَقِيلَ سُوَيْد وَقِيلَ يَزِيد وَقِيلَ زَيْد، وَهُوَ ضَعِيف عِنْد الْجَمِيع، إِلَّا أَنَّ الْبُخَارِيّ قَالَ إِنَّهُ مُقَارِب الْحَدِيث، وَلَيْسَ لَهُ فِي صَحِيحه غَيْر هَذِهِ الْمُتَابَعَة. وَذَكَرَ الْمِزِّيّ فِي تَرْجَمَته أَنَّ اِبْن حِبَّان ذَكَرَهُ فِي الثِّقَات، وَلَيْسَ بِجَيِّدٍ، لِأَنَّ اِبْن حِبَّان ذَكَرَهُ فِي الضُّعَفَاء فَقَالَ: لَا يَجُوز الِاحْتِجَاج بِهِ، وَإِنَّمَا ذَكَرَ فِي الثِّقَات هِلَال بْن أَبِي هِلَال آخَر رَوَى عَنْهُ يَحْيَى بْن الْمُتَوَكِّل، وَقَدْ فَرَّقَ الْبُخَارِيّ بَيْنهمَا، وَلَهُمْ شَيْخ ثَالِث يُقَال لَهُ هِلَال بْن أَبِي هِلَال تَابِعِيّ أَيْضًا رَوَى عَنْهُ اِبْنه مُحَمَّد، وَهُوَ أَصْلَح حَالًا فِي الْحَدِيث مِنْهُمَا، وَاَللَّه أَعْلَم.

بَاب عِيَادَةِ النِّسَاءِ الرِّجَالَ

وَعَادَتْ أُمُّ الدَّرْدَاءِ، رَجُلًا مِنْ أَهْلِ المَسْجِدِ، مِنَ الأَنْصَارِ.

5654 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ، أَنَّهَا قَالَتْ: لَمَّا قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ المَدِينَةَ، وُعِكَ أَبُو بَكْرٍ وَبِلاَلٌ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَالَتْ: فَدَخَلْتُ عَلَيْهِمَا، قُلْتُ: يَا أَبَتِ كَيْفَ تَجِدُكَ؟ وَيَا بِلاَلُ كَيْفَ تَجِدُكَ؟ قَالَتْ: وَكَانَ أَبُو بَكْرٍ إِذَا أَخَذَتْهُ الحُمَّى، يَقُولُ:

كُلُّ امْرِئٍ مُصَبَّحٌ فِي أَهْلِهِ وَالمَوْتُ أَدْنَى مِنْ شِرَاكِ نَعْلِهِ

وَكَانَ بِلاَلٌ إِذَا أَقْلَعَتْ عَنْهُ يَقُولُ:

أَلاَ لَيْتَ شِعْرِي هَلْ أَبِيتَنَّ لَيْلَةً بِوَادٍ وَحَوْلِي إِذْخِرٌ وَجَلِيلُ
وَهَلْ أَرِدَنْ يَوْمًا مِيَاهَ مِجَنَّةٍ وَهَلْ تَبْدُوَنْ لِي شَامَةٌ وَطَفِيلُ

الشيخ: يحن إلى مكة، والله المستعان.

قَالَتْ عَائِشَةُ: فَجِئْتُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ فَأَخْبَرْتُهُ، فَقَالَ: اللَّهُمَّ حَبِّبْ إِلَيْنَا المَدِينَةَ كَحُبِّنَا مَكَّةَ أَوْ أَشَدَّ، اللَّهُمَّ وَصَحِّحْهَا، وَبَارِكْ لَنَا فِي مُدِّهَا وَصَاعِهَا، وَانْقُلْ حُمَّاهَا فَاجْعَلْهَا بِالْجُحْفَةِ.

س: هل مستمرة هذه الدعوة؟

الشيخ: الظاهر أنها مستمرة، خراب الجحفة.

وهذا دليل على أنه لا بأس بعيادة المرأة للرجال، هذا لا حرج فيه، ولعله محل إجماع، ما لم تكن فتنة، فعيادة المرأة العيادة الشرعية التي ليس فيها فتنة مشروعة كالرجل للعموم: عودوا المريض، حق المسلم على المسلم خمس وفي اللفظ الآخر: ست منها يعوده إذا مرض، وهذا يعم الأصل في العمومات أنها تعم الجميع، هذا هو الأصل، تعم الرجال والنساء إلا ما خصه الدليل.

بَاب عِيَادَةِ الصِّبْيَانِ

5655 - حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ مِنْهَالٍ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، قَالَ: أَخْبَرَنِي عَاصِمٌ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا عُثْمَانَ، عَنْ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: أَنَّ ابْنَةً لِلنَّبِيِّ ﷺ أَرْسَلَتْ إِلَيْهِ، وَهُوَ مَعَ النَّبِيِّ ﷺ وَسَعْدٌ وَأُبَيٌّ، نَحْسِبُ: أَنَّ ابْنَتِي قَدْ حُضِرَتْ فَاشْهَدْنَا، فَأَرْسَلَ إِلَيْهَا السَّلاَمَ، وَيَقُولُ: إِنَّ لِلَّهِ مَا أَخَذَ وَمَا أَعْطَى، وَكُلُّ شَيْءٍ عِنْدَهُ مُسَمًّى، فَلْتَحْتَسِبْ وَلْتَصْبِرْ فَأَرْسَلَتْ تُقْسِمُ عَلَيْهِ، فَقَامَ النَّبِيُّ ﷺ وَقُمْنَا، فَرُفِعَ الصَّبِيُّ فِي حَجْرِ النَّبِيِّ ﷺ وَنَفْسُهُ جُئِّثُ، فَفَاضَتْ عَيْنَا النَّبِيِّ ﷺ، فَقَالَ لَهُ سَعْدٌ: مَا هَذَا يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: هَذِهِ رَحْمَةٌ وَضَعَهَا اللَّهُ فِي قُلُوبِ مَنْ شَاءَ مِنْ عِبَادِهِ، وَلاَ يَرْحَمُ اللَّهُ مِنْ عِبَادِهِ إِلَّا الرُّحَمَاءَ.

