باب قراءة سورتين في ركعة وقراءة بعض سورة وتنكيس السور في ترتيبها وجواز تكريرها

المقدم: بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله ربِّ العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين نبينا محمدٍ، وعلى آله وصحبه أجمعين.

أيها الإخوة والأخوات، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وأهلًا ومرحبًا بحضراتكم إلى درسٍ مباركٍ من دروس "المنتقى".

ضيف اللِّقاء هو سماحة العلامة الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله بن باز، المفتي العام للمملكة العربية السعودية، ورئيس هيئة كبار العلماء.

مع مطلع هذا اللقاء نُرحب بسماحة الشيخ، فأهلًا ومرحبًا يا سماحة الشيخ.

الشيخ: حياكم الله وبارك فيكم.

المقدم:

بَابُ قِرَاءَةِ سُورَتَيْنِ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ وَقِرَاءَةِ بَعْضِ سُورَةٍ

وَتَنْكِيسِ السُّوَرِ فِي تَرْتِيبِهَا وَجَوَازِ تَكْرِيرِهَا

- عَنْ أَنَسٍ قَالَ: كَانَ رَجُلٌ مِنَ الْأَنْصَارِ يَؤُمُّهُمْ فِي مَسْجِدِ قُبَاءَ، فَكَانَ كُلَّمَا افْتَتَحَ سُورَةً يَقْرَأُ بِهَا لَهُمْ فِي الصَّلَاةِ مِمَّا يَقْرَأُ بِهِ افْتَتَحَ بِـقُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ حَتَّى يَفْرُغَ مِنْهَا، ثُمَّ يَقْرَأُ سُورَةً أُخْرَى مَعَهَا، فَكَانَ يَصْنَعُ ذَلِكَ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ، فَلَمَّا أَتَاهُم النَّبِيُّ ﷺ أَخْبَرُوهُ الْخَبَرَ، فَقَالَ: وَمَا يَحْمِلُكَ عَلَى لُزُومِ هَذِهِ السُّورَةِ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ؟ قَالَ: إنِّي أُحِبُّهَا، قَالَ: حُبُّكَ إيَّاهَا أَدْخَلَكَ الْجَنَّةَ رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ، وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ تَعْلِيقًا.

- وَعَنْ حُذَيْفَةَ قَالَ: صَلَّيْتُ مَعَ النَّبِيِّ ﷺ ذَاتَ لَيْلَةٍ، فَافْتَتَحَ الْبَقَرَةَ، فَقُلْتُ: يَرْكَعُ عِنْدَ الْمِئَةِ، ثُمَّ مَضَى، فَقُلْتُ: يُصَلِّي بِهَا فِي كُلِّ رَكْعَةٍ، فَمَضَى، فَقُلْتُ: يَرْكَعُ بِهَا، فَمَضَى، ثُمَّ افْتَتَحَ النِّسَاءَ فَقَرَأَهَا، ثُمَّ افْتَتَحَ آلَ عِمْرَانَ فَقَرَأَهَا مُتَرَسِّلًا، إذَا مَرَّ بِآيَةٍ فِيهَا تَسْبِيحٌ سَبَّحَ، وَإِذَا مَرَّ بِسُؤَالٍ سَأَلَ، وَإِذَا مَرَّ بِتَعَوُّذٍ تَعَوَّذَ، ثُمَّ رَكَعَ فَجَعَلَ يَقُولُ: سُبْحَانَ رَبِّي الْعَظِيمِ، وَكَانَ رُكُوعُهُ نَحْوًا مِنْ قِيَامِهِ، ثُمَّ قَالَ: سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ، رَبّنَا لَكَ الْحَمْدُ، ثُمَّ قَامَ قِيَامًا طَوِيلًا قَرِيبًا مِمَّا رَكَعَ، ثُمَّ سَجَدَ فَقَالَ: سُبْحَانَ رَبِّي الْأَعْلَى، فَكَانَ سُجُودُهُ قَرِيبًا مِنْ قِيَامِهِ. رَوَاهُ أَحْمَدُ وَمُسْلِمٌ وَالنَّسَائِيُّ.

- وَعَنْ رَجُلٍ مِنْ جُهَيْنَةَ: أَنَّهُ سَمِعَ النَّبِيَّ ﷺ يَقْرَأُ فِي الصُّبْحِ: إذَا زُلْزِلَتِ الْأَرْضُ فِي الرَّكْعَتَيْنِ كِلْتَيْهِمَا، قَالَ: فَلَا أَدْرِي: أَنَسِيَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ أَمْ قَرَأَ ذَلِكَ عَمْدًا؟ رَوَاهُ أَبُو دَاوُد.

- وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ كَانَ يَقْرَأُ فِي رَكْعَتَي الْفَجْرِ فِي الْأُولَى مِنْهُمَا: قُولُوا آمَنَّا بِاَللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ إلَيْنَا الْآيَة الَّتِي فِي الْبَقَرَةِ، وَفِي الْآخِرَةِ: آمَنَّا بِاَللَّهِ وَاشْهَدْ بِأَنَّا مُسْلِمُونَ.

وَفِي رِوَايَةٍ: كَانَ يَقْرَأُ فِي رَكْعَتَي الْفَجْرِ: قُولُوا آمَنَّا بِاَللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ إلَيْنَا وَالَّتِي فِي آلِ عِمْرَانَ: تَعَالَوْا إلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ. رَوَاهُمَا أَحْمَدُ وَمُسْلِمٌ.

الشيخ: بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله، وصلى الله وسلم على رسول الله، وعلى آله وأصحابه ومَن اهتدى بهداه.

أما بعد: ففي هذه الأحاديث وما جاء في معناها فوائد:

منها الدلالة على جواز قراءة عدة من السور في ركعةٍ واحدةٍ، كما قرأ النبيُّ ﷺ في صلاة الليل سورة البقرة والنساء وآل عمران، كما في حديث حذيفة، واستقرَّ في العرضة الأخيرة تقديم آل عمران ثم النساء، البقرة ثم آل عمران ثم النساء، كما عليه المصحف، وكما في إمام أهل قباء: كان يقرأ بعد الفاتحة بـقُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ [الإخلاص] وسورة أخرى، فهذا يدل على جواز ذلك، وأنه لا حرج في ذلك: أن يقرأ الفاتحةَ، ويقرأ بعدها سورتين أو ثلاثًا، أو سورةً واحدةً، أو بعض الآيات، كما قرأ النبيُّ في ركعتي الفجر بعض الآيات.

وفي هذا أنه لا بأس أن يُكرر: قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ في الركعات؛ لعظم شأنها؛ ولكونها تعدل ثلث القرآن، فإن الرسول لما سأله قال: لماذا تقرأها في كل ركعةٍ؟ قال: لأنها صفة الرحمن، وأنا أُحبها، قال: حبُّك إياها أدخلك الجنة، وقال في بعض رواياته: إنَّ الله يُحبك كما أحببتَها.

وفي قراءة الزلزلة في الركعتين يدل على جواز تكرار السورة في ركعتين، إذا قرأ في الأولى: إِذَا زُلْزِلَتِ [الزلزلة]، ثم كررها، أو قرأ غير ذلك ثم كررها، كل هذا لا حرج فيه، وكان الغالبُ عليه ﷺ أنه يقرأ في الثانية غير ما قرأ في الأولى، وهذا هو الأفضل، وكان ﷺ يُطيل في صلاة الفجر، وكان يقرأ في العشاء والظهر من أوساط المفصل، والعصر كذلك، وكانت العصر أخفَّ من الظهر، وكان في المغرب في الغالب يقرأ بقصار المفصل، وربما قرأ بطوال المفصل، هذا هو السنة: تحري ما كان يفعل عليه الصلاة والسلام في صلاته، وما أقرَّه، وما أرشد إليه عليه الصلاة والسلام.

بَابُ جَامِعِ الْقِرَاءَةِ فِي الصَّلَوَاتِ

- عَنْ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ: أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ كَانَ يَقْرَأُ فِي الْفَجْرِ بِـق وَالْقُرْآنِ الْمَجِيدِ [ق] وَنَحْوِهَا، وَكَانَت صَلَاتُهُ بَعْدُ إلَى تَخْفِيفٍ.

وَفِي رِوَايَةٍ: كَانَ يَقْرَأُ فِي الظُّهْرِ بِـوَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَى [الليل]، وَفِي الْعَصْرِ نَحْوَ ذَلِكَ، وَفِي الصُّبْحِ أَطْوَلَ مِنْ ذَلِكَ. رَوَاهُمَا أَحْمَدُ وَمُسْلِمٌ.

وَفِي رِوَايَةٍ: كَانَ إذَا دَحَضَتِ الشَّمْسُ صَلَّى الظُّهْرَ وَقَرَأَ بِنَحْوٍ مِن: وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَى، وَالْعَصْرِ كَذَلِكَ، وَالصَّلَوَاتِ كُلِّهَا كَذَلِكَ، إلَّا الصُّبْحَ؛ فَإِنَّهُ كَانَ يُطِيلُهَا. رَوَاهُ أَبُو دَاوُد.

