أهمية الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والتواصي بالحق

كما بينه الرب في كتابه العظيم، فعلينا -أيها الإخوة- أن نتواصى بهذا الأمر العظيم، علينا أن نتواصى بأداء حق الله، وأن نجتهد في ذلك، وأن نذكر بالله من غفل فَإِنَّ الذِّكْرَى تَنْفَعُ الْمُؤْمِنِينَ [الذاريات:55]، أمر الزكاة واضح، وأمر الصلاة واضح، وأمر الصيام واضح، ولكن الإنسان يغفل، ويرين على قلبه الكثير من الذنوب، وتثقل عليه الطاعات، وتسهل عليه المعاصي بسبب تزيين الشيطان ونواب الشيطان، حتى يغفل عن الله والدار الآخرة، وحتى يثقل عليه أداء حق الله بالمال وغير المال، وحتى يسهل عليه طاعة الشيطان، والسير مع إخوان الشياطين، بسبب الجهل والغفلة، واستيلاء حب المال والشهوات على قلبه، وقلة الجليس الصالح، وكثرة الجليس المنحرف، فالواجب التذكير بالله والله يقول: وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرَى تَنْفَعُ الْمُؤْمِنِينَ [الذاريات:55]، ويقول: فَذَكِّرْ إِنَّمَا أَنْتَ مُذَكِّرٌ [الغاشية:21]، فالمؤمن يذكر أخاه، لا يقول: أخي عنده علم يدري عن هذا لا، إذا رأيت منه شيئًا من التفريط والتساهل، أو ظهر لك شيئًا من الغفلة والإعراض فانصح أخاك، وذكره بالله، ادعه بالخطابات الحسنة، والأسلوب الطيب، والذي يتضمن العطف عليه، والخوف عليه، والحرص على نجاته وسعادته، فأخوك وإن نصحك وذكرك ونبهك، وليس أخوك من غفل عنك وأعرض عنك وجاملك، ولكن أخاك في الحقيقة هو الذي ينصحك، ويعظك، ويذكرك، ويدعوك إلى الله، يبين لك طريق النجاة حتى تسلكه، ويحذرك من طريق الهلاك، ويبين لك سوء عاقبته حتى تجتنبه، ولا تيأس، ولا تقل هذا ما فيه خير، وما ينفع معه شيء لا، لا تيأس فالله يقول: وَلَا تَيْأَسُوا مِنْ رَوْحِ اللَّهِ [يوسف:87]، ويقول: لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ [الزمر:53]، فكم من مجرم وكم من عاص مضى عليه السنون وهو في غفلته، وفي سكرته، وطاعة الشيطان، ثم يوفق لمن يرشده وينبهه، ويدعوه إلى الخير، فينتبه، ويدعو للذي نبهه فيهديه الله، ويرجع إلى الصواب، ويتوب إلى الله مما سلف منه، فيغفر الله له ويكفر سيئاته الماضية، فلا تيأسوا ولا تقنطوا.

الآن بعد صلاة المغرب ....... في أذني وقال: إني جئت من مسجد النصير مسجد تركي والأسواق ملأى ما صلوا، ويبكي ويقول: هذا أمر لا يصبر عليه، فالأمر يحتاج إلى تناصح وتعاون، ولا يقال: الهيئة تكفي، الهيئة عليها واجب عظيم، وهي مسؤولة عن تقصيرها، ونسأل الله الإعانة والتوفيق وصلاح النية والعمل، وولاة الأمور عليهم واجب عظيم، وهم مسؤولون أكبر، وعلى كل مسلم وعلى طالب العلم وعلى العلماء وعلى القضاة كل عليه نصيبه في إنكار المنكر، وفي الدعوة إلى الخير، ولو أن الناس تكاتفوا وتواصوا بالحق لقل الشر، وكثر الخير، فالأسواق فيها من يضيع الصلاة، يجلس والناس يصلون، الصلاة تقام وهو حول المسجد جالس، هذا ينبه ويذكر بالله، ويتكلم عليه كل واحد، ما هو واحد فقط، كل واحد يمر عليه ينكر عليه ألا تتقي الله، ألا تخاف الله، الناس يصلون وأنت جالس، حتى ولو هو مسافر لا يجلس أمام الناس، يقوم يصلي مع الناس ولو نافلة، لا يجلس أمام الناس يشابه عمل الكفار، النبي ﷺ مر على رجل والصلاة تقام ولم يقم، فقال: ألست برجل مسلم؟!، وأمره أن يصلي مع الناس، ولو كان قد صلى، وفي صلاة الفجر في منى في حجة الوداع قال له بعض الناس: يا رسول الله! إن هذين الرجلين ما صليا معنا، فدعا بهما، فجيء بهما ترعد فرائصهما، فقال لهما: ما منعكما أن تصليا معنا قالا: يا رسول الله! قد صلينا في رحالنا، فقال: لا تفعلا، إذا صليتما في رحالكما، ثم أدركتم الإمام وهو يصلي فصليا معه، فإنها لكما نافلة، إذا جاء  والناس ما صلوا ما يجلس وراء الناس لا، يدخل معهم في الصلاة، وإذا ما كان من أولها كملها، وإذا فاته شيء منها قضاه بعد ذلك، وكانت له نافلة، ولما أخبر النبي ﷺ عن بعض الأمراء الذين يؤخرون الصلاة عن أوقاتها قال للسائل: صل الصلاة لوقتها، فإن أدركتها معهم فصل معهم، ولا تقل صليت، فلا أصل، صلِّ معهم ولو قد صليت وتكون لك نافلة، هؤلاء الذين يجلسون ينكر عليهم، ولو قالوا: صليت، قد يكون جاهل، ولو قال: صليت، نعم، ولو كنت صليت ما تجلس والناس يصلون عند المسجد حول المسجد، اختف عن الناس إذا كنت صليت، وإلا صل مع الناس وتكون لك نافلة، ولا تجلس أمام الناس ولا تصل، وتكون بابًا للكسالى والمنحرفين، وأصحاب التثاقل عن الصلاة، بل سارع إلى الصلاة، وصل مع إخوانك، وتكون لك نافلة، أو لا تعجل، لا تخرج من محل صلاتك حتى يصلي الناس، وينبغي للناس أن تكون صلاتهم متقاربة على الأئمة، وعلى المساجد أن تكون صلاتهم متقاربة حتى لا يحتج المتكاسل والمفرط بأنه صلى في كذا، أو صلى في كذا.