15 من قوله: ( إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا..)

 إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ إِنَّ اللَّهَ نِعِمَّا يَعِظُكُمْ بِهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ سَمِيعًا بَصِيرًا [النساء:58].
يخبر تعالى أنه يأمر بأداء الأمانات إلى أهلها، وفي حديث الحسن عن سمرة أن رسول الله ﷺ قال: أد الأمانة إلى من ائتمنك، ولا تخن من خانك رواه الإمام أحمد، وأهل السنن، وهذا يعم جميع الأمانات الواجبة على الإنسان من حقوق الله على عباده، من الصلوات، والزكوات، والصيام، والكفارات، والنذور، وغير ذلك مما هو مؤتمن عليه، ولا يطلع عليه العباد، ومن حقوق العباد بعضهم على بعض كالودائع، وغير ذلك مما يأتمنون به بعضهم على بعض من غير اطلاع بينة على ذلك، فأمر الله بأدائها، فمن لم يفعل ذلك في الدنيا أخذ منه ذلك يوم القيامة، كما ثبت في الحديث الصحيح أن رسول الله ﷺ قال: لتؤدن الحقوق إلى أهلها حتى يقتص للشاة الجماء من القرناء.
وقال ابن أبي حاتم: حدثنا محمد بن إسماعيل الأحمسي، حدثنا وكيع عن سفيان، عن عبدالله بن السائب، عن زاذان، عن عبدالله بن مسعود، قال: إن الشهادة تكفر كل ذنب إلا الأمانة، يؤتى بالرجل يوم القيامة وإن كان قتل في سبيل الله فيقال: أد أمانتك، فيقول: فأنى أؤديها، وقد ذهبت الدنيا؟ فتمثل له الأمانة في قعر جهنم فيهوي إليها فيحملها على عاتقه، قال: فتنزل عن عاتقه فيهوي على أثرها أبد الآبدين.
قال زاذان: فأتيت البراء فحدثته، فقال: صدق أخي: إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا.
وقال سفيان الثوري عن ابن أبي ليلى، عن رجل، عن ابن عباس في الآية، قال: هي مبهمة للبر، والفاجر.

الشيخ: ومعنى ذلك أنها عامة تعم جميع الناس، أن عليهم أداء الأمانات لأهلها في الدنيا قبل الآخرة، وأنها تشمل الحقوق التي لله، والحقوق التي للناس، ولهذا قال النبي ﷺ: لتؤدون الحقوق إلى أهلها يعني يوم القيامة إذا لم ترد في الدنيا وأخل بها المكلف فإنها تؤد يوم القيامة، لا تضيع على أهلها، حتى يقتص للشاة الجلحاء -يعني الجماء- من الشاة القرناء التي نطحتها بغير حق، وهي بهيمة، فإذا اقتص للبهائم فكيفك بالمكلفين، المكلفون أعظم.
والأمانات تشمل ما ائتمن الله عليه العباد من صلاتهم، ووضوئهم، وغسلهم، وزكواتهم، وصيامهم، وحجهم، وسائر ما أوجب عليهم، فإن هذه الصلاة لو صلاها الإنسان بغير وضوء من يطلع عليه؟ إلا الله الذي خلقه، وشرع هذه العبادة، ولو بخل بالزكاة، أو ببعضها من يطلع عليه؟ وهكذا صيامه لو أخل به، أو حج الفريضة، ولو حج عند الناس ....... فهكذا بقية الأمانات الواجب أن تؤدى كما شرع الله، فإن أداها على غير ما شرع الله لم يكن مؤديًا، من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد، وهكذا حقوق الناس من الأمانات، والديون، والعواري، والديون إلى غير هذا مما يكون عنده للناس يجب عليه أن يؤديه، وأن لا يخونه، ولهذا قال تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَخُونُوا اللَّهَ والرَّسُولَ وتَخُونُوا أَمَانَاتِكُمْ، وأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ [الأنفال:27]، وقال في سورة أهل الإيمان والمفلحين: وَالَّذِينَ هُمْ لِأَمَانَاتِهِمْ وعَهْدِهِمْ رَاعُونَ [المؤمنون:8] يعني مراعاة الأمانة حتى تؤدى، وعظم شأنها في قوله سبحانه: إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنْسَانُ [الأحزاب:72] الآية، فكثير من الناس لا ينتبه لهذا الأمر العظيم، ولا يرعاه حق رعايته، ويحصل له بذلك من الخطر العظيم والفساد والضعف في دينه، وسوء العاقبة ما لم يعلم مداه إلا الله ، وفي حديث ابن مسعود أن ....... يوم القيامة في النار فهو يدل على أن الخائن يدخل النار، فمن خان الأمانة متوعد بالنار، يقال له: أد الأمانة فأنى ذلك وقد ذهبت الدنيا؟ فتمثل له الأمانة تمثل له أمانته من ذهب، أو فضة، أو غير ذلك في قعر النار، فينزل لها فإذا صعد بها زلت من عاتقه فيتبعها يظل، وهكذا، وهذا من باب الوعيد العظيم، والتحذير، وإن كان قد تقرر عند أهل السنة، والجماعة أن العاصي لا يخلد في النار ما دام مات على التوحيد والإيمان، لكنه متوعد بالنار على معاصيه من زنا، أو سرقة، أو عقوق والدين، أو قطيعة رحم، أو أكل ربا، أو شهادة زور، أو غيرها من المعاصي فهو متوعد على ما مات عليه من الكبائر، لكن مهما كانت الحال فقد أجمع أهل السنة، والجماعة على أن العاصي لا يخلد في النار، وأنه إن دخلها فإنه يعذب عذابًا مؤقتًا، خلافًا للخوارج والمعتزلة القائلين بأن العاصي مخلد في النار كالكافر، وهذا قول باطل عند أهل السنة، قول الخوارج والمعتزلة في تخليد العاصي في النار هذا قول باطل، مخالف للأدلة الشرعية، ومخالف لما تواتر عن رسول الله ﷺ من خروج أهل المعاصي من النار بعدما يعذبون فيها ما شاء الله، ثم يخرجون من النار إلى نهر يقال له: نهر الحياة، نهر من الجنة، وينبتون فيه كما تنبت الحبة في حميل السيل، فإذا تتام خلقهم أدخلهم الله الجنة، ولا يبقى في النار أبدًا أحد من أهل التوحيد، لا يبق في النار مسلم أبدًا، وإنما يبقى فيها الكفار الذين ماتوا على الكفر، يخلدون فيها أبد الآباد، وهم الذين قال فيهم سبحانه: كَذَلِكَ يُرِيهِمُ اللَّهُ أَعْمَالَهُمْ حَسَرَاتٍ عَلَيْهِمْ ومَا هُمْ بِخَارِجِينَ مِنَ النَّارِ [البقرة:167]، وقال سبحانه: يُرِيدُونَ أَنْ يَخْرُجُوا مِنَ النَّارِ ومَا هُمْ بِخَارِجِينَ مِنْهَا ولَهُمْ عَذَابٌ مُقِيمٌ [المائدة:37]، وما ضربه في بعض المعاصي من الخلود فهو خلود مؤقت قد تعلق به المعتزلة، والخوارج، ولكنه خلود مؤقت مثل قوله سبحانه: وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ ولَعَنَهُ وأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا [النساء:93]، وقوله سبحانه في القاتل والزاني والمشرك: وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا ۝ يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَانًا [الفرقان:68، 69]، فهذا خلود مختلف في حق المشرك، هذا خلود دائم أبد الآباد، وفي حق القاتل والزاني إذا كان لم يستحل القتل والزنا بل مات على التوحيد فإن خلودهما ليس بدائم، بل خلود مؤقت له نهاية، ويعبر بالخلود عن طول الإقامة، والعرب تعبر بالخلود عن طول الإقامة، فبعض الناس قد يخلد بمعنى تطول إقامته في النار -نعوذ بالله- بسبب ما مات عليه من الزنا، أو قتل نفسه بغير حق، أو قتل إنسان بغير حق، فقد توعد هؤلاء بالخلود في النار، وإن كانوا لم يستحلوا ذلك، وإن قتل معصية لا كفرًا لكنهم يخلدون خلودًا له نهاية، وله وقت ينتهي إليه، ثم يخرجهم الله برحمته إلى الجنة؛ لأنهم ماتوا على الإسلام، ماتوا على التوحيد، فمن مات على التوحيد لا يخلد، وإنما الخلود لمن مات على الكفر بالله ، أي لا يخلد الخلود الدائم الأبدي وإن خلد خلود العصاة خلود له نهاية، وهو طول الإقامة كما في حق القاتل والزاني كما في الآية الكريمة، وكما جاء ذلك فيمن قتل نفسه أنه يدخل النار خالدًا مخلدًا فيها؛ لأنه قتل نفسه، وأنه كان قتل نفسه بحديدة فهو يتوجأها في نار جهنم، وإن قتل نفسه بسم فهو يتحساه في نار جهنم، وهكذا يعذب بما قتل به نفسه -نسأل الله العافية-، لكنه مثل ما جاء في النصوص المتواترة لا يبقى في النار أبد الآباد بل له نهاية، وإنما يبقى فيها أبد الآباد من مات على الكفر بالله من سائر الكفار كاليهود، والنصارى، والمشركين، وسائر أنواع الكفرة، نسأل الله العافية.

