فضل تلاوة القرآن الكريم وآدابه

السؤال:

أولى رسائل هذه الحلقة رسالة وصلت إلى البرنامج من أحد الإخوة المستمعين رمز إلى اسمه بالحروف: (خ. ع. ص. ب) من السودان الخرطوم، أخونا له جمع من الأسئلة من بينها سؤال يقول: إنني أقرأ بعد صلاة العصر كل يوم جزأين من القرآن الكريم، توجيهكم في هذا؟ جزاكم الله خيرًا. 

الجواب:

بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله، وصلى الله وسلم على رسول الله، وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه، أما بعد:

فقراءة القرآن الكريم مشروعة دائمًا في جميع الأوقات من ليل ونهار، والقرآن هو كلام الله وهو أفضل الكلام، وهو منزل غير مخلوق، منه بدأ وإليه يعود، فهو كلامه سبحانه كسائر صفاته، كالعلم والرحمة والرضا والغضب والسمع والبصر كلها صفات له -جل وعلا- تليق به فكلامه يليق به، لا يشابه كلام غيره -جل وعلا- وهو أفضل كتاب، وأفضل كلام، جعله الله هداية للعباد، وموعظة وذكرى وتبصيرًا، قال تعالى: إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ [الإسراء:9]، قال سبحانه: قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آمَنُوا هُدًىى وَشِفَاءٌ [فصلت:44]، قال سبحانه: وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِكُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ [النحل:89]، فإذا قرأه الإنسان بعد العصر، أو بعد الصبح، أو في جميع الأوقات كله خير. وقراءته بعد العصر فيه فائدة؛ لأن الذكر في آخر النهار في المساء أمر مطلوب.

وهكذا في أول النهار مطلوب، وهو أفضل الذكر وأعظم الذكر، لكن يشرع للقارئ أن يعتني بالقراءة، وأن تكون عن خشوع وتدبر وتعقل ورغبة في الفائدة، كما قال سبحانه: كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُوْلُوا الأَلْبَابِ [ص:29]، وقال سبحانه: أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا [محمد:24].

فالمشروع للقارئ من الرجال والنساء أن يتدبر، ويتعقل، وأن يعتني بالمعاني حتى يستفيد، ثم يعمل، سواء كانت القراءة من المصحف، أو عن ظهر قلب، والمشروع للإنسان أن يتحرى الأوقات المناسبة التي يكون فيها خشوعه أكثر، وتدبره أكثر، في العصر، أو في الليل، أو في آخر الليل، أو في أول الصباح، يلتمس الأوقات المناسبة التي يرجو فيها أن تكون قراءته أكمل من جهة الخشوع والتدبر والتعقل والإقبال على معاني القرآن، وقد صح عن رسول الله -عليه الصلاة والسلام- أنه قال: من قرأ حرفًا من القرآن؛ فله حسنة، والحسنة بعشر أمثالها، لا أقول: (الم) حرف، ولكن ألف حرف، ولام حرف، وميم حرف، فهذا فضل من الله، جل وعلا.

وقال -عليه الصلاة والسلام-: اقرؤوا القرآن فإنه يأتي شفيعًا لأصحابه يوم القيامة وقال ﷺ: يدعى بالقرآن يوم القيامة وأهله الذين كانوا يعملون به، تقدمه سورة البقرة وآل عمران تحاجان عن أصحابهما.

وقال -عليه الصلاة والسلام- يومًا لأصحابه: من يحب منكم أن يذهب إلى بطحان -وادي في المدينة- فيأتي بناقتين عظيمتين من غير إثم ولا قطيعة رحم؟ قالوا: كلنا نحب ذلك يا رسول الله، قال -عليه الصلاة والسلام-: لأن يغدو أحدكم إلى المسجد، فيعلم آية من كتاب الله خير له من ناقتين عظيمتين، وثلاث خير من ثلاث، وأربع خير من أربع، ومن أعدادهن من الإبل أو كما قال -عليه الصلاة والسلام- فهذا يدل على فضل القراءة والتعلم.

ويقول ﷺ: خيركم من تعلم القرآن وعلمه خيار الناس أهل القرآن تعلمًا وتعليمًا وعملًا، ويقول أيضًا -عليه الصلاة والسلام-: والقرآن حجة لك أو عليك في حديث أبي مالك الأشعري قال -عليه الصلاة والسلام-: الطهور شطر الإيمان، والحمد لله تملأ الميزان، وسبحان الله والحمد لله تملآن أو قال: تملأ ما بين السماء والأرض، والصلاة نور، والصدقة برهان، والصبر ضياء، والقرآن حجة لك أو عليك، كل الناس يغدو فبائع نفسه فمعتقها أو موبقها، خرجه مسلم في صحيحه.

فالمقصود: أن القرآن حجة لك إذا عملت به، واستقمت عليه، وحجة عليك إذا أضعته، ولم تستقم عليه، فالواجب على صاحب القرآن أن يعتني بالقرآن علمًا وعملًا، وأن يحذر التخلف عن أوامر القرآن، أو ارتكاب نواهي القرآن، بل يكون حريصًا على فعل الأوامر، وترك النواهي، حريصًا على التدبر والتعقل، يرجو ثواب الله، ويخشى عقابه نعم.

المقدم: جزاكم الله خيرًا. 

فتاوى ذات صلة