- وَعَنْ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعَمٍ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يَقْرَأُ فِي الْمَغْرِبِ بِالطُّورِ. رَوَاهُ الْجَمَاعَةُ إلَّا التِّرْمِذِيَّ.

- وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: أَنَّ أُمَّ الْفَضْلِ بِنْتَ الْحَارِثِ سَمِعَتْهُ وَهُوَ يَقْرَأُ وَالْمُرْسَلَاتِ عُرْفًا [المرسلات]، فَقَالَتْ: يَا بُنَيَّ، لَقَدْ ذَكَّرْتَنِي بِقِرَاءَتِكَ هَذِهِ السُّورَةَ، إنَّهَا لَآخِرُ مَا سَمِعْتُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ يَقْرَأ بِهَا فِي الْمَغْرِبِ. رَوَاهُ الْجَمَاعَةُ إلَّا ابْنَ مَاجَهْ.

- وَعَنْ عَائِشَةَ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَرَأَ فِي الْمَغْرِبِ بِسُورَةِ الْأَعْرَافِ، فَرَّقَهَا فِي الرَّكْعَتَيْنِ. رَوَاهُ النَّسَائِيُّ.

- وَعَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: كَانَ النَّبِيُّ ﷺ يَقْرَأُ فِي الْمَغْرِبِ: قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ، وقُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ. رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ.

- وَفِي حَدِيثِ جَابِرٍ: أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ قَالَ: يَا مُعَاذُ، أَفَتَّانٌ أَنْتَ؟! أَوْ قَالَ: أَفَاتِنٌ أَنْتَ؟! فَلَوْلَا صَلَّيْتَ بِـسَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى، وَالشَّمْسِ وَضُحَاهَا، وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَى مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.

- وَعَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّهُ قَالَ: مَا رَأَيْتُ رَجُلًا أَشْبَهَ صَلَاةً بِرَسُولِ اللَّهِ ﷺ مِنْ فُلَانٍ. لِإِمَامٍ كَانَ بِالْمَدِينَةِ.

قَالَ سُلَيْمَانُ: فَصَلَّيْتُ خَلْفَهُ، فَكَانَ يُطِيلُ الْأُولَيَيْنِ مِنَ الظُّهْرِ، وَيُخَفِّفُ الْآخِرَتَيْنِ، وَيُخَفِّفُ الْعَصْرَ، وَيَقْرَأُ فِي الْأُولَيَيْنِ مِنَ الْمَغْرِبِ بِقِصَارِ الْمُفَصَّلِ، وَيَقْرَأُ فِي الْأُولَيَيْنِ مِنَ الْعِشَاءِ مِنْ وَسَطِ الْمُفَصَّلِ، وَيَقْرَأُ فِي الْغَدَاةِ بِطِوَالِ الْمُفَصَّلِ. رَوَاهُ أَحْمَدُ وَالنَّسَائِيُّ.

الشيخ: هذه الأحاديث كلها تدل على أنه ينبغي للمؤمن أن يتحرى في الأوقات الخمسة كما كان النبيُّ يتحرى في قراءته ﷺ، والأفضل أن يقرأ في الفجر من طوال المفصل، مثل: "ق"، و"الذاريات"، و"الطور" وأشباه ذلك؛ تأسيًا به ﷺ، فإنه كان يُطيل في الفجر، وإذا قصر بعض الأحيان فلا بأس، ولكن السنة في الأغلب أن تكون القراءةُ في الفجر من طوال المفصل؛ تأسيًا به عليه الصلاة والسلام، وأما في الظهر والعصر فيكون من أوساط المفصل، كما أرشد إليه النبيُّ ﷺ، كـوَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَى [الليل]، وَالسَّمَاءِ ذَاتِ الْبُرُوجِ [البروج]، وسَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى [الأعلى]، وهَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ الْغَاشِيَةِ [الغاشية] .. وأشباه ذلك، هذا هو الأفضل.

وفي العصر أخفّ من ذلك، وفي المغرب من قصار المفصل، هذا هو الأفضل: كـ"الضحى"، و"الزلزلة"، و"القارعة"، و"ألهاكم"، وإذا قرأ بعض الأحيان من طواله، كما قرأ النبيُّ بعض الأحيان بالطور، كما رواه جبير بن مطعم، وكما روت أمُّ الفضل: أنه قرأ في المغرب بالمرسلات، إذا قرأ بعض الأحيان من طوال المفصل أو من أوساط المفصل بعض الأحيان فلا بأس، لكن يكون الغالبُ عليه من قصار المفصل؛ تأسيًا بالنبي عليه الصلاة والسلام في ذلك.

