الجواب: بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والعاقبة للمتقين، والصلاة والسلام على عبده ورسوله وخيرته من خلقه، وأمينه على وحيه نبينا وإمامنا وسيدنا محمد بن عبد الله، وعلى آله وأصحابه ومن سلك سبيله واهتدى بهداه إلى يوم الدين.
أما بعد: فإن الاحتفال بالمولد النبوي على صاحبه أفضل الصلاة والسلام أمر قد كثر فيه الكلام، وقد كتبنا فيه كتابات متعددة، ونشرت في الصحف مرات كثيرة، ووزعت مرات كثيرة، وكتب فيه غيري من أهل العلم كشيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في كتابه: اقتضاء الصراط المستقيم، وبين أولئك العلماء أنه بدعة، وأن وجوده من بعض الناس لا يبرر كونه سنة ولا يدل على جوازه وشرعيته.
وقد نص على ذلك أيضاً الشاطبي رحمه الله في كتابه الاعتصام، وكتب في هذا أيضاً شيخنا العلامة الكبير محمد بن إبراهيم رحمه الله كتابة وافية، وليس في هذا بحمد الله شك عند من عرف الأصول وعرف القاعدة الشرعية في كمال الشريعة والتحذير من البدع، وإنما يشكل هذا على بعض الناس الذين لم يحققوا الأصول، ولم يدرسوا طريقة السلف الصالح دراسة وافية كافية، بل اغتروا بمن فعل المولد من بعض الناس وقلدوه، أو اغتروا بمن قال: إن في الإسلام بدعة حسنة، والصواب في هذا المقام: أن الاحتفال بالموالد كلها بدعة، بمولده عليه الصلاة والسلام وبمولد غيره، كمولد البدوي ، أو الشيخ عبد القادر الجيلاني ، أو غيرهما، لم يفعلها السلف الصالح، ولم يفعل النبي ﷺ احتفالاً بمولده وهو المعلم المرشد عليه الصلاة والسلام، وقد بلغ البلاغ المبين ونصح الأمة، وما ترك سبيلاً يقرب من الله ويدني من رحمته إلا بينه للأمة وأرشدهم إليه، وما ترك سبيلاً يباعد من رحمة الله ويدني من النار إلا بينه للأمة وحذرهم منه، وقد قال الله سبحانه: الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلامَ دِينًا [المائدة:3] مضى لسبيله عليه الصلاة والسلام في مكة ثلاثة عشر سنة، في المدينة عشر سنين ولم يحتفل بهذا المولد، ولم يقل للأمة: افعلوا ذلك، ثم صحابته وأرضاهم لم يفعلوا ذلك لا الخلفاء الراشدون ولا غيرهم من الصحابة، ثم التابعون لهم بإحسان من التابعين وأتباع التابعين من القرون المفضلة، كلهم على هذا السبيل لم يفعلوا شيئاً من هذا لا قولاً ولا عملاً، ثم أتى بعض الناس في القرن الرابع ممن ينسب إلى البدعة من الشيعة الفاطميين المعروفين حكام مصر والمغرب فأحدثوا هذه البدعة، ثم تابعهم غيرهم من بعض أهل السنة جهلاً بالحق، وتقليداً لمن سار في هذا الطريق، أو أخذاً بشبهات لا توصل إلى الحق.
فالواجب على المؤمن أن يأخذ الحق بدليله، وأن يتحرى ما جاءت به السنة والكتاب حتى يكون حكمه على بينة وعلى بصيرة، وحتى يكون سيره على منهج قويم، والله يقول سبحانه: وَمَا اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ مِنْ شَيْءٍ فَحُكْمُهُ إِلَى اللَّهِ [الشورى:10]، ويقول : يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا [النساء:59].
وإذا نظرنا فيما يفعله الناس من الاحتفالات ورددناه إلى القرآن العظيم لم نجد فيه ما يدل عليها، وإذا رددنا ذلك إلى السنة لم نجد فيها ما يدل على ذلك لا فعلاً ولا قولاً ولا تقريراً، فعلم بذلك أن الاحتفال بالمولد النبوي بدعة بلا شك يجب تركها ولا يجوز فعلها، ومن فعل ذلك من الناس فهو بين أمرين: إما جاهل لم يعرف الحق فيعلم ويرشد، وإما متعصب لهوى وغرض فيدعى إلى الصواب ويدعى له بالهداية والتوفيق، وليس واحد منهما حجة لا الجاهل ولا المتعصب، ليس كل منهما حجة، وإنما الحجة فيما قاله الله ورسوله لا في قول غيرهما.