الشيخ: وفي هذا فوائد، منها: تواضعه ﷺ، ورحمته عليه الصلاة والسلام، وعطفه على أولاده وعلى أمته عليه الصلاة والسلام، فإنها أقسمت عليه فقام إليه وأبر قسمها.

ومنها تطييب نفس من يطلبك لتحضر من مريض أو نحوه وأنت مشغول تقول له لرسوله: قل له كذا وكذا بلغه سلامي وقل له أنا مشغول مثلًا اصبر ولتحتسب وليصبر وليحتسب، وليقل مثل ما قال النبي: لله ما أخذ وله ما أعطى وكل شيء عنده بأجل مسمى، إذا لم يتيسر الحضور أو إن كان هناك شاغل عنه، ومنها جواز القسم على الغير إذا أدل عليه بشيء، يعني أقسمت عليه ولم ينكر عليها، دل ذلك أنه يجوز أن تقول لأحد لولدك: والله تحضر، أو لأخيك أو لأبيك أو لصديقك: والله تفعل كذا؛ إدلاء عليه، وحرصًا على شيء تحبه منه.

وفيه من الفوائد: الصحبة؛ صحبة الإخوان، وعيادة المرضى، فإنه قام مع جماعة من الصحابة عليهم الصلاة والسلام أسامة وزيد وأُبي وسعد بن أبي وقاص.

وفيه: البكاء عند رؤية المريض أو المصاب بشيء: وأن هذا ليس من الجزع بل من الرحمة، فإذا رأى مريضًا قد اشتد به المرض أو رأى مصابًا قد اشتدت به المصيبة فدمعت عيناه هذا من الرحمة ومن المواساة أيضًا، ولهذا قال: إنها رحمة، ولا يرحم الله من عباده إلا الرحماء لما سأله سعد عن ذلك، وكذلك في قصة موت ابنه إبراهيم لما بكى سألوه قال: العين تدمع والقلب يحزن ولا نقول إلا ما يرضي الرب، وإنا بفراقك يا إبراهيم لمحزونون كل هذا يدل على جواز البكاء وهو دمع العين من غير تسخُّط. والله المستعان.

ما نبّه عليه؟ ما قال زينب؟ لعلها زينب -والله أعلم-؛ لأنها هي التي تأخرت أما فاطمة ذاك الوقت.

الطالب: وَقَدْ تَقَدَّمَ شَرْحُهُ مُسْتَوْفِي فِي أَوَائِل كتاب الْجَنَائِز.

الشيخ: بس! العيني ذكر شيئًا؟ قال زينب وإلا من؟

الطالب: نعم، قال صاحب (التلويح). وبنته التي أرسلت إليه تدعوه ﷺ هي زينب، وابنها اسمه علي، كذا بخط شيخنا أبي محمد الدمياطي.

الشيخ: نعم.

بَاب عِيَادَةِ الأَعْرَابِ

5656 - حَدَّثَنَا مُعَلَّى بْنُ أَسَدٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُالعَزِيزِ بْنُ مُخْتَارٍ، حَدَّثَنَا خَالِدٌ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ دَخَلَ عَلَى أَعْرَابِيٍّ يَعُودُهُ، قَالَ: وَكَانَ النَّبِيُّ ﷺ إِذَا دَخَلَ عَلَى مَرِيضٍ يَعُودُهُ فَقَالَ لَهُ: لاَ بَأْسَ، طَهُورٌ إِنْ شَاءَ اللَّهُ قَالَ: قُلْتَ: طَهُورٌ؟ كَلَّا، بَلْ هِيَ حُمَّى تَفُورُ، أَوْ تَثُورُ، عَلَى شَيْخٍ كَبِيرٍ، تُزِيرُهُ القُبُورَ، فَقَالَ النَّبِيُّ ﷺ: فَنَعَمْ إِذًا.

الشيخ: هذا فيه سوء، جواب هذا الأعرابي! يقول له: طهور إن شاء الله ويقول له: كلا، بل هي حمى تفور على شيخ كبير تزيره القبور، فقال له النبي: فنعم إذًا، يعني: على ما قلت، ولا حول ولا قوة إلا بالله.

وفيه من الفوائد: زيارة الأعراب والجُفاة، مَنْ جنس حاله عدم الفقه، يزار؛ لما في الزيارة من التوجيه والإرشاد وإظهار محاسن الإسلام والتواضع، هذا أفضل الخلق يزور صحابيًّا أعرابيًّا أظهر الإسلام، فهذا من الدلائل على شرعية قيام الأكابر والفضلاء بزيارة المفضولين وعيادتهم إذا مرضوا، وأن هذا من مكارم الأخلاق، ومن محاسن الأعمال، ومما أيضًا يقوي الإيمان في قلوب ضعفاء الإيمان ومما يزيدهم ثباتًا على الخير إذا أراد الله ذلك، فهو من الأسباب، أما كون هذا لم يقبل هذه الكلمة هذا لا يدل على أن غيره كذلك.

س: كأنه رد هذه الدعوة؟

الشيخ: كأنه نعم.

س:.............

الشيخ: الله أعلم، قد يكون النبي قال هذا لأنه علم هذا، جاء به وحي، لكن ما نعلم هذا، بل نقول: هداك الله أو عافاك الله أو شفاك الله، أيش قال الشارح عليه؟

قَوْله: (بَاب عِيَادَة الْأَعْرَاب) بِفَتْحِ الْهَمْزَة هُمْ سُكَّان الْبَوَادِي. قَوْله: (خَالِد) هُوَ الْحَذَّاء. قَوْله: (عَنْ عِكْرِمَة عَنْ اِبْن عَبَّاس) قَالَ الْإِسْمَاعِيلِيّ: رَوَاهُ وُهَيْب بْن خَالِد عَنْ خَالِد الْحَذَّاء عَنْ عِكْرِمَة فَأَرْسَلَهُ. قُلْت: قَدْ وَصَلَهُ أَيْضًا عَبْدالْعَزِيز بْن مُخْتَار كَمَا تَقَدَّمَ قَرِيبًا هُنَا، وَتَقَدَّمَ أَيْضًا فِي عَلَامَات النُّبُوَّة، وَوَصَلَهُ أَيْضًا الثَّقَفِيّ كَمَا سَيَأْتِي فِي التَّوْحِيد، فَإِذَا وَصَلَهُ ثَلَاثَة لَمْ يَضُرّهُ إِرْسَال وَاحِد.

