الثلاثاء ١٨ / محرّم / ١٤٤٤
السؤال: هنا مجموعة من الأسئلة فضيلة الشيخ، تدور حول دراسة العلوم الدنيوية: هل تُعتبر من الدراسة المُفيدة للمسلم؟
الجواب: لا شكَّ أن الدراسة للعلوم الدنيوية أمرٌ مطلوبٌ، والله يقول سبحانه: وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ [الأنفال:60]، فالمسلمون بحاجةٍ إلى العلوم الدنيوية حتى يستعينوا بها على طاعة الله، وعلى الاستغناء عمَّا في أيدي الناس، وعلى جهاد أعداء الله، مع كون المسلمين يتعلَّمون الجيولوجيا والهندسة والطب وغير ذلك مما يُعينهم، وكذلك ما يخترعون في القوة التي يُجاهد بها الأعداء؛ كل ما يُعينهم على جهاد الأعداء واتِّقاء شرِّ الأعداء ويغنيهم عن الأعداء فهو أمرٌ مطلوبٌ: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا خُذُوا حِذْرَكُمْ [النساء:71]، وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ [الأنفال:60]. فالاشتغال بالعلوم الدنيوية التي تنفع المسلمين إن كان لله؛ أُجِرَ عليها، مع فائدتها العظيمة، وإن كان يتعلَّمها للدنيا ليستفيد في دنياه فهذا مباحٌ ولا يضرُّه ذلك. لكن العلوم الدينية أهم، فليأخذ منها بنصيبٍ، ويجتهد في تعلم دينه، والتَّفقه في دينه، ثم مع ذلك يتعلم ما ينفعه في دنياه إذا استطاع ذلك، وإذا جمع بين الأمرين فهو خيرٌ إلى خيرٍ، يقول النبيُّ ﷺ: مَن يُرد الله به خيرًا يُفقهه في الدين، فإذا تفقَّه في دينه واستفاد مع ذلك في دنياه طبًّا أو صنعةً أخرى تنفعه أو أشياء مما ينفع العبدَ في هذه الدنيا؛ فذلك خيرٌ إلى خيرٍ. وقد قال عليه الصلاة والسلام في الحديث الصحيح لما سُئل: أي الكسب أطيب؟ قال: عمل الرجل بيده، وكل بيع مبرور، وقال عليه الصلاة والسلام: ما أكل أحد طعامًا أفضل من أن يأكل من عمل يده، وإن نبي الله داود كان يأكل من عمل يده، كان صاحب حدادةٍ، كان يصنع الدروع عليه الصلاة والسلام، وهو نبي الله، يصنع الدروع التي يُتَّقى بها في الحرب، تُستعمل في الحرب، وكان زكريا نجارًا، وهو نبيٌّ من أنبياء الله عليه الصلاة والسلام. فإن انتفع بصنعة النِّجارة، أو الدروع، أو المدافع، أو الصواريخ، أو سائر أنواع السلاح؛ فهذا خيرٌ عظيمٌ، ومع النية الصَّالحة، فهو على خيرٍ عظيمٍ، وهو عبادة. كذلك صحَّ عن رسول الله عليه الصلاة والسلام أنه قال: الساعي على الأرملة والمسكين كالمُجاهد في سبيل الله، قال: وأحسبه قال: وكالصَّائم لا يُفطر، والقائم لا يفتر، فالساعي يعني: العامل على نفع الفقير والأرملة والمسكين، يُعينهم على ما عندهم من فقيرات: بنات، أخوات، وأولاد فقراء أو يتامى يستسعى عليهم حتى يستغنوا عمَّا في أيدي الناس، حتى ينفق عليهم، كالمُجاهد في سبيل الله، هذا أمرٌ عظيمٌ، وخيرٌ كبيرٌ، فطالب الرزق بالزراعة، بالتجارة، بالصناعة على خيرٍ عظيمٍ. فتعلم العلوم الدنيوية أمرٌ مفيدٌ ونافعٌ، بشرط ألا يشغل عن علم الآخرة وعمَّا ينفعه في الآخرة، فإن جمع بينهما فقد جمع خيرًا إلى خيرٍ، وإن صلحت نيته في علوم الدنيا كانت عبادةً، وإذا تعلَّمها للدنيا فليس له ولا عليه، تعلم شيئًا مباحًا، لا حرج عليه، لكن متى صلحت نيته وأراد بهذا نفع المسلمين وتقويتهم ضدّ عدوهم؛ جمع الله له الخيرين: الأجر، ومع ذلك النَّفع بهذا المُتعلَّم.