ثم القول بأن البدع تنقسم إلى حسنة وسيئة وإلى محرمة وواجبة قول بلا دليل، وقد رد ذلك أهل العلم واليقين وبينوا خطأ هذا التقسيم، واحتجوا على هذا بقول النبي ﷺ في الحديث الصحيح: من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد يعني: فهو مردود، متفق على صحته، وروى مسلم في صحيحه رحمه الله عن عائشة رضي الله عنها عن النبي ﷺ أنه قال: من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد يعني: فهو مردود، وفي الصحيح عن جابر رضي الله تعالى عنه عن النبي ﷺ أنه كان يخطب يوم الجمعة فيقول: أما بعد: فإن خير الحديث كتاب الله، وخير الهدي هدي محمد ﷺ، وشر الأمور محدثاتها، وكل بدعة ضلالة ولم يقل البدعة فيها كذا وفيها كذا، بل قال: كل بدعة ضلالة، وقال في حديث العرباض بن سارية: إياكم ومحدثات الأمور، فإن كل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة.
والبدع في أمور الدين في أمور التقرب لا في أمور الدنيا، أما أمور الدنيا في المآكل والمشارب فللناس أن يحدثوا في مآكلهم وطعامهم وشرابهم صناعات خاصة، يصنعون الخبز على طريقة، والرز على طريقة، والأنواع الأخرى على طريقة، لهم أن يتنوعوا في طعامهم ليس في هذا حرج، وإنما الكلام في القربات والعبادات التي يتقرب بها إلى الله، هذا هو محل التبديع، وكذلك الصناعات وآلات الحرب، للناس أن يحدثوا أشياء يستعينوا بها في الحرب من قنابل.. من مدافع.. من غير ذلك، يحدثون مراكب من طائرات.. من سفن فضائية.. من قطارات، ليس في هذا شيء، إنما الكلام فيما يتقرب به إلى الله ويعده الناس قربة وطاعة يرجون ثوابها عند الله هذا هو محل النظر، فما لم يفعله الرسول ﷺ ولا أصحابه، ولم يدل عليه صلى الله عليه وسلم ولم يرشد إليه بل أحدثه الناس وأدخلوه في دين الله فهو بدعة، شاء فلان أو غضب فلان، والحق أحق بالاتباع، ومن هذا الباب ما أحدثه الناس من بناء المساجد على القبور، واتخاذ القباب عليها، هذا من البدع التي وقع بسببها شر كثير، حتى وقع الشرك الأكبر وعبدت القبور من دون الله بأسباب هذه البدع.
فيجب على المؤمن أن ينتبه لما شرعه الله فيأخذ به، وعليه أن ينتبه لما ابتدعه الناس فيحذره وإن عظمه من يشار إليهم من أهل الجهل أو التقليد الأعمى أو التعصب، فلا عبرة عند الله بأهل التقليد الأعمى ولا بأهل التعصب ولا بأهل الجهل، وإنما الميزان عند الله لمن أخذ بالدليل واحتج بالدليل وأراد الحق بدليله هذا هو الذي يعتبر في الميزان ويرجع إلى قوله، ونسأل الله للجميع الهداية والتوفيق. نعم. الله المستعان.
المقدم: جزاكم الله خير.
أما بعد: فإن الاحتفال بالمولد النبوي على صاحبه أفضل الصلاة والسلام أمر قد كثر فيه الكلام، وقد كتبنا فيه كتابات متعددة، ونشرت في الصحف مرات كثيرة، ووزعت مرات كثيرة، وكتب فيه غيري من أهل العلم كشيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في كتابه: اقتضاء الصراط المستقيم، وبين أولئك العلماء أنه بدعة، وأن وجوده من بعض الناس لا يبرر كونه سنة ولا يدل على جوازه وشرعيته.
وقد نص على ذلك أيضاً الشاطبي رحمه الله في كتابه الاعتصام، وكتب في هذا أيضاً شيخنا العلامة الكبير محمد بن إبراهيم رحمه الله كتابة وافية، وليس في هذا بحمد الله شك عند من عرف الأصول وعرف القاعدة الشرعية في كمال الشريعة والتحذير من البدع، وإنما يشكل هذا على بعض الناس الذين لم يحققوا الأصول، ولم يدرسوا طريقة السلف الصالح دراسة وافية كافية، بل اغتروا بمن فعل المولد من بعض الناس وقلدوه، أو اغتروا بمن قال: إن في الإسلام بدعة حسنة، والصواب في هذا المقام: أن الاحتفال بالموالد كلها بدعة، بمولده عليه الصلاة والسلام وبمولد غيره، كمولد البدوي ، أو الشيخ عبد القادر الجيلاني ، أو غيرهما، لم يفعلها السلف الصالح، ولم يفعل النبي ﷺ احتفالاً بمولده وهو المعلم المرشد عليه الصلاة والسلام، وقد بلغ البلاغ المبين ونصح الأمة، وما ترك سبيلاً يقرب من الله ويدني من رحمته إلا بينه للأمة وأرشدهم إليه، وما ترك سبيلاً يباعد من رحمة الله ويدني من النار إلا بينه للأمة وحذرهم منه، وقد قال الله سبحانه: الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلامَ دِينًا [المائدة:3] مضى لسبيله عليه الصلاة والسلام في مكة ثلاثة عشر سنة، في المدينة عشر سنين ولم يحتفل بهذا المولد، ولم يقل للأمة: افعلوا ذلك، ثم صحابته وأرضاهم لم يفعلوا ذلك لا الخلفاء الراشدون ولا غيرهم من الصحابة، ثم التابعون لهم بإحسان من التابعين وأتباع التابعين من القرون المفضلة، كلهم على هذا السبيل لم يفعلوا شيئاً من هذا لا قولاً ولا عملاً، ثم أتى بعض الناس في القرن الرابع ممن ينسب إلى البدعة من الشيعة الفاطميين المعروفين حكام مصر والمغرب فأحدثوا هذه البدعة، ثم تابعهم غيرهم من بعض أهل السنة جهلاً بالحق، وتقليداً لمن سار في هذا الطريق، أو أخذاً بشبهات لا توصل إلى الحق.