قَوْله: (دَخَلَ عَلَى أَعْرَابِيّ) تَقَدَّمَ فِي عَلَامَات النُّبُوَّة بَيَان اِسْمه. قَوْله: (لَا بَأْس) أَيْ أَنَّ الْمَرَض يُكَفِّر الْخَطَايَا، فَإِنْ حَصَلَتْ الْعَافِيَة فَقَدْ حَصَلَتْ الْفَائِدَتَانِ، وَإِلَّا حَصَلَ رِبْح التَّكْفِير.

وَقَوْله: "طَهُور" هُوَ خَبَر مُبْتَدَأ مَحْذُوف، أَيْ هُوَ طَهُور لَك مِنْ ذُنُوبك، أَيْ مَطْهَرَة، وَيُسْتَفَاد مِنْهُ أَنَّ لَفْظ الطَّهُور لَيْسَ بِمَعْنَى الطَّاهِر فَقَطْ ، وَقَوْله: "إِنَّ شَاءَ اللَّه" يَدُلّ عَلَى أَنَّ قَوْله طَهُور دُعَاء لَا خَبَر.

قَوْله: (قُلْت) بِفَتْحِ التَّاء عَلَى الْمُخَاطَبَة وَهُوَ اِسْتِفْهَام إِنْكَار. قَوْله: (بَلْ هِيَ) أَيْ الْحُمَّى، وَفِي رِوَايَة الْكُشْمِيهَنِيّ: "بَلْ هُوَ" أَيْ الْمَرَض.

قَوْله: (تَفُور أَوْ تَثُور) شَكٌّ مِنْ الرَّاوِي هَلْ قَالَهَا بِالْفَاءِ أَوْ بِالْمُثَلَّثَةِ وَهُمَا بِمَعْنًى. قَوْله: (تُزِيرهُ) بِضَمِّ أَوَّله مِنْ أَزَارَهُ إِذَا حَمَلَهُ عَلَى الزِّيَارَة بِغَيْرِ اِخْتِيَاره.

قَوْله: (فَنَعَمْ إِذًا) الْفَاء فِيهِ مُعَقِّبَة لِمَحْذُوفِ تَقْدِيره إِذَا أَبَيْت فَنَعَمْ، أَيْ كَانَ كَمَا ظَنَنْت، قَالَ اِبْن التِّين: يَحْتَمِل أَنْ يَكُون ذَلِكَ دُعَاء عَلَيْهِ وَيَحْتَمِل أَنْ يَكُون خَبَرًا عَمَّا يَئُول إِلَيْهِ أَمْره. وَقَالَ غَيْره يَحْتَمِل أَنْ يَكُون النَّبِيّ ﷺ عَلِمَ أَنَّهُ سَيَمُوتُ مِنْ ذَلِكَ الْمَرَض فَدَعَا لَهُ بِأَنْ تَكُون الْحُمَّى لَهُ طُهْرَة لِذُنُوبِهِ، وَيَحْتَمِل أَنْ يَكُون أَعْلَمَ بِذَلِكَ لَمَّا أَجَابَهُ الْأَعْرَابِيّ بِمَا أَجَابَهُ، وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي عَلَامَات النُّبُوَّة أَنَّ عِنْد الطَّبَرَانِيّ مِنْ حَدِيث شُرَحْبِيل وَالِد عَبْدالرَّحْمَن أَنَّ الْأَعْرَابِيّ الْمَذْكُور أَصْبَحَ مَيِّتًا. وَأَخْرَجَهُ الدُّولَابِيّ فِي الْكُنَى، وَابْن السَّكَن فِي الصَّحَابَة وَلَفْظه: "فَقَالَ النَّبِيّ ﷺ: مَا قَضَى اللَّه فَهُوَ كَائِن" فَأَصْبَحَ الْأَعْرَابِيّ مَيِّتًا. وَأَخْرَجَ عَبْدالرَّزَّاق عَنْ مَعْمَر عَنْ زَيْد بْن أَسْلَمَ مُرْسَلًا نَحْوه. قَالَ الْمُهَلَّب:فَائِدَة هَذَا الْحَدِيث أَنَّهُ لَا نَقَصَ عَلَى الْإِمَام فِي عِيَادَة مَرِيض مِنْ رَعِيَّته وَلَوْ كَانَ أَعْرَابِيًّا جَافَيَا، وَلَا عَلَى الْعَالَم فِي عِيَادَة الْجَاهِل لَيُعَلِّمهُ وَيُذَكِّرهُ بِمَا يَنْفَعه.

الشيخ: هذه عبارة ناقصة (لا نقص عليه) الصواب أن يقال: على استحباب هذا الشيء وفضله، أما مجرد كونه لا نقص عليه .............. لكن الحديث يدل على أن الفائدة أكبر من هذا أكبر من عبارة (لا نقص عليه) يدل على استحباب هذا الأمر، وأنه من مكارم الأخلاق، وأنه من فضل الأئمة ومن شيمهم الكريمة، ومن محاسن أعمال الولاة.

الطالب: وَيَأْمُرهُ بِالصَّبْرِ لِئَلَّا يَتَسَخَّط قَدَر اللَّه فَيَسْخَط عَلَيْهِ، وَيُسَلِّيه عَنْ أَلَمه بَلْ يَغْبِطهُ بِسَقَمِهِ، إِلَى غَيْر ذَلِكَ مِنْ جَبْر خَاطِره وَخَاطِر أَهْله. وَفِيهِ أَنَّهُ يَنْبَغِي لِلْمَرِيضِ أَنْ يَتَلَقَّى الْمَوْعِظَة بِالْقَبُولِ، وَيُحْسِن جَوَاب مَنْ يُذَكِّرهُ بِذَلِكَ.

