الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
فقد اطلعت على قصيدة لمحمد حسن فقي تحت عنوان (المسجدان) نشرتها صحيفة الرياض في عددها 6003 الصادر في يوم الخميس الموافق 7 ربيع الأول 1405 هـ، أشاد فيها بفضل المصطفى عليه الصلاة والسلام، وما ترتب على بعثته وهجرته من الخير الكثير والعز المكين للمسلمين وأشاد بفضل المسجدين المكي والمدني، وقد أحسن في ذلك ولكنه غلط غلطا عظيما في بعض أبياتها ولم يبلغني أن أحدا نبه على غلطه فوجب علي التنبيه على ذلك لئلا يغتر به أحد، وليعلم من يقف على هذا التنبيه عظم خطر الغلو وسوء عاقبته، وقد حذر الله من ذلك في قوله سبحانه: يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لَا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ [المائدة:77] وذلك تحذير منه سبحانه لأهل الكتاب من الغلو وتحذير لنا أن نفعل فعلهم وقال عليه الصلاة والسلام: إياكم والغلو في الدين فإنما أهلك من كان قبلكم الغلو فيي الدين أخرجه البخاري في صحيحه، وقال - عليه الصلاة والسلام -: لا تطروني كما أطرت النصارى ابن مريم إنما أنا عبدد فقولوا عبدالله ورسوله خرجه الإمام أحمد بإسناد صحيح. والأحاديث في هذا المعنى كثيرة.
وهذه النصوص توجب على المسلم أن يحذر الغلو والإطراء في حق النبي ﷺ وحق غيره من الأنبياء والصالحين، وتوجب عليه أن يلزم الحدود الشرعية في أقواله وأفعاله حتى لا يقع في الشرك والبدع والمعاصي.
وهذا بيان ما غلط فيه الشاعر المذكور.
قال ما نصه:
ففي هذه الأبيات أنواع من الشرك الأكبر لم ينتبه لها الشاعر هداه الله ففي البيت الأول من هذه الأبيات السبعة طلب الشاعر من الروض أن يمسح عنه بيديه الكروب، وهذا الطلب لا يقدر عليه إلا الله سبحانه فالروض لا يقدر على ذلك. وهكذا المصطفى ﷺ إن كان الشاعر قصده بذلك، وإنما يطلب مثل هذا من الله عز وجل القادر على كل شيء، أما الجمادات والأموات من الأنبياء وغيرهم فلا يجوز أن يطلب منهم كشف الكروب؛ لأن ذلك ليس من شأنهم وليس في قدرتهم بل ذلك إلى الله سبحانه: أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاءَ الْأَرْضِ أَإِلَهٌ مَعَ اللَّهِ قَلِيلًا مَا تَذَكَّرُونَ [النمل:62]
وفي البيت الثاني والثالث والخامس والسادس يرجو الشاعر من النبي ﷺ أن يحط عنه خسره وأن لا يرجع خائبا، ويزعم أن الرسول ﷺ يملك أمره، ويستجير به في البيت الخامس ويعتبره في البيت السادس الملاذ لكل من رام الملاذ من كل شر، وهذا كله خطأ وضلال وشرك أكبر فإن الدعاء والاستغاثة والاستجارة وجميع العبادات يجب إخلاصها لله وحده، ولا يجوز أن تصرف لغيره من الأموات وغيرهم، والرسول ﷺ وإن كان حيا حياة برزخية لا يعلم كنهها إلا الله سبحانه لا يجوز أن يدعى أو يستغاث به بعد الوفاة، وهكذا الشهداء أحياء عند ربهم يرزقون، ولا يجوز أن يدعوا ولا يستغاث بهم أو يستجار، وهكذا كل مؤمن له حياة برزخية تليق به وروحه في الجنة مع أرواح المؤمنين، ولا يجوز أن يدعى مع الله أو يستجار به فالعبادة حق لله وحده والدعاء هو العبادة، كما قاله النبي ﷺ في الحديث الصحيح الذي رواه أهل السنن من حديث النعمان بن بشير رضي الله عنهما.
