الجواب:
الغضبان له ثلاثة أحوال، كما ذكرها ابن القيم -رحمه الله- في كتابه إعلام الموقعين، وفي غيره، له ثلاثة أحوال:
الحال الأولى: أن يشتد معه الغضب حتى لا يشعر ما يقع منه بسبب شدة الغضب، فهذا كالمجنون، لا يقع طلاقه عند الجميع، إذا كان لا يشعر بالطلاق بسبب شدة الغضب.
الحال الثاني: يغضب غضبًا شديدًا، لكنه لم يزل شعوره، معه الشعور، لكنه اشتد غضبه بسبب المضاربة أو المسابة أو المشاتمة، أو ما أشبه ذلك مما يسبب شدة الغضب، فإذا وجدت أسبابه وعلاماته واعترف به الزوجان، أو قامت به البينة فإن هذا يعتبر طلاقًا غير واقع؛ لأنه في شدة الغضب قد فقد صوابه وفقد السيطرة على نفسه، وفقد القدرة على منع نفسه من الطلاق بسبب شدة الغضب، فهذا الراجح من قولي العلماء: أنه لا يقع، وهو الذي نفتي به، كما رجح ذلك العلامة ابن القيم -رحمه الله- وشيخه أبو العباس شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله-، وقال به جمع من أهل العلم.
إذا اشتد غضبه لأسباب واضحة من مضاربة أو مسابة أو غير هذا من الأسباب الواضحة، ولكن لم يزل شعوره معه الشعور، معه بقية من الشعور، يعلم ما صدر منه، لكنه قد اشتد غضبه حتى عجز عن السيطرة على نفسه، فهذا الصواب أنه لا يقع طلاقه في هذه الحال كالذي فقد شعوره.
الحال الثالث: غضب غضبًا عاديًا لا يمنعه من التعقل، ويملك نفسه، هذا يقع بالإجماع، هذا الأخير الذي غضب غضبًا لكن لا يسمى غضبًا شديدًا غضبًا عاديًا، تكلمت عليه كلامًا أغضبها، أو وجد منها ما يغضبه لكنه معه شعوره ومعه، يضبط نفسه، وليس عنده شدة تجعل الغضب غالبًا عليه، بحيث يكون قد فقد صوابه ستين في المائة، خمسين في المائة، سبعين في المائة، يعني: النصف فأكثر، يعني زال شعوره النصف فأكثر، اشتد معه الغضب فهذا لا يقع طلاقه، أما الذي غضب لكن شعوره الغالب معه، فهذا يقع طلاقه عند الجميع، عند جميع أهل العلم.
المقدم: بارك الله فيكم، وجزاكم الله خيرًا.