الشيخ: يقول هنا طهور إن شاء الله والمؤلف يقول: يدل على أن هذا دعاء ليس بخبر، وقد جاء في الحديث الصحيح: لا يقولن أحدكم اللهم اغفر لي إن شئت، اللهم ارحمني إن شئت ليعزم المسألة فإن الله لا مكره له، فما الجمع إذا صار هذا دعاء وليس بخبر؟ النبي قال في الحديث الصحيح: لا يقولن أحدكم اللهم اغفر لي إن شئت، اللهم ارحمني إن شئت وليعزم المسألة فإن الله لا مكره له، لكن هذا إذا جعلناه خبرًا زال الإشكال، لكن إن جعلناه دعاء جاء الإشكال!.. الأحسن أن نقول مثل ما قال عليه الصلاة والسلام، لكن هذا هو دعاء أو خبر؟ يقول الشارح أنه دعاء والذي يقوله منا يقصد الدعاء: يعني اللهم طهره، يعني إذا جعلناه خبرًا، فنقول: طهور إن شاء الله، يعني: هو طهور إن شاء الله ذلك، وإذا ما شاء ذلك ما صار طهور، يصير خبرًا، والذي يظهر لي -والله أعلم- أنه من باب الخبر لا من باب الدعاء، خلاف ما قاله المؤلف الشارح، من باب الخبر يخبر أنه طهور إن شاء الله أن يجعله طهورًا، فإذا جعلناه خبرًا ما في تعارض بين الحديث هذا وبين حديث: لا يقل أحدكم اللهم اغفر لي إن شئت فيقول: هو طهور لهذا المخاطب إن شاء الله، لا يجزم، مثل ما نقول: أنا مؤمن إن شاء الله، فلان سليم إن شاء الله، يعني حسب الظاهر من حاله أنه سليم إن شاء الله، فلان يحب الخير إن شاء الله، ما هو من باب الدعاء، من باب الخبر.

س:...........

الشيخ: ما دام طهور فهو مغفور له.

................[مناقشة غير واضحة التسجيل]

بَاب عِيَادَةِ المُشْرِكِ

5657 - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ أَنَسٍ : أَنَّ غُلاَمًا لِيَهُودَ، كَانَ يَخْدُمُ النَّبِيَّ ﷺ، فَمَرِضَ فَأَتَاهُ النَّبِيُّ ﷺ يَعُودُهُ، فَقَالَ: أَسْلِمْ فَأَسْلَمَ وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ المُسَيِّبِ، عَنْ أَبِيهِ: لَمَّا حُضِرَ أَبُو طَالِبٍ جَاءَهُ النَّبِيُّ ﷺ.

الشيخ: وهذا يدل على أنه لا بأس بعيادة المريض إذا رُجي إسلامه، لا لمودة ومحبة، لكن لقصد دعوته للإسلام والحرص على نجاته من النار، ولهذا عاد النبي الغلام اليهودي، وعاد عمه أبا طالب؛ رجاء الإسلام، فأفلح الغلام وهداه الله على يد النبي ﷺ، ولم يفلح أبو طالب، بل أبى وعاند وتكبّر، وقال: هو على ملة عبدالمطلب، ولكن الأجر كامل للرسول ﷺفقد فعل وبلّغ عليه الصلاة والسلام، وحصل له كمال الأجر عليه الصلاة والسلام، وإن لم ينجح أبو طالب وإن لم يفلح أبو طالب، وهكذا المؤمن بعد الرسول ﷺ إذا عاد كفارًا من أقاربه أو غيرهم رجاء أن يهديهم الله على يديه ولاسيما عند الموت وفي حال احتضار، وفي حال قرب الأجل، فله أجر كبير وله أسوة بالنبي عليه الصلاة والسلام.

س:...........

الشيخ: لا، نُهي عن اتباع الجنائز، لكن عيادة المريض لا بأس، عيادة المريض من غير ريبة لا بأس.

س: والسلام على الرجال؟

الشيخ: لا بأس، تسلِّم على الرجال، النبي سلَّم على النساء وسلمن عليه، عليه الصلاة والسلام، من دون ريبة، مع الحجاب والعناية بالبُعد عن أسباب الريبة.

بَاب إِذَا عَادَ مَرِيضًا، فَحَضَرَتِ الصَّلاَةُ فَصَلَّى بِهِمْ جَمَاعَةً

5658 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ المُثَنَّى، حَدَّثَنَا يَحْيَى، حَدَّثَنَا هِشَامٌ، قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبِي، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ دَخَلَ عَلَيْهِ نَاسٌ يَعُودُونَهُ فِي مَرَضِهِ، فَصَلَّى بِهِمْ جَالِسًا، فَجَعَلُوا يُصَلُّونَ قِيَامًا، فَأَشَارَ إِلَيْهِمْ: اجْلِسُوا فَلَمَّا فَرَغَ قَالَ: إِنَّ الإِمَامَ لَيُؤْتَمُّ بِهِ، فَإِذَا رَكَعَ فَارْكَعُوا، وَإِذَا رَفَعَ فَارْفَعُوا، وَإِنْ صَلَّى جَالِسًا فَصَلُّوا جُلُوسًا قَالَ أَبُو عَبْدِاللَّهِ: قَالَ الحُمَيْدِيُّ: «هَذَا الحَدِيثُ مَنْسُوخٌ، لِأَنَّ النَّبِيَّ ﷺ آخِرَ مَا صَلَّى صَلَّى قَاعِدًا وَالنَّاسُ خَلْفَهُ قِيَامٌ».