وقال محمد بن الحنفية: هي عامة للبر، والفاجر. وقال أبو العالية: الأمانة ما أمروا به، ونهوا عنه.
وقال ابن أبي حاتم، حدثنا أبو سعيد، حدثنا حفص بن غياث، عن الأعمش، عن أبي الضحى، عن مسروق، قال: قال أبي بن كعب: من الأمانة أن المرأة ائتمنت على فرجها.
وقال الربيع بن أنس: هي من الأمانات فيما بينك، وبين الناس.
وقال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا، قال: قال: يدخل فيه وعظ السلطان النساء، يعني يوم العيد.

الشيخ: والمعنى يدخل فيه الدعوة إلى الله، وعلى السلطان والأمير والخطيب وعظ الناس، وعظ النساء حيث تيسر ذلك لوعظهن إذا صلين مع الناس أيام العيد، ولم تصله الخطبة، وجب أن يخصهن بموعظة إذا لم يسمعوا موعظة الرجال، كما فعله النبي عليه الصلاة والسلام، المقصود أن من الأمانات أن يؤدي العلماء واجبهم من وعظ الناس، وتذكير الناس، وتعليمهم، وإرشادهم، وتحذيرهم من مغبة المعاصي والشرور، عليهم أمانات، واجبة على أهل العلم أينما كانوا، كما أنهم يجب عليهم التعليم، والتذكير بالله، يجب عليهم نشر الإسلام والدعوة إليه أينما كانوا، وحسب قدرتهم.

وقد ذكر كثير من المفسرين أن هذه الآية نزلت في شأن عثمان بن طلحة بن أبي طلحة، واسم أبي طلحة عبدالله بن عبدالعزى بن عثمان بن عبدالدار بن قصي بن كلاب القرشي العبدري حاجب الكعبة المعظمة، وهو ابن عم شيبة بن عثمان بن أبي طلحة الذي صارت الحجابة في نسله إلى اليوم، أسلم عثمان هذا في الهدنة بين صلح الحديبية، وفتح مكة، هو وخالد بن الوليد، وعمرو بن العاص، وأما عمه عثمان بن طلحة بن أبي طلحة.الشيخ: عثمان بن أبي طلحة، هذا الصواب، طلحة غلط، هذاك عثمان بن طلحة بن أبي طلحة، وهذا عثمان بن أبي طلحة أخو طلحة صاحب المفتاح.
وأما عمه عثمان بن أبي طلحة فكان معه لواء المشركين يوم أحد، وقتل يومئذ كافرًا، وإنما نبهنا على هذا النسب لأن كثيرا من المفسرين قد يشتبه عليه هذا بهذا، وسبب نزولها فيه لما أخذ منه رسول الله ﷺ مفتاح الكعبة يوم الفتح، ثم رده عليه.
