وجوب التناصح بين المسلمين

فهذا أمر يحتاج إلى تجديد الإيمان في القلوب، يحتاج إلى انتباه ويقظة من هذه الأمور، وأن يحذرها المؤمن، ولا يغتر بالناس إذا سمعها أغلق المذياع وأخذ ما ينفعه وترك ما يضره، ومن ابتلي بالتلفاز ولم يجد مناصًا منه فالواجب عليه أن يحذر ما فيه من الشر إذا سمع الخير فليحذر الشر، وإذا رزقه الله العافية من الجميع هذا خير عظيم؛ لأن التلفاز يجر بعضه إلى بعض، فيجر إلى الشر ما فيه من نوع خير يجر إلى الشر الذي فيه، ثم التناصح أمر لازم بين المسلمين، والتناصح مع الدولة والمسؤولين كذلك أمر لازم.

وسمعتم في الحديث يقول النبي ﷺ: الدين النصيحة كررها ثلاثًا عند أبي داود والنسائي وغيرهما، قيل: لمن يا رسول الله؟ قال: لله، ولكتابه، ولرسوله، ولأئمة المسلمين وعامتهم، فالنصح معناه الإخلاص في الشيء، الإخلاص في الدعوة والتوجيه وإنكار المنكر وأن تكون الدعوة والإنكار والأمر بالمعروف كلها خالصة، كله ليس فيه غش ولا خداع ولا لبس، بل مناصحة واضحة ودعوة واضحة وإرشاد واضح وتعاون على البر والتقوى.

وقال جرير ابن عبد الله البجلي: "بايعت النبي ﷺ على إقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، والنصح لكل مسلم" بيعة هذه هكذا جاء في الصحيحين بايع النبي على أنه ينصح لكل مسلم، وأنت يا أخي تجد الكثير من الناس أو الأكثر من الناس لا يعنى بهذا الأمر، ولا يبالي بهذا الأمر، ولا ينصح لا لله ولا لعباده ولا لأهل بيته ولا لنفسه، بل هو غافل معرض لا يهمه إلا هواه وشهوة بطنه وفرجه وظهره وبيته، ولا يهمه أمر الله، ولا يهمه صلاح قلبه، ولا يهمه أمر الآخرة، ولا يذكرها ولا يعد لها عدتها، بل هو في غفلة ذلك، وهذا من البلاء العظيم والشر المستطير وله عواقبه الوخيمة، والواجب التذكير بذلك، وعلى أهل العلم أينما كانوا أن يذكروا بالله في المساجد والمحافل وخطب الجمعة وفي الإذاعة وفي التلفاز وفي الصحافة وفي كل شيء، يستغلون كل شيء للتذكير بالله والدعوة إليه لا في هذه البلدة فقط ولا في هذه المملكة فقط، بل في كل مكان على أهل العلم أينما كانوا في الغرب والشرق في الجزيرة العربية في مصر في الشام في العراق في أوروبا في إندونيسيا في أمريكا في المغرب الأقصى في غير ذلك في أي مكان على من علم شرع الله وعلم من فقه في دين الله أن يؤدي حق الله في النصيحة، كلمة وكتابة، كلمة في المجالس وفي المذياع، وخطابة في المنابر، وكتابة في الصحافة والمجلات والكتب التي تكتب وتؤلف وتنشر، هذا من أهم الواجبات، وبهذا ينشر الحق، وبهذا ينتشر أمر الإسلام، وبهذا تنتشر الفضائل، وبهذا تختفي الرذائل، وتقوم الحجج والبراهين، ويهدي الله من يشاء، ويضل من يشاء ، ولا يجوز لأحد أن يقول هذا على فلان أو فلان، وإن كانت المسؤولية متفاوتة لا شك، فعلى الهيئة وعلى الولاة وعلى خواص العلماء ما ليس على غيرهم من الواجب والمسؤولية، ولكن ليس معنى ذلك إعفاء الباقين، ليس معنى هذا إعفاء الباقين من واجبهم لا، وجوب الشيء على زيد وعمرو نسبة أكبر لا تلغي المسؤولية ولا ترفع المسؤولية عن الباقين بقدر طاقتهم وبقدر علمهم أينما كانوا، وبهذا يحصل للمسلمين التعاون على البر والتقوى، والتناصح فيما بينهم، والناس بخير ما تناصحوا وتعاونوا على البر والتقوى، وفي شر متى سكتوا وغفلوا.

وفيما سمعتم من الإخوان في هذه الندوة عن آيات الله المتلوة المنزلة من عند الله ، وعن آيات الله الكونية من الماء والرياح والسحب والليل والنهار وغير ذلك ما فيه عظة وذكرى.