 

الشيخ: هذا قاله الزهري أيضًا وجماعة قالوا: العبرة بالآخر، فالآخر كان النبي ﷺ في آخر حياته صلى بهم قاعدًا، وصلوا قيامًا، ولم يؤمرهم بالجلوس، فدل على أنه ناسخ لما تقدم من الجلوس، وقال آخرون: بل هذا يدل على الجواز، والنسخ لا يكون بالاحتمال، فلما تركهم ولم يأمرهم بالجلوس دل على أن الأمر في قوله: (فصلوا جلوسًا) لليس للوجوب بل هو للندب والاستحباب، ولأن أحاديث الأمر بالجلوس كثيرة، حديث عائشة وحديث أنس وحديث جابر وجماعة فيه الأمر بالجلوس، فيكون ذلك للاستحباب، وقصة صلاته بالناس في آخر حياته وعدم أمرهم بالجلوس يدل على الجواز، وأنهم لو صلوا قيامًا فلا حرج، فالجلوس مستحب، وإن صلوا قيامًا فلا حرج، جمعًا بين الأخبار، وقد تقرر في الأصول أنه لا يصار للنسخ إلا عند تعذر الجمع، والجمع لا يتعذر هنا.

بَاب وَضْعِ اليَدِ عَلَى المَرِيضِ

5659 - حَدَّثَنَا المَكِّيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، أَخْبَرَنَا الجُعَيْدُ، عَنْ عَائِشَةَ بِنْتِ سَعْدٍ، أَنَّ أَبَاهَا، قَالَ: تَشَكَّيْتُ بِمَكَّةَ شَكْوًا شَدِيدًا، فَجَاءَنِي النَّبِيُّ ﷺ يَعُودُنِي، فَقُلْتُ: يَا نَبِيَّ اللَّهِ، إِنِّي أَتْرُكُ مَالًا، وَإِنِّي لَمْ أَتْرُكْ إِلَّا ابْنَةً وَاحِدَةً، فَأُوصِي بِثُلُثَيْ مَالِي وَأَتْرُكُ الثُّلُثَ؟ فَقَالَ: لاَ قُلْتُ: فَأُوصِي بِالنِّصْفِ وَأَتْرُكُ النِّصْفَ؟ قَالَ: لاَ قُلْتُ: فَأُوصِي بِالثُّلُثِ وَأَتْرُكُ لَهَا الثُّلُثَيْنِ؟ قَالَ: الثُّلُثُ، وَالثُّلُثُ كَثِيرٌ ثُمَّ وَضَعَ يَدَهُ عَلَى جَبْهَتِهِ، ثُمَّ مَسَحَ يَدَهُ عَلَى وَجْهِي وَبَطْنِي، ثُمَّ قَالَ: اللَّهُمَّ اشْفِ سَعْدًا، وَأَتْمِمْ لَهُ هِجْرَتَهُ فَمَا زِلْتُ أَجِدُ بَرْدَهُ عَلَى كَبِدِي - فِيمَا يُخَالُ إِلَيَّ - حَتَّى السَّاعَةِ.

الشيخ: عافاه الله وشفاه، وعاش إلى ست وخمسين من الهجرة، رضي الله عنه وأرضاه، والمقصود أن الله جل وعلا نفع به وجاهد الفُرْس جهادًا عظيمًا، ولهذا في الرواية الأخرى: لعلك أن تعمر فينتفع بك أقوام ويضر بك آخرون.

وفي هذا فضل عيادة المرضى، وأن الرسول عليه الصلاة والسلام كان يعود المرضى. وفيه مصالح كثيرة، ولاسيما من الكبار والرؤساء والأعيان، فإنه يُتأسى بهم وتُقضى بهم الحوائج.

وفي عيادة المريض أيضًا مصالح للمريض نفسه، فإنه ينشط أيضًا، ويحس بالقوة والفرح والسرور وانتعاش النفس، وربما زاد ذلك في شفائه، وربما زال مرضه بسبب ذلك...... إخوانه يزورونه، ويعتنون به، وربما كانت له حاجة فأفشاها إلى بعض إخوانه: كقرض أو إخبار طبيب أو دواء أو غير هذا من شؤون المريض.

س: الحديث السابق يدل على أن الجماعة ما تلزم في المسجد؟

الشيخ: لا، ما يدل على هذا، لكن يدل على أنه لا بأس أن يصلى خلف الإمام الراتب، إذا صار الإمام الراتب وصلى للناس في محله صلى بهم في غير المسجد، لا حرج بس الإمام الراتب.

وفي هذا أنه وضع يده على وجهه وعلى بطنه يعني ما فوق السرة، وهذا يؤخذ منه أنه إذا وضع يده على يد المريض أو على يديه أو جبهته ودعا له أن هذا يكون أبلغ في حصول القبول والتأثر، يضع يده على يده أو على جبهته أو على صدره ويدعو له أو ينفث عليه.

س: قوله: فيما يخال إلي؟

الشيخ: يعني فيما أتوهمه، يعني يحس ببرودة يده.

س: على الحقيقة؟

الشيخ: يعني يشعر بهذا الشعور؛ لما في قلبه.

5660 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ، حَدَّثَنَا جَرِيرٌ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ التَّيْمِيِّ، عَنِ الحَارِثِ بْنِ سُوَيْدٍ، قَالَ: قَالَ عَبْدُاللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ: دَخَلْتُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ وَهُوَ يُوعَكُ وَعْكًا شَدِيدًا.

الشيخ: وفي قصته أيضًا دلالة على أن الوصية لا تكون بأكثر من الثلث، النهاية الثلث، وإن غض عن الثلث كما قال ابن عباس: "لو أن الناس غضوا من الثلث إلى الربع" يعني لكان أولى لقول النبي ﷺ: الثلث والثلث كثير هذا يدل على أنه لو نزله عن الثلث أو الخمس كان أوْلى، وقد أوصى الصديق بالخُمس، وقال: رضيت بما رضي الله به من الخُمس، وهذا يختلف فإذا كان المال كثيرًا فالتنزيل أبلغ وآكد؛ لأن الخُمس يكون كثيرًا والربع يكون كثيرًا وإذا كان المال الموصى به قليلًا قد يحتاج إلى الثلث حتى يحصل به المقصود، فالمقصود أن في هذا الدلالة على أنه لا تجوز الزيادة على الثلث، ولو كان الوارث غنيًّا أو واحدًا أو ما أشبه ذلك.