فالواجب على المؤمن أن يأخذ الحق بدليله، وأن يتحرى ما جاءت به السنة والكتاب حتى يكون حكمه على بينة وعلى بصيرة، وحتى يكون سيره على منهج قويم، والله يقول سبحانه: وَمَا اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ مِنْ شَيْءٍ فَحُكْمُهُ إِلَى اللَّهِ [الشورى:10]، ويقول : يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا [النساء:59].
وإذا نظرنا فيما يفعله الناس من الاحتفالات ورددناه إلى القرآن العظيم لم نجد فيه ما يدل عليها، وإذا رددنا ذلك إلى السنة لم نجد فيها ما يدل على ذلك لا فعلاً ولا قولاً ولا تقريراً، فعلم بذلك أن الاحتفال بالمولد النبوي بدعة بلا شك يجب تركها ولا يجوز فعلها، ومن فعل ذلك من الناس فهو بين أمرين: إما جاهل لم يعرف الحق فيعلم ويرشد، وإما متعصب لهوى وغرض فيدعى إلى الصواب ويدعى له بالهداية والتوفيق، وليس واحد منهما حجة لا الجاهل ولا المتعصب، ليس كل منهما حجة، وإنما الحجة فيما قاله الله ورسوله لا في قول غيرهما.
ثم القول بأن البدع تنقسم إلى حسنة وسيئة وإلى محرمة وواجبة قول بلا دليل، وقد رد ذلك أهل العلم واليقين وبينوا خطأ هذا التقسيم، واحتجوا على هذا بقول النبي ﷺ في الحديث الصحيح: من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد يعني: فهو مردود، متفق على صحته، وروى مسلم في صحيحه رحمه الله عن عائشة رضي الله عنها عن النبي ﷺ أنه قال: من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد يعني: فهو مردود، وفي الصحيح عن جابر رضي الله تعالى عنه عن النبي ﷺ أنه كان يخطب يوم الجمعة فيقول: أما بعد: فإن خير الحديث كتاب الله، وخير الهدي هدي محمد ﷺ، وشر الأمور محدثاتها، وكل بدعة ضلالة ولم يقل البدعة فيها كذا وفيها كذا، بل قال: كل بدعة ضلالة، وقال في حديث العرباض بن سارية: إياكم ومحدثات الأمور، فإن كل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة.
والبدع في أمور الدين في أمور التقرب لا في أمور الدنيا، أما أمور الدنيا في المآكل والمشارب فللناس أن يحدثوا في مآكلهم وطعامهم وشرابهم صناعات خاصة، يصنعون الخبز على طريقة، والرز على طريقة، والأنواع الأخرى على طريقة، لهم أن يتنوعوا في طعامهم ليس في هذا حرج، وإنما الكلام في القربات والعبادات التي يتقرب بها إلى الله، هذا هو محل التبديع، وكذلك الصناعات وآلات الحرب، للناس أن يحدثوا أشياء يستعينوا بها في الحرب من قنابل.. من مدافع.. من غير ذلك، يحدثون مراكب من طائرات.. من سفن فضائية.. من قطارات، ليس في هذا شيء، إنما الكلام فيما يتقرب به إلى الله ويعده الناس قربة وطاعة يرجون ثوابها عند الله هذا هو محل النظر، فما لم يفعله الرسول ﷺ ولا أصحابه، ولم يدل عليه صلى الله عليه وسلم ولم يرشد إليه بل أحدثه الناس وأدخلوه في دين الله فهو بدعة، شاء فلان أو غضب فلان، والحق أحق بالاتباع، ومن هذا الباب ما أحدثه الناس من بناء المساجد على القبور، واتخاذ القباب عليها، هذا من البدع التي وقع بسببها شر كثير، حتى وقع الشرك الأكبر وعبدت القبور من دون الله بأسباب هذه البدع.
فيجب على المؤمن أن ينتبه لما شرعه الله فيأخذ به، وعليه أن ينتبه لما ابتدعه الناس فيحذره وإن عظمه من يشار إليهم من أهل الجهل أو التقليد الأعمى أو التعصب، فلا عبرة عند الله بأهل التقليد الأعمى ولا بأهل التعصب ولا بأهل الجهل، وإنما الميزان عند الله لمن أخذ بالدليل واحتج بالدليل وأراد الحق بدليله هذا هو الذي يعتبر في الميزان ويرجع إلى قوله، ونسأل الله للجميع الهداية والتوفيق. نعم. الله المستعان.
المقدم: جزاكم الله خير.