وقال محمد بن إسحاق في غزوة الفتح: حدثني محمد بن جعفر بن الزبير، عن عبيد الله بن عبدالله بن أبي ثور، عن صفية بنت شيبة أن رسول الله ﷺ لما نزل بمكة، واطمأن الناس خرج حتى جاء إلى البيت، فطاف به سبعًا على راحلته يستلم الركن بمحجن في يده، فلما قضى طوافه دعا عثمان بن طلحة فأخذ منه مفتاح الكعبة ففتحت له، فدخلها فوجد فيها حمامة من عيدان، فكسرها بيده، ثم طرحها، ثم وقف على باب الكعبة، وقد استكف له الناس في المسجد، قال ابن إسحاق: فحدثني بعض أهل العلم أن رسول ﷺ قام على باب الكعبة، فقال: لا إله إلا الله، وحده لا شريك له، صدق وعده، ونصر عبده، وهزم الأحزاب وحده، ألا كل مأثرة أو دم أو مال يدعى فهو تحت قدمي هاتين، إلا سدانة البيت، وسقاية الحاج، وذكر بقية الحديث في خطبة النبي ﷺ يومئذ إلى أن قال: ثم جلس رسول الله ﷺ في المسجد، فقام إليه علي بن أبي طالب، ومفتاح الكعبة في يده، فقال: يا رسول الله، اجمع لنا الحجابة مع السقاية صلى الله عليك، فقال رسول الله ﷺ: أين عثمان بن طلحة؟ فدعي له، فقال له: هاك مفتاحك يا عثمان، اليوم يوم وفاء وبر.
قال ابن جرير: حدثني القاسم، حدثنا الحسين عن حجاج، عن ابن جريج في الآية، قال: نزلت في عثمان بن طلحة، قبض منه رسول الله ﷺ مفتاح الكعبة فدخل في البيت يوم الفتح، فخرج وهو يتلو هذه الآية إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا [النساء:58] الآية، فدعا عثمان إليه فدفع إليه المفتاح. قال: وقال عمر بن الخطاب: لما خرج رسول الله ﷺ من الكعبة، وهو يتلو هذه الآية إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا فداه أبي، وأمي ما سمعته يتلوها قبل ذلك.
حدثنا القاسم، حدثنا الحسين، حدثنا الزنجي بن خالد عن الزهري قال: دفعه إليه، وقال: أعينوه.
وروى ابن مردويه من طريق الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس في قوله : إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا قال: لما فتح رسول الله ﷺ مكة دعا عثمان بن طلحة، فلما أتاه قال: أرني المفتاح فأتاه به، فلما بسط يده إليه قام إليه العباس، فقال: يا رسول الله، بأبي أنت وأمي، اجمعه لي مع السقاية، فكف عثمان يده، فقال رسول الله ﷺ: أرني المفتاح يا عثمان فبسط يده يعطيه، فقال العباس مثل كلمته الأولى، فكف عثمان يده. ثم قال رسول الله ﷺ: يا عثمان إن كنت تؤمن بالله واليوم الآخر فهاتني المفتاح فقال: هاك بأمانة الله، قال فقام رسول الله ﷺ، وفتح باب الكعبة، فوجد في الكعبة تمثال إبراهيم عليه الصلاة والسلام معه قداح يستقسم بها، فقال رسول الله ﷺ: ما للمشركين قاتلهم الله، وما شأن إبراهيم، وشأن القداح، ثم دعا بجفنة فيها ماء، فأخذ ماء فغمسه فيه، ثم غمس به تلك التماثيل.
الشيخ: في حديث أسامة ابن زيد أنه دعا بثوب أبيض فغمسه في الماء، ثم جعل يمسح به الصور التي في جدران الكعبة يمحوها عليه الصلاة والسلام، أما القداح فهذه مما كذبوه على إبراهيم، فإن إبراهيم لم يستقسم بالقداح، والقداح سهام كانت العرب تستقسم بها، من جنس السهام التي يرمون بها، كانوا يكتبون عليها افعل، ولا تفعل، والثالث غفل، ما فيه شيء، ثلاثة: واحد فيه افعل، والثاني لا تفعل، والثالث غفل، سادة ما فيه شيء، فإذا أرادوا أن يهموا بغزو، أو بفعل شيء من الأمور ذات الأهمية أمروا من يدير هذه الأقداح، فإن خرج عند الإدالة افعل فعل، وإن خرج عند الإدالة لا تفعل لم يفعل، وإن خرج غفل أعادوها، وهكذا، وإذا خرج أن افعلوا وهم لا يحبون أن يفعلوا أدالوها حتى يخرج ما أرادوا لا تفعلوا، يلعبون بها على أهوائهم، وقد أبطل الله ذلك بالإسلام، وقال سبحانه: إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ [المائدة:90]، فشرع الله لهم الاستخارة بدل هذه القداح التي يستقسمون بها، والاستخارة الشرعية هي صلاة الركعتين عند الهم بأمر تخفى عليه عاقبته فيصلي ركعتين، ويستخير الله . والرواية هذه فيها سقط شيء، والرواية هذه من رواية الكلبي، والكلبي ليس بشيء عندهم متهم بالكذب، ولهذا فيه زيادة أن عثمان امتنع وتوقف حتى قال له النبي ما قال، وأن العباس قام يقولها اجمع لنا عندما مدها عثمان، هذا فيه نكارة، والكلبي ليس بشيء في الرواية.