5660 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ، حَدَّثَنَا جَرِيرٌ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ التَّيْمِيِّ، عَنِ الحَارِثِ بْنِ سُوَيْدٍ، قَالَ: قَالَ عَبْدُاللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ: دَخَلْتُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ وَهُوَ يُوعَكُ وَعْكًا شَدِيدًا، فَمَسِسْتُهُ بِيَدِي فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّكَ لَتُوعَكُ وَعْكًا شَدِيدًا؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: أَجَلْ، إِنِّي أُوعَكُ كَمَا يُوعَكُ رَجُلاَنِ مِنْكُمْ فَقُلْتُ: ذَلِكَ أَنَّ لَكَ أَجْرَيْنِ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: أَجَلْ.

الشيخ: يعني ضوعف له البلاء، وضوعف له الأجر عليه الصلاة والسلام.

 ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: مَا مِنْ مُسْلِمٍ يُصِيبُهُ أَذًى، مَرَضٌ فَمَا سِوَاهُ، إِلَّا حَطَّ اللَّهُ لَهُ سَيِّئَاتِهِ، كَمَا تَحُطُّ الشَّجَرَةُ وَرَقَهَا.

بَاب مَا يُقَالُ لِلْمَرِيضِ، وَمَا يُجِيبُ

5661 - حَدَّثَنَا قَبِيصَةُ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ التَّيْمِيِّ، عَنِ الحَارِثِ بْنِ سُوَيْدٍ، عَنْ عَبْدِاللَّهِ ، قَالَ: أَتَيْتُ النَّبِيَّ ﷺ فِي مَرَضِهِ فَمَسِسْتُهُ، وَهُوَ يُوعَكُ وَعْكًا شَدِيدًا، فَقُلْتُ: إِنَّكَ لَتُوعَكُ وَعْكًا شَدِيدًا، وَذَلِكَ أَنَّ لَكَ أَجْرَيْنِ؟ قَالَ: أَجَلْ، وَمَا مِنْ مُسْلِمٍ يُصِيبُهُ أَذًى، إِلَّا حَاتَّتْ عَنْهُ خَطَايَاهُ، كَمَا تَحَاتُّ وَرَقُ الشَّجَرِ.

5662 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ عَبْدِاللَّهِ، عَنْ خَالِدٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ دَخَلَ عَلَى رَجُلٍ يَعُودُهُ، فَقَالَ: لاَ بَأْسَ طَهُورٌ إِنْ شَاءَ اللَّهُ فَقَالَ: كَلَّا، بَلْ حُمَّى تَفُورُ، عَلَى شَيْخٍ كَبِيرٍ، كَيْمَا تُزِيرَهُ القُبُورَ، قَالَ النَّبِيُّ ﷺ: فَنَعَمْ إِذًا.

بَاب عِيَادَةِ المَرِيضِ، رَاكِبًا وَمَاشِيًا، وَرِدْفًا عَلَى الحِمَارِ

5663 - حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ، حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، عَنْ عُقَيْلٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عُرْوَةَ، أَنَّ أُسَامَةَ بْنَ زَيْدٍ، أَخْبَرَهُ أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ رَكِبَ عَلَى حِمَارٍ، عَلَى إِكَافٍ عَلَى قَطِيفَةٍ فَدَكِيَّةٍ، وَأَرْدَفَ أُسَامَةَ وَرَاءَهُ، يَعُودُ سَعْدَ بْنَ عُبَادَةَ قَبْلَ وَقْعَةِ بَدْرٍ، فَسَارَ حَتَّى مَرَّ بِمَجْلِسٍ فِيهِ عَبْدُاللَّهِ بْنُ أُبَيٍّ ابْنُ سَلُولَ، وَذَلِكَ قَبْلَ أَنْ يُسْلِمَ عَبْدُاللَّهِ،

الشيخ: يعني قبل إظهاره الإسلام، وهو ما أسلم حقيقة، يعني قبل أن يُظهر الإسلام وإلا هو مات على نفاقه، نسأل الله العافية.

وَفِي المَجْلِسِ أَخْلاَطٌ مِنَ المُسْلِمِينَ وَالمُشْرِكِينَ عَبَدَةِ الأَوْثَانِ وَاليَهُودِ، وَفِي المَجْلِسِ عَبْدُاللَّهِ بْنُ رَوَاحَةَ، فَلَمَّا غَشِيَتِ المَجْلِسَ عَجَاجَةُ الدَّابَّةِ، خَمَّرَ عَبْدُاللَّهِ بْنُ أُبَيٍّ أَنْفَهُ بِرِدَائِهِ، قَالَ: لاَ تُغَبِّرُوا عَلَيْنَا، فَسَلَّمَ النَّبِيُّ ﷺ وَوَقَفَ، وَنَزَلَ فَدَعَاهُمْ إِلَى اللَّهِ فَقَرَأَ عَلَيْهِمُ القُرْآنَ، فَقَالَ لَهُ عَبْدُاللَّهِ بْنُ أُبَيٍّ: يَا أَيُّهَا المَرْءُ، إِنَّهُ لاَ أَحْسَنَ مِمَّا تَقُولُ إِنْ كَانَ حَقًّا، فَلاَ تُؤْذِنَا بِهِ فِي مَجْلِسِنَا، وَارْجِعْ إِلَى رَحْلِكَ، فَمَنْ جَاءَكَ فَاقْصُصْ عَلَيْهِ، قَالَ ابْنُ رَوَاحَةَ: بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَاغْشَنَا بِهِ فِي مَجَالِسِنَا، فَإِنَّا نُحِبُّ ذَلِكَ، فَاسْتَبَّ المُسْلِمُونَ وَالمُشْرِكُونَ وَاليَهُودُ حَتَّى كَادُوا يَتَثَاوَرُونَ، فَلَمْ يَزَلِ النَّبِيُّ ﷺ حَتَّى سَكَتُوا، فَرَكِبَ النَّبِيُّ ﷺ دَابَّتَهُ حَتَّى دَخَلَ عَلَى سَعْدِ بْنِ عُبَادَةَ، فَقَالَ لَهُ: أَيْ سَعْدُ، أَلَمْ تَسْمَعْ مَا قَالَ أَبُو حُبَابٍ؟ - يُرِيدُ عَبْدَاللَّهِ بْنَ أُبَيٍّ - قَالَ سَعْدٌ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، اعْفُ عَنْهُ وَاصْفَحْ، فَلَقَدْ أَعْطَاكَ اللَّهُ مَا أَعْطَاكَ، وَلَقَدِ اجْتَمَعَ أَهْلُ هَذِهِ البحيرةِ عَلَى أَنْ يُتَوِّجُوهُ فَيُعَصِّبُوهُ، فَلَمَّا رَدَّ ذَلِكَ بِالحَقِّ الَّذِي أَعْطَاكَ شَرِقَ بِذَلِكَ، فَذَلِكَ الَّذِي فَعَلَ بِهِ مَا رَأَيْتَ.

