ثم الواجب على من عرف أحدًا من هؤلاء من جيرانه وأقاربه أن يتقي الله فيه، وأن ينصح له، وأن يوجهه إلى الخير، ويشدد عليه في هذا الأمر، ويذكر له عواقبه الوخيمة، وسمعته السيئة، وما يترتب عليه في الدنيا والآخرة من البلاء، ثبت عنه عليه الصلاة والسلام أنه قال: لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن، ولا يسرق السارق حين يسرق وهو مؤمن، ولا يشرب الخمر حين يشربها وهو مؤمن، ولا ينتهب نهبة ذات شرف يرفع الناس إليه فيها أبصارهم حين ينتهبها وهو مؤمن، بين أن هؤلاء إنما يحملهم على هذا البلاء عدم الإيمان، وعدم استحضار خوف الله وعظيم جلاله وحقه سبحانه وتعالى، فلهذا نفى عنهم الإيمان حين تعاطي الزنا وحين تعاطي السرقة وحين تعاطي شرب المسكر وحين تعاطي الغصب والنهب، فلو كان عنده إيمان ذاك الوقت لو كان عنده خوف من الله حاضر لزجره عن هذه القبائح، فهذا يدلنا على أن شرب الخمر ينافي الإيمان، يعني ينافي كماله لا أصله، يكون معه أصل الإيمان لكن ينافي كماله الواجب، فيبقى عاصيًا شديد المعصية ناقص الإيمان ضعيف الإيمان على خطر من كفره بالله، وعلى خطر من بعده من الله، وعلى خطر عظيم من دخول النار إذا مات على ذلك.
وقال أيضًا عليه الصلاة والسلام: إن على الله عهدًا لمن مات وهو يشرب الخمر أن يسقيه من طينة الخبال قيل: يا رسول الله وما طينة الخبال؟ قال: عصارة أهل النار أو قال: عرق أهل النار، فالأمر عظيم وخطير، فالواجب على كل مؤمن وعلى كل مؤمنة أن يحذروا ذلك، وأن يبذلوا وسعهم في النصيحة لمن يتعاطى ذلك، والأخذ على يديه وعدم تمكينه من المال الذي يتعاطى به هذه المنكرات، كذلك السعي الجاد والحرص الشديد على إبعاده من أصحاب السوء، على إبعاده من جلساء السوء، على نقله منهم إلى أصحاب خيار، إلى جلساء طيبين لعله يسلم من شر أولئك، ولعل الله يحفظ عليه عقله ودينه، وهذا من باب التواصي بالحق والصبر، ومن باب التعاون على البر والتقوى، ومن باب التناصح، ومن باب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
وثبت أيضًا عنه عليه الصلاة والسلام أنه لعن في الخمر عشرة لعن الخمر وشاربها وساقيها وعاصرها ومعتصرها وحاملها والمحمولة إليه وبائعها ومشتريها وآكل ثمنها، عشرة كلهم ملعونون بسبب هذه الخبيثة، بسبب هذا الإسكار، لعن الخمر واحد، وشاربها اثنين، وساقيها ثلاثة، وعاصرها أربعة، ومعتصرها الذي يعصر العنب ونحوه والمعتصر ....... خمرًا وحاملها والمحمولة إليه سبعة، وبائعها ومشتريها تسعة، وآكل ثمنها، كلهم ملعونون لهذا البلاء العظيم، نعوذ بالله، فيجب الحذر على كل مؤمن من هذا البلاء، ويجب بذل الجهود في إبعاد هذا الشر، ويجب على الدولة -وفقها الله، وقد فعلت الكثير- أن تعنى أكثر، وأن تجتهد أكثر في القضاء على الخمر، وعلى وجود معاصرها، وعلى وجود المروجين لها، وعلى وجود تعاطيها بكل وسيلة ممكنة.
نسأل الله أن يزيدها توفيقًا وهدى، ولا شك أنها بذلت جهدًا كبيرًا في ذلك، ولكن الله جل وعلا يريد منا جميعًا أن نبذل كل ما نستطيع في محاربة المعاصي والسيئات، والله ابتلى عباده بالسراء والضراء وبالشدة والرخاء وبالطاعات والمعاصي لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا [الملك:2].