أنقذوا أفغانستان المسلمة من طغيان الملاحدة

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه.
أما بعد: فيا أيها المسلمون، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
لا يخفي عليكم ما جرى ويجري الآن في أفغانستان البلاد المسلمة من اعتداء روسيا الشيوعية عليها واحتلالها وتقتيل المسلمين وتشريدهم من ديارهم ومحاولة الشيوعية القضاء على الإسلام والمسلمين في أفغانستان، البد المسلم، ومع هذا فهم جادون في الدفاع عن دينهم ثم عن أنفسهم وأعراضهم وبلادهم أمام هذه الحملة الكبيرة الكافرة الظالمة، وهم في أشد الحاجة بل الضرورة إلى مساعدتهم من إخوانهم المسلمين، لأن المسلمين كالجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعي له سائر الجسد بالسهر والحمى.
وإنه يؤلمنا ما يؤلم إخواننا ويسرنا ما يسرهم، وقد دلت الآيات القرآنية والأحاديث النبوية على وجوب جهاد أعداء الله بالنفس والمال ولا سيما إذا هجموا على شيء من بلاد المسلمين، وإن المسلمين متى تركوا ذلك أثموا جميعًا.
ومن المعلوم أن الخطر الشيوعي يهدد كل دول الإسلام وإننا معرضون لهجمات الشيوعية الحاقدة على الأديان، ولقد جاء في القرآن الكريم والسنة المطهرة ما يكفي ويشفى في فضل الجهاد والحض عليه، فمن ذلك قوله تعالى: وَقَاتِلُوا الْمُشْرِكِينَ كَافَّةً كَمَا يُقَاتِلُونَكُمْ كَافَّةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ [التوبة:36]، وقوله تعالى إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ وَعْدًا عَلَيْهِ حَقًّا فِي التَّوْرَاةِ وَالإِنجِيلِ وَالْقُرْآنِ وَمَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ مِنَ اللَّهِ فَاسْتَبْشِرُوا بِبَيْعِكُمُ الَّذِي بَايَعْتُمْ بِهِ وَذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ [التوبة:111] وقال تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى تِجَارَةٍ تُنجِيكُمْ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ ۝ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنتُمْ تَعْلَمُونَ ۝ يَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَيُدْخِلْكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ وَمَسَاكِنَ طَيِّبَةً فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ ۝ وَأُخْرَى تُحِبُّونَهَا نَصْرٌ مِنَ اللَّهِ وَفَتْحٌ قَرِيبٌ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ [الصف: 10-13] والآيات في فضل الجهاد كثيرة، ومما جاء في السنة النبوية المطهرة في ذلك ما رواه الصحابي الجليل أبو هريرة قال: سئل رسول الله ﷺ أي الأعمال أفضل؟ قال: الإيمان بالله ورسوله قيل ثم ماذا؟ قال: الجهاد في سبيل الله قيل ثم ماذا؟ قال: حج مبرور [أخرجه البخاري 26، ومسلم 258] وما رواه الصحابي الجليل عبدالله بن مسعود رضي الله عنه قال: قلت يا رسول الله، أي العمل أحب إلى الله تعالى؟ قال:الصلاة على وقتها قلت: ثم أي؟ قال:  بر الوالدين  قلت: ثم أي؟ قال: الجهاد في سبيل الله [أخرجه البخاري 527، ومسلم 264].
وما رواه الصحابي الجليل أبو سعيد الخدري رضي الله عنه قال: أتى رجل رسول الله ﷺ، فقال: أي الناس أفضل؟ قال: مؤمن يجاهد بنفسه وماله في سبيل الله قال: ثم من؟ قال: مؤمن في شعب من الشعاب يعبد الله، ويدع الناس من شره [أخرجه البخاري 2786، ومسلم 2994] والأحاديث في هذا الباب كثيرة.
ويجب الجهاد على الأعيان في ثلاثة مواضع:
أحدها: إذا التقى الزحفان وتقابل الصفان، لقوله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا لَقِيتُمْ فِئَةً فَاثْبُتُوا وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ [الأنفال:45] قال تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا زَحْفًا فَلا تُوَلُّوهُمُ الأَدْبَارَ [الأنفال:15]، الثاني: إذا نزل الكفار ببلد، تعين على أهله قتالهم ودفعهم، كما هو الواقع في أفغانستان، ويجب على إخوانهم المسلمين في كل مكان دعمهم ومساعدتهم لعموم قوله تعالى: انفِرُوا خِفَافًا وَثِقَالًا وَجَاهِدُوا بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنتُمْ تَعْلَمُونَ [التوبة:41].
ثالثًا: إذا استنفره من له استنفاره، تعين عليه، لقوله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَا لَكُمْ إِذَا قِيلَ لَكُمُ انفِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ اثَّاقَلْتُمْ إِلَى الأَرْضِ أَرَضِيتُمْ بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا مِنَ الآخِرَةِ فَمَا مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فِي الآخِرَةِ إِلَّا قَلِيلٌ [التوبة:38].