وقد قال الله عز وجل: وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا [الجن:18] وهذا نص من كلام الله عز وجل يعم الأنبياء وغيرهم ولا يستثنى من ذلك إلا دعاء الحي الحاضر فيما يقدر عليه، كما قال عز وجل في قصة موسى مع الإسرائيلي الذي استغاث به: فَاسْتَغَاثَهُ الَّذِي مِنْ شِيعَتِهِ عَلَى الَّذِي مِنْ عَدُوِّهِ [القصص:15] الآية وقال تعالى: ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ لَهُ الْمُلْكُ وَالَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ مَاا يَمْلِكُونَ مِنْ قِطْمِيرٍ إِنْ تَدْعُوهُمْ لَا يَسْمَعُوا دُعَاءَكُمْ وَلَوْ سَمِعُوا مَا اسْتَجَابُوا لَكُمْ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُونَ بِشِرْكِكُمْ وَلَا يُنَبِّئُكَ مِثْلُ خَبِيرٍ [فاطر:13، 14] فأخبر الله سبحانه في هذه الآية أن جميع الذين يدعوهم أهل الشرك لا يسمعون دعاءهم وأنهم لو سمعوا ما استجابوا لهم وأنهم يوم القيامة يكفرون بشركهم، وهذا يعم الأنبياء وغيرهم وقد سمى الله دعاءهم شركا فوجب الحذر منه وإخلاص العبادة لله وحده.
وقد سمى الله ذلك كفرا في آية أخرى، حيث قال سبحانه: وَمَنْ يَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ لَا بُرْهَانَ لَهُ بِهِ فَإِنَّمَا حِسَابُهُ عِنْدَ رَبِّهِ إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الْكَافِرُونَ [المؤمنون:117] وأخبر في آية أخرى أنه لا أضل ممن دعا غير الله، حيث قال سبحانه: وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنْ يَدْعُو مِنْ دُونِِ اللَّهِ مَنْ لَا يَسْتَجِيبُ لَهُ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَهُمْ عَنْ دُعَائِهِمْ غَافِلُونَ وَإِذَا حُشِرَ النَّاسُ كَانُوا لَهُمْ أَعْدَاءً وَكَانُوا بِعِبَادَتِهِمْ كَافِرِينَ [الأحقاف:5، 6]
وقد صح عن رسول الله ﷺ أنه قال: من يرد الله به خيرا يفقهه في الدين فينبغي للمسلم أينما كان وعلى أي حال كان أن يتفقه في دينه، وأن يتدبر كتاب ربه، ويكثر من تلاوته فهو حبل الله المتين وصراطه المستقيم، وقد أنزله سبحانه تبيانا لكل شيء وهدى ورحمة وبشرى للمسلمين، وحث عباده على تدبره وتعقله ليتفقهوا في دينهم ويعبدوا ربهم على بصيرة، حيث قال سبحانه: كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ [ص:29] وقال عز وجل: أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا [محمد:24] وقال سبحانه: إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ [الإسراء:9]
والآيات في هذا المعنى كثيرة، وهكذا سيرة النبي ﷺ من حيث بعثه الله إلى حين توفاه، فيها العبرة والذكرى والعظة لكل من تدبرها واعتنى بها، وقد صح عنه ﷺ في بيان حقيقة التوحيد وحقيقة الشرك ما يكفي ويشفي بالإضافة إلى ما دل عليه كتاب الله عز وجل. وقد قال الله عز وجل: وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ [الأنعام:153]
وأما قوله في البيت السابع:
فهو محتمل حقاً وباطلاً، فإن كان أراد من أتاها تائبا مستغفرا من ذنوبه في مسجد الرسول ﷺ مستمدا من ربه المغفرة والعفو فهذا حق، وهذا لا يختص بطيبة ولا بمسجد الرسول ﷺ بل كل من تاب إلى الله سبحانه توبة نصوحا في أي مكان وفي أي زمان قبل طلوع الشمس من مغربها فإن الله يتوب عليه؛ لأنه الجواد الكريم والغفور الرحيم والصادق في وعده، فقد قال سبحانه: وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَعْفُو عَنِ السَّيِّئَاتِ وَيَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ [الشورى:25] أما إن كان أراد بذلك المجيء إلى طيبة ليستجير بالنبي ﷺ ويلوذ به فهذا باطل وشرك وخيم، نسأل الله لنا وللمسلمين السلامة من ذلك،
وفقنا الله وسائر المسلمين لما فيه رضاه والسلامة من أسباب غضبه، ومن علينا جميعا بالفقه في دينه والثبات عليه، وحفظنا جميعا من كل ما يغضبه إنه سميع قريب. وصلى الله وسلم على نبينا وعلى آله وصحبه ومن تبعه بإحسان[1].
