حكم متابعة المأمومين للإمام إذا زاد أو نقص في الصلاة

السؤال:

والرسالة الأولى في حلقة هذه الليلة مقدمة من السائل (ح. ص. الأحمدي) من المدينة المنورة الحرة الغربية، يقول في رسالته التي تشتمل على عدة أسئلة: لقد صلى بنا يوماً من الأيام إمام المسجد صلاة العصر خمس ركعات، فنبهناه ولكنه لم يرجع، فهل يجوز لنا متابعته أم الجلوس ثم السلام معه؟ وهل على من تابعه عالماً بأنه صلى خمساً إعادة أم لا، أفيدونا بارك الله فيكم؟

الجواب:

بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على عبده ورسوله، وخيرته من خلقه، وأمينه على وحيه، نبينا وإمامنا وسيدنا محمد بن عبد الله، وعلى آله وأصحابه، ومن سلك سبيله واهتدى بهداه إلى يوم الدين.
أما بعد: فقد شرع الله للمسلمين إذا سها إمامهم أن ينبهوه، وقد سها النبي ﷺ في عدة أوقات وعلى أنواع من السهو، فنبهه المسلمون ورجع إلى تنبيههم عليه الصلاة والسلام، وبين أحكام السهو في عدة أحاديث، ومنها: أنه ﷺ سها ذات يوم، فقام إلى الخامسة في صلاة الظهر أو العصر، فلم ينبه، فلما سلم من الخامسة توشوش الناس فيما بينهم، فسألهم، قالوا: أحدث في الصلاة شيء يا رسول الله؟ قال: وما ذاك؟ قالوا: صليت كذا وكذا، يعني: صليت خمساً، فثنى رجليه واستقبل القبلة، وسجد سجدتي السهو عليه الصلاة والسلام، ثم سلم، ثم قال: لو حدث في الصلاة شيء لأنبأتكم به، ولكني بشر أنسى كما تنسون، فإذا نسيت فذكروني فبين عليه الصلاة والسلام أنه يصيبه النسيان والسهو كما يصيب غيره من البشر، وأن الواجب على المأمومين التنبيه، فالأنبياء والرسل عليهم الصلاة والسلام يقع منهم السهو، ولكنهم لا يقرون على ذلك، فإما أن يأتي الوحي من السماء بتنبيههم على ما قد وقع من الخطأ، وإما أن ينبههم الناس على ذلك، فيعلم السهو وتفعل أحكامه، وفي هذه القصة أنه نبهه المسلمون بعدما صلى الخامسة، فسجد للسهو سجدتين، ثم سلم عليه الصلاة والسلام، ولم يقل لهم: أعيدوا صلاتكم، أو يقل لهم: أخطأتم فيما فعلتم؛ لأنهم ظنوا أن الصلاة غيرت وأنها زيد فيها؛ فلهذا قاموا فصلوا معه الخامسة ظانين أن الصلاة زيد فيها، فلما نبههم عليه الصلاة والسلام على أنه لم يحدث شيء تبين أنه ساهي عليه الصلاة والسلام في ذلك، وأخبرهم أن عليهم التنبيه.. أن ينبهوا إذا سها إمامهم.
فالواجب على المأمومين إذا سها الإمام أن ينبهوه، فيقولوا: سبحان الله.. سبحان الله، هكذا أمر النبي ﷺ، قال: من نابه شيء في صلاته فليسبح الرجال ولتصفق النساء فالرجل يقول: سبحان الله.. سبحان الله، حتى ينتبه الإمام، والمرأة تصفق بيديها بيد على يد حتى ينتبه الإمام.
وإذا قام إلى خامسة ولم يرجع بالتنبيه فإن المأمومين لا يقومون معه.. يجلسون، فإذا سلم سلموا معه؛ لأنهم غير معذورين، أما هو قد يكون معذوراً، قد يعتقد أنه مصيب فلهذا لم يرجع، وهو إذا اعتقد أنه مصيب لا يرجع.. يستمر ويكمل، لكن المأموم إن كان يعتقد أنه مصيب جلس وانتظر حتى يسلم مع إمامه، وإن كان ليس عنده علم فإنه يقوم مع الإمام ويتابع الإمام، هذا هو الأصل.
ومن قام مع الإمام وتابعه من أجل سهوه، أو لجهله بالحكم الشرعي.. ما يعلم الحكم الشرعي؛ فصلاته صحيحة ولو زاد؛ لأنه إما جاهل وإما ساهي فلا شيء عليه، وأما العالم بالحكم الشرعي والعالم بالسهو فإنه لا يتابع الإمام، بل يجلس وينتظر حتى يسلم مع إمامه، هذا هو الحكم الشرعي في هذه المسألة.
بعض الناس ما يعرف الأحكام يقوم ولو درى أنه ساهي يحسب أنه يلزمه، فيقوم يتابع الإمام، فهذا مادام قام جهلاً منه فإن صلاته صحيحة وليس عليه شيء، ولكن في المرة الأخرى إذا وقع هذا لا يقوم، متى عرف الحكم الشرعي لا يقوم بل يجلس وينتظر، يقرأ التحيات ويكملها ويدعو ربه، يشتغل بالدعاء حتى يسلم إمامه فيسلم معه.
ومثل هذا لو سلم عن نقص فإنه ينبه أيضاً، مثل في الرباعية سلم من ثلاث في الظهر أو العصر أو العشاء سلم من ثلاث فإنه ينبه، إذا جلس ينبه، فإن أجاب وقام فالحمد لله، وإلا فالذي يعلم أنه ناقص يقوم ينوي الانفراد، ويقوم يكمل صلاته لنفسه، وأما الإمام فالواجب عليه أنه ينتبه، إذا نبهوه يجيبهم ويقوم، فإذا جلس في الثالثة وهي أربع.. جلس في الثالثة ونبهوه يقوم، لكن لو اعتقد أنه مصيب، وأنهم مخطئون هم فإنه لا يقوم بل يكمل صلاته ويسلم، والذين معه يسلمون معه، إذا كان ما عندهم خبر.. ما عندهم ضبط يسلمون معه، أما من عنده ضبط وأنه يعلم أن الإمام ناقص فإنه يقوم يكمل صلاة الأربع، ويكون هذا معذور وهذا معذور، الإمام معذور في اعتقاده صواب نفسه، والمأموم الذي يعلم أنه ناقص معذور حيث قام وكمل صلاته والحمد لله، مثل الزيادة سواء. نعم.
المقدم: جزاكم الله خير، وبارك الله فيكم. 
فتاوى ذات صلة