الرد على منكري الحجاب

السؤال:

في مجلة آخر ساعة المصرية نشرت صور كثير من المحجبات، وهذه ظاهرة هناك الآن، ولكن كتب تحتها ظاهرة الحجاب لماذا؟ وعلق عليها الدكتور أحمد شلبي: الحجاب لا وجود له في الإسلام، وبالمناسبة لقد كثر الكلام، والجدال حول الحجاب، وأن المفروض أن تكشف المرأة عن وجهها، وكفيها لحديث الرسول ﷺ لأسماء، وعندما أقول لهم حديث ابن أم مكتوم أوعمياوان أنتما يقول: إنه حديث الرسول لأسماء حديث صحيح، نرجو الإفادة الشافية حيث إن الإخوة السائلين المختلفين موجودون هنا وشكرًا؟

الجواب:

المنكر للحجاب إما جاهل، وإما مكابر، يقول الله -جل وعلا- في كتابه العظيم: وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ [الأحزاب:53] هكذا في الآية الكريمة في سورة الأحزاب. 

ويقول سبحانه في سورة النور: وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ أَوْ آبَاءِ بُعُولَتِهِنَّ [النور:31] الآية.

بين  أن النساء عليهن غض الأبصار، وعليهن حفظ الفروج، وعليهن ألا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها، وهي الملابس الظاهرة، ثم بين من يبدى له الزينة، فقال: وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ إلى آخره، فدل ذلك على وجوب الحجاب، وأن الزينة يجب أن تستر الوجه، والشعور، وبدن المرأة كله محاسن، وكله زينة يجب أن تستر. 

وأما حديث أسماء الذي ذكره السائل، وتعلق به بعض الناس: هو أن أسماء بنت أبي بكر دخلت على أختها عائشة، والنبي حاضر -عليه الصلاة والسلام- وعليها ثياب رقاق، فقال لها النبي ﷺ: يا أسماء إن المرأة إذا بلغت المحيض لا يصلح أن يرى منها إلا هذا، وهذا، وأشار إلى وجهه، وكفيه وهو حديث لا يصح عن النبي ﷺ والتعلق به تعلق بالباطل، فهو حديث رواه أبو داود بإسناد منقطع، عن عائشة، وبإسناد ضعيف، منقطع وضعيف، ضعيف من جهة انقطاعه، وضعيف من جهة بعض رواته، فهو حديث لا يصح عن النبي ﷺ.

ولو صح لكان هذا قبل الحجاب، لأن الحجاب صريح، أنزل الله فيه الآيات، وأمر المرأة بالحجاب، فهذا لو صح؛ لكان قبل الحجاب، ولكنه غير صحيح، فإنه من رواية سعيد بن بشير، عن قتادة عن خالد بن دريك، عن عائشة، وسعيد بن بشير لا يحتج به، ضعيف في الرواية، ولا يحتج بروايته، وقتادة عن خالد معنعن، وهو مدلس؛ فلا يحتج بروايته إذا عنعن، وخالد بن دريك لا بأس به، لكنه لم يسمع من عائشة، لم يلق عائشة، ولم يسمع منها، فهو منقطع بين خالد، وبين عائشة، وضعيف من جهة رواية سعيد بن بشير، وضعيف من جهة عنعنة قتادة. 

فالمقصود: أنه ضعيف من جهات ثلاث، فيه علل ثلاث: علة ضعف سعيد، وعلة تدليس قتادة، وعلة انقطاعه بين خالد، وبين عائشة، فهو ضعيف من وجوه ثلاثة، لا يحتج به، ولا يتعلق عليه، ولو فرضنا أنه صحيح، وجاء بإسناد صحيح؛ لكان هذا قبل أن يأتي الحجاب، وقبل أن يشرع الحجاب كان النساء يجلسون مع الرجال وهن كاشفات الوجوه، يتحدثن معهم، ثم أنزل الله الحجاب، وأمروا بالستر بعد ذلك كما جاءت السنة بذلك، قالت عائشة -رضي الله عنها- لما سمعت صوت صفوان بن معطل لما مر عليها حين خلفها الجيش -يحسبون أنها في هودجها- قالت: فسمعته يسترجع: إنا لله وإنا إليه راجعون لما رآها، قالت: فلما سمعته؛ خمرت وجهي، وكان قد رآني قبل الحجاب، فعرفني.

المقصود: أن هذا يبين لنا أنهم كانوا قبل الحجاب يكشفون وجوههم، فلما جاء الحجاب؛ ستروا وجوههم، وهذا الحديث رواه البخاري ومسلم في الصحيحين عن عائشة -رضي الله عنها- أنها قالت: إنه رآني قبل الحجاب، فلما سمعت صوته؛ خمرت وجهي. 

فتاوى ذات صلة