تفسير قوله تعالى: {واتخذوا من دون الله آلهةً...} الآيات

السؤال:

أولى رسائل هذه الحلقة رسالة وصلت إلى البرنامج من المواطن بشير محمد حسين من ليبيا أخونا بشير عرضنا جزءًا من أسئلته في حلقة مضت، وفي هذه الحلقة بقي له عدد من الأسئلة، في مجموعة من أسئلته يسأل عن تفسير بعض آيات من القرآن الكريم، إحداها هذا السؤال يقول: فسروا لنا قول الحق تبارك وتعالى: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم وَاتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ آلِهَةً لَعَلَّهُمْ يُنصَرُونَ ۝ لا يَسْتَطِيعُونَ نَصْرَهُمْ وَهُمْ لَهُمْ جُندٌ مُحْضَرُونَ ۝ فَلا يَحْزُنْكَ قَوْلُهُمْ إِنَّا نَعْلَمُ مَا يُسِرُّونَ وَمَا يُعْلِنُونَ[يس:74-76]؟

الجواب:

بسم الله الرحمن الرحيم، والحمد لله، وصلى الله وسلم على رسول الله، وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه، أما بعد:

فالآية واضحة في بيان حال المشركين الذين بعث فيهم عليه الصلاة والسلام من قريش وغيرهم، وأنهم اتخذوا من دون الله آلهة من الأصنام، والأشجار، والأحجار، والملائكة، والأنبياء وغيرهم.

فإن آلهة المشركين أنواع كثيرة، وهم فعلوا هذا لعلهم ينصرون، يرجون نصرهم، ويرجون شفاعتهم، كما قال جل وعلا عنهم في آية أخرى: وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لا يَضُرُّهُمْ وَلا يَنْفَعُهُمْ وَيَقُولُونَ هَؤُلاءِ شُفَعَاؤُنَا عِنْدَ اللَّهِ[يونس:18] يعني شفعاؤنا في نصرهم لنا، وإعانتهم لنا على أعدائنا، وفي شفاء مرضانا، وفي غير ذلك.

وقال في الآية الأخرى في سورة تنزيل الزمر: مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى[الزمر:3] فهم عبدوهم لينصروهم، ويقربوهم ويشفعوا لهم، ثم بيَّن سبحانه أنهم لا يستطيعون نصرهم، هذه الآلهة ما تستطيع نصرهم، ولا نصر نفسها - أيضًا - كما قال جل وعلا في سورة الأعراف: أَيُشْرِكُونَ مَا لاَ يَخْلُقُ شَيْئًا وَهُمْ يُخْلَقُونَ ۝ وَلاَ يَسْتَطِيعُونَ لَهُمْ نَصْرًا وَلاَ أَنفُسَهُمْ يَنصُرُونَ[الأعراف:191-192] فهم لا يستطيعون نصر عابديهم، ولا نصر أنفسهم، بل النصر من عند الله جل وعلا، هو اللذي ينصر من يشاء ، كما قال تعالى: وَمَا النَّصْرُ إِلَّا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ[آل عمران:126]

وَهُمْ لَهُمْ جُندٌ مُحْضَرُونَ[يس:75] يوم القيامة ضدهم، محضرون معهم يوم القيامة في النار، كلهم يعذبون جميعًا، وهذا في الآلهة المعبودة من دون الله برضاها كـفرعون، والنمرود، والأصنام وأشباههم فهم معهم في النار.

أما الملائكة والأنبياء فهم برآء منهم، لا يرضون بعبادتهم إياهم، كما قال جل وعلا عن الملائكة: تَبَرَّأْنَا إِلَيْكَ مَا كَانُوا إِيَّانَا يَعْبُدُونَ[القصص:63].

فالمقصود أن هؤلاء الأصنام الذين هم معهم يوم القيامة في النار، هم الذين عبدوهم من دون الله من جمادات كالأصنام، والأشجار، أو آلهة من الجن أو من الإنس رضوا بذلك، فهم معهم في النار.

أما من لم يرض بذلك من الأنبياء، والملائكة، والصالحين فهم ليسوا معهم، بل الله قد أجارهم منهم، وحماهم منهم، وهم برآء منهم، بل العابدون هم اللي في النار الذين عبدوا غير الله وأشركوا بالله.

وأما المعبودون الذين لم يرضوا بذلك كالملائكة، والرسل، والأنبياء، والصالحين؛ فإنهم لا يرضون أن يعبدوا من دون الله، بل يتبرءون من ذلك. نعم.

المقدم: جزاكم الله خيرًا.

فتاوى ذات صلة