الأحد ٢٣ / رمضان / ١٤٤٦
السؤال: ما حكم الاعتكاف للرجل والمرأة؟ وهل يشترط له الصيام؟ وبماذا يشتغل المعتكف؟ ومتى يدخل معتكفه، ومتى يخرج منه؟
الجواب: الاعتكاف سنة للرجال والنساء؛ لما ثبت عن النبي ﷺ أنه كان يعتكف في العشر الأواخر، وكان يعتكف بعض نسائه معه، ثم اعتكفن بعده عليه الصلاة والسلام. ومحل الاعتكاف المساجد التي تقام فيها صلاة الجماعة، وإذا كان يتخلل اعتكافه جمعة فالأفضل أن يكون اعتكافه في المسجد الجامع إذا تيسر ذلك. وليس لوقته حد محدود في أصح أقوال أهل العلم، ولا يشترط له الصوم، ولكن مع الصوم أفضل. والسنة له أن يدخل معتكفه حين ينوي، ويخرج بعد مضي المدة التي نواها، وله قطع ذلك إذا دعت الحاجة إلى ذلك؛ لأن الاعتكاف سنة ولا يجب بالشروع فيه إذا لم يكن منذورًا. ويستحب الاعتكاف في العشر الأواخر من رمضان؛ تأسيًا بالنبي ﷺ. ويستحب لمن اعتكفها دخول معتكفه بعد صلاة الفجر من اليوم الحادي والعشرين؛ اقتداء بالنبي ﷺ، ويخرج متى انتهت العشر. وإن قطعه فلا حرج عليه إلا أن يكون منذورًا كما تقدم. والأفضل أن يتخذ مكانًا معينًا في المسجد يستريح فيه إذا تيسر ذلك، ويشرع للمعتكف أن يكثر من الذكر وقراءة القرآن والاستغفار والدعاء والصلاة في غير أوقات النهي. ولا حرج أن يزوره بعض أصحابه، وأن يتحدث معهم كما كان النبي ﷺ يزوره بعض نسائه، ويتحدثن معه. وزارته مرة صفية رضي الله عنها وهو معتكف في رمضان، فلما قامت قام معها إلى باب المسجد، فدل على أنه لا حرج في ذلك. وهذا العمل منه ﷺ يدل على كمال تواضعه، وحسن سيرته مع أزواجه عليه من ربه أفضل الصلاة والتسليم. وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه وأتباعهم بإحسان[1]. نشر في كتاب (تحفة الإخوان) لسماحته، وفي جريدة (عكاظ) العدد 11475 تاريخ 18/9/1418هـ، وفي جريدة (الندوة) العدد 12209 بتاريخ 6/9/1419هـ، وفي جريدة 0 عكاظ) العدد 1829 بتاريخ 23/9/1419هـ، (مجموع فتاوى ومقالات الشيخ ابن باز 15/ 441).
كتاب الاعتكاف 232 - باب فضل الاعتكاف 1/1268- عنِ ابنِ عُمَرَ رَضِي اللَّه عَنْهُما، قالَ: كانَ رسولُ اللَّهِ ﷺ يَعتَكِفُ العَشْرَ الأَوَاخِرَ مِنْ رَمَضَانَ. متفقٌ عَلَيْهِ. 2/1269- وعنْ عائشةَ رَضِيَ اللَّه عنْها، أَنَّ النَّبيَّ ﷺ كانَ يَعْتَكِفُ العَشْرَ الأَوَاخِرَ مِنْ رَمَضانَ، حَتَّى تَوَفَّاهُ اللَّه تَعَالَى، ثُمَّ اعْتَكَفَ أَزواجُهُ مِنْ بعْدِهِ. متفقٌ عَلَيْهِ. 3/1270- وعَنْ أبي هُريرةَ، ، قالَ: كانَ النبيُّ ﷺ يَعْتَكِفُ في كُلِّ رَمَضَانَ عَشَرةَ أيَّامٍ، فَلَمًا كَانَ العَامُ الَّذِي قُبًضَ فِيهِ اعْتَكَفَ عِشرِينَ يَوْمًا. رواه البخاريُّ. الشيخ: الحمد لله، وصلى الله وسلم على رسول الله، وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه. أما بعد: فهذه الأحاديث تتعلق بالاعتكاف، والاعتكاف سنة مؤكدة، ومحلها المساجد كما قال الله جل وعلا: وَلَا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ [البقرة:187] والعكوف: اللبث والإقامة، عكف في المكان إذا أقام به، ومعنى الاعتكاف هو اللبث في المسجد بنية التعبد والتقرب إلى الله من ليل أو نهار، وليس له حد محدود، وهو مشروع في كل وقت وفي رمضان آكد، في العشر الأخيرة آكد، ومشروع في جميع الأوقات، ولا حد لأقله ولا حد لأكثره، والهدف منه التفرغ للعبادة من القراءة -قراءة القرآن- والذكر والصلاة والدعاء، هذا هو المقصود أن يتفرغ لعبادة الله جل وعلا، وكان النبي ﷺ يعتكف في أول رمضان وفي وسط رمضان ثم استقرت السنة في آخر رمضان، صار يعتكف العشر الأخيرة من رمضان حتى توفاه الله، وفي بعض السنوات حصل بعض ما منعه من الاعتكاف في رمضان فاعتكف في شوال عشرا من شوال عليه الصلاة والسلام، وهكذا ذكر ابن عمر وذكرت عائشة أيضا أنه كان يعتكف العشر