اطلعت على قصيدة لمحمد حسن فقي تحت عنوان (المسجدان) نشرتها صحيفة الرياض في عددها 6003 الصادر في يومم الخميس الموافق 7 ربيع الأول 1405 هـ. أشاد فيها بفضل المصطفى عليه الصلاة والسلام، وما ترتب على بعثته وهجرته من الخير الكثير والعز المكين للمسلمين وأشاد بفضل المسجدين المكي والمدني، وقد أحسن في ذلك ولكنه غلط غلطا عظيما في بعض أبياتها
فقد اطلعت على قصيدة لمحمد حسن فقي تحت عنوان (المسجدان) نشرتها صحيفة الرياض في عددها 6003 الصادر في يوم الخميس الموافق 7 ربيع الأول 1405 هـ، أشاد فيها بفضل المصطفى عليه الصلاة والسلام، وما ترتب على بعثته وهجرته من الخير الكثير والعز المكين للمسلمين وأشاد بفضل المسجدين المكي والمدني، وقد أحسن في ذلك ولكنه غلط غلطا عظيما في بعض أبياتها ولم يبلغني أن أحدا نبه على غلطه فوجب علي التنبيه على ذلك لئلا يغتر به أحد، وليعلم من يقف على هذا التنبيه عظم خطر الغلو وسوء عاقبته، وقد حذر الله من ذلك في قوله سبحانه: يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لَا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ [المائدة:77] وذلك تحذير منه سبحانه لأهل الكتاب من الغلو وتحذير لنا أن نفعل فعلهم وقال عليه الصلاة والسلام: إياكم والغلو في الدين فإنما أهلك من كان قبلكم الغلو فيي الدين أخرجه البخاري في صحيحه، وقال - عليه الصلاة والسلام -: لا تطروني كما أطرت النصارى ابن مريم إنما أنا عبدد فقولوا عبدالله ورسوله خرجه الإمام أحمد بإسناد صحيح. والأحاديث في هذا المعنى كثيرة.
وهذه النصوص توجب على المسلم أن يحذر الغلو والإطراء في حق النبي ﷺ وحق غيره من الأنبياء والصالحين، وتوجب عليه أن يلزم الحدود الشرعية في أقواله وأفعاله حتى لا يقع في الشرك والبدع والمعاصي.
وهذا بيان ما غلط فيه الشاعر المذكور.
قال ما نصه:
أنا آت أيا أيـها الروض فامسح | بيديك النديتين الكروبا |
يا نبي الهدى وما زلت أرجو | رغم إثـمي أن لا أبوء بخسري |
أنا في ساحة الكريم وقد يملك | أمري ولست أملك أمري |
أنا في السجن والإسار كئيب | ضائق منهما بسجني وأسري |
فأجرني فدتك نفسي فقد | يغفر ربي إذا شفعت لوزري |
هاهنا هاهنا الملاذ لمن | رام ملاذا يقيه من كل شر |
هذه طيبة يعود بيسر | إن أتاها الذي ينوء بعسر |
وفي البيت الثاني والثالث والخامس والسادس يرجو الشاعر من النبي ﷺ أن يحط عنه خسره وأن لا يرجع خائبا، ويزعم أن الرسول ﷺ يملك أمره، ويستجير به في البيت الخامس ويعتبره في البيت السادس الملاذ لكل من رام الملاذ من كل شر، وهذا كله خطأ وضلال وشرك أكبر فإن الدعاء والاستغاثة والاستجارة وجميع العبادات يجب إخلاصها لله وحده، ولا يجوز أن تصرف لغيره من الأموات وغيرهم، والرسول ﷺ وإن كان حيا حياة برزخية لا يعلم كنهها إلا الله سبحانه لا يجوز أن يدعى أو يستغاث به بعد الوفاة، وهكذا الشهداء أحياء عند ربهم يرزقون، ولا يجوز أن يدعوا ولا يستغاث بهم أو يستجار، وهكذا كل مؤمن له حياة برزخية تليق به وروحه في الجنة مع أرواح المؤمنين، ولا يجوز أن يدعى مع الله أو يستجار به فالعبادة حق لله وحده والدعاء هو العبادة، كما قاله النبي ﷺ في الحديث الصحيح الذي رواه أهل السنن من حديث النعمان بن بشير رضي الله عنهما.