الشيخ: نسأل الله العافية.

س:..........

الشيخ: ضبطه عندكم بحيرة؟

الطالب: ...........

الشيخ:.. يقال لها البحار، والواحدة بحيرة أو بحيرة، وتطلق البحيرة على ما يسيب لأصنامهم.

.......

وفي قصة عبدالله بن أُبي الدلالة على العناية بالرؤساء والكبار والعناية بما يسبِّب إماتة الفتن والتشويش، فإنه ﷺ ما سبه ولا قال له شيئًا؛ لأنه معظَّم في قومه، وله شأن في قومه، ولكن اجتهد في تخفيضهم حتى سكتوا، ثم لما جاء إلى سعد قال: ما فعل أبو الحباب؟ ما قال: هذا الفاسق أو قال: عدو الله، بل قال: ما فعل أبو الحباب، كناه بكنيته؛ لما في هذا من تسكين الأمور وتهدئة الأحوال مع بيان الخطأ والغلط، حتى بيَّن سعد أسباب ذلك؛ فهذا فيه الدلالة على الرفق في الأمور، ولاسيما مع الرؤساء والكبار؛ لأن تحريشهم والكلام فيه قد يسبب فتنًا وشرورًا، وقد يتعصب لهم أقوام.

س:.........

الشيخ: هذا في أول الهجرة، وقد يكون جلوسهم للدعوة إلى الله، وقد يكون لأمور مهمة، ما هو بلازم على الجواز مطلقًا، الإسلام ذاك الوقت ما بعد انتشر كثيرًا في المدينة فيهم الوثنيون وفيهم اليهود ومخالطة المسلمون لهم لمصالح قد يكون لشؤون تتعلق بالبلاد ومصالح البلاد، قد يكون للدعوة إلى الله، قد يكون لغير هذا.

الطالب: ..........

الشيخ: نعم.

الطالب: والبحرة البلدة، والمنقرض من الأرض، والروضة العظيمة مستنقع الماء، واسم مدينة النبي ﷺ.

الشيخ: بحرة كذا بحرة؟

الطالب: نعم، وقرية بالبحرين، وكل قرية لها نهر جارٍ وماء ناقع، وبحرة الرغاء بالطائف جمع بحار...

................[مناقشة غير واضحة حول بحرة ]

5664 - حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَبَّاسٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُالرَّحْمَنِ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ مُحَمَّدٍ هُوَ ابْنُ المُنْكَدِرِ، عَنْ جَابِرٍ  قَالَ: «جَاءَنِي النَّبِيُّ ﷺ يَعُودُنِي، لَيْسَ بِرَاكِبِ بَغْلٍ وَلاَ بِرْذَوْنٍ».

بَابُ ما رخص للمريض أن يقول: " إِنِّي وَجِعٌ، أَوْ وَا رَأْسَاهْ، أَوِ اشْتَدَّ بِي الوَجَعُ

وَقَوْلِ أَيُّوبَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ: أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ [الأنبياء:83].

الشيخ: شف كلامه على أول ما قرأت؟

الطالب: قَوْله: (بَاب عِيَادَة الْمُشْرِك) قَالَ اِبْن بَطَّال: إِنَّمَا تُشْرَع عِيَادَته إِذَا رُجِيَ أَنْ يُجِيب إِلَى الدُّخُول فِي الْإِسْلَام، فَأَمَّا إِذَا لَمْ يَطْمَع فِي ذَلِكَ فَلَا. اِنْتَهَى. وَاَلَّذِي يَظْهَر أَنَّ ذَلِكَ يَخْتَلِف بِاخْتِلَافِ الْمَقَاصِد، فَقَدْ يَقَع بِعِيَادَتِهِ مَصْلَحَة أُخْرَى. قَالَ الْمَاوَرْدِيّ: عِيَادَة الذِّمِّيّ جَائِزَة، وَالْقُرْبَة مَوْقُوفَة عَلَى نَوْع حُرْمَة تَقْتَرِن بِهَا مِنْ جِوَار أَوْ قَرَابَة. ثُمَّ ذَكَرَ الْمُصَنِّف حَدِيث أَنَس فِي قِصَّة الْغُلَام الْيَهُودِيّ، وَتَقَدَّمَ شَرْحهَا مُسْتَوْفًى فِي كِتَاب الْجَنَائِز، وَذَكَرَ قَوْل مَنْ زَعَمَ أَنَّ اِسْمه عَبْدُالْقُدُّوس.

قَوْله: (وَقَالَ سَعِيد بْن الْمُسَيِّب عَنْ أَبِيهِ) تَقَدَّمَ مَوْصُولًا فِي تَفْسِير سُورَة الْقَصَص وَفِي الْجَنَائِز أَيْضًا، وَتَقَدَّمَ شَرْحُهُ مُسْتَوْفًى فِي الْجَنَائِز.

