بيان صحة القول بأن الإنسان مسير أو مخير

السؤال:

هل الإنسان مسير أم مخير؟ وما الفرق بين الإرادة، والمشيئة الكونية والشرعية مع ضرب الأمثلة على ذلك؟

الجواب:

الإنسان مسير ومخير جميعًا، مخير؛ لأن له قدرة، وله اختياره، وله عقل، وله مشيئة، وهو يعمل بمشيئته وإرادته، يطيع بمشيئته، ويعصي بمشيئته، وهو مسؤول وهو مخاطب، ومكلف، وهو مخير بهذا، إن شاء أطاع، وإن شاء عصى، ولهذا تعلقت به التكاليف، فأثيب على الطاعة، وعوقب على المعصية.

وهو مسير من جهة أنه لم يخرج عن قدر الله، قدر الله السابق لن يخرج عنه، فهو يصير إلى قدر الله مثل ما قال النبي ﷺ: اعملوا فكل ميسر لما خلق له، فهو ميسر لما خلق له من سعادة، ومن شقاوة، لكن ليس له عذر في ذلك، عليه أن يعمل، وعليه أن يجتهد، فهو له اختيار، وله عقل، وله مشيئة، وله إرادة كما قال تعالى: لِمَنْ شَاءَ مِنْكُمْ أَنْ يَسْتَقِيمَ ۝ وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ [التكوير:28، 29]، وقال: تُرِيدُونَ عَرَضَ الدُّنْيَا وَاللَّهُ يُرِيدُ الْآخِرَةَ [الأنفال:67]، فَمَنْ شَاءَ ذَكَرَهُ ۝ وَمَا يَذْكُرُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ [المدثر:55، 56]، وقال : إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ [النور:30]، إِنَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَفْعَلُونَ [النمل:88]، إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ [المائدة:8] فله عمل، وله صنعة، وله فعل، ولو ضربه أحد؛ لخاصمه، وطلب الانتقام، وقد ينتقم بلا محاكمة. 

المقصود: أن له اختياره، وله مشيئة، وإرادة، فهو مكلف بهذا، ومأمور منهي، ولكن مع هذا كله هو ميسر، هو ميسر لما خلق له من شقاوة أو سعادة، لن يخرج عن قدر الله الذي أختص الله بعلمه .

والإرادة إرادتان: إرادة شرعية، وهي مقتضى الأمر، وقد أمر العباد بطاعته وعبادته وأراد منهم ذلك شرعًا، فمنهم من عصى ومنهم من أطاع، وهناك إرادة كونية بمعنى المشيئة، وهذه الإرادة الكونية لا يخرج عنها أحد، بل هي نافذة، الإرادة الكونية مع المشيئة نافذة كما قال : إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ [يس:82] هذه الإرادة الكونية، وقال سبحانه: فَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلْإِسْلَامِ وَمَنْ يُرِدْ أَنْ يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقًا حَرَجًا كَأَنَّمَا يَصَّعَّدُ فِي السَّمَاءِ [الأنعام:125] هذه الإرادة الكونية بمعنى المشيئة. 

وأما الإرادة الشرعية فهي بمعنى الأمر، مثل ما في حديث: أن الله يقول لبعض الناس يوم القيامة: لو كانت لك الدنيا بما فيها أكنت مفتديًا بها من عذاب الله؟ فيقول: نعم، فيقول الله: قد أردت منك ما هو أسهل من ذلك، أردت منك أن لا تشرك بي، فأبيت إلا الشرك أردت، يعني شرعًا، يعني أمرتك ليس معناه الإرادة الكونية لا، هذه إرادة شرعية، يعني أردت منك أن لا تشرك فأبيت، يعني أمرتك بهذا، ولكنك أطعت هواك وشيطانك.

فتاوى ذات صلة