شرح حديث: "اعدد ستًا بين يدي الساعة ..."

السؤال:

أولى رسائل هذه الحلقة رسالة وصلت إلى البرنامج من إحدى الأخوات المستمعات تقول: المرسلة أمة الله من الرياض، أختنا تسأل عن خمس قضايا في قضيتها الأولى تقول:

إلى سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، أما بعد: 

فإن لدي بعض الأسئلة وهي: 

أولًا: قرأت حديثًا عن رسول الله ﷺ عن عون بن مالك أنه قال: أتيت رسول الله ﷺ في غزوة تبوك وهو في قبة أدم فقال: اعدد ستًا بين يدي الساعة: موتي، ثم فتح بيت المقدس، ثم موتان يأخذ فيكم كعقاص الغنم، ثم استفاضة المال حتى يعطى الرجل مائة دينار فيظل ساخطًا، ثم فتنة لا يبقى بيت من العرب إلا دخلته، ثم هدنة تكون بينكم وبين بني الأصفر فيغدرون فيأتونكم تحت ثمانين غاية، تحت كل غاية اثنا عشر ألفًا 

سؤالي هو: هل ظهور هذه الأحداث قبل ظهور العلامات الكبرى؟

هل الفتنة التي في الحديث يقصد بها الفيديو، وما كان على شاكلته الذي ابتلينا به في وقتنا هذا؟ وما هما الموتان الواردان في الحديث؟ ومن هم بنو الأصفر الذين تكون بيننا وبينهم هدنة؟ وما هي الغاية التي وردت في الحديث؟

أرجو من سماحة الشيخ أن يتفضل مشكورًا ببيان ما سألت عنه، وتسأل أيضًا وتقول: هل يتوقف عمل الإنسان بظهور أولى العلامات الكبرى؟ وما هي أولاها؟ جزاكم الله خيرًا.

الجواب:

بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله وصلى الله وسلم على رسول الله وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه أما بعد:

فهذه الأشياء التي جاءت في الحديث المذكور، وهو من حديث عوف بن مالك -بالفاء- عوف بن مالك الأشجعي ، هذه من علامات النبوة، ومن دلائل صدق رسالته عليه الصلاة والسلام.

المقدم: عوف بن مالك؟

الشيخ: عوف بن مالك.

المقدم: أنا قلت عون.

الشيخ: بدل عون عوف بن مالك .

وهذه من علامات صدق الرسالة، وأنه رسول الله حقًا عليه الصلاة والسلام، فقد حصل فتح بيت المقدس بعد موته عليه الصلاة والسلام وحصل مرض وهو الموتان الذي أخذ الناس وهو الطاعون الذي عم الناس، حصل به موت عظيم.

والفتنة: وقعت فتن كثيرة، ولاسيما الفتنة التي وقعت بين علي ومعاوية  فإنه عم شرها بسبب مقتل عثمان وانتشر ضررها ودخل بيوت العرب وبيوت المسلمين، فهي فتنة عظيمة حصلت على المسلمين وافترق فيها المسلمون فرقتين، ثم أطفأها الله جل وعلا بعد مقتل علي، وبعد تنازل الحسن بن علي عن الإمرة وتركها لـمعاوية، واجتمع الناس على معاوية، وبايعوه في عام إحدى وأربعين من الهجرة، وصار ذلك العام يسمى عام الجماعة، والحمد لله على كل حال.

وأما ما يتعلق بفيضان المال فقد فاض المال كثيرًا، وسوف يفيض في آخر الزمان، والأقرب والله أعلم أنه يفيض في آخر الزمان؛ لأنه جاءت أحاديث أخرى كثيرة تدل على أنه في آخر الزمان يفيض حتى لا يقبله أحد، وهذا يكون في زمن عيسى عليه الصلاة والسلام؛ فإنه إذا جاء زمن عيسى فاض المال بين الناس، ووضعت الجزية ولم تقبل، وصار المسلمون على دين واحد، وصارت العبادة لله وحده، فهناك يفيض المال، وقد يفيض في أوقات قبل ذلك كما في الحديث الصحيح أيضًا أنها لا تقوم الساعة حتى يفيض المال، وحتى يخرج الرجل بصدقته لا يجد من يقبلها، وحتى تعود أرض العرب مروجًا وأنهارًا، كل هذا ثابت عن النبي عليه الصلاة والسلام، وقد يقع في جهات وفي دول دون جهات أخرى ودول أخرى، ولكنه واقع في آخر الزمان كما أخبر به النبي عليه الصلاة والسلام، في زمن عيسى، وقد يقع في أزمان أخرى قبل زمن عيسى عليه الصلاة والسلام.

وأما ما يتعلق ببني الأصفر وكونهم يأتوا إلى المسلمين على ثمانين غاية، هذا ما بعد حصل، ولابد أن يقع كما قاله النبي ﷺ، لابد أن يقع في آخر الزمان كما أخبر به النبي ﷺ، وبنو الأصفر هم الروم، يقال لهم: بنو الأصفر، والله المستعان.

وأما الفيديو وما الفيديو والتلفاز هذه فتن، ليست هي المرادة في الحديث، لكنها تدخل في عموم الأدلة الأخرى التي فيها ظهور الفتن، وانتشار الشر، هذا من أسبابه: الفيديو والتلفاز والإذاعات، والصحف الماجنة والخليعة، كل هذه من أسباب الشر، ما يذاع في الإذاعة من الباطل، وما ينشر بسبب التلفاز أو بسبب الصحف أو ما أشبه ذلك من أنواع المؤلفات الباطلة، كل هذا من أسباب الفتن، وكل هذا من أسباب الشر الذي يقع بين الناس، والله المستعان.

المقدم: الله المستعان. سألت أختنا سماحة الشيخ: هل يتوقف عمل الإنسان بظهور أولى العلامات الكبرى؟ وما هي أولى العلامات الكبرى؟

الشيخ: أول العلامات الكبرى عند أهل العلم خروج المهدي الذي يحكم الناس بالعدل، وهو من أهل بيت النبي ﷺ من أولاد الحسن من أولاد فاطمة ويخرج في آخر الزمان ويبايعه الناس ويحكم الناس بالعدل، ويملأ الأرض عدلًا بعدما ملئت جورًا، وهذا يقع عند نزول المسيح، قرب نزول المسيح بن مريم في آخر الزمان، وعند خروج الدجال.

وأول العلامات هو المهدي ثم الدجال، ثم نزول عيسى عليه الصلاة والسلام، ثم خروج يأجوج ومأجوج، هذه كلها متقاربة، في زمن واحد، أولها المهدي ثم يليه الدجال، ثم ينزل المسيح بن مريم فيقتل الدجال، ثم يخرج يأجوج ومأجوج والمسيح موجود في الأرض عليه الصلاة والسلام.

والآيات التي إذا خرجت لم تقبل التوبة وختم على الأعمال هي طلوع الشمس من مغربها، إذا طلعت من مغربها الشمس حينئذ لا تقبل التوبة من التائبين، فالكل يبقى على عمله كما قال : يَوْمَ يَأْتِي بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ لا يَنفَعُ نَفْسًا إِيمَانُهَا لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمَانِهَا خَيْرًا [الأنعام:158] هذا هو طلوع الشمس من مغربها كما صحت به الأخبار عن رسول الله عليه الصلاة والسلام. نعم.

المقدم: جزاكم الله خيرًا.

فتاوى ذات صلة