حكم العمرة بدون التقصير أو الحلق

وقد وقع سؤال يحتاج إلى مزيد بيان، سؤال الذي سأل عن عمرته من جدة، فطاف وسعى ولم يقصر، وسبق الجواب أن عليه التقصير أينما كان، وأنه ليس من شرط التقصير أن يكون في الحرم، إذا طاف وسعى، ثم خرج فقصر في بيته أو في الأبطح أو في منى أو في أي مكان قصر أو حلق أجزأه ذلك، ليس من شرطه أن يكون حلقه أو تقصيره في مكة، وهكذا من كان عليه صيام من أجل الهدى أو من أجل شيء آخر إذا صام في أي مكان أجزأه الصيام.

 لكن هذا فيه تفصيل، هذا الذي ترك التقصير فيه تفصيل لم يتسع الوقت السابق لذكره، ولكن لا بد من ذكره، فهو حين ترك التقصير إن كان لم يخلع ملابس الإحرام بل بقي عليه إحرام فإنه يقصر على حاله، إذا نبه في أي مكان كان يقصر، ثم يلبس الملابس العادية، ويخلع ملابس الإحرام، أما إن كان قد لبس ملابس العادة، يعني: لبس القميص، وغطى رأسه، وهو جاهل، ما عنده علم، أو ناسي حكم التقصير، فهذا عندما يسأل ينبه يقال له: اخلع الملابس، اخلع العمامة عن رأسك، واخلع القميص أو السراويل واتزر، ثم قصر أو احلق، يأتزر، يعني يلبس الإزار على عورته، ثم يقصر أو يحلق، ثم يعيد ملابسه، لا يقصر وهو عليه الملابس المعتادة القميص والغترة ونحوها لا، إذا نبه يخلعها ثم يقصر، فإن كان ما تنبه لهذا قيل له: قصر، ولا تنبه وقصر أجزأه ذلك، إذا قيل له: قصر، ولكن ما نبهه المفتي ما قال له: اخلع  القميص، وكذا بل قال له: قصر، أو احلق وقصر، أو حلق، وهو عليه ثيابه المعتادة من قميص وغترة ونحو ذلك أجزأه ذلك ولا حرج عليه من أجل الجهل أو النسيان، لا حرج عليه في ذلك، ثم أيضًا قد يكون تعدى على شيء وتطيب، قد تكون قَلَّم أظفاره، قد يكون قصر أو حلق بغير نية النسك ناسيًا هذا الحكم، فحلق رأسه حلقًا عاديًا أو قص منه قصًا عاديًا أو تطيب أو قلم أظفاره أو ما أشبه ذلك فهذا ليس عليه شيء، من أجل الجهل ومن أجل النسيان، أنه ناسي ليس عليه شيء، ولكن يقصر بنية العمرة، أو يحلق بنية العمرة، ويكفيه ذلك.

وهكذا الذي -مثلًا- في حجه رمى الجمرة وطاف وسعى ونسي الحلق، ونسي التقصير ما قصر ولا حلق حتى ذهب إلى أهله هو مثل هذا، إذا ذكر وتنبه يحلق أو يقصر ويكفي، لكن هذا ليس عليه خلع ثيابه؛ لأنه قد تحلل لما رمى وطاف وسعى قد تحلل، ولا بأس أن يلبس ثيابه، فله يحلق أو يقصر وعليه ثيابه المعتادة من قميص أو من عمامة؛ لأنه قد تحلل لما رمى الجمرة وطاف وسعى، تحلل إلا من الزوجة إلا من زوجته، فهذا لباسه العمامة لا بأس عليه، فيحلق أو يقصر أينما كان، ولا شيء عليه، لكن إذا كان قد وطأ أهله هذه مسألة أخرى، إذا كان عنده زوجة وطئها قبل أن يحلق وقبل أن يقصر في العمرة أو في الحج فهذا حجه صحيح، حجه صحيح إذا وطأ قبل أن يحلق أو يقصر لكن قد رمى وطاف وسعى ولكن لم يقصر ولم يحلق فهذا أخطأ في وطئه لزوجته، وعليه دم عن وطئه لزوجته، وحجه صحيح، عليه دم يذبحه في مكة، ينحره في مكة ويقسمه بين الفقراء في الحرم وحجه صحيح، لأنه قد وطأ بعد التحلل الأول، فيكون حجه صحيحًا وعليه هذا الدم، وعليه التوبة إلى الله والاستغفار إذا كان قد تعمد، وفي العمرة كذلك، إذا كان لما طاف وسعى في العمرة جهل حكم التقصير أو نسي حكم التقصير وأتى زوجته عمرته صحيحة؛ لأنه في هذه الحالة بمثابة من تحلل التحلل الأول، فعمرته صحيحة وعليه عن ذلك ذبح شاة أو إطعام ستة مساكين أو صيام ثلاثة أيام، وإذا ذبح شاة فهو أحسن وأحوط؛ لكونه قد وطأ قبل أن يحلق أو يقصر في عمرته. نسأل الله للجميع التوفيق والهداية، ولا حول ولا قوة إلا بالله.