س: ما الحكمة من تخصيص سورة "ق" في القراءة في الفجر؟

الشيخ: ما خصَّها، النبيُّ قرأها في بعض الأحيان.

س: سماحة الشيخ، التَّخفيف في الصلاة أخذ منه بعضُ الكسالى حُجَّة، فصارت الصلاةُ لبعضهم نقرًا كنقر الغراب، نأمل من سماحتكم بيان ذلك؟

الشيخ: لا، الواجب الطُّمأنينة، الطمأنينة ركن من الصلاة، القراءة غير الطُّمأنينة، الطمأنينة لا بدَّ منها في الركوع والسجود وبين السَّجدتين وبعد الركوع، لا بدَّ من الطمأنينة، والقراءة مراعاة للناس؛ لئلا يشقّ عليهم؛ ولهذا لما طوَّل معاذ غضب عليه وقال: أفتان أنت يا معاذ؟! اقرأ بـسَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى [الأعلى]، وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَى [الليل]؛ لأنهم شكوه في تطويله في صلاة العشاء .

فالمؤمن يتحرى الشيء الذي ما يشقّ على الناس، ولا يُنفرهم من صلاة الجماعة، لكن مع الطُّمأنينة في ركوعه وسجوده وبين السَّجدتين، وحين يقوم بعد الركوع ينتصب، يطمئن.

س: يقول بعضُ العلماء: يُكره للإمام أن يُسرع سرعةً تمنع المأمومَ من إتيان المستحبَّات في الصلاة، فكيف بمَن يُسرع سرعةً تمنع من إتيان ..؟

الشيخ: هذا معنى الطُّمأنينة، يطمئن طمأنينةً تُمكنه من تكرار التَّسبيح ثلاث مرات في الركوع والسجود، أو خمس مرات، أو سبع مرات، مع الدُّعاء في السجود، وكذلك الركود بين السجدتين؛ حتى يُكثر من دعاء: رب اغفر لي، اللهم اغفر لي، وارحمني، واهدني. هكذا ينبغي، يتحرى الرفقَ بهم حتى يتمكَّنوا من أداء السنة، ومن الدعاء في محلِّ الدُّعاء.

س: إذا أسرع الإمامُ في الصلاة ولم يستطع المأمومُ أن يُلاحقه، هل ينوي الإفرادَ أم ماذا يفعل؟

الشيخ: إذا أسرع سرعةً تُبطل الصلاة بطلت صلاته، لا بدّ من الطمأنينة، الإمام الذي لا يطمئن لا صلاةَ له، مثلما أمر النبيُّ الأعرابي أن يُعيد الصلاة، فإذا كان إمام لا يطمئن ما يُصلَّى خلفه، ينفرد.

س: أخيرًا سماحة الشيخ، هناك مسألة يستفسر عنها كثيرٌ من الإخوان، وهو: أنَّ أكثر المشاكل خاصة من كبار السن عن الإمام، فيقولون: طولت، أو قصرت، أو تأخَّرت، أو بكرت، مما يُنفر الإمام، ويترك الإمامة، هل المساجد بُنيت لهذا اللَّغط؟

الشيخ: يتحرى السنة في الأمور كلها، يتحرى السنة ولا يُبالي، وإذا خاطبوه خاطبهم بالتي هي أحسن وبيَّن لهم السنة.

بَابُ الْحُجَّةِ فِي الصَّلَاةِ بِقِرَاءَةِ ابْنِ مَسْعُودٍ وَأُبَيٍّ وَغَيْرِهِمَا مِمَّنْ أَثْنَى عَلَى قِرَاءَتِهِ

- عَنْ عَبْدِاللَّهِ بْنِ عمرو قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: خُذُوا الْقُرْآنَ مِنْ أَرْبَعَةٍ: مِنِ ابْنِ أُمِّ عَبْدٍ -فَبَدَأَ بِهِ- وَمُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ، وَأُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ، وَسَالِمٍ مَوْلَى أَبِي حُذَيْفَةَ رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَالْبُخَارِيُّ، وَالتِّرْمِذِيُّ وَصَحَّحَهُ.

- وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ: أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ قَالَ: مَنْ أَحَبَّ أَنْ يَقْرَأَ الْقُرْآنَ غَضًّا كَمَا أُنْزِلَ فَلْيَقْرَأْهُ عَلَى قِرَاءَةِ ابْنِ أُمِّ عَبْدٍ رَوَاهُ أَحْمَدُ.

- وَعَنْ أَنَسٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ لِأُبَيٍّ: إنَّ اللَّهَ أَمَرَنِي أَنْ أَقْرَأَ عَلَيْكَ: لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا.