س: دعاء الاستخارة بعد الفراغ من الصلاة؟
الشيخ: بعد الفراغ نعم، بعد الصلاة.
حط إشارة على رقم واحد، ويراجع أبا إسحاق في السيرة، لأن هذا نقله عن السيرة، تابع للسيرة، سيرة ابن هشام، وكذلك نقله ابن كثير في التاريخ.
وأخرج مقام إبراهيم كان في الكعبة، فألزقه في حائط الكعبة، ثم قال: يا أيها الناس هذه القبلة، قال: ثم خرج رسول الله ﷺ فطاف في البيت شوطا، أو شوطين، ثم نزل عليه جبريل فيما ذكر لنا برد المفتاح، ثم قال رسول الله ﷺ: إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا حتى فرغ من الآية.
وهذا من المشهورات أن هذه الآية نزلت في ذلك، وسواء كانت نزلت في ذلك، أو لا، فحكمها عام، ولهذا قال ابن عباس، ومحمد بن الحنفية: هي للبر والفاجر، أي هي أمر لكل أحد.
وقوله: وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ أمر منه تعالى بالحكم بالعدل بين الناس، ولهذا قال محمد بن كعب، وزيد بن أسلم، وشهر بن حوشب: إن هذه الآية إنما نزلت في الأمراء، يعني الحكام بين الناس، وفي الحديث: إن الله مع الحاكم ما لم يجر، فإذا جار وكله الله إلى نفسه، وفي الأثر: عدل يوم كعبادة أربعين سنة.
وقوله: إِنَّ اللَّهَ نِعِمَّا يَعِظُكُمْ بِهِ أي يأمركم به من أداء الأمانات، والحكم بالعدل بين الناس، وغير ذلك من أوامره، وشرائعه الكاملة العظيمة الشاملة.
وقوله تعالى: إِنَّ اللَّهَ كَانَ سَمِيعًا بَصِيرًا أي سميعًا لأقوالكم، بصيرًا بأفعالكم، كما قال ابن أبي حاتم: حدثنا أبو زرعة، حدثنا يحيى بن عبدالله بن بكير، حدثنا عبدالله بن لهيعة، عن يزيد بن أبي حبيب، عن أبي الخير، عن عقبة بن عامر، قال: رأيت رسول الله ﷺ، وهو يقرئ هذه الآية سَمِيعًا بَصِيرًا يقول: بكل شيء بصير، وقد قال ابن أبي حاتم: أخبرنا يحيى القزويني، أنبأنا المقرئ يعني أبا عبدالرحمن عبدالله بن يزيد، حدثنا حرملة يعني ابن عمران التجيبي المصري، حدثني أبو يونس، سمعت أبا هريرة يقرأ هذه الآية إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا إلى قوله: إِنَّ اللَّهَ نِعِمَّا يَعِظُكُمْ بِهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ سَمِيعًا بَصِيرًا، ويضع إبهامه على أذنه، والتي تليها على عينه، ويقول: هكذا سمعت رسول الله يقرؤها، ويضع أصبعيه.
الشيخ: وهذا إشارة إلى أنه سبحانه يسمع حقيقة، ويبصر حقيقة، ولهذا أشار بإصبعه هكذا، إشارة إلى أنه سمع حقيقة، وبصر حقيقة، وليس المراد التمثيل، والتشبيه لا، لأن سمعه سبحانه لا يشبه الأسماع، وبصره لا يشبه الأبصار ، كما قال : لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ [الشورى:11]، وقد أراد بهذا أن يبين أنه سمع حقيقة، وبصر حقيقة، يسمع ما يقول عباده، ويراهم ، وإن كان السمع غير السمع، والبصر غير البصر، فإنه سبحانه لا شبيه ولا كفو له جل وعلا.
.........
