الجواب:
هذا فيه تفصيل:
إن كانت طرقه كثيرة أو الرواة لهم صفات خاصة في العلم والفضل والتقى فإنه يفيد اليقين، أما إن كان آحاد ليس هناك من الطرق الكثيرة أو من الصفات التي يعني تقام مقام الطرق فإنه يكون ظنًا، وقد ذكر أهل العلم ذلك كالحافظ ابن حجر وغيره، قال في الآحاد: وقد يقع فيها ما يفيد العلم النظري بالقرائن على المختار، وقال بعضهم في الصحيحين: إن أحاديثها مقطوع بها وأنها تفيد اليقين، وقال آخرون: بل تفيد الظن إلا إذا تواترت أو كثرت الطرق.
والصواب: أن الآحاد يفيد اليقين إذا توافرت القرائن من جهة كثرة الطرق أو من جهة الصفات الذين رووه فإن الرواة يختلفون، فإذا كان مثلًا روي من طريقين أو أكثر للأئمة أفاد اليقين، كأن مثلًا يروى من طريق الإمام مالك عن نافع عن ابن عمر أن النبي ﷺ قال كذا، ويجيء الطريق الثاني مثلًا: يرويه الإمام أحمد عن الشافعي عن -مثلًا- أحد مشايخ الشافعي الثقات عن الزهري عن أنس ونحوه فهذا يكسبه قوة عظيمة يراه بعض المحققين مفيداً للعلم في ذلك واليقين.. وهكذا أشباه ذلك كلما تعددت الطرق ولاسيما بالأئمة المعروفين بالثقة والعدالة فإن الحديث يكون مفيدًا لليقين والعلم ولكنه حجة على كلا التقادير على جميع التقادير هو حجة وإن لم يفد العلم ما دام سنده جيدًا ورواته ثقات، فإنه يفيد وجوب العمل في إيجاب ما يجب، وفي تحريم ما يحرم، ونحو ذلك.
فالعمل واجب بالحديث الثابت الصحيح وإن لم يفد العلم، وإن لم يفد إلا الظن على رأي من قال بذلك، فالحجة قائمة به، أفاد العلم أو الظن إذا ثبت الإسناد، هذا الذي عليه أهل العلم، وحكاه بعضهم إجماعًا كالخطيب البغدادي وابن عبدالبر حكوا أن أحاديث الآحاد يحتج بها في العقائد وفي الأحكام وأنه لا يفرق بين الأحكام وغيرها إذا كانت أسانيدها ثابتة، سواء حكمنا بأنها أفادت العلم أم لم تفد العلم وإنما أفادت الظن، فإن الظن هنا بمنزلة العلم في وجوب العمل. نعم.
المقدم: جزاكم الله خيرًا.