ولقول النبي ﷺ: وإذا استنفرتم فانفروا [أخرجه البخاري 1834، ومسلم 3368] وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله، يجب جهاد الكفار واستنقاذ ما بأيديهم من بلاد المسلمين وأسراهم، ويجب على المسلمين أن يكونوا يدا واحدة على الكفار، وأن يجتمعوا ويقاتلوا على طاعة الله ورسوله والجهاد في سبيله ويدعوا المسلمين إلى ما كان عليه سلفهم الصالح من الصدق وحسن الأخلاق، فإن هذا من أعظم أصول الإسلام وقواعد الإيمان التي بعث الله بها رسله وأنزل بها كتبه وأمر عباده عمومًا بالاجتماع ونهاهم عن التفرق والاختلاف، كما قال الله تعالى:  أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ كَبُرَ عَلَى الْمُشْرِكِينَ مَا تَدْعُوهُمْ إِلَيْهِ اللَّهُ يَجْتَبِي إِلَيْهِ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي إِلَيْهِ مَنْ يُنِيبُ [الشورى:13] قال تعالى: وَلا تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَأُوْلَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ [آل عمران:105]، وأخبر سبحانه بأنه أرسل جميع الرسل بدين الإسلام كما قال تعالى: مِلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمينَ مِنْ قَبْلُ وَفِي هَذَا لِيَكُونَ الرَّسُولُ شَهِيدًا عَلَيْكُمْ وَتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ فَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَاعْتَصِمُوا بِاللَّهِ هُوَ مَوْلاكُمْ فَنِعْمَ الْمَوْلَى وَنِعْمَ النَّصِيرُ [الحج:78].
فيا أيها المسلمون في كل مكان، إن علينا جميعًا أن نشكر الله سبحانه على ما من به علينا من النعم الظاهرة والباطنة وأن نمد يد المعونة والمساعدة لإخواننا المسلمين الأفغانيين الذين يعانون من أعداء الإسلام التقتيل والتشريد والتيتيم والتشتيت في العراء والصحراء في البرد والجوع، فالواجب على المسلمين جميعًا أن يبذلوا لهم ما يعينهم على جهاد أعداء الإسلام ويمكنهم من أسباب النصر عليهم كل حسب استطاعته لقول الله عزَّ وجلَّ: فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ [التغابن:16]، وقول النبي ﷺ: جاهدوا المشركين بأموالكم وأنفسكم وألسنتكم[1] وقوله عليه الصلاة  والسلام: من جهز غازيًا في سبيل الله فقد غزا، ومن خلفه في أهله بخير فقد غزا[2]، والآيات والأحاديث في فضل الجهاد والنفقة فيه كثيرة، ولا مانع من صرف الزكاة لهم لأنهم من الأصناف الثمانية المذكورة في قوله تعالى: إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَاِبْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ [التوبة:60]، والمجاهدون هم المقصودون بقوله تعالى: وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ ولا بأس بتعجيلها وإخراجها لهم قبل وقتها، أي قبل أن يحول عليها الحول، ويشرع للجميع الدعاء لهم بالنصر والتأييد على أعداء الإسلام لأن الدعاء من أفضل القربات مع بذل جميع الأسباب الممكنة في جهاد الأعداء وإعانة المجاهدين، ومن أعظم الأسباب التوبة إلى الله سبحانه من جميع الذنوب والاستقامة على أداء فرائضه وترك محارمه لأن المعاصي من أعظم أسباب الخذلان وتسليط الأعداء كما قال الله عز وجل: وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُوا عَنْ كَثِيرٍ [الشورى:30]
وقال تعالى: ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ [الروم:41]
وقال تعالى: مَا أَصَابَكَ مِنْ حَسَنَةٍ فَمِنَ اللَّهِ وَمَا أَصَابَكَ مِنْ سَيِّئَةٍ فَمِنْ نَفْسِكَ وَأَرْسَلْنَاكَ لِلنَّاسِ رَسُولًا وَكَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا [النساء:79]
وأسأل الله بأسمائه الحسنى وصفاته العلى أن ينصر دينه ويعلي كلمته وأن يصلح أحوال المسلمين في كل مكان ويصلح قادتهم وأن يمن على الجميع بالتوبة النصوح وأن ينصر إخواننا المجاهدين في أفغانستان وفي كل مكان وأن يجمع كلمتهم على الحق وأن يذل أعداء الإسلام ويشتت شملهم ويفرق جمعهم ويجعل تدميرهم في تدبيرهم وأن ينزل بهم بأسه الذي لا يرد عن القوم المجرمين، إنه على كل شيء قدير.
وصلى الله وسلم على عبده ورسوله نبينا محمد وآله وصحبه ومن اهتدى بهداه إلى يوم الدين، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته[3].
 
 

  1. أخرجه أبو داود: (2506)أخرجه أبو داود: (2506)
  2. أخرجه البخاري: (2843)، ومسلم (5011)
  3. مجلة الوعي الإسلامي العدد: (185)، جمادي الأولى: (1400هـ)، مارس: (1980م)