وقد قال الله عز وجل: وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا [الجن:18] وهذا نص من كلام الله عز وجل يعم الأنبياء وغيرهم ولا يستثنى من ذلك إلا دعاء الحي الحاضر فيما يقدر عليه، كما قال عز وجل في قصة موسى مع الإسرائيلي الذي استغاث به: فَاسْتَغَاثَهُ الَّذِي مِنْ شِيعَتِهِ عَلَى الَّذِي مِنْ عَدُوِّهِ [القصص:15] الآية وقال تعالى: ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ لَهُ الْمُلْكُ وَالَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ مَاا يَمْلِكُونَ مِنْ قِطْمِيرٍ إِنْ تَدْعُوهُمْ لَا يَسْمَعُوا دُعَاءَكُمْ وَلَوْ سَمِعُوا مَا اسْتَجَابُوا لَكُمْ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُونَ بِشِرْكِكُمْ وَلَا يُنَبِّئُكَ مِثْلُ خَبِيرٍ [فاطر:13، 14] فأخبر الله سبحانه في هذه الآية أن جميع الذين يدعوهم أهل الشرك لا يسمعون دعاءهم وأنهم لو سمعوا ما استجابوا لهم وأنهم يوم القيامة يكفرون بشركهم، وهذا يعم الأنبياء وغيرهم وقد سمى الله دعاءهم شركا فوجب الحذر منه وإخلاص العبادة لله وحده.
وقد سمى الله ذلك كفرا في آية أخرى، حيث قال سبحانه: وَمَنْ يَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ لَا بُرْهَانَ لَهُ بِهِ فَإِنَّمَا حِسَابُهُ عِنْدَ رَبِّهِ إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الْكَافِرُونَ [المؤمنون:117] وأخبر في آية أخرى أنه لا أضل ممن دعا غير الله، حيث قال سبحانه: وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنْ يَدْعُو مِنْ دُونِِ اللَّهِ مَنْ لَا يَسْتَجِيبُ لَهُ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَهُمْ عَنْ دُعَائِهِمْ غَافِلُونَ وَإِذَا حُشِرَ النَّاسُ كَانُوا لَهُمْ أَعْدَاءً وَكَانُوا بِعِبَادَتِهِمْ كَافِرِينَ [الأحقاف:5، 6]
فالواجب على الشاعر التوبة إلى الله سبحانه من هذا الشرك الوخيم والحذر من الوقوع في مثله مستقبلا، وهكذا كل من وقع في مثل هذا الشرك أو اعتقد هوالآيات في هذا المعنى كثيرة
فالواجب على الشاعر التوبة إلى الله سبحانه من هذا الشرك الوخيم والحذر من الوقوع في مثله مستقبلا، وهكذا كل من وقع في مثل هذا الشرك أو اعتقده يجب أن يتوب إلى الله منه وأن ينصح من وقع في مثل ذلك وأن يبادر بالتوبة منه فما أعز السلامة وما أعظم الخطر.وقد صح عن رسول الله ﷺ أنه قال: من يرد الله به خيرا يفقهه في الدين فينبغي للمسلم أينما كان وعلى أي حال كان أن يتفقه في دينه، وأن يتدبر كتاب ربه، ويكثر من تلاوته فهو حبل الله المتين وصراطه المستقيم، وقد أنزله سبحانه تبيانا لكل شيء وهدى ورحمة وبشرى للمسلمين، وحث عباده على تدبره وتعقله ليتفقهوا في دينهم ويعبدوا ربهم على بصيرة، حيث قال سبحانه: كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ [ص:29] وقال عز وجل: أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا [محمد:24] وقال سبحانه: إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ [الإسراء:9]
والآيات في هذا المعنى كثيرة، وهكذا سيرة النبي ﷺ من حيث بعثه الله إلى حين توفاه، فيها العبرة والذكرى والعظة لكل من تدبرها واعتنى بها، وقد صح عنه ﷺ في بيان حقيقة التوحيد وحقيقة الشرك ما يكفي ويشفي بالإضافة إلى ما دل عليه كتاب الله عز وجل. وقد قال الله عز وجل: وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ [الأنعام:153]
وأما قوله في البيت السابع:
هذه طيبة يعـود بيسر | إن أتاها الذي ينـوء بعسر |
على كل مسلم أن يتدبر ما يريد أن يقول قبل أن يقول، وأن يحذر غلطات اللسان وزلاته، وأن يسأل ربه التوفيق والهداية
فالواجب على كل مسلم أن يتدبر ما يريد أن يقول قبل أن يقول، وأن يحذر غلطات اللسان وزلاته، وأن يسأل ربه التوفيق والهداية وأن يعتصم به سبحانه في كل أموره، وأن يسأل علماء السنة عما أشكل عليه حتى لا يقع فيما يضره أو يضر غيره.وفقنا الله وسائر المسلمين لما فيه رضاه والسلامة من أسباب غضبه، ومن علينا جميعا بالفقه في دينه والثبات عليه، وحفظنا جميعا من كل ما يغضبه إنه سميع قريب. وصلى الله وسلم على نبينا وعلى آله وصحبه ومن تبعه بإحسان[1].
- مجموع فتاوى ومقالات متنوعة للشيخ ابن باز (2/ 405).