وَفِي رِوَايَةٍ: أَنْ أَقْرَأَ عَلَيْكَ الْقُرْآنَ، قَالَ: وَسَمَّانِي لَكَ؟ قَالَ: نَعَمْ، فَبَكَى. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.

الشيخ: هذه الأحاديث تدل على أنَّ القارئ يتحرى القراءةَ التي قرأ بها الصحابةُ نقلًا عن النبيِّ ﷺ: كابن مسعودٍ، وأُبي بن كعب، وزيد بن ثابت، وسالم مولى أبي حذيفة، ونحو ذلك؛ لأنهم أخذوها عن النبي ﷺ، لكن الحمد لله الآن كُفي الناس، ورتّب الصحابةُ ذلك في عهد عثمان وانتهى الأمر بحمد الله على المصحف الموجود الذي اجتمع عليه الصحابةُ رضي الله عنهم وأرضاهم، فينبغي ألا يتجاوز الناسُ ما رُسم في المصحف، وأن يقرؤوا من المصحف الذي أثبته الصحابةُ عن النبيِّ عليه الصلاة والسلام، مع الترتيل، ومع الركود، ومع الخشوع والطمأنينة؛ حتى ينتفع الناسُ بالقراءة، حتى يخشعوا، وحتى يستفيدوا، فالقارئ في الصلاة وغيرها يخشع ويتحرى التَّرتيل والإيضاح؛ حتى ينتفع الناسُ بقراءته.

س: ما معنى: خذوا القرآن؟

الشيخ: يعني: تعلَّموه واحفظوه على هؤلاء في عهد النبيِّ عليه الصلاة والسلام؛ لأنهم كانوا حفظوه عن النبيِّ ﷺ كما ينبغي.

س: ولم خصّ هؤلاء؟

الشيخ: لحفظهم وعنايتهم به رضي الله عنهم وأرضاهم.

س: مرَّ علينا: "غضًّا كما أُنزل" ما معناه؟

الشيخ: يعني: على حاله، لم يتغير، بحروفه ولهجته التي قرأ بها النبيُّ ﷺ.

س: ما حكم تحسين الصوت بالقراءة من أجل تنشيط الناس؟

الشيخ: مشروع، مثلما في الحديث: زينوا أصواتكم بالقرآن، زينوا القرآن بأصواتكم، ولما سمع النبيُّ أبا موسى قال: لقد أُوتي هذا مزمارًا من مزامير آل داود، فقال أبو موسى: لو علمتُ أنَّك تسمع لحبرتُه لك تحبيرًا. فتحسين القرآن وترتيله هذا مما ينفع الناس ويُسبب خشوعهم، وتكون استفادتهم أكثر.

س: في رمضان يذهب الناسُ إلى مساجد مُعينة؛ لجمال الصَّوت، واجتماع الناس، فما الحكم؟

الشيخ: لا بأس، يتحرى إمامًا صوته حسن بالقرآن، طيب، يُعينه على الفهم والتَّدبر.

 

بَابُ مَا جَاءَ فِي السَّكْتَتَيْنِ قَبْلَ الْقِرَاءَةِ وَبَعْدَهَا

- عَنِ الْحَسَنِ، عَنْ سَمُرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ: أَنَّهُ كَانَ يَسْكُتُ سَكْتَتَيْنِ: إذَا اسْتَفْتَحَ الصَّلَاةَ، وَإِذَا فَرَغَ مِنَ الْقِرَاءَةِ كُلِّهَا.

وَفِي رِوَايَةٍ: سَكْتَةً إذَا كَبَّرَ، وَسَكْتَةً إذَا فَرَغَ مِنْ قِرَاءَةِ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ [الفاتحة:7]. رَوَى ذَلِكَ أَبُو دَاوُد، وَكَذَلِكَ أَحْمَدُ وَالتِّرْمِذِيُّ وَابْنُ مَاجَهْ بِمَعْنَاهُ.

الشيخ: السَّكتتان محفوظتان عن النبي ﷺ:

إحداهما بعد الإحرام: يقرأ فيها دعاء الاستفتاح.

والسَّكتة الثانية بعد انتهاء القراءة، قبل أن يركع، خفيفة، سكتة خفيفة.

أما السكتة بعد الفاتحة ففيها ضعف؛ لأنَّ الحسن رواه عن سمرة بالتَّدليس، بالعنعنة، والحسن يُدلس، ولم يُحفظ أنه سمع من سمرة إلا حديث العقيقة، لكن إذا سكت بعد الفاتحة قليلًا لا بأس؛ حتى يقرأ الناسُ الفاتحةَ، لا حرج في ذلك.

