موقف الإسلام من التمييز العنصري

السؤال:

عن الاختلاف الطبقي الذي نعيشه في مجتمعنا هنا تحت ما يسمى بقبيلي وخضيري وحر وصانع، فهذه النظرة المريضة هدمت الكثير من البيوت، وأفشلت العديد من الزيجات، كما أنها أدت إلى التنافر والتناحر بين أبناء المجتمع الواحد في بعض المناطق، سماحة الشيخ نرجو أن توضح لأصحاب هذه الاعتقادات خطورة هذه القضية، وتعارضها مع تعاليم ديننا الحنيف؟ 

الجواب:

هذه الأمور ينبغي للمجتمع الإسلامي أن يتجاوزها، وأن يرفضها، وأن يتركها، لقوله -جل وعلا-: يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ [الحجرات:13].

والنبي ﷺ وأصحابه تجاوزوها، وضربوا للناس أروع الأمثال في هذه المسائل، فزوج -عليه الصلاة والسلام- فاطمة بنت قيس وهي قرشية على أسامة بن زيد وهو عتيق، وتزوج أبوه زينب بنت جحش، وهي أسدية وأمها عمته -عليه الصلاة والسلام- ولما طلقها زيد أخذها النبي ﷺ وزيد مولاه وعتيقه، وكذلك بلال تزوج زهرية أخت عبدالرحمن بن عوف، وهو حبشي عتيق. 

فهذه مسائل اعتنى الصحابة -رضي الله عنهم وأرضاهم- ونبينا قبل ذلك -عليه الصلاة والسلام- بما يزيلها؛ لأن العرب كانت تعظم هذه الأمور، وكانت العرب تأبى أن تزوج بناتها على الموالي، وعلى العجم، ولكن جاء الإسلام بأنه لا حرج في ذلك، والحمد لله. 

أن يزوج عجميًّا أو مولى عتيقًا، أو ما يسمى بالخضيري، وهو الذي لا تعرف قبيلته في اصطلاح الناس هنا في نجد، وفي بعض الجهات أن الذي لا تعرف قبيلته هل هو تميمي، أو قحطاني، أو قرشي، أو كذا يقال له: خضيري، فإذا عرفت قبيلته؛ قيل له عربي، والمولى هو الذي يعتق، يكون عتيقًا، والعجمي هو الذي ليس من العرب، من الروم، أو من فارس، أو من الأتراك يقال له: عجمي.

والذي جاء به الإسلام أنه لا فرق بين هؤلاء إذا استقام الدين، فإذا تزوج العربي من التركية، أو من الرومية، أو من الفارسية، أو غير ذلك مع استقامة الدين؛ فلا بأس، أو تزوج عتيقة قد كانت مملوكة، ثم أعتقت، أو تزوج ما يسمى خضيرية، أو الخضيري تزوج قرشية، أو ما أشبه ذلك، كله لا بأس بهذا، إنما المهم التقوى والإيمان كما قال : يَاأَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا [الحجرات:13].

لكن بعض الناس قد يتأذى بهذا؛ لأن جماعته وأقاربه يأبون عليه ذلك، ويقولون: لا، فإذا كان يحصل عليه مضرة؛ فلا مانع من أن يمتنع من ذلك حتى يزوج من العرب إذا كان عربيًا، أو كان من حمولته إن كان روميًّا، أو أعجميًا، إذا كانت جماعته يشقون عليه ويؤذونه، فهو يراعي عدم الأذى وكف الأذى، هذه أمور قد يؤذى فيها الإنسان الولي إذا تساهل من جماعاته، فإذا كان فيه أذى؛ فيتقي الأذى، ويترك الشيء الذي هو الأولى لما يدفعه من الأذى. 

السؤال: ويطلقها إذا كان قد تزوجها يعني؟ 

الجواب: التطليق شيء آخر، إن تسامحا، وإلا يرجعا إلى المحكمة، لكن في بادئ الأمر. 

فتاوى ذات صلة