ضرورة محاربة الشرك بأنواعه

ومن ذلك أيضًا محاربة الشرك بأنواعه، الشرك الأكبر فإن دعوة الأموات والاستغاثة بالأموات وبالأصنام والأشجار والأحجار كفر أيضًا كفر أكبر، وهكذا ما عليه الشوعية من  إنكار وجود الله، وإنكار الشرائع، وإنكار الجنة والنار والآخرة، ردة كبرى، أعظم من كفر اليهود والنصارى نعوذ بالله، فالشوعية التي هي إلحاد وإنكار لوجود الله وإنكار لما جاءت به الرسل وتكذيب بذلك وإنكار للآخرة وتكذيب بها هذا أمره خطير، هذا من أعظم الكفر بالله، وصاحبه أكفر من اليهود والنصارى نعوذ بالله، كذلك دعوة الأموات والاستغاثة بالأموات والنذر لأصحاب القبور والتعلق بالأموات يسألهم الشفاء والنصر على الأعداء ويطلبهم المدد والغوث هذا كله شرك بالله ، ولو قال: إنهم لا ينفعون ولا يضرون، من قال: إن الميت أو غيره ينفع ويضر دون الله هذا شرك بالربوبية، إذا قال: إن السيد عبد القادر الجيلاني أو البدوي أو الحسين أو علي أو الرسول عليه الصلاة والسلام من قال: إنهم ينفعون أو يضرون أحياء أو أمواتًا هذا ردة عند جميع أهل العلم كفر أكبر، ولو قال: إن أحدًا من المخلوقات من الرسل أو الصالحين أو الأصنام أو غير ذلك أو الأموات ينفعون يجلبون النفع للناس أو الضر على الناس مستقلين دون الله هذا ردة عند الجميع؛ لأن النافع الضار هو الله وحده، هو المستقل بكل شيء جل وعلا، وكذا لو قال: إنهم يدعون لا بأس أن يدعون من دون الله ويستغاث بهم وينذر لهم ويطلب منهم المدد من أصحاب القبور أو من الأصنام أو من الأشجار والأحجار أو من الكواكب ولو قالوا: إنها لا تنفع ولا تضر ولو قال إنها شفعاء كما قال العرب من قريش وغيرهم: هَؤُلَاءِ شُفَعَاؤُنَا عِنْدَ اللَّهِ [يونس:18]، قال الله سبحانه: وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَضُرُّهُمْ وَلَا يَنْفَعُهُمْ وَيَقُولُونَ هَؤُلَاءِ شُفَعَاؤُنَا عِنْدَ اللَّهِ [يونس:18] ما قالوا: إنهم تضرهم وتنفعهم، الله نفى عنهم هذا، ولكنهم يقولون: إنهم شفعاء يدعونهم ويوسطونهم ويسألونهم قضاء الحاجات لأنهم بزعمهم يشفعون إلى الله فيعطيهم الحاجات، وفي الآية الأخرى يقول جل وعلا عنهم إنهم قالوا: مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى [الزمر:3]، فالمعبود من دون الله صاحبه مشرك قد أتى الشرك وإن زعم أنه لا ينفع ولا يضر، ولو قال: إنه لا ينفع ولا يضر ما دام وسطه، ما دام جعله واسطة فقد وقع في شرك قريش وشرك العرب؛ لأنهم وسطوا الأصنام والأوثان وسطوا الملائكة وسطوا الأنبياء قالوا: هَؤُلَاءِ شُفَعَاؤُنَا عِنْدَ اللَّهِ [يونس:18] مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى [الزمر:3]، فهذا شرك أكبر يجب أن يوجه المسلمون إلى ما وقعوا فيه من الخطأ، وأن ينذروا ويبين لهم، فإذا أصر صاحب هذه الشركيات بعد التنبيه، وأصر على كفره وضلاله ودعوته الأموات صار شركًا أكبر، وضلالًا أكبر، وكفرًا أكبر.

أما مع الجهالة ومع ما وقع فيهم من الشبه التي شبه عليهم علماء السوء ودعاة الضلالة وعباد السوء والجهلة هذا محل نظر، بعض أهل العلم يكفره بذلك، ويقول: إن الأمر واضح والأدلة واضحة والقرآن واضح وكافر بذلك، وبعض أهل العلم يقول: لا بد من تنبيهه، ولا بد من إيضاح الأمر له؛ لأنه قد شبه عليه في دعوة الأموات ووجد الناس على هذا الشيء في بلدان كثيرة، فيجب أن ينبه قبل أن يحكم عليه بالكفر الأكبر، فينبه يقال: عملك كفر عمله كفر أكبر وشرك أكبر لكن كفره بعينه يحتاج إلى تنبيه وإيضاح له، فإذا أصر كفر كفرًا أكبر، فالأمر عظيم والخطر كبير.

 فالواجب على علماء المسلمين أينما كانوا أين ينبهوا الناس على هذا الخطر، وأن يوضحوا للعامة حقيقة الدين وحقيقة التوحيد ومعنى لا إله إلا الله، وأن معناها لا معبود حق إلا الله، وأن الله سبحانه هو الذي يجب أن يدعا ويستغاث به وينذر له وهو المعبود بالحق سبحانه وتعالى، وما سواه معبود بالباطل، كما قال : ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ هُوَ الْبَاطِلُ [الحج:62]، فهذه أمور عظيمة يجب على الدعاة أينما كانوا وعلى العلماء أينما كانوا أن يوضحوها للناس، وأن يكون ذكرها وبيانها أهم من كل شيء، أهم من بعض أحكام الصلاة وأحكام الزكاة إلى غير ذلك؛ لأن الأصل هو توحيد الله والإخلاص له، فلا زكاة ولا صوم ولا حج ولا غير ذلك إلا بعد صحة الأصل بعد ثبوت الأصل، وهو توحيد الله والإخلاص له ودخول العبد في الإسلام.

رزق الله الجميع التوفيق والهداية.