قال أبو زكريا: وصفه لنا المقري، ووضع أبو زكريا إبهامه اليمنى على عينه اليمنى، والتي تليها على الأذن اليمنى، وأرانا فقال: هكذا، وهكذا. رواه أبو داود، وابن حبان في صحيحه، والحاكم في مستدركه، وابن مردويه في تفسيره من حديث أبي عبدالرحمن المقري بإسناده نحوه، وأبو يونس هذا مولى أبي هريرة، واسمه سليم بن جبير.الشيخ: شف يحيى القزويني.
الطالب: ما وجدته.
الشيخ: السند لا بأس به، سنده لا بأس به.
س: الحديث الأول: أد الأمانة إلى من ائتمنك، ولا تخن من خانك صحيح؟
الشيخ: لا أعلم فيه شيئا، لا أعلم له علة في سنده... إلا في الحسن، لأن الحسن اختلف في سماعه من سمرة، والمشهور عند أهل العلم أنه لم يسمع منه إلا حديث العقيقة، والباقي فيه اختلاف هل سمع أو ما سمع، على أقوال العلماء ثلاثة أحدهم: أنه سمع مطلقًا، والثاني: ليس مطلقًا، والثالث: سمع حديث العقيقة دون غيره.
الطالب: في تعليق على حديث سمرة، يقول: كذا، ولم أجده في المسند من حديث سمرة، ولكنه فيه من حديث رجل عن النبي ﷺ، والحديث رواه أبو داود، والترمذي في كتاب البيوع.
الشيخ: هو عزاه الحافظ إلى أبي داود، والنسائي، وقال: فاستنكره أبو حاتم ذكره في باب العارية، هذا يحتاج إلى تأمل، هل تابع الحسن فيه أحد.
.........
 يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا [النسا:59] قال البخاري: حدثنا صدقة بن الفضل، حدثنا حجاج بن محمد الأعور عن ابن جريج، عن يعلى بن مسلم، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ قال: نزلت في عبدالله بن حذافة بن قيس بن عدي إذ بعثه رسول الله ﷺ في سرية، وهكذا أخرجه بقية الجماعة إلا ابن ماجه من حديث حجاج بن محمد الأعور به. وقال الترمذي: حديث حسن غريب، ولا نعرفه إلا من حديث ابن جريج.
وقال الإمام أحمد: حدثنا أبو معاوية عن الأعمش، عن سعد بن عبيدة، عن أبي عبدالرحمن السلمي، عن علي قال: بعث رسول الله ﷺ سرية، واستعمل عليهم رجلًا من الأنصار، فلما خرجوا وجد عليهم في شيء، قال: فقال لهم: أليس قد أمركم رسول الله ﷺ أن تطيعوني؟ قالوا: بلى. قال: فاجمعوا لي حطبًا، ثم دعا بنار فأضرمها فيه، ثم قال: عزمت عليكم لتدخلنها، قال: فهم القوم أن يدخلوها قال: فقال لهم شاب منهم: إنما فررتم إلى رسول الله من النار، فلا تعجلوا حتى تلقوا رسول الله ﷺ، فإن أمركم أن تدخلوها فادخلوها، قال: فرجعوا إلى رسول الله ﷺ فأخبروه، فقال لهم: لو دخلتموها ما خرجتم منها أبدًا، إنما الطاعة في المعروف، أخرجاه في الصحيحين من حديث الأعمش به.
وقال أبو داود: حدثنا مسدد، حدثنا يحيى عن عبيد الله، حدثنا نافع عن عبدالله بن عمر عن رسول الله ﷺ، قال: السمع والطاعة على المرء المسلم فيما أحب وكره، ما لم يؤمر بمعصية، فإذا أمر بمعصية فلا سمع ولا طاعة، وأخرجاه من حديث يحيى القطان.
وعن عبادة بن الصامت قال: «بايعنا رسول الله ﷺ على السمع، والطاعة، في منشطنا، ومكرهنا، وعسرنا، ويسرنا، وأثرة علينا، وأن لا ننازع الأمر أهله، قال: إلا أن تروا كفرا بواحا عندكم فيه من الله برهان، أخرجاه، وفي الحديث الآخر عن أنس أن رسول الله ﷺ قال: اسمعوا، وأطيعوا، وإن أمر عليكم عبد حبشي كأن رأسه زبيبة، رواه البخاري.
