بطلان قول من زعم أن أهل الكتاب والصابئة على هدى

السؤال:

يقول أحد الكتاب في كتابه: "محاولة لتفسير عصري للقرآن" صفحة 111 يقرر فيه: أن القرآن أن جميع أهل الكتاب من يهود ونصارى، ومسلمين على هدى، وأنه حتى الذين عبدوا الشمس على أنها رمز، وآية من آيات الله، وهم الصابئون، هم أيضًا على هدى، ولهم أجر، ومغفرة، وساق قول الله تعالى: إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالنَّصَارَى وَالصَّابِئِينَ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَعَمِلَ صَالِحًا فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ [البقرة:62] وأن الأديان يصح لكل امرئ أن يأخذ منها ما يستطيعه، وما يتفق مع مزاجه، وطبعه، فكيف نستطيع الرد على هذا؟ 

الجواب:

هذا كفره ظاهر، وضلاله ظاهر الله، يقول: وَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ [البقرة:163]، ويقول: إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ [الفاتحة:5] ويقول: إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ [آل عمران:19] هذا الرد عليه. 

ويقول: وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ [آل عمران:85] ويقول: لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ [المائدة:17] ويقول -جل وعلا-: إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ فِي نَارِ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا أُولَئِكَ هُمْ شَرُّ الْبَرِيَّةِ [البينة:6] في آيات كثيرات تبين حال هؤلاء. 

والله قال في الآية التي ذكرها الفاسد، قال: مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَعَمِلَ صَالِحًا [البقرة:62] من آمن نعم، أما الذي ما آمن بالله، واليوم الآخر؛ فهو على كفره، وضلاله.

والإيمان بالله يدخل فيه الإيمان بالنبي محمد -عليه الصلاة والسلام- خاتم الرسل كلهم، فالذي آمن بالله، وما آمن بمحمد ما آمن بالله، لا يكون آمن بالله إلا إذا آمن بالرسول ﷺ فالآيات المجملة تفسرها آيات مفصلة، فالذي ما آمن بالرسول ﷺ يعد كافرًا، الله يقول: قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعًا [الأعراف:158] ويقول: وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا كَافَّةً لِلنَّاسِ بَشِيرًا وَنَذِيرًا [سبأ:28]. 

فالذي يقول: إن اليهودية إسلام، والنصرانية إسلام، والمجوسية، والبوذية، والصابئية هذا ما عرف دينه، وهو ضال مثلهم، وكافر مثلهم -نسأل الله العافية- لأن من لم يؤمن بمحمد ﷺ فهو كافر، سواء يهودي، أو نصراني، أو صابئي، أو مجوسي، أو وثني، لا بدّ أن يؤمن بمحمد ﷺ ويتبع ما جاء به، وإلا فهو كافر ضال. 

وهكذا من قبله كل من لم يتبع الرسل الذين بعثوا إليهم، من كان في زمن صالح، وما آمن بصالح؛ فهو كافر، ومن كان في زمن هود، وهو من قوم هود، ولم يؤمن؛ فهو كافر، وهكذا من كان في زمن نوح، ومن كان في زمن إبراهيم، في زمن لوط، إلى غير هذا، كل من كان من قوم نبي من الأنبياء ولم يؤمن به؛ فهو كافر، ضال، ولو كان في زمانه، أو كان غيبه. 

فالحاصل: أن كل أمة بعث الله لها نبيًا، فلم تؤمن به، ولم تتبعه؛ فإنها كافرة، ثم أمة محمد ﷺ هم أهل الأرض، أمة محمد هم أهل الأرض جميعًا، أهل الأرض من عرب، وعجم، وجن، وإنس، كل فرد ما آمن بمحمد ﷺ وهو يعلم أنه جاء محمد، وأنه مرسل؛ فهذا يكون كافرًا ضالًا، مهما كانت حاله، لكن إذا كان ما بلغته الرسالة في أطراف الدنيا، ما درى عن محمد، ولا درى عن القرآن، لو فرضنا هذا أمره إلى الله يوم القيامة يعد من أهل الفترات، يمتحن يوم القيامة، فإن أجاب؛ دخل الجنة، وإن عصا دخل النار، نسأل الله العافية.

فتاوى ذات صلة