بِمَ يُنصح من يتأثر بالصحبة صالحةً أو فاسدة؟

السؤال:
أُشهد الله أنني أُحبُّك فيه، وأريد منك أن تُجيب لي على هذا السؤال، وهو أنني شابٌّ ولله الحمد من الشباب الصَّالحين، ولكنني أتحول إلى أن أكون من أتباع الشياطين، حيث إنني أُصاحب بعض الأشرار، فأكون معهم في جميع أعمالهم أو أغلبها، ولكنني عندما أحضر مجالس الصَّالحين أتحول إلى شابٍّ صالحٍ، فما نصيحتكم لي ولأمثالي من الشباب؟ جزاكم الله خيرًا.

الجواب:

أما المحبَّة فقد سبق الجواب عن ذلك، نقول: أحبَّك الله الذي أحببتنا له.
وهنا ملاحظة: قول الإنسان: أنا من الصَّالحين، أو من المؤمنين، ينبغي أن يقول: "إن شاء الله"، فأهل السنة والجماعة يستثنون؛ لأن كونه صالحًا أو كونه مؤمنًا والشهادة من نفسه له بذلك محل نظرٍ، قد يكون قصَّر في ذلك وهو لا يدري، ولا يدري ماذا يُختم له به؟ فليقل: أنا من الصالحين إن شاء الله، أو من المؤمنين إن شاء الله؛ تحرزًا مما قد يقع من التقصير: بترك واجبٍ، أو فعل محظورٍ، والصلاح إنما يكمل بأداء حقِّ الله وحقِّ عباده، ومَن الذي يستطيع أن يقول: إني أديتُ حقَّ الله وحقَّ عباده، وهكذا الإيمان مما يتم بأداء حقِّ الله وحقِّ عباده.
أما ما ذكرتَ: فالواجب عليك يا أخي أن تحذر صحبة الشياطين، وأن تبتعد عنهم، وعليك بصحبة الأخيار حتى تسلم من شرِّ الأشرار، وقد جاء في الحديث عنه عليه الصلاة والسلام -وهو الحديث الصحيح- أنَّ مثل الجليس الصالح ومثل الجليس السُّوء كصاحب المسك ونافخ الكير، فاختر لنفسك أن تكون مع أهل المسك الذي إمَّا أن يُعطيك، وإما أن تبتاع منه، وإما أن تجد منه ريحًا طيبةً، واحذر أن تكون مع أهل الكير: إما أن يحرق ثيابك، وإما أن تجد منه ريحًا خبيثةً.
وفي الحديث الآخر يقول ﷺ: المرء على دين خليله، فلينظر أحدُكم مَن يُخالل. والشاعر يقول:

عن المرء لا تسأل وسَلْ عن قرينه فكل قرينٍ بالمقارن يقتدي
وجُلساء السُّوء كانوا سبب ضلال أبي طالب عم النبي ﷺ، جلسوا عنده عند موته ولقَّنوه التَّعصب لدين قومه حتى قال للنبي ﷺ: "أنا على ملة عبدالمطلب"، وأبى أن يقول: لا إله إلا الله، بأسباب جلساء السوء.
فالواجب على المؤمن وعلى طالب العلم وعلى كل مسلمٍ أن يحذر جُلساء السوء، وأن يبتعد عنهم، وألا يُصاحبهم، وأن يختار لنفسه أصحاب الخير، فإن لم يجد فليلزم بيته، ولا يخرج إلا لحاجةٍ أو للصلاة أو لما شرع الله من الأمور الأخرى، ولا يتَّخذ أصحابًا يُضلونه ويصدُّونه عن الحقِّ.
فتاوى ذات صلة