الأخيرة من رمضان حتى توفاه الله ، فيستحب للمسلم إذا تيسر له ذلك أن يعتكف، أما إذا كان اعتكافه قد يمنعه مما هو أهم، قد يشغله عما هو أهم يترك الاعتكاف، إذا كان يشغله عن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وعن كسب العيش لأهل بيته وهم محتاجون أو ما أشبه ذلك لا، لا يعتكف، يشتغل بما هو أفضل وأهم من الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وطلب الرزق لمن تحت يده هذا مطلوب وفرض ومتعين، والسنة في حق المعتكف أن يلزم المعتكف للتعبد ولكن لا يترك من أجله الجماعة، فلا يعتكف إلا في مسجد تقام فيه الجماعة حتى يصلي مع الجماعة، أما إذا كان في مسجد لا تقام فيه الجمعة فإنه يخرج إلى الجمعة يصلي الجمعة مع الناس ثم يعود إلى معتكفه وله الخروج لحاجته لحاجة الإنسان في بيته أو في محل قضاء الحاجة، وهكذا إذا دعت حاجة أخرى لا بدّ منها خرج لا بأس، وله أن يقطعه لأنه نافلة، له أن يهون يقطعه لا حرج عليه إذا دعت الحاجة إلى ذلك، ولا يجب إلا بالنذر، لو نذر وجب لأنه طاعة لله . وفي الحديث الآخير هذا كان يطلب ليلة القدر، طلبها في العشر الأول، ثم في العشر الأوسط، ثم استقر أمرها في العشر الأخيرة، وكان يعتكف في العشر الأخيرة من رمضان، واستقرت السنة على هذا ولا مانع من الاعتكاف في العشر الأوسط أو الشهر كله فلا بأس لأن الاعتكاف ما له حد محدود، فلو اعتكف الشهر كله أو عشرين منه أو نصفه لا بأس، ولكن استقرت سنته ﷺ أن يعتكف العشر الأخيرة، وفق الله الجميع. الأسئلة: س: بالنسبة لأقل زمن اعتكاف؟ الشيخ: ما في حد محدود، الاعتكاف يوم أو نصف يوم أو ساعة أو ساعتين إذا نوى بجلوسه التعبد والقراءة ونحوها في المسجد فهذا نوع الاعتكاف، ولو ساعة أو ساعتين ما في حد محدود. س: ما ورد عن ابن عباس أنه قطع اعتكافه من أجل حاجة إنسان؟ الشيخ: ما أعلم فيه شيء، لكنه نافلة إذا قطعه للحاجة فلا بأس. س: يشترط فيه الصوم؟ الشيخ: لا ما هو بشرط. س: بعض الناس خصصه بالمساجد الثلاث؟ الشيخ: الصواب لا يخص وأنه عام، والحديث فيه شاذ مخالف للأحاديث الصحيحة. س: هل ورد أن من اعتكف يوما لله جعل الله بينه وبين النار ثلاثة خنادق؟ الشيخ: هذا حديث ضعيف، والأحاديث في فضل الاعتكاف كلها ضعيفة، إنما الثابت كونه سنة، كونه اعتكف ﷺ هذا هو الثابت وهكذا قوله جل وعلا: وَلَا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ [البقرة:187] هذا هو الأصل، أما الأحاديث في فضل الاعتكاف ما نعلم فيها حديث صحيح. س: سائل يقول أنه يرد على المكالمات الهاتفية ويقول: السلام عليكم، ويقول له: لا تقل السلام عليكم، قل: نعم. لأنه نحن نسلم عليك؟ الشيخ: خيرهما الذي يبدأ بالسلام، خير المتكلمين الذي يبدأ بالسلام سواء هذا أو هذا. س: امرأة كانت مقيمة في أمريكا مع زوجها وبناتها وعادت إلى وطنها لزيارة الأقارب وتوفي عنها زوجها في وطنها، السؤال أين تقضي أيام العدة في أمريكا أو في وطنها علما بأنها ترغب أن تقضي أيام العدة في أمريكا لدراسة بناتها فما رأي سماحتكم في ذلك؟ الشيخ: عليها أن تقضي العدة في بلدها الذي مات زوجها وهي ساكنة فيها ولا تسافر تقضيها في بلدها، والحمد لله الذي أنجاها من أمريكا، وخلصها من أمريكا تحمد ربها ... س: إذا دخل الإنسان المسجد قبل الأذان بعشر أو ربع ساعة هل له أن ينوي الاعتكاف؟ الشيخ: إن نوى فلا بأس وهو جالس في عبادة سواء ما نوى اعتكاف، مأجور على جلوسه وانتظاره هو في صلاة ما انتظر الصلاة، والملائكة تصلي عليه وتستغفر له الملائكة، وإن نوى الاعتكاف فلا بأس. س: دروس المسجد هذا هل هي مستمرة في رمضان حسب هذه الطريقة أم يتغير الكتب؟ الشيخ: تبع رمضان، دروس رمضان ..... س: ....؟ الشيخ: المساجد الثلاث أفضل المساجد، ما في بأس جزاه الله خيرا، إذا سمحت لهم الأوقاف أو استلمه من هو أفضل منه.