الجواب:
إذا كان الوالد أو الوالدة لا يتأثر بذلك، يعني إذا صبرت حتى تكملي فلا حاجة إلى القطع، أما إذا كانت حاجة ضرورية ويخشى من التأخير فوات المطلوب، فاقطعي النافلة، وفي قصة جريجًا عبرة، فإن جريجًا كان عابدًا من بني إسرائيل فجاءته أمه ذات يوم وهو يصلي فقالت: يا جريج ! فقال: يا رب أمي وصلاتي، ثم استمر في صلاته ولم يقطعها فذهبت أمه، ثم جاءته في يوم آخر، وهو يصلي قالت: يا جريج ! فقال: يا رب أمي وصلاتي ثم استمر في صلاته، ولم يقطعها وذهبت أمه، ثم جاءته اليوم الثالث فقالت: يا جريج ! فقال: يا رب أمي وصلاتي، ثم مضى في صلاته ولم يقطعها فذهبت وقالت عند ذلك: اللهم لا تمته حتى ينظر في وجوه المومسات، يعني: الزانيات، فأجيبت دعوتها، والنبي أقرها، ولم يستنكر هذا عليه الصلاة والسلام، ولم يقل: إنها أخطأت، ولم يقل: إنه.. بل أقرها.
فدل ذلك على أن المشروع له قطعها؛ لأن النافلة تقطع عند الحاجة، بر الوالدة واجب، فإذا دعت الحاجة إلى قطعها قطعها وأجاب الوالدة أو الوالد ثم رجع إلى صلاته من أولها، النافلة أمرها أوسع، والحمد لله.
فإن هذه أم جريج أجيبت دعوتها فابتلي جريج وتسلط عليه جماعة من سفهاء بني إسرائيل وقالوا لامرأة بغي أن تذهب إليه لتفتنه، فذهبت إليه وعرضت عليه نفسها للزنا، فعصمه الله منها ولم يلتفت إليها، فذهبت إلى راع فمكنته من نفسها فحملت، فلما ولدت سألوها قالوا: من أين هذا الولد؟
قالت: من جريج، كذبت عليه وقذفته بالزنا، فجاءوا وهدموا صومعته التي كان يتعبد فيها، وضربوه، فقال: ما شأنكم؟
قالوا: إنك زنيت بهذه، فقال: هاتوا الصبي، فأتوا بالصبي قال: أمهلوني وصلى ركعتين ودعا ربه أن الله ... براءته، فجاء إلى الصبي وطعن في بطنه وقال: من أبوك يا غلام؟
فقال: أبوي فلان الراعي، فأنطقه الله وهو في المهد، وهو أحد الثلاثة الذين نطقوا في المهد كما قال النبي عليه الصلاة والسلام، فبرأ الله ساحته واعتذروا إليه، وقالوا: نعيد لك صومعة من ذهب، فقال: لا، بل أعيدوها إلي من تراب -من طين- كما كانت أولًا.
فالمقصود أنه وقع في هذه المصيبة بسبب أنه استمر في عدم الاستجابة لأمه، فدل ذلك على أن المشروع أن يستجيب لها، وألا يستمر لأنها قد تكون حاجتها ما ينبغي تأخيرها، فإذا وقع منه هذا اليوم فدعا رجل ولده أو امرأة ولدها وهو في النافلة فإنه إذا كان يخشى أن يغضبا عليه أو الحاجة مستعجلة فإنه يقطع.
أما إذا كان يعرف أنهما لا يغضبان ولا يتأثران فإنه يتمها ثم يلبي حاجتهما. نعم.
المقدم: بارك الله فيكم، ونفع بعلمكم.