ما حكم تخصيص عمرة في رجب؟

السؤال: 

في المحاضرة التي أُقيمت في مسجد الملك سعود في الأسبوع الماضي أجبتُم -بارك الله فيكم وجزاكم الله خيرًا- على سؤالٍ عما ورد في شهر رجب من العبادات عن الرسول ﷺ، وقد ذكرتُم -أو قد فهمنا- أنه لم يرد شيءٌ إلا العمرة، وقد ردَّ ابنُ القيم رحمه الله في كتابه "زاد المعاد" حديث ابن عمر رضي الله عنهما، والذي ذكر فيه أنَّ رسول الله ﷺ اعتمر في شهر رجب، بحديث عائشة رضي الله عنها، بقولها: "رحم الله أبا عبدالرحمن، ما اعتمر رسولُ الله ﷺ إلا وهو شاهد"، أرجو من سماحتكم التوضيح في هذا الموضوع. جزاكم الله خيرًا.

الجواب:

سبق أن بيَّنا أنَّ ابن عمر روى أنَّ الرسول ﷺ اعتمر في رجب، وهو مخرجٌ في "الصحيحين"، وعائشة رضي الله عنها وجماعة أنكروا ذلك، وقالوا: لم يعتمر إلا في ذي القعدة عليه الصلاة والسلام، وهي أربع عُمَرٍ، كلها في ذي القعدة.
والقاعدة عند أهل العلم: أنَّ المثبت مُقدَّمٌ على النَّافي، وأن مَن أثبت شيئًا وهو ثقةٌ؛ يُقدَّم على مَن نفاه.
ولهذا جاء عن عمر وغيره: العمرة في رجب، قال ابن رجب: "إن السلف كانوا يعتمرون في رجب"، فالعمرة في رجب لا بأس بها، وهي عمرة مشروعة في جميع الزمان: في رجب، وفي غيره، ولكن في رجب بخصوص، وهو شهرٌ مُحرَّمٌ، وقد كان السلفُ يعتمرون فيه، ومنهم عمر .
وفي حديث ابن عمر في "الصحيحين": أنَّ النبي اعتمر في رجب عليه الصلاة والسلام، فالأمر في هذا واسعٌ: في رجب، أو في جماد، أو في شعبان، أو في أي وقتٍ يعتمر، الأمر واسعٌ، يقول النبيُّ ﷺ: العمرة إلى العمرة كفَّارةٌ لما بينهما، ولم يُحدد لها وقتًا، فإذا اعتمر في رجب، أو في شعبان، أو في رمضان، أو في غيره، كله طيبٌ، وأفضل العمرة في رمضان؛ لقول النبي ﷺ: عمرةٌ في رمضان تعدل حجَّةً، أو قال: حجَّة معي عليه الصلاة والسلام.
وأما كون عائشة وغير عائشة أنكرت على ابن عمر: هذا ما يكفي؛ لأنَّ ابن عمر ثقة، صحابي جليل، أثبت العمرة في رجب، ولا مانع، ليس هناك مانعٌ من كونه اعتمر عليه الصلاة والسلام في رجب، وخفي على عائشة، كما خفيت عليها أشياء هي رضي الله عنها من سنته، واطَّلع عليها غيرُها عليه الصلاة والسلام.
فتاوى ذات صلة