س: ولكن متى يقرأ المأمومُ الفاتحةَ إذا لم يسكت الإمامُ؟

الشيخ: إن سكت الإمامُ يقرأها في السَّكتة، وإن لم يسكت يقرأها ولو الإمام يقرأ والحمد لله؛ لقوله ﷺ: لعلكم تقرؤون خلف إمامكم؟ قلنا: نعم، قال: لا تفعلوا إلا بفاتحة الكتاب؛ فإنه لا صلاةَ لمن لم يقرأ بها، يقرأ ولو كان الإمامُ يقرأ، ثم إذا كملها أنصت.

بَابُ التَّكْبِيرِ لِلرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ وَالرَّفْعِ

- عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ قَالَ: رَأَيْتُ النَّبِيَّ ﷺ يُكَبِّرُ فِي كُلِّ رَفْعٍ وَخَفْضٍ، وَقِيَامٍ وَقُعُودٍ. رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَالنَّسَائِيُّ، وَالتِّرْمِذِيُّ وَصَحَّحَهُ.

- وَعَنْ عِكْرِمَةَ قَالَ: قُلْتُ لِابْنِ عَبَّاسٍ: صَلَّيْتُ الظُّهْرَ بِالْبَطْحَاءِ خَلْفَ شَيْخٍ أَحْمَقَ؛ فَكَبَّرَ ثِنْتَيْنِ وَعِشْرِينَ تَكْبِيرَةً، يُكَبِّرُ إذَا سَجَدَ، وَإِذَا رَفَعَ رَأْسَهُ! فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: تِلْكَ صَلَاةُ أَبِي الْقَاسِمِ ﷺ. رَوَاهُ أَحْمَدُ وَالْبُخَارِيُّ.

- وَعَنْ أَبِي مُوسَى قَالَ: إنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ خَطَبَنَا فَبَيَّنَ لَنَا سُنَّتَنَا، وَعَلَّمَنَا صَلَاتَنَا، فَقَالَ: إذَا صَلَّيْتُمْ فَأَقِيمُوا صُفُوفَكُمْ، ثُمَّ لِيَؤُمَّكُمْ أَحَدُكُمْ، فَإِذَا كَبَّرَ فَكَبِّرُوا، وَإِذَا قَرَأَ فَأَنْصِتُوا، وَإِذَا قَالَ: غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ [الفاتحة:7] فَقُولُوا: آمِينَ، يُجِبْكُم اللَّهُ، وَإِذَا كَبَّرَ وَرَكَعَ فَكَبِّرُوا وَارْكَعُوا، فَإِنَّ الْإِمَامَ يَرْكَعُ قَبْلَكُمْ، وَيَرْفَعُ قَبْلَكُمْ.

فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: فَتِلْكَ بِتِلْكَ، وَإِذَا قَالَ: سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ، فَقُولُوا: اللَّهُمَّ رَبَّنَا لَكَ الْحَمْدُ، يَسْمَعُ اللَّهُ لَكُمْ، فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَالَ عَلَى لِسَانِ نَبِيِّهِ: سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ، وَإِذَا كَبَّرَ وَسَجَدَ فَكَبِّرُوا وَاسْجُدُوا، فَإِنَّ الْإِمَامَ يَسْجُدُ قَبْلَكُمْ، وَيَرْفَعُ قَبْلَكُمْ.

قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: فَتِلْكَ بِتِلْكَ، وَإِذَا كَانَ عِنْدَ الْقَعْدَةِ فَلْيَكُنْ مِنْ أَوَّلِ قَوْلِ أَحَدِكُمْ: التَّحِيَّاتُ الطَّيِّبَاتُ الصَّلَوَاتُ لِلَّهِ، السَّلَامُ عَلَيْكَ أَيُّهَا النَّبِيُّ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ، السَّلَامُ عَلَيْنَا وَعَلَى عِبَادِ اللَّهِ الصَّالِحِينَ، أَشْهَدُ أَنْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ رَوَاهُ أَحْمَدُ وَمُسْلِمٌ وَالنَّسَائِيُّ وَأَبُو دَاوُد. وَفِي رِوَايَةِ بَعْضِهِمْ: وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا.

الشيخ: هذه الأحاديث كلها تدل على أنَّ المشروع للمأموم أن يُكبر بعد تكبير إمامه في كل رفعٍ وخفضٍ، وهكذا الإمام كما كان النبيُّ يُصلي ﷺ: فيُكبر في كل خفضٍ ورفعٍ، يُكبر تكبيرة الإحرام، ويُكبر عند الركوع، ويقول عند الرفع: سمع الله لمن حمده، إذا كان إمامًا أو مُنفردًا، ثم يقول: ربنا ولك الحمد، ويُكبر عند الركوع، وعند الرفع منه، وعند السجدة الثانية والرفع منها. هكذا الرباعية: ثنتان وعشرون تكبيرة، وفي المغرب سبع عشرة تكبيرة، وفي الفجر إحدى عشرة تكبيرة، كما كان النبيُّ يفعل عليه الصلاة والسلام.