وعن أبي هريرة قال: أوصاني خليلي أن أسمع، وأطيع، وإن كان عبدا حبشيا مجدع الأطراف، رواه مسلم. وعن أم الحصين أنها سمعت رسول الله ﷺ يخطب في حجة الوداع يقول: ولو استعمل عليكم عبد يقودكم بكتاب الله، اسمعوا له وأطيعوا رواه مسلم، وفي لفظ له: عبدا حبشيا مجدوعا.
الشيخ: والمعنى في هذا أن الواجب هو السمع والطاعة لمن تأمر على المسلمين لأنه في ذلك صلاح المجتمع، وإقامة العدل لله، وإنفاذ الحق، ومنع الباطل، فإذا اختلف الناس على ولي أمرهم وتنازعوا ولم يسمعوا ويطيعوا مرج الأمر، واختل الأمن، وساد الباطل، وضعف جانب الحق، فجاءت الشريعة الإسلامية بما هو أصلح للمجتمع، وأسلم للدين، وأحفظ للأمن، وأقوم للحق، فقال جل وعلا: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ، وإن كان نزولها لأسباب سرية عبدالله بن حذافة، أو سرية الأنصاري أيًا منهما. فالائتلاف يعم هذه الآية، فإنها دالة على وجوب السمع والطاعة لولاة الأمور، وجاءت السنة تبين ذلك، وتقيد ما أطلقه القرآن في قوله: وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ، وأن المراد بالمعروف لا في المعصية، لهذا قال ابن عمر عن النبي ﷺ أنه قال: على المرء السمع والطاعة في عسره ويسره، وفي منشطه ومكرهه، مالم يؤمر بمعصية الله، فإن أمر بمعصية الله فلا سمع ولا طاعة، وحديث علي: إنما الطاعة في المعروف، والحديث الآخر: لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق، وما دام ولي الأمر سواء كان ولي الأمر العام، وهو الملك، أو رئيس الجمهورية مثلاً، أو كان ولي الأمر في قرية، أو قبيلة، أو. . فإنه يسمع له ويطاع لأن السمع له والطاعة طاعة لولي الأمر الأعظم، فيجب السمع والطاعة لولاة الأمور صغارهم وكبارهم بالمعروف. ....... حتى قال: وإن تأمر عليكم عبد حبشي مجدع الأطراف، وكأن رأسه زبيبة، وفي اللفظ الآخر: يقودكم بكتاب الله يعني يحكم بكم بشرع الله، فلا يجوز الخروج عليه، وإذا أمر بمعصية فلا يسمع له في المعصية، ولكن يسمع له في المعروف لا في المعصية، إذا أمر بشرب الخمر بالزنا بقتل من لا يستحق القتل فلا إنما الطاعة في المعروف، وهو ما وافق الشرع، وكان مباحًا.
وقال ابن جرير: حدثني علي بن مسلم الطوسي، حدثنا ابن أبي فديك، حدثني عبدالله بن محمد بن عروة عن هشام بن عروة عن أبي صالح السمان، عن أبي هريرة أن النبي ﷺ قال: سيليكم بعدي ولاة، فيليكم البر ببره، والفاجر بفجوره، فاسمعوا لهم وأطيعوا في كل ما وافق الحق، وصلوا وراءهم، فإن أحسنوا فلكم ولهم، وإن أساؤوا فلكم وعليهم.
وعن أبي هريرة أن رسول الله ﷺ قال: كانت بنو إسرائيل تسوسهم الأنبياء كلما هلك نبي خلفه نبي، وإنه لا نبي بعدي، وسيكون خلفاء فيكثرون قالوا: يا رسول الله، فما تأمرنا؟ قال: أوفوا ببيعة الأول فالأول، وأعطوهم حقهم، فإن الله سائلهم عما استرعاهم، أخرجاه.
وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله ﷺ: من رأى من أميره شيئا فكرهه فليصبر، فإنه ليس أحد يفارق الجماعة شبرا فيموت إلا مات ميتة جاهلية أخرجاه.
وعن ابن عمر أنه سمع رسول الله ﷺ يقول: من خلع يدا من طاعة لقي الله يوم القيامة لا حجة له، ومن مات وليس في عنقه بيعة مات ميتة جاهلية رواه مسلم.
