الوفاء بالنذر من الطاعات

السؤال:

إني قد نذرت على نفسي أن أصوم عشرة أيام في شعبان، وعشرة أيام في رجب، وقد صمت العام الماضي، وقال لي أحد الأقارب: إنه لا أجر في هذا الصيام، فهل هذا القول صحيح؟ علمًا بأني أصوم العاشوراء، وأصوم يوم الوقوف بعرفة، وأحب الصيام، أفيدوني أفادكم الله؟ 

الجواب:

يقول النبي ﷺ من نذر أن يطيع الله؛ فليطعه، ومن نذر أن يعصي الله؛ فلا يعصه والصوم من طاعة الله -جل وعلا- فإذا نذرت عشرة أيام من رجب، أو غير رجب، وعشرة من شعبان؛ فلا بأس، عليك أن توفي بنذرك، إلا إذا كانت العشرة نذرتها بعد النصف من شعبان، فلا يجوز؛ لأن الرسول ﷺ نهى عن الصيام بعد النصف للذي ما صام قبل، قال: إذا انتصف شعبان؛ فلا تصوموا فعليك كفارة يمين عند العجز.

أما إذا كنت نذرتها لعشرة من شعبان مطلقة، أو من النصف الأول؛ تصومها من النصف الأول، والحمد لله، ولا حرج في ذلك، بل هذا من نذور الطاعات.

وهكذا صيام يوم عرفة سنة، يوم التاسع من ذي الحجة لغير الحجاج سنة، وهكذا صوم عاشوراء -وهو اليوم العاشر من المحرم- سنة، ويستحب أن يصوم قبله يومًا، أو بعده يومًا، أو يصوم الثلاثة جميعًا: التاسع، والعاشر، والحادي عشر؛ لقول النبي ﷺ: خالفوا اليهود، صوموا يومًا قبله، أو يومًا بعده وفي رواية أخرى: صوموا يومًا قبله، ويومًا بعده هذا مشروع، ومستحب، نعم.

المقدم: جزاكم الله خيرًا. سماحة الشيخ: هذا الرجل الذي تصدى لفتيا أخينا، وقال: إن هذا الصيام لا أجر فيه، ما هو توجيهكم له، ولأمثاله ممن يفتي بغير علم؟ جزاكم الله خيرًا.

الشيخ: الواجب على كل مسلم، وعلى كل طالب علم بالأخص أن يتقي الله، وأن لا يفتي إلا بعلم؛ لأن الفتوى بغير علم شرها عظيم، وعواقبها وخيمة.

وذلك مخالف للنص القرآني في قوله -جل وعلا-: قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لا تَعْلَمُونَ [الأعراف:33] فجعل القول عليه بغير علم فوق مرتبة الشرك؛ لما يترتب على القول على الله بغير علم من الشر العظيم، والعواقب الوخيمة، وتحليل الحرام، وتحريم الحلال، فيجب الحذر.

وقال في سورة البقرة: يَا أَيُّهَا النَّاسُ كُلُوا مِمَّا فِي الأَرْضِ حَلالًا طَيِّبًا وَلا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ ۝ إِنَّمَا يَأْمُرُكُمْ بِالسُّوءِ وَالْفَحْشَاءِ وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لا تَعْلَمُونَ [البقرة:168-169]، فجعل القول على الله بغير علم مما يأمر به الشيطان، الشيطان لا يأمر إلا بالشر، والفساد، فيجب الحذر، ولا يخفى على كل ذي لب ما يترتب على الفتوى بغير علم من المفاسد الكثيرة، ومن تحليل الحرام، وتحريم الحلال، وإيقاع الناس في مشاكل كثيرة، ولا حول ولا قوة إلا بالله، نعم.

المقدم: جزاكم الله خيرًا، ونفع بعلمكم، وأحسن إليكم. 

فتاوى ذات صلة