فهكذا ينبغي، مع الطمأنينة وعدم العجلة في ذلك كله؛ تأسيًا بالنبي عليه الصلاة والسلام.

والإمام والمنفرد يزيد: سمع الله لمن حمده، عند رفعه من الركوع.

وقوله: فإنَّ الإمام يركع قبلكم، ويرفع قبلكم، ويسجد قبلكم، فتلك بتلك يعني: سبقه لكم يكون بعده رفعه قبلكم، فتلك بتلك، فكما أنه يسبقكم في التَّسبيح ونحوه فأنتم تخلفونه بعد ذلك، فهذه بهذه، ويسبقكم إلى دعاء الركوع والسجود، ثم يرفع قبلكم، وتخلفونه أنتم بمزيد تسبيحةٍ أو نحوها، فتلك بتلك: سبقه إياكم عند الركوع والسجود وعند الرفع تعقبونه أنتم.

فهكذا ينبغي للمأموم أن يتحرى متابعة إمامه، لكن لا يُسابقه، ولا يُوافقه، وبعد الفراغ من قراءة الفاتحة يقول: "آمين" يستجب الله لكم، بمعنى: اللهم استجب، فالمأموم يقول: "آمين"، والإمام يقول: "آمين" في الجهرية.

س: إذا نسي الإمامُ أو المأموم التَّكبير وقد وصل إلى الركن، هل يسقط عنه؟

الشيخ: يسقط إذا نسيه الإمامُ والمأموم، كلهم، والمنفرد إذا نسي تكبير الركوع أو السجود سقط بالسَّهو، لكن يسجد للسَّهو، الإمامُ والمنفردُ يسجدان للسهو، أما المأموم فتبع إمامه.

س: سماحة الشيخ عبدالعزيز حفظكم الله، التكبيرات كلها هل هي واجبة؟

الشيخ: واجبة على الصحيح، فيها خلاف، لكن الصحيح أنها واجبة؛ لأنَّ الرسول أمر بها وقال: صلوا كما رأيتُموني أُصلي، وهكذا قول: "سمع الله لمن حمده" للإمام والمنفرد: "ربنا ولك الحمد" للجميع، واجبة أيضًا، وهكذا "سبحان ربي الأعلى" في السجود، "سبحان ربي العظيم" في الركوع، كله واجب على الصحيح.

س: سماحة الشيخ، حكم قول "آمين" في غير الفاتحة، مثل: لو قرأ الإمامُ آيات فيها دعاء، وفي النهاية يقول المأمومون: آمين؟

الشيخ: ما أعلم فيه بأسًا، بينه وبين نفسه ما أعلم فيه بأسًا.

س: وآمين؟

الشيخ: ما ورد في هذا شيء، لكن لو قالها لا يضرّ، بينه وبين نفسه.

س: بعض الجماعات يرفع الصَّوت بالدعاء والذكر ويُضايق مَن حوله، هل من توجيه؟

الشيخ: لا، السنة السّر، المأموم يُسر في دعائه في السجود، وفي دعائه في التحيات في التشهد الأخير، لا يُشوش على مَن حوله، دعاء بينه وبين ربِّه جلَّ وعلا.

س: الوقوف عند آيات الرحمة والوعيد والعذاب هل هو مشروع؟ وهل نُفرق بين الفريضة والنَّافلة؟

الشيخ: مشروع في التَّهجد في الليل في النافلة، أما في الفريضة ما كان النبيُّ يفعله، كان يستمر في قراءته عليه الصلاة والسلام، لم يُحفظ عنه فيما نعلم أنه وقف في قراءته في الفرائض يدعو.

س: من الأسئلة التي حول هذا نقول: بعض الأئمة يُؤخر التكبير، مثلًا إذا ركع قال: الله أكبر، وإذا رفع واعتدل قائمًا قال: سمع الله لمن حمده، ما حكم ذلك؟

الشيخ: السنة عند الرفع، السنة حين اشتغاله بالرفع، حين اشتغاله يقول: سمع الله لمن حمده، وحين نزوله يقول: الله أكبر، هذا هو السنة، ولكن لو قال بعد الرفع ما يضرّ إن شاء الله.

