وجوب تحري الأحاديث الصحيحة للواعظ والداعية

وهنا ملاحظة جاءت في كلام الشيخ أحمد علي ينبغي للمذكر والواعظ والمحدث ينبغي له أن يتحرى الأحاديث الصحيحة عن رسول الله عليه الصلاة والسلام ويعتني بها، وإذا شك فيها ولم يكن عنده العناية الكاملة فإنه يأتي بصيغة التمريض، ويقول: يروى عن رسول الله، أو يذكر، ولا يجزم بشيء عن رسول الله عليه الصلاة والسلام إلا عن بصيرة إلا عن يقين، فقد قال عليه الصلاة والسلام: من قال علي ما لم أقل فليتبوأ مقعده من النار.

أحاديث الإسراء وأنه رأى ليلة أسري به فوقه رعدًا وبرقًا، وجدت رعدا وبرقا وصواعق ورجالا لهم بطون كبيرة ذكر أهل العلم أنه لا يصح عن النبي عليه الصلاة والسلام، وأنه مما يروى لكن ليس له سند صحيح قائم، وفيما جاء في الأحاديث الصحيحة والآيات من القرآن ما يكفي ويشفي في بيان خبث الربا وسوء عاقبته والعياذ بالله.

كذلك ما يروى عنه أنه قال: درهم من الربا أعظم من ثلاث وثلاثين زنية محل نظر في صحته نظر، فينبغي أن يقال في مثله يروى عن النبي ﷺ كذا، ويذكر عن النبي ﷺ كذا، حتى لا يجزم عليه ﷺ إلا بشيء قد حرره طالب العلم ووقف على صحته واطمأن إلى أنه قاله عليه الصلاة والسلام، وإلا فليقل ويروى ويذكر من باب التمريض حتى لا يقع في طائلة القول على الله وعلى رسوله بغير علم.

المقصود أن هذا باب واسع يقع فيه المذكِّرون وأصحاب الترغيب والترهيب، ويتساهل فيه العلماء في مقام الترغيب والترهيب لكن بصيغة التمريض، وينبغي في هذا المقام وغيره الاكتفاء بالأحاديث الصحيحة والآيات القرآنية عما لا يوثق بصحته، ففيما صح الغنية والكفاية والشفاء لمن يريده المؤمن في تذكيره وتوجيهه لذلك.

سبق أن بعض الإخوان سأل عن حديث وجده في مسند أحمد أن النبي جاءه رجل وقال له: هل تزوجت عندك زوجة؟ قال ما عندي، عندك ذرية قال: لا، قال: هل تريد أن تتزوج، قال: لا، قال" أنت إذًا من إخوان الشياطين. قلت له إني سأراجع الحديث إن شاء الله وقد راجعنا الحديث في مسند أحمد فوجدناه غير صحيح كما تقدم أن الظاهر عدم صحته، فوجدناه غير صحيحة، وفيه أنه قال: شراركم عزابكم، وأراذل موتاكم عزابكم. والحديث غير صحيح؛ لأنه من رواية رجل مبهم عن أبي ذر، والرجل المبهم لا يعتمد عليه؛ لأن من شرط الأحاديث الصحيحة أن يكون الرواة عدولًا، وأن يكون السند متصلًا ليس فيه انقطاع ولا شذوذ ولا علة قادحة، والرجل المبهم في السند علة عليلة علة كبيرة قادحة، فلا يصح معها الخبر عن النبي عليه الصلاة والسلام ولا شك أن العزوبة لا تنبغي مع القدرة على الزواج، النبي قال: يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج، فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج، ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء فينبغي للمؤمن ألا يبقى أعزب بل يسارع ويبادر إلى الزوج مع القدرة، والله يعينه إذا جد ونشط يعينه الله وتتيسر الأمور، فلا ينبغي له أن يبقى أعزب، ولكن القول على الرسول ﷺ بأن العزاب من إخوان الشياطين وأنهم شرار الناس هذا لم يثبت عن النبي عليه الصلاة والسلام.

وفق الله الجميع.