ضرورة الإعداد والعمل بالأسباب لتحقيق النصر

فالمسائل التي ذكرها الشيخ محمد لا بد منها، وهي أسباب النصر، وأسباب التوفيق: تحقيق الإخوة الإيمانية، وإبعاد الشعارات الباطلة، ولا بد أن يكون الشعار هو الإسلام، هو دين الله، هو نصر دين الله، ثم تحقيق التعاون على البر والتقوى، وتسخير القوى كلها لنصر دين الله وإقامة أمر الله، وإنشاء الناس في نشء صالح يؤمن بالله واليوم الآخر، ويسخر لهذا كل شيء من المدارس والمدرسين والدعاة والجنود وسائر القوى، كلها تسخر لدين الله ولإقامة أمر الله والسير على منهج الله، مع التعاون الصادق والأخوة الصادقة، ثم الإعداد، لا بد من الإعداد، الله جل وعلا أمر بالإعداد والنصر من عنده سبحانه وتعالى لكن قال: وَمَا جَعَلَهُ اللَّهُ إِلَّا بُشْرَى لَكُمْ وَلِتَطْمَئِنَّ قُلُوبُكُمْ بِهِ [آل عمران:126]، وفي الآية الأخرى وَمَا جَعَلَهُ اللَّهُ إِلَّا بُشْرَى وَلِتَطْمَئِنَّ بِهِ قُلُوبُكُمْ [الأنفال:10] فالأسباب بشرى، والطمأنينة والنصر من عند الله ، فالإعداد لا بد منه وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ [الأنفال:60]، خُذُوا حِذْرَكُمْ [النساء:71]، فلا بد من إعداد الأبدان، ولا بد من إعداد السلاح المناسب في كل وقت بحسبه، فإذا أعد العدو السلاح المتطور والسلاح الخطير الفتاك وجب على المسلمين أن يعدوا أيضًا، فليس السلاح حاصلًا بهم ولا وقفًا عليهم، بل يجب أن يسلك المسلمون كل وسيلة وكل طريق للحصول على ما حصلوا عليه، وللإعداد كما أعدوا، وإذا عجزوا معذورون لأن الله قال: وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ [الأنفال:60] فهم مأمورون بأن يعدوا ما استطاعوا، فعليهم أن يبذلوا الوسع وأن يعدوا ما استطاعوا، فإذا فعلوا ذلك وحاربوا وجاهدوا بما استطاعوا نصروا ولو كان سلاح عدوهم فوق سلاحهم فربك قادر على كل شيء جل وعلا، قادر على إبطال سلاحهم، وإبطال قواهم، والتسليط عليهم، ونصر أوليائه عليهم ، لكن بشرط أن نبذل وسعنا، وأن نجمع كلمتنا، وأن نوحد صفوفنا، وأن لا يكون بعضنا حربًا لبعض وعدوًا لبعض، ولا عونًا للفاجر والكافر على إخوانه.

ولا شك أن هذه الأمور تحتاج إلى توعية عظيمة من ولاة الأمور ومن علماء المسلمين، من المسلمين أينما كانوا، توعية صادقة حتى يرجع الناس إلى دينهم، وحتى يأخذوا بأسباب النجاة، وحتى يعدوا نفوسهم إعدادا صالحًا ويعدوا أولادهم ويعدوا من حولهم إعدادًا صالحًا يؤمن بالله واليوم الآخر، ويحارب جميع الشعارات والمبادئ المخالفة لدين الله عز وجل، ويبين زيفها وضلالها وفسادها، وأنها ترزي أهلها وتفضي بهم إلى النار وإلى غضب الله ، سواء كانت شيوعية أو قومية أو غير ذلك من أي مبدأ يخالف دين الله، يجب أن يكون المبدأ هو توحيد الله والإخلاص له واتباع رسوله عليه الصلاة والسلام وتحكيم شريعة الله في عباد الله، هذا هو المبدأ الوحيد الذي يجب أن يسير الناس عليه، ويسعى الناس لتحقيقه، ويجاهد كل واحد في سبيله، وهذه أمور بحمد الله واضحة، وإنما الأمر في التطبيق والصدق في طلب هذا الشيء والرغبة فيه والتعاون عليه، فإذا جاءت الحقائق جاء الصدق، تيسر كل خير وبعد كل شر.

فنسأل الله للمسلمين الهداية والتوفيق، كما نسأله سبحانه لنا ولكم الفقه في الدين والبصيرة بما يرضي الله ، والتكاتف والتعاون لإصلاح ذات البين، ولإقامة أمر الله في أرض الله وللجهاد في سبيله، وللحذر من شر أعدائه ومكائدهم، كما نسأله سبحانه أن يصلح أحوالنا، وأن يصلح ولاة أمرنا، وأن يكفينا شر عدونا، وأن يردنا جميعًا للتوبة الصادقة، ويعلمنا ما ينفعنا، وأن يجزي أخانا الشيخ محمد الراوي عن كلمته ومحاضرته جزاء حسنًا، وأن يوفقنا جميعًا لما فيه رضاه، وصلاح أمر عباده، إنه سميع قريب، وصلى الله وسلم على نبينا محمد، وعلى آله وأصحابه.