 

بَابُ جَهْرِ الْإِمَامِ بِالتَّكْبِيرِ لِيُسْمِعَ مَنْ خَلْفَهُ

وَتَبْلِيغِ الْغَيْرِ لَهُ عِنْدَ الْحَاجَةِ

- عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْحَارِثِ قَالَ: صَلَّى بِنَا أَبُو سَعِيدٍ فَجَهَرَ بِالتَّكْبِيرِ حِينَ رَفَعَ رَأْسَهُ مِنَ السُّجُودِ، وَحِينَ سَجَدَ، وَحِينَ رَفَعَ، وَحِينَ قَامَ مِنَ الرَّكْعَتَيْنِ، وَقَالَ: هَكَذَا رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ. رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ، وَهُوَ لِأَحْمَدَ بِلَفْظٍ أَبْسَطَ مِنْ هَذَا.

- وَعَنْ جَابِرٍ قَالَ: اشْتَكَى رَسُولُ اللَّهِ ﷺ، فَصَلَّيْنَا وَرَاءَهُ وَهُوَ قَاعِدٌ، وَأَبُو بَكْرٍ يُسْمِعُ النَّاسَ تَكْبِيرَهُ. رَوَاهُ أَحْمَدُ وَمُسْلِمٌ وَالنَّسَائِيُّ وَابْنُ مَاجَهْ.

وَلِمُسْلِمٍ وَالنَّسَائِيِّ قَالَ: صَلَّى بِنَا رَسُولُ اللَّهِ ﷺ الظُّهْرَ، وَأَبُو بَكْرٍ خَلْفَهُ، فَإِذَا كَبَّرَ كَبَّرَ أَبُو بَكْرٍ يُسْمِعُنَا.

الشيخ: هذا هو المشروع: الجهر بالتَّكبير حتى يُسمع الناس، ينبغي للإمام أن يكون صيتًا حتى لا يلتبس الأمر على الناس، يرفع صوته بالتكبير والتَّسميع؛ حتى يبلغ مَن حوله، وإذا كان مريضًا أو ضعيف الصَّوت يكون له مُبلغ يُبلغ الناس؛ ولهذا لما صلَّى النبيُّ بالناس وهو مريض في آخر حياته كان أبو بكرٍ يُبلغ الناس، كان الصديقُ عن يمين النبي ﷺ، وكان الصديقُ يقتدي بالنبيِّ ﷺ، والناس يقتدون بصوت الصديق، يرفع صوته حتى يُبلغ الناس.

س: هل مثلًا يرفع الصوتَ بمقدار ما يُسمع الجماعة، أم أنَّ الأمر مفتوح؟

الشيخ: على حسب اجتهاده، يجتهد حتى يُبلغ الناس، هذا المقصود؛ حتى يقتدي به الناسُ.

س: بعض الأئمة يُشغل مثلًا الميكرفون بصوتٍ عالٍ، والجماعة قد يكونون قليلين، ما حكم ذلك؟

الشيخ: ينبغي إذا كان ما له حاجة، إذا كان صوتُه يُسمعهم فالحمد لله، أما إذا كان في حاجةٍ فالسّماعات تنفع الناس، يُسمع الناس حتى يُبلغهم، لكن بقدر الحاجة، لا يُشوش على الناس.

س: الحقيقة هناك سؤال يا سماحة الشيخ يسأل عنه الكثيرُ من طلبة العلم حفظكم الله، وهو: يُنكر بعضُ الإخوة من طلبة العلم تغيير نبرة الصوت عند التكبيرات، فمثلًا التَّكبير للجلوس للتَّشهد فيه مدٌّ، يقول هؤلاء: هذا خطأ؛ لأنه لم يرد عن الرسول ﷺ؟

الشيخ: الأمر في هذا واسع، إذا غيَّر الصوت لأجل أن ينتبه الناس حتى يجلسوا في التَّشهد الأول أو التشهد الأخير لا حرج إن شاء الله، الأمر في هذا واسع، إن غيَّر صوته حتى يعلموا أنه محل جلوسٍ لا بأس إن شاء الله، ما في هذا حرج.

س: أخيرًا نختم هذا اللقاء معكم سماحة الشيخ بالمواضع التي يُشرع فيها رفع اليدين مع التَّكبير؟

الشيخ: أربعة مواضع: عند التحريمة -أول تكبيرةٍ- وعند الركوع، وعند الرفع منه، وعند القيام من التشهد الأول إلى الثالثة، هذه مواضع رفع اليدين، أربعة: عند الإحرام، وعند الركوع، وعند الرفع منه، وعند القيام من التشهد الأول إلى الثالثة، والباقي يُكبر بدون رفعٍ.

المقدم: شكر الله لكم يا سماحة الشيخ، وبارك الله فيكم وفي علمكم، ونفع بكم الإسلام والمسلمين.