الشيخ: شف كلامه على الترجمة التي بعد هذا، مس المريض؟

الطالب: قَوْله: (بَاب وَضْع الْيَد عَلَى الْمَرِيض) قَالَ اِبْن بَطَّال: فِي وَضْع الْيَد عَلَى الْمَرِيض تَأْنِيس لَهُ وَتَعَرُّف لِشِدَّةِ مَرَضه لِيَدْعُوَ لَهُ بِالْعَافِيَةِ عَلَى حَسَب مَا يَبْدُو لَهُ مِنْهُ، وَرُبَّمَا رَقَاهُ بِيَدِهِ وَمَسَحَ عَلَى أَلَمه بِمَا يَنْتَفِع بِهِ الْعَلِيل إِذَا كَانَ الْعَائِد صَالِحًا. قُلْت: وَقَدْ يَكُون الْعَائِد عَارِفًا بِالْعِلَاجِ فَيَعْرِف الْعِلَّة فَيَصِف لَهُ مَا يُنَاسِبهُ.

الشيخ: والأطباء الآن يضعون أيديهم على هذا يعرفون بها النبض، شيء من وجوه العلة، المقصود أن وضع اليد عليه فيه إيناس وإذا كان معه في نفس ذلك مصلحة أخرى.

الطالب: وَرُبَّمَا رَقَاهُ بِيَدِهِ وَمَسَحَ عَلَى أَلَمه بِمَا يَنْتَفِع بِهِ الْعَلِيل.

الشيخ: أو يجعل يده على يد العليل نفسه، يعني ما هو بلزوم الرقية تكون في الصدر أو الرأس، على أي عضو إذا رقى في يده كفى.

الطالب: وَرُبَّمَا رَقَاهُ بِيَدِهِ وَمَسَحَ عَلَى أَلَمه بِمَا يَنْتَفِع بِهِ الْعَلِيل إِذَا كَانَ الْعَائِد صَالِحًا. قُلْت: وَقَدْ يَكُون الْعَائِد عَارِفًا بِالْعِلَاجِ فَيَعْرِف الْعِلَّة فَيَصِف لَهُ مَا يُنَاسِبهُ.

ثُمَّ ذَكَرَ الْمُصَنِّفُ فِي الْبَابِ حَدِيثَيْنِ تَقَدَّمَا أَحَدُهُمَا حَدِيث سَعِيد بْن أَبِي وَقَّاص، وَقَدْ تَقَدَّمَ شَرْحه فِي الْوَصَايَا، وَأَوْرَدَهُ هُنَا عَالِيًا مِنْ طَرِيق الْجُعَيْد وَهُوَ اِبْن عَبْدالرَّحْمَن ، وَقَوْله فِيهِ: "تَشَكَّيْت بِمَكَّة شَكْوَى شَدِيدَة" فِي رِوَايَة الْمُسْتَمْلِي: "شَدِيدًا" بِالتَّذْكِيرِ عَلَى إِرَادَة الْمَرَض وَالشَّكْوَى بِالْقَصْرِ الْمَرَض.

وَقَوْله: "وَأَتْرُك لَهَا الثُّلُثَيْنِ" قَالَ الدَّاوُدِيّ: إِنْ كَانَتْ هَذِهِ الزِّيَادَة مَحْفُوظَة فَلَعَلَّ ذَلِكَ كَانَ قَبْل نُزُول الْفَرَائِض. وَقَالَ غَيْره: قَدْ يَكُون مِنْ جِهَة الرَّدّ، وَفِيهِ نَظَر لِأَنَّ سَعْدًا كَانَ لَهُ حِينَئِذٍ عَصَبَات وَزَوْجَات فَيَتَعَيَّن تَأْوِيله، وَيَكُون فِيهِ حَذْف تَقْدِيره: وَأَتْرُك لَهَا الثُّلُثَيْنِ، أَيْ وَلِغَيْرِهَا مِنْ الْوَرَثَة. وَخَصَّهَا بِالذِّكْرِ لِتَقَدُّمِهَا عِنْده. وَأَمَّا قَوْله: "وَلَا يَرِثنِي إِلَّا اِبْنَة لِي" فَتَقَدَّمَ أَنَّ مَعْنَاهُ مِنْ الْأَوْلَاد، وَلَمْ يُرِدْ ظَاهِر الْحَصْر.

وَقَوْله: "ثُمَّ وَضَعَ يَده عَلَى جَبْهَته" فِي رِوَايَة الْكُشْمِيهَنِيّ: "عَلَى جَبْهَتِي" وَبِهَا يَتَبَيَّن أَنَّ فِي الْأَوَّل تَجْرِيدًا، وَقَوْله: "فَمَا زِلْت أَجِد بَرْده" أَيْ بَرْد يَده، وَذُكِّرَ بِاعْتِبَارِ الْعُضْو أَوْ الْكَفّ أَوْ الْمَسْح.

وَقَوْله: "فِيمَا يُخَال إِلَيَّ" قَالَ اِبْن التِّين: صَوَابه فِيمَا يُخَيَّل إِلَيَّ بِالتَّشْدِيدِ؛ لِأَنَّهُ مِنْ التَّخَيُّل، قَالَ اللَّه تَعَالَى: يُخَيَّلُ إِلَيْهِ مِنْ سِحْرِهِمْ أَنَّهَا تَسْعَى. قُلْت: وَأَقَرَّهُ الزَّرْكَشِيّ، وَهُوَ عَجِيب. فَإِنَّ الْكَلِمَة صَوَاب، وَهُوَ بِمَعْنَى يُخَيَّل قَالَ فِي الْمُحْكَم: خَال الشَّيْء يَخَالهُ يَظُنّهُ وَتَخَيَّلَهُ ظَنَّهُ، وَسَاقَ الْكَلَامَ عَلَى الْمَادَّة.

الحَدِيث الثَّانِي: حَدِيث اِبْن مَسْعُود، وَقَدْ تَقَدَّمَ شَرْحه فِي أَوَائِل كَفَّارَة الْمَرْضَى.  وَقَوْله: "فَمَسِسْته بِيَدِي" بِكَسْرِ السِّين الْأُولَى وَهِيَ مَوْضِع.

الشيخ: شف المتن في الحديث هذا.

الطالب: ثم وضع يده على جبهته، ثم مسح يده على وجهه وبطنه.

الشيخ:.....................

س: يعني فيه التفات؟

الشيخ: نعم، المتكلم التفت إلى الغائب.