وروى مسلم أيضا عن عبدالرحمن بن عبد رب الكعبة، قال: دخلت المسجد فإذا عبدالله بن عمرو بن العاص جالس في ظل الكعبة، والناس حوله مجتمعون عليه، فأتيتهم فجلست إليه، فقال: كنا مع رسول الله ﷺ في سفر فنزلنا منزلًا فمنا من يصلح خباءه، ومنا من ينتضل، ومنا من هو في جشره، إذ نادى منادي رسول الله ﷺ: الصلاة جامعة، فاجتمعنا إلى رسول الله ﷺ فقال: إنه لم يكن نبي من قبلي إلا كان حقا عليه أن يدل أمته على خير ما يعلمه لهم، وينذرهم شر ما يعلمه لهم، وإن هذه الأمة جعلت عافيتها في أولها، وسيصيب آخرها بلاء، وأمور تنكرونها، وتجيء فتن يرفق بعضها بعضا، وتجيء الفتنة فيقول المؤمن: هذه مهلكتي، ثم تنكشف، وتجئ الفتنة فيقول المؤمن: هذه هذه، فمن أحب أن يزحزح عن النار، ويدخل الجنة، فلتأته منيته وهو يؤمن بالله، واليوم الآخر، وليأت إلى الناس الذي يحب أن يؤتى إليه.
الشيخ: هذه مهمة عظيمة، من أحب أن يزحزح عن النار، وأن يدخل الجنة. ....... هذا يبين نصح الرسل عليهم الصلاة والسلام، وأن الرسل بلغوا كل ما أمروا به، ودلوا أمتهم على كل خير، وحذروهم من كل شر، ولهذا قال: ما بعث الله من نبي إلا كان حقًا عليه أن يدل أمته على خير ما يعلمه لهم، وينذرهم شر ما يعلمه لهم، ونبي الله أكمل الأنبياء عليهم الصلاة والسلام، وأكملهم بلاغًا فقد بلغ، ودل المؤمنين على كل خير، ونهاهم عن كل شر، وبين أن هذه الأمة جعلت عافيتها في أولها، وسيصيب آخرها بلاء، وأمور تنكرونها، هذه يبين أن أول الأمة أعطاهم الله خيرًا عظيمًا، وهم خيرة هذه الأمة الصحابة رضي الله عنهم وأرضاهم، قال: وسيصيب آخرها فتنة، وأمور تنكرونها، وقد وقع من ذلك ما وقع، قال: تجيء فتن يرقق بعضها بعضًا، كل فتنة ترقق التي قبلها، وتبين أنها دونها، قال: فتجيء الفتنة فيقول المؤمن: هذه مهلكتي، ثم تنكشف، ثم تجيء الفتنة أخرى فيقول: هذه هذه يعني هذه أعظم من الأولى، ثم قال: فمن أحب أن يزحزح عن النار، وأن يدخل الجنة فلتأته منيته وهو يؤمن بالله واليوم الآخر، وليحب أن يؤتي للناس الذي يحب أن يؤتى إليه، يعني من أحب النجاة، والسعادة فليثبت على الإيمان، والإحسان إلى الناس، والنصح لهم، هذا هو طريق السعادة، فلتأته منيته وهو يؤمن بالله واليوم الآخر، يموت وهو موحد لله، مطيع لله، مؤمن باليوم الآخر، ثم مع ذلك يعامل الناس بالخير، وليأت إلى الناس الذي يحب أن يؤتى إليه، يعني يعاملهم بالنصح، والصدق، والمعروف، كما يحب أن يعامل بذلك، لا يعاملهم بالظلم، والجفوة، والشر، والإساءة، والأذى لا، وليأتِ إلى الناس الذي يحب أن يؤتى إليه يعني كما يحب أن يعامل فليأت إلى الناس كذلك، وليعاملهم بما يحب أن يعامل به من نصح، وصدق، وإحسان، وكف أذى.ومن بايع إمامًا فأعطاه صفقة يده، وثمرة فؤاده، فليطعه إن استطاع، فإن جاء آخر ينازعه فاضربوا عنق الآخر، قال: فدنوت منه فقلت: أنشدك بالله أنت سمعت هذا من رسول الله ﷺ؟ فأهوى إلى أذنيه وقلبه بيديه، وقال: سمعته أذناي، ووعاه قلبي، فقلت له: هذا ابن عمك معاوية يأمرنا أن نأكل أموالنا بيننا بالباطل، ونقتل أنفسنا، والله تعالى يقول: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا [النساء:29] قال: فسكت ساعة، ثم قال: أطعه في طاعة الله، واعصه في معصية الله.
والأحاديث في هذا كثيرة.