225 - باب بيان فضل صوم المُحَرَّم وشعبان والأشهر الحُرمُ 1/1246- عَنْ أَبي هُريرَةَ ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّه ﷺ: أَفْضَلُ الصِّيَامِ بعْدَ رَمضَانَ: شَهْرُ اللَّهِ المحرَّمُ، وَأَفْضَلُ الصَّلاةِ بَعْد الفَرِيضَةِ: صَلاةُ اللَّيْلِ رواه مسلمٌ. 2/1247- وعَنْ عائشةَ رَضِيَ اللَّه عَنْهَا، قالَتْ: لَمْ يَكُنِ النبيُّ ﷺ يَصُوم مِنْ شَهْرٍ أَكْثَرَ مِنْ شَعْبَانَ، فَإِنَّه كانَ يَصُوم شَعْبَانَ كلَّه. وفي رواية: كَانَ يَصُومُ شَعْبَانَ إِلاَّ قَلِيلًا. متفقٌ عليه. 3/1248- وعن مجِيبَةَ البَاهِلِيَّةِ عَنْ أَبِيهَا أَوْ عمِّها، أَنَّهُ أَتى رَسولَ اللَّه ﷺ، ثُمَّ انطَلَقَ فَأَتَاهُ بعدَ سَنَة، وَقَد تَغَيَّرتْ حَالهُ وَهَيْئَتُه، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَمَا تعْرِفُنِي؟ قَالَ: وَمَنْ أَنتَ؟ قَالَ: أَنَا البَاهِلِيُّ الَّذِي جِئتك عامَ الأَوَّلِ. قَالَ: فَمَا غَيَّرَكَ، وقَدْ كُنتَ حَسَنَ الهَيئةِ؟ قَالَ: مَا أَكلتُ طَعَامًا مُنْذُ فَارقْتُكَ إِلاَّ بلَيْلٍ. فَقَال رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: عَذّبْتَ نَفسَكَ، ثُمَّ قَالَ: صُمْ شَهرَ الصَّبرِ، وَيَومًا مِنْ كلِّ شَهر قَالَ: زِدْني، فإِنَّ بِي قوَّةً، قَالَ: صُمْ يَوميْنِ قَالَ: زِدْني، قَالَ: صُمْ ثلاثَةَ أَيَّامٍ قالَ: زِدْني. قَالَ: صُمْ مِنَ الحُرُمِ وَاتْرُكْ، صُمْ مِنَ الحرُم وَاترُكْ، صُمْ مِنَ الحرُمِ وَاتْرُكُ وقالَ بِأَصَابِعِهِ الثَّلاثِ فَضَمَّهَا، ثُمَّ أَرْسَلَهَا. رواه أَبُو داود. وَ شهرُ الصَّبرِ: رَمضانُ. الشيخ: الحمد لله، وصلى الله وسلم على رسول الله، وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه. أما بعد: فهذه الأحاديث في فضل صيام شعبان، وصيام شهر الله المحرم عاشوراء، كان النبي ﷺ يصوم شعبان كله وربما صامه إلا قليلا، قالت أم سلمة أيضا كان يصومه كله، فهذا يدل على فضل صيام شعبان تمهيدا لرمضان إن صامه كله أو أفطر منه قليلا، لكن لا يصوم بعد النصف، لا يبتدئ بعد النصف، إما أن يصومه كله أو أكثره، أما أن يصوم بعد النصف أو آخره فلا، ولهذا قال ﷺ: لا تقدموا رمضان بصوم يوم ولا يومين إلا رجل كان يصوم صومه فليصمه أما إذا صامه أقله أو أكثره فلا بأس بل هو مستحب كما فعله النبي عليه الصلاة والسلام. كذلك حديث أفضل الصيام بعد رمضان شهر الله المحرم، وأفضل الصلاة بعد الفريضة صلاة الليل فيستحب للمؤمن أن يكثر من صلاة الليل وهي أفضل من صلاة النهار لما في الليل من تواطؤ القلب واللسان وانقطاع الشواغل والبعد عن الرياء، فصلاة الليل أكمل وأفضل مع التطوع في النهار بما يسر الله كصلاة الضحى وراتبة الظهر وأربعا قبل العصر كل هذه سنة، لكن يكون اجتهاده في الليل أكثر، وهكذا حديث مجيبة الباهلي يدل على صيام الأشهر الحرم أو بعضها كرجب وذي القعدة وذي الحجة والمحرم، وأنه لا صام من صام الأبد، ولهذا قال: عذبت نفسك لا صام من صام الأبد فأفضل شيء يصوم يوما ويفطر يوما، أو يصوم ثلاثة أيام من الشهر، أو الإثنين والخميس، أو أيام البيض، أما يصوم الدهر كله فلا ينبغي، وذلك مكروه كراهة شديدة، قال النبي ﷺ: لا صام من صام الأبد، لا صام ولا أفطر وأخبر أن أفضل الصيام صوم داود يصوم يوما ويفطر يوما. الشيخ: إيش قال عندك المحشي على حديث مجيبة؟ الطالب: قال الذهبي لا تعرف. الشيخ: أيش قال عندك ما تكلم؟ الطالب: رواه أبو داود، ومجيبة قال الذهبي لا تعرف وباقي رجاله ثقات. الشيخ: مجيبة صحابي والصحابي ما يضر. الطالب: معي ترجمة مجيبة في التقريب: مجيبة بضم أوله وكسر الجيم بعدها تحتانية ثم الباهلي وقيل هي امرأة من الصحابة بحديث في الصوم س. وقال الذهبي في الميزان: مجيبة الباهلي روى لها النسائي، كذلك لم يذكر أبو دواد، ويقال مجيبة الباهلية عن عمه في الصوم، وعنه أبو السليل، غريب لا يعرف. الشيخ: الصحابي ما تضر جهالته لأن مجيبة هو السائل. س: يقول هنا عن مجيبة عن أبيها؟ الشيخ: لا، الذي عندنا عن مجيبة، لكن يراجع شف تخريجه في أبي داود واحد منكم يراجع تخريجه في أبي داود والنسائي؟